أعادوا ترتيب صفوفهم على الحدود الإيرانية و ينفذون عمليات خطف وقتل.. داعش يعود إلى العراق بتكتيك حرب العصابات

عربي بوست
تم النشر: 2018/07/24 الساعة 12:12 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/07/24 الساعة 15:36 بتوقيت غرينتش
A member loyal to the Islamic State in Iraq and the Levant (ISIL) waves an ISIL flag in Raqqa June 29, 2014. The offshoot of al Qaeda which has captured swathes of territory in Iraq and Syria has declared itself an Islamic "Caliphate" and called on factions worldwide to pledge their allegiance, a statement posted on jihadist websites said on Sunday. The group, previously known as the Islamic State in Iraq and the Levant (ISIL), also known as ISIS, has renamed itself "Islamic State" and proclaimed its leader Abu Bakr al-Baghadi as "Caliph" - the head of the state, the statement said. REUTERS/Stringer (SYRIA - Tags: POLITICS CIVIL UNREST TPX IMAGES OF THE DAY) FOR BEST QUALITY IMAGE ALSO SEE: GF2EAAO0VU501

بعد شهور من إعلان العراق النصر على تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) عاود مقاتلوه الظهور من خلال حملة تتمثل في عمليات خطف وقتل هنا وهناك.

ويقول مسؤولون في الجيش والمخابرات والحكومة حاورتهم رويترز إن التنظيم تحول إلى شن هجمات كر وفر هدفها إضعاف الحكومة المركزية في بغداد مع انتهاء حلم دولة الخلافة الإسلامية في الشرق الأوسط.

وسبق أن قال مسؤولو المخابرات إن التنظيم كان يعمل على تقديم نفسه في صورة جديدة قبل شهور من إعلان بغداد في ديسمبر/كانون الأول الماضي أنها ألحقت به الهزيمة وتوقعوا أن يلجأ لأساليب حرب العصابات عندما يفقد كل الأراضي الخاضعة لسيطرته.

زيادة في عمليات الخطف والقتل بالعراق

ويشهد العراق الآن زيادة في عمليات الخطف والقتل تتركز في محافظات كركوك وديالى وصلاح الدين منذ الانتخابات التي جرت في مايو/أيار، الأمر الذي يشير إلى أن الحكومة ستتعرض لضغوط جديدة من التنظيم الذي سيطر في وقت من الأوقات على ثلث مساحة البلاد على مدار ثلاث سنوات حكم فيها بالنار والحديد.

وشهد الشهر الماضي 83 حالة خطف وقتل في المحافظات الثلاث، وقع أغلبها على طريق سريع يربط بغداد بمحافظة كركوك. وفي مايو/أيار بلغ عدد تلك الحوادث 30 حادثة، بينما كان العدد في مارس/آذار سبع حوادث، وفقاً لما يقوله هشام الهاشمي، الخبير في شؤون الدولة الإسلامية ويعمل مستشاراً للحكومة العراقية.

وفي إحدى تلك الحوادث في 17 يونيو/حزيران خطف مسلحون من التنظيم متنكرون في زي الشرطة ثلاثة رجال من الشيعة عند حاجز أمني على الطريق السريع

قوات الجيش العراقي
قوات الجيش العراقي

وبعد عشرة أيام عثر على جثثهم مشوّهة ومفخخة بالمتفجرات بهدف قتل من يكتشفها.

وتحدث باسم خضير، قريب أحد الرجال الثلاثة في مدينة كربلاء الشيعية المقدسة وحوله أطفال تتدلى من أعناقهم صور آبائهم القتلى، فقال إن قوات الأمن لا تتعاون مع الأهالي.

وأوضح أنه توسل للجنود الذين عثروا على سيارة الرجال التي غطتها ثقوب الرصاص لمطاردة الخاطفين، لكنهم رفضوا طلبه.

وقال: "إحنا طبينا على عاتقنا الشخصي طبعاً، على مسؤوليتنا، لأنه إحنا ولادنا رايحين ثلاثة، وما ممكن نسكت ولا نتفرج. إحنا ست نفرات مدنيين، طبينا حدود العشر اتناشر كيلو لقينا هوياتهم، مستمسكاتهم، بالطريق وإحنا نمشي".

