وفقاً لما تعانيه طهران من أزمات اقتصادية بسبب انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي، وموقف إدارة ترمب من الشركات الأوروبية والآسيوية التي تتعاون النظام الإيراني بخصوص شراء النفط والغاز، فإن سريلانكا تبحث عن طرق غير تقليدية لتجنب عقوبات ترمب.
وحسب تقرير لصحيفة Independent البريطانية، فإن سريلانكا تصوغ مقترحات للالتفاف حول العقوبات الدولية المفروضة على إيران من خلال سداد ديونها النفطية إلى الدولة الشرق أوسطية بأكياس الشاي، خاصة أن شركة سيلان للبترول، وهي الشركة الوطنية للنفط والغاز بسريلانكا، تدين لإيران بـ250 مليون دولار مقابل مشتريات النفط التي تمت خلال الشهور الأخيرة.
ومع ذلك، فإن اللوائح الجديدة التي تم وضعها لتحقيق التزام سريلانكا بالعقوبات التي فرضها مجلس الأمن على إيران تنص على أن أي معاملات مالية مباشرة مع الهيئات الحكومية الإيرانية يمكن أن تصبح مخالفة لتلك القواعد.
وكانت طهران اقترحت على سريلانكا التعامل باليورو كبديل عن الدولار
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2017 اقترح السفير الإيراني لدى كولومبو محمد زائري أميراني على سريلانكا استبدال الدولار باليورو في التبادل التجاري بينهما.
ودعا زائري أميراني مصارف هذا البلد إلى صنع الأرضية اللازمة للاستفادة من اليورو بدلاً من الدولار الأميركي في عمليات التبادل التجاري بين البلدين؛ لتوطيد العلاقات الاقتصادية بينهما.
وقال زائري أميراني، في تصريح أدلى به في الغرفة التجارية الوطنية السريلانكية، إنه بالنظر إلى فرض أميركا لحظر مصرفي على إيران وبعض العقبات في مجال التبادل التجاري مع إيران، فإنه ينبغي للمصارف السريلانكية الاستفادة من اليورو بدلاً من الدولار في عمليات التبادل التجاري.
وأضاف أن إيران تستخدم اليورو مع الكثير من بلدان العالم ومنها بلدان الاتحاد الأوروبي، وليست هناك أية مشكلة في هذا المجال.
ويشار إلى أن كولومبو شهدت اجتماعات بحضور المستثمرين والتجار الإيرانيين والسريلانكيين خلال الفترة القلية الماضية.
وتعد إيران، في ذات الوقت، رابع أكبر سوق للشاي السريلانكي، وهي سلعة غير محظورة وفقاً لشروط أي من العقوبات التي يفرضها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
ونقلت صحيفة Sunday Times عن لويسل ويجواردينا، رئيس مجلس سريلانكا للشاي، قوله إن المبلغ الذي تدين به سريلانكا لشركة سيلان للبترول يعادل صادرات سريلانكا إلى إيران من الشاي على مدار عام كامل.
وقال ويجواردينا: "إذا ما سددت شركة سيلان للبترول مستحقاتنا، يمكننا أن نواصل تصدير الشاي إلى إيران حيث لا يوجد أي حظر على هذه السلعة. ويمكن أن يعوض المبلغ الذي تدين به شركة سيلان للبترول لإيران مدفوعات صادرات الشاي إلى إيران على مدار عام".
وذكر ويجواردينا أن المزيد من المحادثات سوف تنعقد خلال الأسابيع القادمة للسماح لسريلانكا بمواصلة التبادل التجاري مع إيران على الرغم من عقوبات الأمم المتحدة. قامت سريلانكا بتصدير 27.419 طن متري إلى إيران عام 2017.
وهدد ترمب شركات أوروبية أخرى بعقوبات إذا ما استمرت في التعامل مع طهران
وسريلانكا ليست الشريك الدولي الوحيد الذي يعيد النظر في كيفية إقامة تبادل تجاري مع إيران، حيث تستعد الولايات المتحدة لفرض عقوبات صارمة جديدة على طهران فيما سماه دونالد ترمب "المستوى الأعلى".
وأعلن ترمب منذ شهرين أن الولايات المتحدة سوف تنسحب من الاتفاقية الدولية التي تستهدف تخفيف العقوبات على إيران مقابل فرض قيود على البرامج النووية لإيران.
