“مي تو” جديدة تشهدها ألمانيا، والسبب مسعود أوزيل.. عشرات آلاف التغريدات انتشرت خلال ساعات لأبشع مواقف العنصرية

بعد إعلان نجم كرة القدم مسعود أوزيل اعتزاله اللعب مع منتخب ألمانيا، لتعرضه للعنصرية، أطلق ناشط حملة MeTwo على نمط metoo الأميركية المناهضة للتحرش العلني.

عربي بوست
تم النشر: 2018/07/28 الساعة 09:15 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/07/28 الساعة 10:37 بتوقيت غرينتش
Soccer Football - World Cup - Group F - Germany vs Sweden - Fisht Stadium, Sochi, Russia - June 23, 2018 Germany's Mesut Ozil during the national anthem before the match REUTERS/Francois Lenoir

بعد إعلان نجم كرة القدم مسعود أوزيل اعتزاله اللعب مع منتخب ألمانيا يوم الأحد 22 يوليو/تموز 2018، مرجعاً ذلك لتعرضه للعنصرية والتمييز، أطلق ناشط ألماني من أصل تركي يدعى علي جان، حملة عن التمييز الممارَس ضد الألمان من أصول مهاجرة في حياتهم اليومية. رمز لها بهاشتاغ #MeTwo على نمط "metoo" الأميركية التي شجعت قبل أشهر النساء على الحديث عن تعرضهن للتحرش والتحيز الجنسي علناً، وانتقلت لكل أنحاء العالم، وأدت لسقوط عدد من نجوم هوليوود.

وقال علي إنه تعرَّض بنفسه للتمييز، مثل عدم السماح له بالدخول لملهى، أو عند بحثه عن شقة للإيجار، أو رسائل كراهية على شبكات التواصل الاجتماعي. وإنهم بحاجة لنقاش حول العنصرية في الحياة اليومية في ألمانيا، لذا أنشأ هذا الهاشتاغ.

ينتقد صورة أوزيل مع الرئيس التركي.. ولكن

ويوضح الناشط البارز أنه ينتقد أيضاً أوزيل على التقاط الصور مع الرئيس التركي، التي تسبَّبت في ضجة لاحقاً، ولا ضير في نقده الذي يراه محقاً، مضيفاً أنه يجد قول أوزيل إن الصورة لم تكن سياسية ساذجاً تماماً، إلا أن ذلك لا يشرعن التمييز ضده وإقصاءه أو إهانته عنصرياً.

وأشار في حديث مع موقع "بينتو" أن ما جعل الأمر أسوأ هو أن بعض هذه الأصوات العدائية صدرت عن شخصيات مهمة في المجتمع، كسياسي في الحزب الاشتراكي الديمقراطي، أو مدير مسرح، وعن رئيس نادي بايرن أولي هونيس، الذي وصف تصرفه بـ "هوليغنز".

مسعود أوزيل مع الرئيس التركي
مسعود أوزيل مع الرئيس التركي

وأوضح أن انتقاد أوزيل هو أمر طبيعي ينتمي للديمقراطية، إلا أنه لا ينبغي أن يركز النقد على موطنه، كي لا يؤدي ذلك إلى عُزلة الكثير من الألمان- الأتراك، وأن من حق أوزيل أن يستلطف الرئيس التركي، سواء أن وجدوا ذلك جيداً أم لا، طالما أنه لا ينأى بنفسه عن الدستور الألماني، متسائلاً عن سبب عدم غضبهم من التقاط المستشار السابق غيرهارد شرودر صوراً مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

هاشتاغ للمصالحة وليس للتصادم

وبيَّن في مقابلة مع تلفزيون "في دي إر" العام، أمس الجمعة 27 يوليو/تموز، رداً على سؤال حول رفض مَن لم يتصرف بعنصرية للحملة، واعتبارهم من يروون قصصهم حالياً بتقمص دور الضحية، بالقول إنه لَأمر مفهوم أن يرد من لم يمر بمواقف كهذه بموقف رافض، لشعورهم بأنهم موضع اتهام، موضحاً أن هاشتاغ Me Two لا يعني أنهم يريدون خوض صراع مع الآخرين، أو خوض نقاش ضد أحد.

