لقاء مفاجئ بين السيسي والبشير.. هل عجَّل تهميش أبوظبي للقاهرة والخرطوم في ملف إريتريا وإثيوبيا باجتماع الرئيسين؟

عربي بوست
تم النشر: 2018/07/19 الساعة 15:50 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/07/19 الساعة 15:51 بتوقيت غرينتش
Egyptian President Abdel Fattah al-Sisi shakes hands with Sudan's President Omar al-Bashir at Cairo's Airport, Egypt, March 19, 2018 in this handout picture courtesy of the Egyptian Presidency. The Egyptian Presidency/Handout via REUTERS ATTENTION EDITORS - THIS IMAGE WAS PROVIDED BY A THIRD PARTY

في زيارة لم يعلَن عنها سلفاً، وصل الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى العاصمة السودانية الخرطوم مساء الخميس 19 يوليو/تموز 2018؛ للقاء نظيره السوداني عمر البشير، ولمناقشة العديد من القضايا المتعلقة بدعم العلاقات الثنائية بين البلدين، والتعاون المشترك بينهما في المجالات كافة، إلى جانب بحث العديد من القضايا الإفريقية والعربية والإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وفقاً لبيان رسمي أصدره الجانب المصري.

ومن المقرر أن تتناول مباحثات السيسي والبشير تفعيل كل مسارات التعاون الثنائي، والمضي قدماً نحو مزيد من توطيد وترسيخ التعاون بين البلدين، فضلاً عن التشاور حول التحديات التي تواجه البلدين في محيطهما الإقليمي وكيفية مجابهتها، وكذا التنسيق بشأن القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

وتأتي الزيارة خلافاً لما أعلنه سلفاً وزير الخارجية السوداني الدرديري محمد أحمد، الذي سبق أن قال في نهاية مايو/أيار 2018، عقب اجتماعه بنظيره المصري سامح شكري، على هامش زيارته القاهرة، إن الخرطوم ترتب لاستقبال السيسي في أكتوبر/تشرين الأول 2018، وهو ما يكشف عن تطورات سريعة على الأرض دفعت الرئيس المصري لتعجيل زيارة السودان.

منها مثلاً توقيع اتفاقية تقاسم السلطة في جنوب السودان برعاية البشير

وفي منتصف يوليو/تموز 2018، توصلت حكومة جنوب السودان والمتمردون إلى اتفاق لتقاسم السلطة، سيتم التوقيع عليه بصيغته النهائية قبل نهاية الشهر الجاري (يوليو/تموز 2018).

وقالت وزارة الخارجية السودانية، في بيان صدر في الخرطوم حيث تجري جولة جديدة من محادثات السلام منذ يونيو/حزيران 2018: "تعلن الوساطة السودانية في النزاع الداخلي بجمهورية جنوب السودان عن توصل أطراف النزاع في ذلك البلد الشقيق، لاتفاق في ملف الحكم وتقاسم السلطة"، مؤكدةً أنها "لم تتلقَّ من أي طرفٍ ما يفيد برفض" الاتفاق.

وقال البيان ساعتها، إنه سيتم التوقيع على الاتفاق الخميس 19 يوليو/تموز 2018، إلا أن ثمة تطورات حدثت في هذا الملف.

ودخل جنوب السودان في حرب أهلية أواخر 2013، عندما اتهم الرئيس سلفاكير نائبه السابق رياك مشار، بالتخطيط للانقلاب عليه. وحصل جنوب السودان على استقلاله من السودان في 2011 بدعم من الولايات المتحدة، التي لا تزال أكبر مانحي المساعدات لجوبا.

نجاح الخرطوم في تحقيق التصالح بين فرقاء الحكم والمعارضة في جنوب السودان، دفع السيسي إلى زيارة الخرطوم؛ للاطلاع على تفاصيل الاتفاق، خاصة أن للقاهرة حضوراً قوياً في جنوب السودان منذ فترة طويلة، وهو التحليل الذي ذهب إليه الباحث السياسي السوداني وائل علي.