وفي اليوم التالي تلقى اتصالاً هاتفياً من شقيقه بأن الرجال على قيد الحياة لدى تنظيم الدولة الإسلامية. وقال أحد الخاطفين إنه سيتم إعدام الثلاثة ما لم تفرج الحكومة عن كل السجينات من السُّنة.

وظل الخاطفون يتصلون بخضير كل يوم. وقال خضير إنه أبلغ الحكومة لكن لم تعرض أي من وكالات المخابرات العراقية اقتفاء أثر المكالمات.

وبعد عشرة أيام أبلغ الخاطف خضير بأن الثلاثة قد أعدموا.

وتنصل القادة العسكريون في محافظتي ديالى وصلاح الدين من مسؤولية استعادة الجثث.

يتحركون في مجاميع صغيرة

وقال علي الدايني، رئيس مجلس محافظة ديالى: "الجماعات الإرهابية المتطرفة عبارة عن مجاميع صغيرة متحركة. ربما الجهد الاستخباري هو المفترض أن يكون الأولوية".

وقال أحمد الكريم، رئيس مجلس محافظة صلاح الدين: "الوضع مربك سببه الفوضى اللي موجودة في المحافظة. فوضى في القطاعات الأمنية، فوضى في القوات الأمنية، عدم متابعة، عدم قيادة واحدة لإدارة الملف الأمني بالمحافظة".

وأضاف: "هذه كلها أسباب تؤدي إلى إعادة تنظيم داعش أو تقويتهم على الساحة وتواجدهم في هذه المناطق".

ويقول مسؤولون بالجيش والشرطة والمخابرات والمجالس المحلية المنتخبة إن هذه الفوضى هي التي سمحت بعودة التنظيم.

وقالوا إن سوء التنسيق وضآلة الدعم من الحكومة المركزية وانتشار التنصل من المسؤولية كلها عوامل تعرقل مساعي احتواء التنظيم الذي يواصل شن هجمات محدودة، بالإضافة إلى عمليات الخطف والقتل.

ولم يرد متحدث عسكري على اتصالات هاتفية وطلبات مكتوبة للتعليق على الأمر. وقال التحالف الذي يقاتل التنظيم بقيادة أميركية في بيان إنه لا يوجد "ملاذ آمن في العراق".

أعادوا ترتيب صفوفهم في "مثلث الموت"

أعاد المسلحون تنظيم صفوفهم في منطقة جبل حمرين في الشمال الشرقي التي تمتد من ديالى على الحدود مع إيران مروراً بشمال محافظة صلاح الدين وجنوب كركوك وتشرف على الطريق السريع الرئيسي في العراق.

ويسمي المسؤولون تلك المنطقة "مثلث الموت".

 

وذكر مسؤولو الجيش والمخابرات تقديرات متفاوتة لأعداد مقاتلي التنظيم النشطين الباقين في العراق.

ويقدر الهاشمي أن العدد يتجاوز الألف، نحو 500 منهم في مناطق صحراوية والباقون في الجبال.

 

وقد جاء وقت كان تنظيم القاعدة يسيطر فيه على معظم المناطق السنية في العراق إلى أن هزمته القوات الأميركية والعراقية والعشائر التي تحالفت معها خلال حملة زادت فيها أعداد القوات بشدة في 2006-2007.

واختبأت فلول التنظيم في الصحراء بين سوريا والعراق ومنها خرج تنظيم الدولة الإسلامية إلى حيز الوجود. ويخشى بعض المسؤولين أن تظهر جماعة أخرى أكثر تطرفاً إذا حدثت ثغرات أمنية.

ووصف مسؤول بالمخابرات في تكريت عاصمة محافظة صلاح الدين المتطرفين بأنهم "حثالة تجوب الصحراء بحثاً عن لقمة عيش".

وبدأ المقاتلون يلجأون لأساليب تنظيم القاعدة بشن عمليات سريعة ثم التراجع إلى الصحراء.

