تسود حالة من الخوف والهلع في مدينة السويداء التي يسكنها الغالبية الدرزية، بعد ساعات من وقوع 3 تفجيرات نفذها انتحاريون بأحزمة ناسفة، تبناها تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)؛ ما أوقع أكثر من 150 قتيلاً ونحو 200 جريح.
التفجيرات التي وقعت وسط أحد الأسواق الشعبية في المدينة وأربكت الأوضاع الأمنية فيها، ترافقت مع هجوم عسكري قاده التنظيم المتشدد على القرى المجاورة، ما سمح له بالسيطرة على ثلاث منها، إلا أنه تراجع عنها بعد عدة ساعات، نتيجة الهجمات العسكرية التي شنتها قوات النظام السوري.
النظام مسؤول
لم تشهد المدينة منذ اندلاع الأزمة في سوريا أحداث عنف كما حصل فجر اليوم، ويلقي الناشطون في السويداء اللوم على النظام السوري، الذي نقل في مايو/أيار 2018، نحو 800 من مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية" من مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين بريف دمشق إلى منطقة الأشرفية والعورة التي تبعد أقل من 10 كيلومترات عن المدينة.
هذه الخطوة تبعها في شهر يونيو/حزيران 2018، سحب النظام السوري جزءاً كبيراً من قواته من بادية السويداء إلى محيط ريف درعا الشرقي من جهة مدينة بصرى الشام، بهدف المشاركة في الحملة العسكرية على درعا.
وقال خالد (من السويداء)، لـ"عربي بوست"، إن الأهالي في حالة خوف كبيرة، ولفت إلى أن "قتلى عناصر التنظيم يحملون هويات شخصية تُثبت أنهم من مخيم اليرموك"، وأضاف أن "السكان يعتقدون أن الانسحاب المفاجئ للنظام من البادية، وعدم اتخاذ أي تدابير ووسائل حماية لقرى المنطقة، تسببا في هذا الهجوم".
خطة لإجبار شباب المدينة على الالتحاق بقوات الجيش السوري
مالك أبو خير، الناشط الإعلامي، أوضح في صفحته على موقع فيسبوك، أن المدينة شهدت اجتماعاً بين وجهاء المدينة وممثلين عن النظام، وأضاف أنهم "أكدوا للمرة الألف، رفض مشاركة شباب السويداء في المعارك ضد أي سوري، والبقاء ضمن الجبل؛ لحمايته فقط"، وتابع قائلاً: "اليوم آجى الرد على قرار هالرفض من قِبل تنظيم داعش الي تم نقله بصفقة علنية من مخيم اليرموك نحو بادية السويداء!".
من عدة أيام صار اجتماع بالسويداء، وخلال هالاجتماع تم التاكيد للمرة الالف على رفض مشاركة شباب السويداء في المعارك ضد أي…
Gepostet von مالك ابو خير am Mittwoch, 25. Juli 2018
ومنذ عدة سنوات، يرفض أهالي مدينة السويداء إرسال أبنائهم لأداء الخدمة العسكرية في الجيش السوري، وشكلوا قوات من أبناء المدينة، مهمتها حماية المدينة من أي هجوم، وعدم التدخل في المعارك التي يشنها النظام ضد مناطق المعارضة في باقي المناطق.
الهدف كسر الدروز
وروى أحد المصادر المطلعة أن هناك هجمة على السويداء من قِبل النظام وروسيا، بهدف ترتيب أوراق المنطقة الجنوبية بشكل كامل بعد الانتهاء من درعا والقنيطرة، ولفت إلى أن المقصود هو "ثني حركة رجال الكرامة عن مواقفهم، والعودة إلى الالتزام بقوانين الدولة السورية".
وبيّن أن وفداً روسيّاً زار المدينة والتقى بعض الوجهاء ومشايخ العقل، وهو ما يطلق على القيادة الروحية للدروز، وتحدث الروس عن وجود قوات إرهابية ويجب حلها، وهي قوات شيخ الكرامة.
وحركة "رجال الكرامة" هي حركة تم تأسيسها في عام 2015 على يد الشيخ أبو فهد وحيد البلعوس، ومهمتها الأساسية حماية السكان الدروز في السويداء من أي هجوم أو جهة، وتقف موقف الحياد في الأزمة السورية، فهي لا تصنف نفسها على أنها معارضة أو موالاة.
وتخضع الحركة لقيادتين من المراجع الدينية؛ هما: الشيخ أبو عدنان ركان الأطرش، والشيخ أبو حسن يحيى الحجار، وهما يجمعان ما بين الشؤون الدينية والعسكرية للحركة.
وأتبعت الحركة زيارة الوفد الروسي بإصدار بيان، قالت فيه إن "أي اعتداء على أي شاب من شباب الجبل هو إعلان للحرب التي كنا -وما زلنا- أهلاً لها".
وبحسب أعضائها، فقد تأسست الحركة على شعارات حماية محافظة السويداء من تهديدات "داعش" للبادية الشرقية للمحافظة، والتزمت الحياد أكثر مما تبنَّت موقفاً معيّناً من الأزمة السورية. إلا أن المعارضة السورية ترى قوات الحركة من الموالين للنظام على الرغم من الموقف الروسي.
قوات ضد المعارضة، لكنها ليست مع النظام
أما قوات شيخ الكرامة، التابعة للحركة، والتي وصفتها روسيا بالإرهابية، فهي ميليشيا تشكلت بعد مقتل وحيد البلعوس؛ للأخذ بثأره وحماية الجبل وأهله، وإكمال طريقه عبر رفض إجبار سكان السويداء على الالتحاق بجيش النظام السوري، وهو الموقف الذي أثار غضب النظام.
فعلى الرغم من أن قوات شيخ الكرامة لم تخض أي معركة منذ تأسيسها، فإنها قامت بعدة عمليات نوعية. ومن أمثلة العمليات التي قام بها الفصيل، تحرير الشيخ منير عبد الباقي، عندما أوقفه النظام على حدود لبنان وأخذه للالتحاق بالجيش، فخطفت القوات 15 ضابطاً، ما اضطر النظام إلى إطلاق سراحه في اليوم نفسه.
وبحسب تصريحات صحافية سابقة لبعض قيادات الحركة، فإن الاتهامات الروسية لقوات شيخ الكرامة بأنها تنظيم إرهابي جاءت على خلفية رفض قوات الكرامة الاشتراك في "حملة النظام ضد ثوار درعا".