وأكد أنهم لا يريدون خسارة غالبية المجتمع، أو الألمان الذين ليس لديهم تجارب عنصرية، أو لم يمارسوها، بل ينبغي أن يكون هاشتاغ مصالحة، مبيناً أنه لا ينبغي أن يقترفوا نفس الخطأ خلال الإفصاح عن تجاربهم، والأذى الذي تعرَّضوا له، باتهام حزب معين أو وضع مجموعة سكانية كشرقي ألمانيا تحت الاشتباه، بأنهم جميعاً عنصريون دون تمييز.

tagesschau LIVE

Die – Hotline für besorgte Bürger – hat er initiiert und jetzt den Hashtag #MeTwo gegen Rassismus und Diskriminierung im Alltag. Stellen Sie jetzt ihre Fragen an Ali Can.

Gepostet von tagesschau am Freitag, 27. Juli 2018

ويأمل علي من هذه الحملة خوض النقاش "أخيراً" في القرن الحادي والعشرين، حول ما يجعل المجتمع الألماني متماسكاً، ولماذا يتم التمييز ضدَّهم بسبب موطنهم الأصلي، وأن ينتهي النقاش -على نحو حملة MeToo عن التمييز الجنسي- بأمور بناءة، آملاً أن يؤدي ذلك مثلاً إلى تساؤل الساسة وأصحاب الشركات عن مسؤوليتهم حيال ذلك، محذراً من أن المشاكل الحالية قد تكون أزمات مستقبلية، ما لم تتم مساعدة المهاجرين في سوق العمل، وأن ما سُمي "أزمة اللجوء" قد تتحول إلى "أزمة اندماج"، ما لم يغيروا تفكيرهم ويبدأوا بالتساؤل ما الذي يعنيه أن تكون ألمانيّاً، (الذي يعرفه هو بأنه الملتزم بالنظام الديمقراطي الحر، الذي يجهد المرء لتعلم اللغة والحصول على عمل).

وذكر بأنه لا ينبغي وصف المرء بتسرع بأنه غير مندمج ومجرم، لمجرد ارتكابه خطأ، أو لأنه خسر في كأس العالم، أو لكونه لا يتكلم بطلاقة بالألمانية، بل ينبغي أن يتعلق الأمر بمواقفه فقط، في إشارة إلى الاتهامات الموجهة لأوزيل، بكونه ليس ألمانياً، أو لم يندمج في المجتمع بعد التقاطه الصور.

لأنه يحمل هويتين

تسمية الحملة بـ #MeTwo، فسَّرها علي على منصة "برسبكتيف ديلي" بأنها تعود لكونه يحمل هويتين، مؤكداً أنه يشعر بأنه في وطنه في ألمانيا ولديه أصدقاء، ويعمل، وفي نفس الوقت يمكنه أن يشعر بأنه مرتبط بدولة أو ثقافة أخرى، لكونه يحب لغتها، أو لأن والديه منها، وأنه ليس هناك من تعارض بين الأمرين. وأكد أنه ليس بألماني لأنه يلتزم بالقوانين أو كونه ناجحاً، بل هو ألماني على الدوام ويحمل الهوية الثانية في الوقت نفسه.

وعبر في مقابلة يوم الجمعة 27 يوليو/تموز، مع شبكة "دويتشه فيله"، عن أمله في أن يشارك الجميع في أنحاء العالم في الحملة، مؤكداً أن العيش بهويتين أمر عادي، ولا ضير منه بالنسبة للاندماج، كشأنه هو كمواطن تركي-كردي سابق، وألماني حالي ما زالت جذوره في بلد آخر، وأن الناس في بريطانيا أو فرنسا بإمكانهم قول ذلك أيضاً.

وهذه ليست المرة الأولى التي يلفت فيها الناشط المذكور الأنظار، إذ أطلق منذ عامين خطاً هاتفياً سمَّاه "الخط الساخن للمواطنين القلقين"، حاور فيه الألمان القلقين من قدوم اللاجئين، محاولاً مكافحة العنصرية في الحياة اليومية والأحكام المسبقة.