سوف تبدأ العقوبات الأميركية في أغسطس/آب بحظر كافة أنماط التجارة الدولارية مع إيران ثم السعي وراء معاقبة الشركاء التجاريين للولايات المتحدة الذي يستثمرون في البنية التحتية النفطية لإيران أو يشترون النفط الخام منها.
وسبق أن رفضت الولايات المتحدة الأميركية طلباً فرنسياً بمنح إعفاءات لشركاتها العاملة في إيران، طلبته باريس بعد أن فرض الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، عقوبات على طهران.
وقال وزير المالية الفرنسي برونو لومير، في مقابلة نُشرت الجمعة 13 يوليو/تموز 2018 مع صحيفة لوفيغارو: "تلقينا للتوّ ردَّ وزير الخزانة ستيفن منوتشين، وجاء سلبياً".
كانت باريس اختارت قطاعات رئيسية تتوقع أن تُعفى الشركات الفرنسية العاملة بها من العقوبات، أو أن يتم تمديد فترات إنهاء نشاطها، وضمن ذلك قطاعات الطاقة والبنوك والأدوية والسيارات.
وقالت واشنطن إن على الشركات تصفية أنشطتها مع إيران بحلول الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني 2018 وإلا فستواجه خطر الاستبعاد من النظام المالي الأميركي.
وعبر مسؤولون فرنسيون عن أمل محدود في الحصول على هذه الإعفاءات، التي تمثل أهمية لشركة توتال الكبيرة للنفط والغاز؛ لكي تواصل مشروع غاز بمليارات الدولارات في إيران، ولمجموعة بيجو ستروين لصناعة السيارات لكي تستمر في مشروع مشترك.
وقالت شركة سكور الفرنسية المتخصصة بإعادة التأمين الجمعة 13 يوليو/تموز 2018، إنها لن تسعى لإبرام عقود جديدة أو تجديد أنشطة قائمة في إيران بسبب العقوبات الأميركية.
وأعلنت واشنطن في مايو/أيار 2018، فرض عقوبات اقتصادية جديدة على طهران بعد انسحاب الولايات المتحدة من اتفاق متعدد الأطراف أُبرم في عام 2015، ووافقت إيران بموجبه على فرض قيود على أنشطتها النووية مقابل رفع العقوبات عنها.
وكانت مشتريات أوروبا من نفط إيران قد تراجعت تحسباً لخطوات ترمب وخفضت شركات التكرير الأوروبية مشترياتها من النفط الإيراني بوتيرة أسرع من المتوقع، في الوقت الذي تستعد فيه الولايات المتحدة لإعادة فرض عقوبات على إيران، مما يهدد بتأثيرات أشد من الجولة السابقة من الإجراءات العقابية التي اتُّخذت بحق طهران في 2012 على الرغم من أن الاتحاد الأوروبي لا يشارك في العقوبات هذه المرة.
سريلانكا ليست وحدها، بل إن مصدّري الأرز الهنود يبحثون تجنب الحظر الأمريكي
يذكر أن مصدري الأرز الهنود بدأوا بالفعل استشعار العقوبات المرتقبة، حيث تضطر الشركات إلى البحث عن ترتيبات مصرفية جديدة مع الوسطاء الأوروبيين أو الشرق أوسطيين تجنباً للحظر الدولاري المفروض.
ونقلت صحيفة Economic Times عن جامنم أرورا، العضو المنتدب لشركة كوهينور فوودز قوله: "تعد إيرن سوقاً كبيرة للأرز البسمتي الهندي. وفي الوقت الحالي، يتم السماح لشحنات العقود القديمة بالوصول إلى إيران. ومع ذلك، يوجد تأخير في العقود الجديدة. ومن ثم، هناك قلق بشأن السوق الإيرانية".
لم يمنع الخوف من غضب الولايات المتحدة بلداناً مثل الهند من المشاركة في محادثات تجارية رفيعة المستوى مع إيران خلال الشهر الماضي تستهدف السعي وراء التوصل لأى سبل للالتفاف على العقوبات.
وتشعر بلدان أخرى بخيبة الأمل جراء طبيعة الإجراءات التي يتخذها ترمب. ونقلت صحيفة FT اليومية عن وزير الصناعات الغذائية السريلانكي نافين ديسانايك قوله: "إيران تشتري الكثير من الشاي ولدينا اتفاقية ثنائية معهم. ولا يعني قيام الولايات المتحدة بفرض عقوبات على إيران أن تفرض عقوبات علينا أيضاً".