“جزار” تبرع لها بعمرة شرط إيصالها حقيبة للمملكة…أمير سعودي يتدخل في قصة المصرية التي تورطت بتهريب المخدرات

مكبرات صوت، أصوات أغاني المهرجانات الشعبية، رقص الفتيات، وزغاريد النساء، وصيحات تهليل حمد وتهنئة".. هكذا تحولت قرية درين التابعة لمحافظة الدقهلية

عربي بوست
تم النشر: 2018/07/21 الساعة 08:12 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/07/22 الساعة 13:06 بتوقيت غرينتش

"مكبرات صوت، أصوات أغاني المهرجانات الشعبية، رقص الفتيات، وزغاريد النساء، وصيحات تهليل حمد وتهنئة".. هكذا تحولت قرية درين التابعة لمحافظة الدقهلية بمصر، منذ صباح الخميس 19 يوليو/تموز من أجل استقبال الحاجة سعدية، ضحية العمرة المزيفة، التي شغلت الرأي العام المصري والسعودي على مدار الأربعة أشهر الماضية.

الحاجة سعدية التي لم تسعها فرحتها أثناء مغادرتها الأراضي المصرية في 20 مارس/آذار الماضي، أثناء ذهابها لأداء العمرة، لم تكن تعلم أنها وقعت ضحية مهرب وأنها ستدفع ثمن لحظات الفرح القليلة التي عاشتها منذ قدوم شقيقة المتهم وخداعها بأن هذه العمرة هي "نذر".

لم تكن تعلم أن هذه العمرة المزيفة ستنتهي بشكل مأساوي بالبقاء 43 يوماً داخل السجون السعودية، وقضاء 4 أشهر حتى تنتهي إجراءات الإفراج عنها وعودتها لبيتها وسط أبنائها وأحفادها.

القصة بدأت مع السيدة سعدية عبد السلام حماد العاصي (75 عاماً) بقيام أحد الأشخاص – يعمل جزاراً (قصاباً) – في منطقتها بالتبرع لها لأداء عمرة، مقابل أن تحمل حقيبة صغيرة معها لتسليمها لشخص آخر سينتظرها في السعودية.

فعلت السيدة ذلك، ليتم القبض عليها يوم 20 مارس/آذار 2018 في السعودية، بتهمة تهريب عدد كبير من الأقراص المخدرة.

لكن ابنتها هدى محمد نشرت تسجيلاً صوتياً يبين أن الشخص الذي أهدى والدتها العمرة ويدعى عبد الله، حاول إقناعها بأن الحقيبة ليس بها ما يدعو للقلق وهي مجرد ملابس، كما أكدت أنه حضر إلى منزلهم بقرية درين في مدينة نبروه بمحافظة الدقهلية لتسليمها الحقيبة.

ولفتت إلى أن الشخص المحتال أخذ جوازات سفر نحو 10 أخريات من أهالي المدينة بدعوى إنهاء إجراءات لسفرهن لأداء العمرة هن أيضاً، وكانت إحدى السيدات تستعد للسفر بعد أيام قليلة من القبض على والدتها، بحسب موقع "مصراوي".

وبعد رصد 50 ألف جنيه مكافأة من أهالي المدينة لمن يدلي بمعلومة عن المتهم، وبحث أمن الدقهلية عنه، ألقي القبض عليه بمنطقة الأهرام بالجيزة حيث كان هارباً، وذلك بعد أيام قليلة من القبض على السيدة سعدية.

وقد اعترف الشاب بتورطه في تهريب مواد مخدرة عبر حيلة أداء السيدات للعمرة، بالإضافة إلى إتجاره بالعملات النقدية بطرق غير شرعية.

كما ألقي القبض على شريكه مصطفى، 39 سنة، وهو عاطل ومقيم بنفس المدينة، وكذلك شقيقته وزوجها، وأكد الأخيران أنهما كانا يساعدان المتهم في إنهاء إجراءات السفر للعمرة لبعض السيدات ولم يعلما بأمر الحقائب والحبوب المخدرة، بحسب ما نقلته صحيفة "اليوم السابع" المصرية.

لكن السيدة المسنة استمر حجزها حتى 30 أبريل/نيسان 2018، حتى أصدر قرار بالإفراج عنها بعد قيام القنصلية المصرية بتسليم أصول تحقيقات النيابة المصرية في القضية للجانب السعودي والتي تثبت براءة المواطنة.

وقد أكد حازم رمضان، القنصل العام المصري في جدة، لصحيفة "سبق" السعودية بأن القنصلية نجحت فى الإفراج عن السيدة صاحبة واقعة "العمرة المزيفة"، بالتنسيق مع النيابة العامة ووزارة الخارجية السعوديتين، مؤكداً متابعة القنصلية القضية منذ إلقاء القبض على السيدة.

