قال مساعدون في مجلس النواب والشيوخ الأميركيين، إنَّه سيُفرَض حظرٌ مؤقت على تسليم تركيا طائراتٍ من طراز إف-35 من إنتاج شركة Lockheed Martin، بموجب إجراءٍ توافقي متعلق بالسياسة الدفاعية أُقِرَّ يوم الإثنين 23 يوليو/تموز 2018.
وذكر تقرير لوكالة Bloomberg الأميركية، أنه سيُعلَّق تسلم تركيا للطائرات المقاتلة حتى يقدم البنتاغون تقييماً، خلال 90 يوماً من إقرار هذا الإجراء المتعلق بالعلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا، وتأثير سعي تركيا المخطط له لامتلاك نظام الدفاع الصاروخي الروسي المتقدم طراز إس-400، وتداعيات ذلك على القاعدة الصناعية الأميركية، إذا أُسقطت تركيا من برنامج طائرات إف-35 الدولي.
تأخير تسليم الطائرات لأنقرة "سيُكلف واشنطن" غالياً
هذه الخطوة، التي تعكس التوترات في العلاقات الأميركية التركية، هي جزء من مشروع قانون يتعلق بميزانية الدفاع، التي تبلغ 717 مليار دولار للعام المالي 2019، الذي وضعه مفاوضو الكونغرس وينتظر الموافقة النهائية في مجلسي النواب والشيوخ. ومن شأن هذا الإجراء أيضاً تعليق بعض الأموال المخصصة لأنشطة وزارة الدفاع السحابية، مما يعكس الجدل حول عقدٍ سحابي يحصل فيه المتعاقد على كل المشروعات. ويقول منافسون إنَّه سيكون لصالح شركة Amazon.
وكان وزير الدفاع الأميركي جيم ماتيس قد حذر الكونغرس من وقف عمليات تسليم طائرات إف-35. وقال ماتيس في رسالةٍ إلى المشرعين هذا الشهر، إنَّه على الرغم من اتفاقه مع "مخاوف الكونغرس حول الاتجاه الاستبدادي في تركيا، وتأثيره على حقوق الإنسان وسيادة القانون، فإنَّ وقف إرسال طائرات إف-35 يخاطر بـ"تعطيل سلسلة الإمدادات" الدولية، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع التكاليف وتأخير تسليم المقاتلات.
وتعتزم تركيا في ظل حكم الرئيس رجب طيب أردوغان شراء حوالي 100 طائرة من طراز إف-35، وبذلك تنضم إلى المملكة المتحدة وأستراليا كواحدة من أكبر الزبائن الدوليين. وتقوم عشر شركات تركية على الأقل ببناء قطع غيار ومكونات للمقاتلات لشركاء آخرين، مثل شاشات العرض في قمرة القيادة، وفقاً لشركة Lockheed Martin التي يقع مقرها في مدينة بيثيسدا بولاية ماريلاند الأميركية.
وهو ما قد يُضر بـ"المصالح الاستراتيجية" الأميركية
يسمح أيضاً هذا الإجراء التوافقي الذي وضعته لجان الخدمات المسلحة في الكونغرس ومجلس الشيوخ بتخلي الرئيس الأميركي عن فرض عقوباتٍ على الدول والكيانات التي تمارس أعمالاً تجارية مع روسيا لمدة تصل إلى 180 يوماً، إذا اتخذ الطرف المعني خطواتٍ للنأي بنفسه عن أي علاقة تجارية مع قطاعي الدفاع والاستخبارات الروسية، وذلك وفقاً لمساعدين في اللجنة وملخص قدمه النواب الديمقراطيون عن مشروع القانون.
وحث ماتيس أيضاً المشرعين على التراجع، وكتب لهم الأسبوع الماضي أنَّه "على الرغم من أنَّ روسيا ينبغي أن تعاني عواقب سلوكها العدواني والمزعزع للاستقرار فضلاً عن استمرار احتلالها غير الشرعي لأوكرانيا، هناك حاجة مُلحَّة لتفادي إلحاق أضرارٍ كبيرة غير مقصودة بمصالحنا الاستراتيجية الوطنية طويلة الأجل".
لكن الكونغرس لم يكتف فقط بذلك
إذ ينص الإجراء التوافقي المتعلق بالسياسة الدفاعية على وقف 15% من التمويل المالي المطلوب لعام 2019 لأنشطة وزارة الدفاع السحابية، إلى حين تقديم تقرير عن الاستراتيجية المُتَّبعة وهجرة البيانات في غضون 90 يوماً بعد سن مشروع القانون. وكانت نسخة الكونغرس قد دعت إلى حجب 50%. لكن لا يُقصد من هذا البند تأخير منح العقد السحابي المتنازع عليه الخاص ببرنامج المشروع المشترك للبنية التحتية الدفاعية الذي تبلغ قيمته مليارات الدولارات.
إضافة إلى منح تصريح شراء اثنين من حاملات الطائرات من طراز فورد، من إنتاج شركة Huntington Ingalls Industries بموجب عقد واحد، لكن يتعين على البحرية الأميركية تقديم شهاداتٍ مؤكدة قبل إضافة حاملة الطائرات الثانية على العقد في السنة المالية 2019.
وعدم إلغاء وكالة خدمات مقر واشنطن، وهي وكالة تقدم الدعم الإداري للبنتاغون، كما هو مقترح في النسخة التي أقرها الكونغرس. ومنح ترخيص شراء ثلاث سفن مقاتلة ساحلية، أي اثنين زيادة عن العدد الذي طلبته البحرية الأميركية. وتُصنع السفن في نسختين، واحدة من شركة Lockheed، والأخرى من شركة Austal Ltd.
