“جواسيس أطفال” في أخطر العمليات الاستخباراتية، والشرطة البريطانية تستخدمهم “كجنود مشاة” وسط العصابات

عربي بوست
تم النشر: 2018/07/20 الساعة 15:47 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/07/20 الساعة 20:02 بتوقيت غرينتش
A floral tribute is seen outside New Scotland Yard following a recent attack in Westminster, in London, Britain March 24, 2017. REUTERS/Peter Nicholls

تستخدم وكالات الشرطة والاستخبارات البريطانية الأطفال كجواسيس في العمليات السرية ضد الإرهابيين، والعصابات، وتجار المخدرات. فقد كشفت إحدى لجان مجلس اللوردات عن هذه الممارسات، وحذرت من خطط الحكومة لمنح هيئات إنفاذ القانون حرية أكبر في استخدام الأطفال.

وذكر تقرير نشرته صحيفة The Guardian البريطانية الخميس 19 يوليو/تموز 2018، أن اللجنة تقول إن عُمرَ بعض الجواسيس الصغار يُقدر بأقل من 16 عاماً، مُعرِبةً عن قلقها من اقتراحات مد الفترة الفاصلة بين مرات إعادة تسجيل الجواسيس الأطفال من شهر إلى أربعة أشهر.

أطفال في أنشطة سرية بجرائم خطيرة

وقالت اللجنة التي يترأسها اللورد تريفارني، الوزير السابق بحكومة المحافظين البريطانية: "إننا قلقون من تمكين فرد صغير السن من المشاركة في أنشطة سرية متعلقة بجرائم خطيرة لمدة مُطوَّلة، قد يزيد هذا من المخاطر التي تهدد سلامتهم النفسية والجسدية".

وأعربت لجنة ثانوية للتدقيق في التشريعات في مجلس اللوردات عن قلقها من الأوامر الموجودة في التقرير الذي نُشِرَ يوم الخميس الماضي 19 يوليو/تموز.

تشير المراسلات المنشورة في التقرير بين وزارة الداخلية واللجنة إلى أن الأطفال لم يُستَخدَموا في إمداد الشرطة بالمعلومات وحسب، ولكنهم يُزرَعون في الجماعات بغرض جمع المعلومات لصالح الوكالات.

وتوضح الصحيفة البريطانية أن القصد من وراء هذا التغير، كان رفع إلزامية الوكالة بتجديد تفويضها "خلال فترة قصيرة جداً" في ظروف قد تتضمن "عدم تمكن الطفل من إتمام المهام المسندة إليه في الفترة الأولية وهي شهر واحد".

وأضافت الوزارة: "هذا الضغط للحصول على النتائج قد لا يكون مفيداً بالنسبة للموارد البشرية السرية الاستخباراتية من الأحداث، وأيضاً بالنسبة لوكالات إنفاذ القانون.. في بعض الظروف قد يكون هذا المطلب عائقاً أما إنفاذ القانون دون اللجوء إلى استخدام الموارد البشرية السرية الاستخباراتية من الأحداث".

وطريقته "متفردة" في الوصول إلى المعلومات

وبالنسبة للضمانات، تقترح وزارة الداخلية أن تُراجَع التفويضات شهرياً عن طريق مسؤول كبير ليتأكد من سلامة وأمن الطفل، ويتأكد أن تجنيد الطفل ما زال "ضرورياً ومتناسباً".

وأشار بِن والاس، وزير الداخلية الذي راسل اللجنة حول التغييرات، إلى أن الموارد البشرية السرية الاستخباراتية من الأحداث قد تكون لهم "طريقة متفردة للوصول إلى المعلومات"، خاصة في قضايا العصابات.

مجلس اللوردات انتقد اسغلال الأطفال في مهمات خطيرة
مجلس اللوردات انتقد اسغلال الأطفال في مهمات خطيرة

وكتب: "فمثلاً، قد يصعب تجميع الأدلة التي تدين العصابات دون اختراق عضويتهم من خلال استخدام موارد البشرية السرية الاستخباراتية من الأحداث. وبالإضافة إلى توفير معلومات استخباراتية عن عصابة معينة، يمكن للموارد البشرية السرية الاستخباراتية من الأحداث أن يمنحوا المحققين نظرةً أوسع في كيفية تواصل صغار أفراد العصابة مع بعضهم البعض على سبيل المثال".

وقال نيل وودز الشرطي السابق الذي حقق متخفياً في قضايا عصابات المخدرات حول البلاد أنه كان يعي وجود أطفالٍ يُستَخدَمون كموارد بشرية سرية استخباراتية في الماضي، ولكن هذا كان نادراً. وقال إن التغيير يبدو للوهلة الأولى محاولةً للتعامل مع مؤامرات خطوط تداول المخدرات بين المقاطعات.  

وقال: "يبدو اختراقاً بالنسبة لي. توجيه واختراق". وأضاف: "إنه في الأساس طفل تم القبض عليه في المرة الأولى، وبدلاً من إنقاذهم، يعيدونهم مرة أخرى لعالم الجريمة".

لكن المخاطر تتزايد وخوفهم من رجال العصابات أكثر من الشرطة

وحذَّر من أن تفويض مثل هذه الأنشطة قد يزيد من المخاطر التي تواجه كل الأطفال المتورطين في تجارة المخدرات، الذين يتعامل معهم زعماء العصابات بالفعل كعناصر يمكن التخلَّص منها".

