لن تنجح المبادرات.. لماذا تبقي الأزمة السياسية بمصر في مكانها، رغم كل المساعي لحلها؟

عربي بوست
تم النشر: 2018/07/25 الساعة 19:52 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/07/25 الساعة 21:21 بتوقيت غرينتش
CAIRO, EGYPT - OCTOBER 25: Egyptian President Abdel-Fattah El-Sisi (C) gives a speech during the press release following the meeting of the National Defence Council after the Sinai attacks. At least 30 soldiers were killed in attacks. (Photo by Presidency of Egypt/Pool/Anadolu Agency/Getty Images)

تطلُّ بعض الرموز الأكاديمية والسياسية المصرية، بين الحين والآخر، للحديث عن مبادرات أو خارطة طريق يجب على المعارضة والسلطة، كل على حد سواء، تبنِّيها للخروج من المأزق السياسي الذي تمر به البلاد حالياً.

وعلى الرغم من إدراك بعضِ من يتابعون المشهد المصري أن الواقع لا يرحِّب بأية مبادرات، في ظل تمسُّك طرفي الصراع بموقفيهما من الأحداث، سواء جماعة الإخوان، باعتبار ما حدث في الثالث من يوليو/تموز 2013 انقلاباً عسكرياً مكتمل الأركان، أو الجيش الذي يرى أنه استجاب لنداء الشعب الذي تظاهر في الـ30 من يونيو/حزيران 2013، رافضاً استمرار حكم الرئيس المنتمي إلى جماعة الإخوان محمد مرسي.

وفي حين خرجت دلالات، وفقاً لتقارير كثيرة، تكلمت عن تنسيق الجيش مع أطراف محلية وإقليمية للترتيب لانقلاب عسكري على "الإخوان" والرئيس محمد مرسي، فإن تمسُّك السلطة بموقفها من الصراع الحالي واستمرارها في اعتقال المحسوبين على "الإخوان" والمعارضين لتوجهاتها السياسية يراه مراقبون مؤشراً على رغبة السلطة في نسف أي محاولات لتهيئة الأجواء لمصالحة شاملة.

ومع ذلك، ينادي البعض -كما فعل الدكتور حسن نافعة الأكاديمي بجامعة القاهرة- بضرورة وضع آليات لمصالحة مصرية شاملة في الفترة المقبلة، إلا أنه عاد وأكد في حديثه مع "عربي بوست"، أنه لم يطرح مبادرات بقدر ما يتحدث عما يجب على طرفي الصراع في مصر، الجيش و"الإخوان"، أن يفعلاه.

وقال الأكاديمي المصري، الذي يقف الآن على يسار السلطة منتقداً الكثير من تصرفاتها، إن حالة السيولة في مصر لا تنبئ بحلول قريبة، في ظل الاتهامات التي يواجهها أصحاب الأصوات العاقلة في البلاد، سواء من أطراف محسوبة على السلطة أو أطراف محسوبة على "الإخوان" والاسلاميين.

مبادرات أخرى تم طرحها منذ شهور

وكان عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، كمال الهلباوي، أطلق في أبريل/نيسان 2018، مبادرة جديدة؛ في محاولة لإنهاء الأزمة المصرية القائمة، مقترحاً تشكيل ما سماه "مجلس حكماء من شخصيات وطنية مصرية أو عربية أو دولية".

ودعا الهلباوي إلى "تشكيل مجلس حكماء يضم شخصيات عربية ودولية مشهوداً لها بالنزاهة، لقيادة وساطة تاريخية في مصر، تنهي حالة الصراع القائمة بين نظام الحكم والمعارضة، وفي مقدمتهم الإخوان، والتأسيس لمصالحة وطنية شاملة لا تستثني أحداً إلا أهل العنف والإرهاب".

وكشف نافعة عن أن الجيش لا يقتنع بضرورة الانسحاب من الواقع السياسي، وأن السلطة العسكرية تؤمن بحقها في الاستحواذ على المشهد بالكامل في مصر، وهو ما يبدد أي حماسة لأي مقترحات تخص الواقع السياسي.