تمييز وعنصرية في العلاقات الشخصية والأسئلة عن الموطن

ونُشرت آلاف التغريدات على موقع تويتر، تحدث فيها ألمان من أصول مهاجرة عن تجاربهم الحياتية السيئة مع العنصرية والتمييز، (17 ألف حساب غرَّدوا 45 ألف تغريدة) من الخميس وحتى ظهر الجمعة.

كشأن قول إحدى الشابات (من أصول آسيوية)، إنها كانت تُشتم بالقول لها إنها قردة لعدة أسابيع في المدرسة، وعندما أخبرت معلمها بذلك، ردَّ بالقول إنه كان يراها غوريلا وليست قردة.

وروت سيدة تدعى يوهانا، أن حماة شقيقتها قالت بمناسبة ولادة حفيدتها "لحسن الحظ لم تصبح داكنة اللون".

أو قول أحدهم إنه عندما زار أهل حبيبته السابقة قالت والدتها وهو موجود، "بالأخذ بعين الاعتبار كونه أجنبياً، يبدو محترماً بشكل لا يصدق".

وقالت شابة، إن والدة صديقها السابق قالت عندما أراها صورتها: "إنها أجنبية، أليس كذلك؟ لتنتبه إذاً لأمر الإيدز وما شابه ذلك".

وتحدث العديد من المغرِّدين الألمان من أصول مهاجرة عن الأسئلة التقليدية المزعجة، التي لطالما يواجهونها، كشأن "مِن أي بلد أنت؟"، وعندما يكون الرد "أنا من المدينة أو الولاية تلك في ألمانيا التي وُلدت وكبرت فيها"، يأتي السؤال التالي: كلا أعني من أي بلد "في الحقيقة" أنت؟ أيْ موطن والديه.

أو كشأن "أنتِ مندمجة بشكل جيد بالأخذ بعين الاعتبار كونك تركية، أو أنتِ مختلفة عن الآخرين، أو لا ترتدين الحجاب أبداً، ألم تجبري على الزواج؟ ما موقفك من الإرهاب الإسلاموي؟ أو أنتِ تتحدثين الألمانية بشكل جيد (ظاهرها إطراء أو إشادة لكن ضمنياً يعني القائل أنه يعرف بكون الذي يخاطبه أجنبياً)".

وقال الفنان الكوميدي الألماني من أصول مغربية عبدالكريم، إنه اقترح فيما كان واقفاً في طابور سوبرماركت على رجل مسن أن يتقدمه ويتجاوزه في الدور، تقديراً له فيما يبدو، فردَّ عليه "كلا شكراً، أفضل أن أضعك تحت الأنظار"، أي أنه خشي أن يتعرَّض للسرقة منه.

رمياً بالرصاص

وقالت إحدى المغرِّدات إنها فيما كانت في الثانية عشرة من العمر، قرأ أحدهم كنيتها وقال: "كان جدي يقتل أناساً مثلك سابقاً رمياً بالرصاص".

وقالت سيدة تعمل كمنظمة عروض أزياء، إنه فيما كانت والدتها واقفة في ردهة فندق خلال رحلة عمل، تقدَّمت منها سيدة وقالت لها: "بإمكانك أن تنهي العمل في غرفتي الآن"، أي ظنتها عاملة تنظيفات.

وأضافت في تغريدات أخرى، أن أحد معلمي شقيقها في المدرسة، الذي كان الطالب الملون البشرة وسط صفِّ أبيض تماماً، كان يناديه دائماً "قرد"، مشيرة إلى أن زبائن صيدلية كانوا يرفضون أن يخدمهم شقيقها، ويطلبون أن يأتي رب العمل، رغم أن شقيقها كان رب العمل هناك وصاحب الصيدلية.

وكتبت سيدة أن الإطراء الألماني قد يكون مثلاً: "لكنك لا تبدين غامقة اللون الآن".

تمييز في المدرسة والبحث عن شقة للإيجار

وروت شابة ألمانية من أصل تركي، أن معلم الكيمياء في الصف الثامن قال لها، إنه لا ينبغي أن تبذل جهداً، سينتهي بها الأمر خلف الموقد على الأرجح.

