مدرعات فرنسية ودبابات أميركية وأباتشي.. سباق تسلُّح مع الجزائر، أم مجرد تحديث للترسانة العسكرية المغربية

عربي بوست
تم النشر: 2018/07/24 الساعة 21:36 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/07/24 الساعة 21:36 بتوقيت غرينتش
Crew stand next to an Apache helicopter during a media availability to show the 3 Regiment Army Air Corps preparing for the forthcoming royal wedding between Prince Harry and Meghan Markle, at Wattisham Airfield, Britain May 10, 2018. Aaron Chown/Pool via Reuters

أثار اقتناء المغرب عدداً من الأسلحة المتطورة مؤخراً، بينها مروحيات أباتشي ودبابات "أبرامز"، تساؤلات حول دلالات استمرار الرباط في تحديث ترسانتها العسكرية على نحو واسع في هذا التوقيت.

وقال خبراء مغاربة، إن اقتناء بلادهم لتلك الأسلحة تمليه التحديات الأمنية، سواء الداخلية أو الخارجية التي تواجه المغرب، لاسيما المتعلقة بتأمين الحدود، في ظلِّ استمرار غياب الاستقرار في دول مجاورة، فضلاً عن مواجهة الإرهاب، والتصدي للمحاولات الانفصالية التي تقودها جبهة "البوليساريو" في الصحراء الغربية.

وبحسب تقارير إعلامية محلية، فإن المغرب اقتنى مؤخراً، عدداً من الأسلحة المتطورة، ويتعلَّق الأمر بمدرعات من نوع "فاب" (VAB) فرنسية الصنع، ويتفاوض للحصول على مروحيات متطورة من نوع "أباتشي" أميركية الصنع، بالإضافة إلى حصوله على الدبابات "أبرامز" أميركية، في انتظار وصول صواريخ متقدمة يتم تركيبها على مقاتلات "إف 16".

هل هو سباق تسلُّح مع الجارة الجزائر؟

لكن لا يمكن النظر لتطوير المغرب أسلحته، دون الأخذ في الحسبان سباق التسلح مع الجزائر، أكبر مستورد للسلاح في إفريقيا، وهو السباق الذي يغذيه استمرار التوتر بشأن إقليم الصحراء بين الجارتين، وفقاً لما قاله خالد الشيات، المحلل السياسي المغربي للأناضول.

وأكد الشيات أن بلاده تسعى إلى الحفاظ على توازن القوى مع الجزائر، حيث يسعى البلدان إلى اقتناء أسلحة متطورة، وذلك في إطار استمرار قضية الصحراء، مضيفاً أن الجزائر تدعم جبهة "البوليساريو"، ولا يمكن لبلاده أن تنظر إلى الأمر بشكل عادي.

طائرات إف -16 اقتناها المغرب في وقت سابق من أميركا
طائرات إف -16 اقتناها المغرب في وقت سابق من أميركا

ودعا المحلل السياسي المغربي البلدين إلى الإنفاق على التنمية في عدد من المجالات، بدلاً من الاستمرار في التسلح، إلا أنه شكك في إمكانية حدوث ذلك في الأفق القريب.

وغير بعيد عما قاله الشيات، يقف الخبير المغربي في الشؤون العسكرية والاستراتيجية، عبدالرحمن المكاوي، مؤكداً أن ما وصفه بمحاربة الانفصال في إشارة لجبهة "البوليساريو"، تقف على رأس المساعي المغربية لتطوير ترسانة الأسلحة.

وبدأ النزاع حول إقليم الصحراء عام 1975، بعد إنهاء الاحتلال الإسباني وجوده في المنطقة، ليتحول الخلاف بين المغرب و"البوليساريو" إلى نزاع مسلح، استمرَّ حتى 1991، بتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار.

وتصرُّ الرباط على أحقيتها في إقليم الصحراء، وتقترح كحل حكماً ذاتياً موسعاً تحت سيادتها، بينما تطالب "البوليساريو" بتنظيم استفتاء لتقرير المصير، وهو طرح تدعمه الجزائر، التي تؤوي عشرات الآلاف من لاجئي الإقليم.

أم أن الأمر لا يتعدى تأمين للحدود ومواجهة لخطر الإرهاب!

ويؤكد مكاوي أن لتأمين الحدود ومكافحة الإرهاب نصيباً كبيراً في دفع الرباط إلى تحديث ترسانتها العسكرية، لتكون على أعلى درجات الاستعداد، خاصة مع استمرار الاضطرابات الأمنية في دول مجاورة.

وأوضح مكاوي أن بلاده مهدَّدة من أكثر من جهة، خصوصاً أن "السلطات مستمرة في تفكيك عدد من الخلايا الإرهابية التي لها علاقة بداعش".

وكان وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، صرَّح، في 26 من يونيو/حزيران الماضي، أن "عدد الاعتداءات الإرهابية بإفريقيا تفوق نظيرتها بأوروبا بـ22 مرة"، لافتاً إلى أن القارة السمراء "شهدت نحو 343 اعتداء إرهابياً عام 2017، خلفت 2600 ضحية (قتيل)".

وأضاف أن "القارة الإفريقية تضم 6000 مقاتل إرهابي ينتمون إلى تنظيم 'القاعدة' الإرهابي، 3500 مقاتل منهم يوجدون في غرب إفريقيا".

