صحيفة El Mundo الإسبانية: هل يكرر السيسي سيناريو مذبحة رابعة العدوية بإحالة ملفات 75 متهماً بالقضية للمفتي تمهيداً لإعدامهم؟

عربي بوست
تم النشر: 2018/07/29 الساعة 20:16 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/07/29 الساعة 20:16 بتوقيت غرينتش
الشرطة المصرية - صورة أرشيفية - مواقع التواصل

تساءلت صحيفة El Mundo الإسبانية في تقرير لها، أمس السبت 28 يوليو/تموز 2018، عمَّا إذا كان الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي "سيُكرر سيناريو مذبحة رابعة العدوية"، من خلال الأحكام التي أصدرتها محكمة بإعدام عشرات من المتهمين في قضية فض الاعتصام.

وأصدرت محكمة جنايات القاهرة، أمس السبت، قرار بالإعدام لـ 75 شخصاً على خلفية القضية، ومن المقرر النطق به يوم 8 سبتمبر/أيلول المقبل، وأحيلت ملفات المتهمين إلى مفتي الجمهورية، شوقي إبراهيم علام، الذي يمثل أعلى سلطة دينية في البلاد، كإجراء شكلي.

وتعليقاً على هذا الإجراء، قال محمد لطفي، مدير الهيئة المصرية للحقوق والحريات، وهي إحدى المنظمات التي توثق الانتهاكات الخطيرة المسجلة في الأراضي المصرية: "من المعتاد أن يصدر مفتي الجمهورية أحكاماً تؤيد وتشجع على عقوبة الإعدام".

أولادهم قُتلوا 

وأخذ أعضاء الإخوان المسلمين نصيب الأسد من أحكام الإعدام في مصر بعد الانقلاب العسكري، انطلاقاً من الرئيس الأسبق محمد مرسي الذي أُطيح به، وصولاً إلى الدعاة صفوت حجازي، وعبدالرحمن البر.

والمتهمون الذين يحاكمون منهم من خسر أبناءه يوم فض الاعتصام، ومن بينهم محمد البلتاجي، الذي قَتل الأمن المصري ابنته أسماء يوم الفض.

وتعود قضية "اعتصام رابعة العدوية" إلى عملية الإخلاء الوحشي لمخيّم "رابعة العدوية"، من قبل قوات الأمن المصرية، بتاريخ 14 أغسطس/آب سنة 2013، ولقي ما يناهز 700 مواطن مصري حتفهم خلال هذه العملية، الأمر الذي جعل هذه الفترة تعد من أكثر الفترات دموية في التاريخ الحديث للبلاد المصرية، وفي أثناء ذلك لم يصدر القضاء المصري أي حكم أو عقاب ضد مرتكبي هذه المجزرة، وفقا للصحيفة الإسبانية.

وقالت سارة ليا ويتسون، رئيسة قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لمنظمة "Human Right Watch": "بدلاً من السعي إلى تحقيق العدالة لضحايا مذبحة رابعة العدوية، نفَّذت السلطات المصرية بهؤلاء الضحايا مرة أخرى محاكمة ماكرة غير عادلة، حُرموا فيها من حقهم في الحصول على دفاع جدي وحقيقي".

ووفق الصحيفة الإسبانية، فإنه علاوة على ذلك، أضافت إحدى المنظمات التي تتهم الحكومة المصرية بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، أن "إعفاء المسؤولين عن مذبحة رابعة العدوية من الحكم، في الوقت الذي يحاكم فيه المتظاهرون والصحفيون فضلاً عن الأطفال، يبرهن بشكل واضح على مدى ضعف مستوى العدالة خلال فترة رئاسة السيسي".

