المخفي من زيارة السيسي للسودان.. لماذا خلت كلمات البشير ونظيره المصري من أي إشارة لحلايب وسد النهضة؟

عربي بوست
تم النشر: 2018/07/23 الساعة 07:12 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/07/23 الساعة 07:12 بتوقيت غرينتش
Egypt's President Abdel Fattah al-Sisi walks to attend a meeting to exchange a number of agreements with Sudanese President Omar Hassan al-Bashir (unseen) at the El-Thadiya presidential palace in Cairo, Egypt, October 5, 2016. REUTERS/Amr Abdallah Dalsh

حَلَّ الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، بالخرطوم، يومي الخميس والجمعة الماضيين، في زيارة بدت مبكرة، إذ كان مقرراً أن يزور العاصمة السودانية في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل.

الزيارة اقتصرت، وفق المعلن، على ملفات اقتصادية وتجارية، وتباينت آراء خبراء بشأن حصيلتها للبلدين، في ظل ملفات خلافية طويلة الأمد، فضلاً عن تطورات إقليمية لافتة.

اتفق السيسي مع نظيره السوداني، عمر البشير، على تعزيز التعاون في المجالات الاقتصادية والتجارية، ودعم وتشجيع الاستثمارات المشتركة، وتذليل كافة العقبات التي تواجهها، وزيادة التبادل وتسهيل حركة التجارة بين البلدين.

وحملت تصريحاتهما تفاؤلاً بالتقارب بين مصر والسودان، إذ تحدثا عن الاتفاق على الربط الكهرباء بين الجارتين، وكذلك السكك الحديدية، مع التشديد على العلاقة التاريخية بين الجارتين.

وقال الأمين السياسي لحزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان، عبدالرحمن خضر، في تصريحات صحافية: "نتطلع لشراكة سياسية واقتصادية تتجاوز المعضلات الماثلة وتقودنا إلى تكامل بين دول القرن الإفريقي (شرقي إفريقيا)".

التغاضي عن الخلافات

كلمات البشير والسيسي خلت من أي إشارة إلي العقدة الكبرى في العلاقة بين البلدين، وهي مثلث حلايب الحدودي المتنازع عليه بينهما، وسد النهضة الإثيوبي (تحت الإنشاء)، الذي تخشى مصر أن يؤثر سلباً على تدفق حصتها السنوية من نهر النيل، مصدر المياه الرئيسي لمصر.

ودفع ذلك خبراء سياسيين إلى القول إن أهداف الزيارة ليست ما تم الإعلان عنه، استناداً إلى تصريحات الجانبين عن إيجابيات، منها اتفاق اقتصادي وتجاري، وتغاضيهما في الوقت نفسه عن الخلافات.

خلال استقبال الرئيس السوداني عمر البشير لنظيره المصري عبد الفتاح السيسي
خلال استقبال الرئيس السوداني عمر البشير لنظيره المصري عبد الفتاح السيسي

كما أن القضايا الخلافية لا يمكن أن تُحل في زيارة قصيرة، ولإنجاح أي عمل اقتصادي مشترك يجب أن يسبقه اتفاق سياسي بين البلدين يمهد لاستمرارية أي اتفاق تجاري واقتصادي، بحسب خبراء.

وتحت عنوان "المضنون به في زيارة السيسي..!"، كتب رئيس اتحاد الصحافيين السودانيين، مقرب من الحكومة، الصادق الرزيقي، أنه "من الضروري إمعان النظر والبحث عن الأجندة الحقيقية للزيارة التي كان واضحاً من شكلها وترتيبها  والإعداد لها: أن المخبوء تحت الألسن هو غير المنسال منها".

وأضاف الرزيقي، رئيس تحرير صحيفة "الانتباهة"، أن "الملفات العالقة بين البلدين، مثل قضية حلايب (نزاع حدودي) وموضوعات أمنية، تم تفصيلها، وحصرها على مستوى أعلى وأضيق للتجادل حولها (…) لحساسيتها في قنوات الرأي العام".

ملفات إقليمية

يرى متابعون أن زيارة السيسي المتعجلة للخرطوم كان أحد دوافعها هو التقارب الإريتري – الإثيوبي، إذ أنهت الجارتان قطعية بينهما دامت عقدين منذ حرب عام 1998.