وأشار الوزير المغربي إلى أن "عدد الأشخاص المرتبطين بتنظيم داعش الإرهابي كبير في شمال إفريقيا"، دون تقديم رقم دقيق في ذلك، متوقِّعاً ارتفاع هذا العدد "بسبب عودة المقاتلين الإرهابيين من العراق وسوريا".

وتراهن السلطات المغربية على الحفاظ على سلامة البيت الداخلي، حيث تعلن وزارة الداخلية من وقت لآخر عن تفكيك عدد من الخلايا الإرهابية.

خاصة أن المملكة قامت بتفكيك عشرات "الخلايا الإرهابية"

وفي أبريل/نيسان الماضي قال عبدالحق الخيام، مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية، التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني المغربي (المخابرات)، خلال لقاء بمدينة مراكش (وسط)، إن "بلاده عملت من خلال سياستها الأمنية الاستباقية، منذ مارس/آذار 2015 على تفكيك 53 خلية إرهابية، منها 48 خلية مرتبطة مباشرة بتنظيم "داعش".

ولفت إلى أن "الأراضي الليبية أصبحت مركزاً لاستقطاب الإرهابيين المنحدرين من المنطقة المغاربية، وهو ما يشكل تهديداً صريحاً للمغرب والمنطقة المتوسطية عموماً".

دبابات
دبابات "أبرامز" الأميركية

وتابع: "إن انهيار النظام الليبي كان سبباً رئيسياً في تقوية مجموعة من الجماعات الإرهابية، وخلق حالة من الفوضى التي أرخت بظلالها على منطقة المغرب العربي"، لافتاً أن المغرب "كثَّف من جهوده الأمنية من أجل مكافحة تنظيم الدولة (داعش)، في ظل بروز منطقة المغرب العربي والساحل كأهم بديل جغرافي لأتباع التنظيم، من أجل استمرار أنشطتهم الإرهابية".

وفي هذا الصدد، يؤكد الخبير الأمني المغربي "محمد أكضيض" أنه "لا يمكن محاربة الإرهاب، إلا عبر تملك تكنولوجيا عسكرية متطورة، لرصد أي تحرك محتمل للتنظيمات الإرهابية".

فضلاً عن نشاط مهربي المخدرات وشبكات الاتجار بالبشر

ويقول أكضيض، إن تحديث الترسانة العسكرية لبلاده يهدف أيضاً إلى مواجهة شبكات تهريب المخدرات بفاعلية أكبر، وكذلك التصدي لشبكات تهريب البشر، خصوصاً مع زيادة نشاط هذه الشبكات، حيث تعمل البحرية المغربية على رصد السفن على واجهاتها البحرية.

وتجري البحريتان المغربية والإسبانية سلسلةً من الاتصالات الثنائية، لتحديد أماكن المهاجرين غير الشرعيين لإنقاذهم أو توقيفهم، وقد سمح التعاون بينهما بدخول مياه البلدين دون حواجز، بغية الوصول للمهاجرين الذين يتدفقون من نقاط مختلفة لعبور مضيق جبل طارق الفاصل بين البلدين.

ولقي قرابة 539 مهاجراً غير شرعي مصرعهم غرقاً، خلال سنة 2017، أثناء محاولاتهم التسلل إلى السواحل الإسبانية، عبر مضيق جبل طارق، وفق منظمة (AETSAS) الإسبانية، المعنية بالهجرة غير الشرعية (غير حكومية).

وقال وزير الداخلية المغربي، عبدالوافي لفتيت، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، إن أجهزة الأمن أوقفت، خلال 2017، أكثر من 50 ألف مهاجر غير شرعي، وفكَّكت 73 شبكة إجرامية تنشط في تهريب البشر.

وقد يكون الأمر مجرد تحديث للترسانة العسكرية "المتقادمة"

لكن الخبير الأمني "أكضيض"، أكد أن المغرب يهدف أيضاً إلى تحديث ترسانته العسكرية من خلال اقتناء أسلحة جديدة، كحاجة يفرضها واقع تقادم الكثير من الأسلحة، وذلك بغض النظر عن محاربة الإرهاب وشبكات تهريب المخدرات وغيرها من التحديات الأمنية.

ويؤيده في الرأي عبدالرحمن مكاوي بقوله، إن "الهدف من اقتناء أسلحة متطورة من قِبَل المغرب، هو تجديد ترسانته العسكرية، خصوصاً أنه بعد مرور سنوات تكون الآليات العسكرية في حاجة إلى التجديد والتطوير، خصوصاً الموجودة في المناطق الصحراوية".

وكانت صحيفة "المساء" المغربية (خاصة)، قد ذكرت في عددها الصادر بتاريخ 10 يوليو/تموز الجاري، أن "المغرب حصل، مؤخراً، على مدرعات من نوع "فاب" (VAB)، ويتفاوض للحصول على مروحيات متطورة من نوع "أباتشي  (apache)".

وأضافت الصحيفة، نقلاً عن مصادر لم تسمها، أن الجيش المغربي سيحصل على ترسانة جديدة من الطائرات الأميركية والأسلحة الخاصة بها، خاصة صواريخ جو جو، بعد أن حصل مطلع مايو/أيار الماضي على 42 دبابة "أبرامز"، في إطار اتفاقية مع الولايات المتحدة تقضي بحصوله على 162 دبابة من هذا النوع.

وأوضحت أن المدرعات "فاب" وصلت عبر دفعات إلى ميناء الدار البيضاء، آخرها دفعة وصلت يوليو/تموز الجاري، في انتظار وصول صواريخ متقدمة تركب على مقاتلات "إف 16".

 

تحميل المزيد