الواقع، وجَّه القضاء المصري جملة من التهم إلى المحكومين بالإعدام، علماً أن حوالي نصفهم حكم عليهم غيابياً، واتهموا بـ"المشاركة في الاحتجاجات غير المرخصة، وارتكاب الجرائم بداية من القتل وصولاً إلى التحريض على انتهاك القانون والعضوية في جماعات غير قانونية، والمشاركة في أعمال عنف وشغب". ويمكن الطعن في الحكم الصادر من محكمة جنايات القاهرة أمام محكمة الاستئناف.

متهمون في قضية اعتصام رابعة العدوية خلال الحكم عليهم بالإعدام أمس السبت
متهمون في قضية اعتصام رابعة العدوية خلال الحكم عليهم بالإعدام أمس السبت

شوكان يواجه مصيراً سيئاً

وفي غضون ذلك تحوَّل المصور الفوتوغرافي المصري محمود أبو زيد، المعروف باسم شوكان، إلى أيقونة القمع لحرية التعبير في أكثر البلدان العربية كثافة سكانية. واعتقلت الحكومة المصرية هذا المصور، خلال شهر أغسطس/آب سنة 2013، وهو يقبع منذ ذلك الحين في سجن طره، الواقع في جنوب القاهرة.

وأوشك شوكان على قضاء خمس سنوات في السجن الاحتياطي، وذلك مع الحكم الذي أصدرته أمس السبت محكمة جنايات القاهرة بفرض عقوبات للمرة الثانية، في محاكمة ضمَّت 739 متهماً، لمشاركتهم المزعومة في اعتصام رابعة العدوية، الذي كان عقب الانقلاب العسكري.

ووجَّه القضاء المصري 24 تهمة إلى شوكان، من بينها "حيازة الأسلحة، والتجمع غير القانوني، بالإضافة إلى محاولة الشروع في القتل".

وخلال يوم المحاكمة، لم يتردد شوكان في رفع علامة النصر من القفص الذي قبع فيه، فيما عبَّرت شقيقة المصور الفوتوغرافي عن رأيها في المحاكمة قائلة: "لقد كانت عملية قضائية طويلة، وقد أصبحت الجلسات بمثابة خطبة للمحامين والشهود، إنها بالفعل كارثة حقيقية".

وأضافت قائلة: "لقد فقد أخي محمود الأمل في الحرية، إنه يدرك تماماً أن المسألة قد تجاوزت كل الحدود، كنت أحاول دائماً أن أرفع من معنوياته أثناء الزيارة، لكنه يعرف ما يحدث خارج السجن ونحن لا نملك أية تطورات جديدة لنُخبره بها".

وتجدر الإشارة إلى أن شوكان حاز جائزة اليونسكو، "غييرمو كانو" العالمية لحرية الصحافة. وخلال السنوات الخمس الأخيرة، أرسلت السلطات المصرية عشرات الآلاف من المعارضين إلى السجون، مما ضيّق الخناق على حرية الصحافة والمعارضين. كما أن شوكان ظلّ مسجوناً لمدة سنتين ونصف السنة، دون أية محاكمة أو توجيه تهم واضحة إليه.

المصور الفوتوغرافي المصري محمود أبو زيد، المعروف باسم شوكان، خلال احتجازه في زنزانة
المصور الفوتوغرافي المصري محمود أبو زيد، المعروف باسم شوكان، خلال احتجازه في زنزانة

وفي فترة احتجازه، أكد التشخيص الطبي على إصابة المصوّر شوكان بالتهاب الكبد الوبائي "سي"، كما أنه يعاني من فقر الدم والاكتئاب. وقد أكد الحقوقي محمد لطفي أنهم "حاولوا أن يلتمسوا من السلطات القضائية العفو عن شوكان؛ نظراً لتردّي وضعه الصحي".

وأشار لطفي أيضاً إلى أن هذه المسألة شبه مستحيلة، في ظل "تأكيد التقرير الطبي لإدارة السجن أن شوكان بخير ولا يعاني من أمراض خطيرة"، مضيفاً أن "هذه المحاولات طيلة فترة الخمس سنوات لم تُثمر عن أية نتائج إلى الآن".