إلى جانب منح ترخيص لـ77 طائرة طراز إف-35، على النحو الذي طلبته إدارة ترمب. والسماح بنقل الاسلحة النووية ذات التأثير المنخفض على متن غواصات، لكن هذا يحتاج إلى تصريحٍ سنوي.
مع العلم أن تركيا تسلمت مُسبقاً طائرة F-35
وتم ذلك يوم الخميس 22 يونيو/ حزيران 2018، عندما سلمت المجموعة الدفاعية الأميركية لوكهيد مارتن صانعة هذا النوع من الطائرات، مسؤولين أتراكاً المقاتلة خلال احتفال أقيم في فورت وورث في ولاية تكساس.
وتعتبر هذه الطائرة جوهرة التكنولوجيا بسبب قدرتها على الإفلات من أكثر الرادارات تطوراً.
وكان تسلم تركيا الدفعة الأولى من مقاتلات F-35، رغم محاولة مجلس الشيوخ الأميركي عرقلة هذه الصفقة؛ بسبب رغبة تركيا المستمرة في الحصول على منظومة "إس-400" الروسية.
تعتقد واشنطن أن التعاون التقني العسكري الروسي-التركي يتناقض مع التزامات تركيا تجاه الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي. كما يعد تسلُّم تركيا مقاتلات F-35 قبل الانتخابات، المقرر إجراؤها في 24 يونيو/حزيران 2018، بمثابة انتصار جديد لصالح الرئيس رجب طيب أردوغان، الذي لم يستسلم للضغوط الأميركية، حسب صحيفة Kommercant الروسية.
وقال المتحدث باسم البنتاغون، مايك أندروز، إنه بعد مراسم تسلُّم تركيا المقاتلات، سيتم إرسال المقاتلات إلى قاعدة لوقا الجوية في ولاية أريزونا، حيث يوجد الطيارون الأتراك وأخصائيو الصيانة.
لماذا يعارض الكونغرس تسليم الطائرة لتركيا؟
وترتكز مُعارضة الكونغرس السماح لتركيا بشراء طائراتٍ من طراز إف-35 حول نقطتين: احتجاز تركيا القس الأميركي أندرو برونسون، وإبرامها اتفاقيةً لشراء نظام إس-400 الروسي للدفاع الجوي.
ولكن في الوقت الحالي، يبدو أنَّ وزارة الدفاع الأميركية ليس لديها خططٌ لمنع تركيا من الحصول على أول طائرة لها من طراز إف-35 أو وضع قيود على استخدامها في قاعدة لوك للقوات الجوية.
واعترف توماس غوفوس، نائب مساعد وزير الدفاع لشؤون أوروبا وحلف شمال الأطلسي، في أثناء إحدى فعاليات المجلس الأطلسي، في يوم الأربعاء 13 يونيو/حزيران 2018، بأنَّ حصول تركيا على منظومة إس-400 يمكن أن يُعرِّض الجيش الأميركي وحلف شمال الأطلسي لمزيدٍ من المخاطر الفنية.
ولكنَّه لم يكشف عن الإجراءات التي تُفكر وزارة الدفاع في اتخاذها أو التي قد تُفكر في اتخاذها لاحقاً، وربما تكون هذه علامةً على أنَّ البنتاغون ينتظر أن يرى كيفية سير هذا التشريع.
وقال غوفوس: "لدينا عمليةٌ لتقييم المخاطر على التكنولوجيا الغربية، التي من شأن عملية الشراء هذه أن تُشكلها. ونُفضِّل ألَّا يحصلوا على نظام إس-400".
وأضاف: "في ظل ذلك، ونظراً إلى أنَّها دولة ذات سيادة، وتحاول تلبية احتياجاتها الدفاعية، فما هي القيود المفروضة عليها؟ وعلام سيوافق الكونغرس في النهاية؟ لا يمكنني حتى التكهن بهذا الشأن في هذه المرحلة".
تركيا تستهدف الحصول على 100 مقاتلة
وبعد لقاءٍ جمع بين وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو ونظيره الأميركي مايك بومبيو، بالعاصمة الأميركية واشنطن، خلال شهر يونيو/حزيران 2018، أعرب أوغلو عن ثقته بأنَّ الولايات المتحدة لن تُسلِّم تركيا أول طائرة من طراز إف-35 فقط، كما هو مُخطط؛ بل ستُقرر في النهاية الاستمرار في بيع طائرات إف-35 لتركيا.
وقال أوغلو في 4 يونيو/حزيران 2018، وفقاً لتقريرٍ صادر عن وكالة الأناضول التركية للأنباء: "إنَّ تركيا ترفض لغة التهديد من الولايات المتحدة بشأن هذه القضية؛ لأنَّها ليست بنَّاءة".
جديرٌ بالذكر أنَّ تركيا تُخطط لشراء 100 طائرة من طراز إف-34 إيه. وبصفتها شريكاً في البرنامج، فإنَّ القطاع العسكري المحلي لديها يساعد في صناعة طائراتٍ من طراز إف-35. والأمر الأبرز هو أنَّ شركة Turkish Aerospace Industries تُصنِّع مركز جسم الطائرة. وقد اختيرت أيضاً مركزَ دعمٍ لمجموعة إف-35 الدولية.
اقرأ أيضا
"روح هتلر تعود من جديد".. أردوغان يهاجم تل أبيب، والنواب الأتراك يهتفون: "اللعنة على إسرائيل"