وقال الرئيس السابق لحزب الخضر (البرلماني الحالي) جيم أوزدمير، إن المعلم ضحك عليه وكذلك زملاؤه عندما قال في الصف الرابع، إنه يرغب في الدراسة في مدرسة "غمنازيوم" الثانوية، ذات المستوى الأعلى، رغم أن علاماته لا تسمح بذلك.

وروت ميريام، رئيسة تحرير مجلة "سبلاش ماغازين"، كيف نصحت معلمة بوضعها في "المدرسة الأساسية" ذات المستوى التعليمي المتوسط لتكون مع "من يقاربونها في التفكير"، عند توزيع الطلاب في الصف الرابع على المدارس الثانوية، رغم أنها كانت أفضل طالبة في الصف، وكان والداها بالكاد يتحدثان الألمانية، ويثقان بالمعلمة، موضحة أن أحد المعارف تدخل لحسن الحظ، فباتت أفضل طالبة في الصف الخامس في مدرسة "غمنازيوم" (أعلى مستوى من التعليم الثانوي).

وقالت شابة، إن والدتها كانت تستيقظ كل صباح في وقت مبكر لتطبخ لها شيئاً خاصاً لتأخذه معها للمدرسة، ولم يطاوعها قلبها أن تخبرها بأنها تتعرض عبر هذا الأكل للمضايقة في المدرسة، لأنها لا تجلب شيئاً "ألمانياً" بل أكلاً فيتنامياً، مضيفة أنها تتذكر الآن وهي شابة كيف أصبح الأكل الآسيوي مرغوباً كثيراً لدى الألمان، وكانوا حينها يتنمَّرون عليها في المدرسة لأن أكلها "ذو رائحة كريهة".

ويبدو التمييز واضحاً بأجلى صوره، خلال بحث الألمان ذوي الأسماء الأجنبية عن شقة للإيجار، فكتب أوغوز يلماز أنه تواصل عبر موقع للبحث عن شقق للإيجار مع المؤجرين، ولم يتلق رداً عن عرض، لكن صديقته الألمانية تلقَّت فوراً رداً من صاحب نفس العرض، مضيفاً أنه بعد الزواج وتغيير كنيتها، لم تعد هي أيضاً تتلقى ردوداً على طلبها استئجار شقة، وأشار إلى أحكام مسبقة تواجههما، كأن تُسأل زوجته فيما إذا كان يحظر عليها القيام بأمور معينة، أو فيما إذا كان يتوجب عليها أن تعتنق الإسلام.

وكتبت مريام، أنها تبحث منذ أشهر عن شقة للإيجار، وقلما تلقَّت ردوداً من المؤجرين، وعندما تقدمت بطلبات إيجار باسم صديقها الأشقر ذي الاسم الألماني، تلقَّت ثلاثة ردود إيجابية بعد أسبوع فقط.

وقالت سيدة تدعى "هاتيجه"، إنها حذفت كل تغريداتها ضمن حملة Me Two لأنها لم تعد تطيق ردات الفعل عليها، متسائلة عن مدى الوضاعة التي قد يكون عليها مَن يرد على الحديث عن العنصرية بعنصرية.

مديح سياسي للحملة

وأشادت وزيرة العدل كاترينا بارلي على حسابها بموقع تويتر بالحملة، التي قالت إنها تُظهر بشكل مؤثر أين يقفون، مؤكدة أن الكراهية والإقصاء والعنصرية في الحياة اليومية تؤثر على مجتمعهم بأكمله، شاكرة أصحاب التغريدات الشخصية والمقلقة والباعثة على الأمل أحياناً.

وقال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، إن كل من يعتقد أن العنصرية لا تعد مشكلة في ألمانيا، يُنصح بتصفح تغريدات "#MeTwo"، وإن تحدّث الكثير من الناس بصراحة عن ذلك مؤثر ومؤلم، داعياً الجميع إلى مناصرتهم ضد العنصرية في كل مكان وفي أي وقت.


اقرأ أيضاً:

NXIVM: طائفة دينية جديدة تضم 16 ألف امرأة أبرزهن إيما واتسون.. طقوس الانضمام تشمل ممارسات جنسية ومؤسّسوها تحت قبضة الشرطة

تحميل المزيد