من جهتها، أكدت منظمة العفو الدولية، أن المحاكمات الجماعية هي ضرب من الفضيحة والاستبداد، كما أنها "تنتهك الدستور المصري من خلال جلسات لم يقدم فيها المدعون حتى أدلة على المسؤولية الفردية لكل من المتهمين البالغ عددهم 739 متهماً".

ونتيجة لذلك، اعتبرت هذه المنظمة أن هذه "المحاكمات غير عادلة بشكل فادح". وقد حثَّت المنظمة النظامَ على إطلاق سراح المتهم بسبب مشاركته في احتجاجات سلمية، وسحب التهم الموجَّهة إليه، وقد باءت محاولاتها بالفشل.

تضييق على الصحافة

وخلال السنوات الأخيرة، كثّفت السلطات المصرية من تضييقها الخناق على حرية الصحافة المستقلة. وقد ألقي القبض على العشرات من المراسلين والمحللين، جنباً إلى جنب مع السياسيين والباحثين والمثقفين.

وعلاوة على ذلك، حجبت السلطات أكثر من 500 موقع وصفحة إلكترونية. كما لم تتوان السُّلطات عن ترحيل المراسلين الأجانب من الأراضي المصرية. ووفقاً لمنظمة "مراسلون بلا حدود"، يستحوذ جهاز الاستخبارات المصرية على سلسلة من الصحف وقنوات تلفزيونية خاصة.

السلطات المصرية كثفت حملتها خلال الفترة الأخيرة لاعتقال صحفيين ومدونين بسبب آرائهم
السلطات المصرية كثفت حملتها خلال الفترة الأخيرة لاعتقال صحفيين ومدونين بسبب آرائهم

وفي منتصف هذا الشهر، وافق البرلمان المصري على ثلاثة قوانين بحجة مكافحة الأخبار الكاذبة على شبكات التواصل الاجتماعي، وهي نفس الحجة التي استخدمتها السلطات المصرية لتضييق الخناق على وسائل الإعلام التقليدية.

وبموجب هذه القوانين، يمكن حجب المواقع الإلكترونية أو الحسابات الشخصية على موقع الفيسبوك أو التويتر، التي يزيد عدد متابعيها على خمسة آلاف شخص، في حالة نشر أخبار زائفة أو التحريض على العنف والتشجيع على الكراهية.

وقالت صحيفة The Guardian البريطانية يوم الجمعة الفائت، إن تهمة الأخبار الكاذبة تحولت لأداة قمع بمصر، مشيرةً أن القوانين التي أقرها البرلمان، لا تتضمن تعريفاً لما قد يُعَد مِن الأخبار الكاذبة، لكنَّه يسمح بحجب المواقع التي يُزعَم نشرها مواد مسيئة، وبالإضافة إلى ذلك، فإنه في شهر مارس/آذار الماضي، أقام النائب العام المصري خطاً ساخناً للمواطنين للإبلاغ عن "الأخبار والشائعات الكاذبة".

وعلّق محمد لطفي على هذه المسألة قائلاً: -"لقد توقعنا أن تنخفض وطأة القمع بعد الانتخابات الرئاسية المنعقدة في شهر آذار/مارس الماضي، لكن الأمر لم يكن كذلك، فنحن نتعامل مع نظام يستخدم جميع الأدوات المتاحة له لتصفية المعارضة وإسْكاتها".

وفي هذه الأثناء لا تزال زوجة لطفي، أمل فتحي، مُحتجزة لمدة شهرين ونصف الشهر بسبب "التحريض على الإطاحة بالنظام، ونشر الأكاذيب وإساءة استخدام الشبكات الاجتماعية". وأورد محمد أنهم يشعرون بالخوف، لكنهم لا يمكن أن يتوقفوا عن السعي وراء أهدافهم الرامية لتحقيق العدالة والحرية.

تحميل المزيد