 وأضاف: "سيزيد هذا من معدلات العنف لأن رجال العصابات إذا أدركوا وجود المزيد من الجواسيس في صفوفهم ستكون حينها ردة الفعل الكلاسيكية هي زيادة معدلات الترهيب على الفور، للتأكد من أن خوف هؤلاء الأشخاص من رجال العصابة يفوق خوفهم من الشرطة".  

أثارت جيني جونز من حزب الخضر القضية في لجنة اللوردات العليا مساء يوم الأربعاء 18 يوليو/تموز، قائلةً أنها صُدِمَت لدى معرفتها أن السلطات يمكنها استخدام الأطفال كجواسيس من الأساس.  

وقالت جونز إنها وزملاءها كانوا يخططون مذكرة رسمية رافض، لا يمكنها إلزام الحكومة باتخاذ إجراء ما تجاه مخاوفهم، ولكنها ستثير القضية على نطاقٍ أوسع في مجلس اللوردات، "وستصعِّب تمرير الأمر على الحكومة". 

وقالت روزاليند كومين، مسؤولة الشؤون القانونية والسياسية في منظمة رايتس ووتش (المملكة المتحدة): "إن تجنيد الأطفال كجنود مشاةٍ في الدرك الأسفل من الأعمال الشُرَطِيَّة، وتعريضهم عن عمدٍ لدوائر الإرهاب، أو الجريمة، أو الاعتداءات الجنسية -بدون موافقة والديهم على الأغلب- يتعارض مباشرةً مع التزامات الحكومة تجاه حقوق الإنسان، الأمر الذي يتطلَّب وضع مصلحة الأطفال في قلب القرارات التي تؤثر عليهم".

وأضافت: "إنها أيضاً إهانة لتوجيهات الحكومة ذاتها في ما يتعلق بالحماية، والتي تتطلَّب من سلطاتنا العامة مساعدة الأطفال على الابتعاد عن عالم الجريمة، وليس أن ينغمسوا فيه بعمق أكثر".

ووزارة الداخلية تقول إن استخدام الأطفال نادر

قالت وزارة الداخلية: "إن الموارد البشرية السرية الاستخباراتية من الأحداث نادراً ما تُستَخدَم، وتُستَخدَم فقط عندما يكون الأمر ضرورياً ومناسباً وعندما لا يكون هناك أي طريقة أخرى للاختراق للحصول على المعلومات الضرورية لإدانة المشتبه بهم من المجرمين أو الإرهابيين". 

الداخلية البريطانية قالت إن استغلال الأطفال يكون نادرا
الداخلية البريطانية قالت إن استغلال الأطفال يكون نادرا

وأشارت إلى أن هذا يتضمن منع وملاحقة عنف العصابات، وتجارة وتهريب المخدرات من المدن الكبرى إلى البلدات الأصغر المعروفة باسم خطوط المقاطعات، "وكل هذه الأشياء لها تأثير مدمر على الشباب، والبالغين العرضة للخطر، والمجتمعات المحلية".  

وقالت إن استخدام الجواسيس الأطفال كان يجري تحت إشراف مفوض سلطات التحقيق القاضي فولفورد، وأضافت: "خلال كل عمليات زرع الجواسيس وفي المراحل التي تتبعها، سلامة الطفل هي الاعتبار الأول".

في المقابل طالب البعض بتوظيف نساء وأقليات

وتشجع اللجنة البرلمانية للاستخبارات والأمن في بريطانيا في تقرير لها على توظيف نساء وإدخال تنوع في صفوف الجواسيس في هذا البلد.

وانتقد دومينيك غريف رئيس اللجنة البرلمانية "العدد الضئيل الفاضح لمسؤولين سود وآسيويين أو متحدرين من أقليات إثنية" مشيراً إلى أنه في 2016-2017 "واحدة من المنظمات التي تشرف عليها اللجنة (…)  كانت تضم في صفوفها مسؤولاً يتحدر من أقليات إثنية".

وبحسب وكالة الأنباء الفرنسية فإن  التقرير البرلماني الذي نشر الأربعاء 18 يوليو/تموز، أشار إلى أن هناك فقط 8,6% من الموظفين الأربعة آلاف في جهاز إم آي 5 (للأمن الداخلي) و7,7% من ستة آلاف في جهاز إم آي 6 (الأمن الخارجي) من الأقليات عامي 2016-2017.

وأضاف أن "التنوع يشجع التحدي ويحض على الابتكار ويسمح باتخاذ قرارات أفضل" وإن كان هذا الأمر مهماً في أي مؤسسة "فإنه أساسي في أجهزة الاستخبارات".

وقال رئيس اللجنة إن الاستخبارات وظفت عدداً أكبر من النساء والمثليين خلال عامي 2016-2017. لكنه أضاف أن "المساواة منعدمة في المناصب العليا".

وتابع "في حين أن 31% من المسؤولين في إم آي 5 نساء، فإن هذا الرقم بلغ 25% في الوكالات الأخرى".

وأوضح "من الأهمية بمكان أن تستمر حملات الوكالات للتوظيف وتبذل كل ما في وسعها للتصدي للصور النمطية وجذب مرشحين من مجموعات قليلة التمثيل".

 

علامات:
تحميل المزيد