وقال عيد خلف، نائب قائد الشرطة في صلاح الدين، إن المسلحين لا يمكنهم اختراق المدن رغم امتلاكهم مدافع رشاشة وأسلحة مضادة للدبابات وألغاماً؛ وذلك بسبب عدم تمتعهم بالدعم بين أفراد الطائفة السنية الذين كانوا يتعاطفون معهم من قبل.

وقال: "المواطن أصبح ما يتعاون مع داعش إطلاقاً. إذا يجي على المواطن في منطقة نائية ويقوله إعطيني خبز ما يعطيه، يجي يخبر الجيش ويخبر الشرطة ويخبر الحشد".

وأضاف: "العمليات مالتهم الذي يقومون بها بدائية جداً، ما يقدر يدخل سيارة مفخخة إلى المدن".

وقال الفريق مظهر العزاوي، قائد عمليات ديالى، إن كل خلية من خلايا التنظيم تضم ما بين ثلاثة وخمسة مقاتلين. وأضاف أن عددهم في المحافظة لا يتجاوز 75 مقاتلاً.

وأضاف: "هم يختبئون في الصحراء ما يصعب العثور عليهم. يزرعون عبوات ويضربون ثم يفرون، عندهم قناصة، يقيموا سيطرات (حواجز أمنية) وينفذوا عمليات اختطاف".

"ممكن تسقط مدن"

باءت بالفشل محاولات عديدة لاقتفاء أثر زعيم تنظيم الدولة الإسلامية أبوبكر البغدادي وقتله، ولا يزال مقاتلوه ينشطون في دول عربية أخرى.

ففي سوريا لا يزال التنظيم يسيطر على مساحة من الأرض، لكنه مُني بخسائر على الصعيد العسكري. وفي مصر يتركز نشاط التنظيم في الصحراء الشمالية بشبه جزيرة سيناء ذات الكثافة السكانية الخفيفة. ولا يسيطر التنظيم على أراض لكنه يشن هجمات كر وفر.

وقد حاول التنظيم إعادة بناء صفوفه في ليبيا من خلال وحدات متنقلة في الصحراء وخلايا نائمة في المدن الشمالية.

وفي العراق يستغل التنظيم الانقسامات العرقية والطائفية. وقد حاربت القوات العراقية والقوات الكردية التنظيم معاً. أما الآن فالعلاقات متوترة بسبب مسعى كردي للاستقلال عن العراق في العام الماضي أخمدته بغداد.

وتسبب انعدام التنسيق في خلق فراغ أمني في المناطق المتنازع عليها التي أخرجت القوات العراقية الأكراد منها، الأمر الذي أتاح فرصاً للدولة الإسلامية.

وقال مسؤول أمني كردي: "هل يتوقع منا أن ندخل ديالى ونساعدهم في تطهير المنطقة ثم ننسحب مرة أخرى؟ نحن لا نتعرض للهجوم في تلك المناطق. بل القوات العراقية هي التي تتعرض للهجوم. ونحن لا وجود لنا هناك فقد طردونا".

وساعد رجال العشائر السنية القوات الأميركية والعراقية في تحويل دفة الحرب على تنظيم القاعدة. والآن تقول العشائر المحلية إنها تحتاج مساعدة مع عودة الدولة الإسلامية.

وقال علي نواف، شيخ عشائر شمر رئيس مجلس قضاء الدور: "نحن أعلم بتلك المناطق من القوات الأمنية ولدينا أكثر من 280 بين مختطف وشهيد".

وأضاف أن مسلحين دخلوا في الشهر الماضي قرية يسكنها عشائر شمر واختطفوا 30 رجلاً. وفي اليوم التالي تم العثور على ثماني جثث.

ويقول نواف إن لديه 1400 رجل جاهزون للقتال لكنهم يحتاجون الدعم من الحكومة في بغداد.

ويضيف: "الحلّ جلب قوات نظامية، عسكر، بهذه المناطق. إما أنه نرفع علم داعش ونصير ويا داعش. يا حكومة إن لم تستعجلوا وتسدوا هذا المكان، هذا الثغرة، ممكن تسقط مدن".

 

علامات:
تحميل المزيد