حسن نافعة
حسن نافعة

واشترط نافعة تجاوب السلطة إيجابياً مع الواقع الحالي لكي يُكتب لأي مبادرة النجاح، مستبعداً موافقة الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، على التصالح مع "الإخوان"، ومؤكداً أن المؤسسة العسكرية لن تنسحب من الحياة السياسية مطلقاً.

وهاجم نافعة جماعة الإخوان المسلمين، معتبراً أنهم أحد الأسباب التي أدت إلى الوضع الحالي في مصر، مهاجماً ما سماه استخدام الدين في الممارسة السياسية، وهو ما دمر الممارسة السياسية العاقلة، على حد قوله.

وعن التعويل على الواقع الاقتصادي بأنه ربما يكون أحد دوافع الثورة الشعبية على السيسي، قال نافعة إن الاقتصاد والسياسة قرينان لا يفترقان نهائياً؛ ومن ثم لا تعويل على الاقتصاد وحده في إحداث تغييرات جذرية بالشارع المصري قريباً.

مصالحة قريبة بين السلطة والجماعة

وكان المعارض السياسي ممدوح حمزة كتب في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، في بداية الشهر الجاري (يوليو/تموز 2018)، أن لديه معلومات عن نية صادقة من النظام لعقد مصالحة مع "الإخوان".

في حين قال السفير والدبلوماسي السابق معصوم مرزوق، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، إنه سيطلق ما سماه "نداء هاماً وفارقاً بالنسبة للشعب والدولة المصرية خلال الأيام القليلة المقبلة"، مشيراً إلى أن هذا النداء "سيكون عبارة عن خارطة طريق جديدة وغير مسبوقة لإنهاء الأزمة القائمة".

وأشار إلى أن "هناك شبه توافق على خطوطه العريضة، وسيتم الانتهاء من تفاصيله كافة وبنوده خلال الساعات القادمة، وإعلانه رسمياً سيكون خلال أقل من أسبوعين على الأكثر"، وفق تعبيره.

وقال المعارض السياسي المهندس ممدوح حمزة إنه في حال وجود مبادرات جادة لحلحلة الواقع السياسي المصري، فإن السلطة الحالية في مصر لا تسمع لأحد ولن تسمع، في ظل امتلاكها تصوراً قمعياً تمضي في تحقيقه دون الالتفات إلى أي نتائج سلبية تحدث حالياً.

ممدوح حمزة
ممدوح حمزة

واتهم حمزة، في اتصال هاتفي مع "عربي بوست"، رموزاً سياسية، مثل عبد الجليل مصطفى وجورج إسحاق، من مؤسسي حركة كفاية المعارضة في مصر، بأنهما كانا سبباً في تدمير جبهة معارِضة كان يسعى إلى تدشينها في الفترة الماضية، واصفاً إياهما بالطابور الخامس الذي يعمل لصالح السلطة من داخل المعارضة.

وأشار إلى أنه لو كان في السلطة من لديه قدرة على التفكير العقلاني، فإنه يجب عليه الاتصال فوراً بجماعة الإخوان المسلمين وبدء إجراءات المصالحة الحقيقية معهم، فهم التنظيم الوحيد القادر على التعبئة الشعبية والسياسية في وقت قليل، حسب قوله.

ورفض ممدوح حمزة التعويل على الدور الإقليمي للخليج في ممارسة ضغوط على الجيش للإطاحة بالسيسي أو لتصحيح مسار الأوضاع في مصر، قائلاً: "الخليج سوف ينشغل بمشاكله الخاصة، الاقتصادية منها خاصة، في الفترة القليلة الماضية، ولن يلتفت إلى ما يحدث في مصر".

ولفت إلى أن الاتحاد الأوروبي والغرب لن يعبآ كثيراً بالانتهاكات التي يقوم بها السيسي بحق المعارضة في مصر، خاصة أن السيسي يلبي كل ما يطمحون إلى تحقيقه في الملفات كافة محل النقاش بين الطرفين.