سجدة الشكر

"بمجرد أن وصلت لآخر سلالم النزول من الطائرة وبدأت تعلو أصوات من حولي: حمدالله على السلامة يا حاجة، لم أشعر بنفسي إلا وأنا أسجد على أرض المطار شكراً لله الذي استجاب دعوتي، ومكنني من عودتي إلى بلدي بعد أن فقدت الأمر في أن أراه مرة أخرى"، هكذا تحكي لـ"عربي بوست" عن قصة وصولها لمصر.

الحاجة سعدية (75 عاماً)، أصبحت تعيش حالة رعب من أي حقيبة، وقررت أنها لن تثق في أي شخص مرة أخرى، بعد المعاناة التي قضتها الشهور الماضية، على الرغم من أنها أكدت لـ"عربي بوست" أنها لاقت أفضل معاملة، والجميع كان يعلم ببراءتها حتى أن السعوديين كان يقولون لها "أنت أمنا"، إلا أنها كانت فقدت الأمل في رؤية أحفادها الـ 12 وأولادها الأربعة مرة أخرى.

فوبيا الخوف من الحقائب جعل الحاجة سعدية تؤكد أنه إذا طلب منها أشرف شيحة عضو اللجنة العليا للحج والعمرة، والذي أبلغها برحلة حج هدية من وزارة السياحة ذات العام، فلن تقبل ولن تحمل حقيبة أحد حتى ولو كان والدها.

عرس الاستقبال

دموع الفرح زادت حينما خطت السيارة التي تقل الحاجة سعدية على أبواب قريتها، فتعالت أصوات "الزغاريد"، ولم تذق عيناها النوم لمدة 24 ساعة.

"كيف أنام وكل الناس قادمة لي لتهنئتي بالعودة"، هكذا قالت الحاجة سعدية، مؤكدة أن "ستر ربنا وحده هو من أعادها للحياة، وكتب إليها أن تعود حتى تموت في البيت الذي قضت فيه عمرها ووسط أحفادها".

الدي جي.. زفة كما لو كانت عروس

زوج ابنتها أشرف التقط منها طرف الحديث، بعد أن أنهكتها التهاني التي لم تتوقف، وأصوات الدي جي (عادة في أغلب القرى المصرية تشغيل الأغاني خاصة الشعبية تعبيراً عن الفرح) الذي أكد أنه بناء على طلب أهالي القرية، الذين أرادوا "زف العروس التي عادت للحياة مرة أخرى".

أشرف الذي استقبلها في المطار، أكد لـ"عربي بوست" أنه حتى هذه اللحظة هو غير مستوعب عودتها ووجودها إذ فقد الأمل، ولم يتوقع أن يلتفت أحد أو يهتم لأمر سيدة مصرية فقيرة لا تمتلك من الحياة إلا بيتاً صغيراً يأويها ومعاشاً من الحكومة قدره 450 جنيهاً (حوالي 25 دولاراً) شهرياً، ولكن ما حدث كان مفاجأة له سواء اهتمام الإعلام، السفارة، أو حتى السعودية.

الأمير السعودي

زوج ابنتها أكد أنهم بعد انتشار الخبر على فيسبوك تلقوا اتصالاً من أمير سعودي طلب عدم نشر اسمه، وطلب من ابنتيها تجهيز أوراقهما للسفر إلى والدتهما، وأنه سيتحمل تكاليف السفر والإقامة في نفس الفندق الذي أقامت فيه منذ صدور قرار النيابة السعودية في 30 أبريل/نيسان ببراءة الحاجة سعدية، وحتى انتهاء الإجراءات وعودتها يوم 19 يوليو/تموز.

وأضاف لـ"عربي بوست" أنه بمجرد انتهاء ابنتيها هدى وفاطمة من تجهيز الأوراق، سافرتا إلى والدتهما في 21 رمضان، وعادت هدى بعد 12 يوماً قضتها مع أمها، أما ابنتها الكبيرة فاطمة فمكثت إلى جوارها حتى عادتا معاً.


اقرأ أيضاً:

الطفلة كانت ضحية الغيرة في ألمانيا.. مصري هدد زوجته بابنته الصغيرة خلال مكالمة فيديو، وصلت الشرطة فوجدتها فارقت الحياة

"هل كانت فرنسا ستفوز بكأس العالم من دون ماضيها الاستعماري؟".. كوميدي أميركي شهير يرد بقسوة على رسالة اعتراض من السفير الفرنسي

ربح البيع: كيف يمكن أن يغير "الحشيش" وجه لبنان؟

تحميل المزيد