وقال الصحافي والمحلل السياسي، عبد المنعم أبوإدريس، إن "التقارب بين إثيوبيا وإريتريا يتجاوز علاقتهما الثنائية إلى أمن البحر الأحمر بشكل عام، وخاصة بعد أحاديث إثيوبيا عن استخدامها ميناء عصب ومصوع الإريتريين".

وذكرت وسائل إعلام إثيوبية حكومية، في 3 يونيو/حزيران الماضي، أن إثيوبيا، التي لا تملك سواحل بحرية، تعتزم بناء قوة بحرية ضمن إصلاحات عسكرية، بعد أن فقدت إمكانية الوصول إلى البحر الأحمر، قبل نحو ثلاثين عاماً، عندما استقلت عنها إريتريا.

ويمتلك كل من السودان ومصر سواحل على البحر الأحمر.

المؤتمر الصحفي للرئيسين المصري والسوداني.
المؤتمر الصحفي للرئيسين المصري والسوداني.

وأضاف أبوإدريس أن "زيارة الرئيس المصري جاءت إجمالاً من جل قضايا أساسية: ملفات أمنية، وقضية المياه، وسد النهضة".

وتابع: "وهو ما اتضح في إشارات مقتضبة من جانب الرئيس السيسي، يوم الجمعة، فقد كنت حاضراً لقاء السيسي بالإعلاميين، وتحدث عن اتفاق السودان ومصر على التعاون المائي والأمني".

ورأى أن "القاهرة تهتم قبل الخرطوم بما يجري من تحولات متسارعة ومتلاحقة في الإقليم خاصة القرن الإفريقي، ولاسيما التقارب الإثيوبي الإريتري وتبدل قواعد اللعبة وتغير اللاعبين".

وشدد الزريقي على أنه "مع هذه المركبات لكيمياء السياسية الإقليمية، لابد أن تتعامل القاهرة بعناية وتركيز لارتباطها العضوي بأمنها القومي ومصالحها الحيوية".

في البيان الختامي لمباحثاتهما، أعلن السودان ومصر، الجمعة، "ضرورة التشاور والتنسيق المستمر حول منطقة البحر الأحمر".

وأدت النزاعات في القرن الإفريقي إلى تدخلات إقليمية ودولية فتحت الباب واسعاً لإنشاء قواعد عسكرية خارجية برية وبحرية.‎

ويشهد القرن الإفريقي، المؤلف من الصومال، إثيوبيا، جيبوتي وإريتريا، اضطرابات وصراعات داخلية، وأخرى بين دوله، تغذيها تدخلات أطراف إقليمية ودولية، حسب تقارير صحفية.‎

ظهور باهت لحلايب

ويواجه السودان اتهامات مصرية بدعم موقف إثيوبيا في ملف سد النهضة، وهو ما ترد عليه الخرطوم بأنها تبحث عن مصالحها دون رغبة في الإضرار بمصالح الآخرين.

وكما كان مستغرباً عدم تناول البشير والسيسي لقضية سد النهضة كان مستغرباً أيضاً عدم تطرقهما إلى مثلث حلايب الحدودي المتنازع عليه بين البلدين.

ورغم نزاع الجارتين على هذا المثلث، منذ استقلال السودان عام 1956، إلا أنه كان مفتوحاً أمام حركة التجارة والأفراد من البلدين دون قيود حتى عام 1995، حين دخله الجيش المصري، وأحكم سيطرته عليه.

إلا أن وزير خارجية السودان، الدرديري محمد أحمد، لم يترك الأمر يمر إلا وذكر به على طريقته، حيث قال الجمعة إن "اتفاقاً تم بين الخرطوم والقاهرة على ألا يكون النزاع الحدودي حول مثلث حلايب سبباً في توتر العلاقات بين البلدين".

وهو حديث يخالف ما درج عليه وزير الخارجية السوداني السابق، إبراهيم غندور، المقال في أبريل/نيسان الماضي.

وقال غندور، في أغسطس/آب الماضي، إن "تمصير مثلث حلايب لن يعني أنها أراضٍ مصرية"، وإذا لم تُحل هذه القضية "ستظل خميرة عكننة للعلاقات التاريخية بين البلدين".

 

علامات:
تحميل المزيد