بينما يستعد الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة للترشح لولاية خامسة، بدأت المناورات الانتخابية في التحرك بسرعة مع اقتراب موعد الانتخابات في شهر أبريل/نيسان من سنة 2019. ولعل آخرها رفض رئيس أركان الجيش الشعبي الوطني الجزائري قايد صالح مقترح "الانتقال السياسي" لعبدالرزاق المقري، رئيس حركة مجتمع السلم.
وعلى الرغم من حالته الصحية وتعالي بعض الأصوات المعارضة لترشحه، فإن الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة عازم على الترشح لولاية خامسة في الانتخابات الرئاسية المزمع عقدها خلال أبريل/نيسان من سنة 2019.
ويعارض السياسي ذو التوجه الإسلامي عبدالرزاق المقري ترشح بوتفليقة لولاية خامسة، مع العلم أن ترشحه لن يمنع حدوث المناورات الانتخابية بالنسبة لمن يريدون خلافة بوتفليقة في منصبه، ومن أبرزهم عبدالرزاق المقري نفسه، الذي يشغل منصب رئيس حركة مجتمع السلم، بحسب تقرير لصحيفة Geopolis الفرنسية.
وعرض زعيم الفصيل الإسلامي الجزائري مقترحه على الجنرال أحمد قايد صالح، الذي يشغل حالياً منصب رئيس أركان الجيش الشعبي الوطني الجزائري ونائب وزير الدفاع.
وبعد قيامه بعدة اتصالات مع مسؤولين كبار في الجيش، حتى خلال إقامته في المستشفى بعد تعرضه لحادث سيارة، دعا المقري الجنرال قايد صالح ليلعب دور عراب عملية "الانتقال السياسي"، التي حدد مدتها بخمس سنوات إلى حين الوصول إلى إجماع وطني. ويعارض المقري ترشح بوتفليقة الذي ستنتهي ولايته قريباً لولاية خامسة. وقد وضّح زعيم حركة الإخوان المسلمين في الجزائر فكرته خلال حوار أجراه مع وكالة الأنباء الألمانية "DPA".
في هذا الحوار أكد المقري: "لقد أطلقنا مبادرة للحصول على الإجماع الوطني مسبقاً من خلال لمّ شمل السلطة والمعارضة والمؤسسات والنقابات والمجتمع المدني. ويجب على المؤسسة العسكرية أن تلعب دوراً في هذه العملية؛ لأنه على الجميع المشاركة في إنقاذ الجزائر وأخذ الوضع الاجتماعي والاقتصادي الصعب الذي نمر به بعين الاعتبار".
رفض إقحام الجيش في الاشتباكات الحزبية والسياسية
ورفض رئيس أركان الجيش الشعبي هذا المقترح، حيث أكد يوم 26 يونيو/حزيران من سنة 2018 خلال حفل تكريمي لأفضل الطلاب العسكريين في وزارة الدفاع أن "المؤسسة العسكرية تعرف أين تنتهي حدودها، حتى في إطار مهامها الدستورية، التي لا يمكن إقحامها بأي حال من الأحوال في المناوشات الحزبية والسياسية"، بحسب الصحيفة الفرنسية.
كما ذكر القايد صالح متوجهاً بالكلام إلى بوتفليقة، الذي كان يجلس وراءه، أنه "ليس هناك وصيّ في الجيش الوطني الشعبي، الذي خلف جيش التحرير الوطني، أفضل من توجيهات المجاهد السيد رئيس الجمهورية، والقائد الأعلى للقوات المسلحة، ووزير الدفاع الوطني".
وحسب ما أوردته مجلة Jeune Afrique، أعرب الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني الحاكم في الجزائر قبل أسبوع، رفضه لانتقال يتم تحت رعاية الجيش. وقد اعتبر أمين عام الحزب الحاكم، جمال ولد عباس، أن مقترح المقري بمثابة "محاولة لتحريض الجيش ضد رئيس الجمهورية".
ويبدو أن هذا المقترح قد أشعل مواجهة ناعمة بين المقري والرافضين لفكرته، وحسب موقع Algériepatriotique، حاول المقري أن يقلب تصريح رئيس أركان الجيش الشعبي لصالحه.
قادة الحزب الإسلامي يلقون الكرة في ملعب حزب جبهة التحرير الوطني
أظهر عبدالرزاق المقري التنصل من فكرته في اليوم ذاته، بعد أن عبّر عن دعمه لتصريح قايد صالح، معتبراً أن ما قاله رئيس أركان الجيش الشعبي "يحمل في طياته قيمة أخلاقية تصبّ في المصلحة الوطنية"، بحسب الصحيفة الفرنسية.
وأملاً بأن يشكل موقف الجنرال قائد صالح "قطيعة مع ممارسات الماضي عندما كان تدخل المؤسسة العسكرية واضحاً ومعروفاً لدى الجميع"، انتهز المقري الفرصة لتمجيد الجيش الجزائري معتبراً إياه "جيش كل الجزائريين"، وملقياً بالكرة في ملعب حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم.
ووفقاً لموقع "Algériepatriotique"، يرى المقري أن ردود فعل كل من حزب جبهة التحرير الوطني وأمينه العام جمال ولد عباس، إزاء مقترحه "تخفي انتقاداً لشخص رئيس أركان الجيش الشعبي".
اقرأ أيضاً
هل يتدخل الجيش لحل الأزمة في الجزائر؟ مبادرة للتوافق الوطني تحرك المشهد الداخلي في البلاد