ولكن تم تأجيل التوقيع عليها في اليوم نفسه الذي يزور فيه السيسي السودان

وأرجأت الوساطة السودانية التوقيع على اتفاق تقاسم السلطة ونظام الحكم الذي توصل إليه فرقاء جنوب السودان إلى الجمعة 20 يوليو/تموز 2018.

وأكدت الأطراف المتنازعة في جنوب السودان جاهزيتها للتوقيع بالأحرف الأولى على مسودة الاتفاق، في حين يتم التوقيع النهائي على الاتفاق يوم 26 يوليو/تموز 2018، وفقاً لما أعلنته الوساطة.

سيلفا كير أول رئيس لجنوب السودان
سيلفا كير أول رئيس لجنوب السودان

وتوصلت الأطراف كافة، الثلاثاء 17 يوليو/تموز 2018، إلى اتفاق حول ملف تقاسم السلطة ونظام الحكم، بعد 3 أسابيع من المفاوضات، بمقر أكاديمية الأمن السودانية في ضاحية سوبا جنوب الخرطوم.

كل هذه الشواهد ترسخ لعلاقة السيسي بتأجيل توقيع الاتفاق، وهو ما ذهب إليه أيضاً الباحث السياسي السوداني وائل علي، الذي قال: "وفقاً لما وصل إليَّ من معلومات، فإن السيسي طلب الاطلاع شخصياً على تفاصيل الاتفاق بين فرقاء جنوب السودان بخصوص تقاسم السلطة، وهو الاتفاق الذي ترعاه الخرطوم".

وأضاف عليّ، في تصريح هاتفي لـ"عربي بوست"، أن هناك مخاوف من جانب القاهرة من ألا يكون لها دور فاعل في ملف التصالح بخصوص حكومة جنوب السودان والمتمردين هناك؛ وهو ما دفع السيسي إلى تعجيله بزيارة السودان.

ثمة ملفات أخرى حدث تطور فيها الأيام الماضية دفعت السيسي للقاء البشير

ويكمل الباحث السوداني تحليله للزيارة، بالقول إن نجاح التصالح بين إريتريا وإثيوبيا برعاية الإمارات العربية المتحدة أثار حفيظة القاهرة، خاصة أن أبوظبي لم تتواصل مطلقاً مع النظام المصري أو النظام السوداني في تنسيق الجهود بخصوص التصالح الإفريقي-الإفريقي.

وذهب الباحث السوداني إلى أن الإمارات تسعى لخلق نفوذ خليجي لها بالمنطقة، في محاولة منها لرد الصاع صاعين لقطر، صاحبة الدور  الفعال  في جيبوتي والصومال، وهما الدولتان اللتان اشتبكتا دبلوماسياً خلال الفترة الماضية مع الإمارات، ودفعتا أبوظبي للخروج منهما؛ بسبب ما قالوا إنها تدخلات إماراتية لتقويض استقلال البلدين.

يُذكر أنه بعد قطيعة دامت 20 عاماً بين البلدين جراء الصراعات، توجه رئيس وزراء إثيوبيا، أبي أحمد علي، أوائل يوليو/تموز 2018، إلى أسمرا (عاصمة إريتريا)، في أول زيارة رسمية لمسؤول إثيوبي، وكان في استقباله الرئيس الإريتري أسياس أفورقي، قبل أن يتوجها معاً لإجراء محادثات سلام في القصر الرئاسي، تتناول العلاقات الثنائية وسبل حل الخلافات؛ لكونها زيارة تاريخية وخطوة مهمة لإعادة العلاقات بين الدولتين.

الرئيس الإريتري ورئيس وزراء إثيوبيا
الرئيس الإريتري ورئيس وزراء إثيوبيا

التنسيق الإماراتي بخصوص ملف التصالح بين إريتريا وإثيوبيا، تتلخص أبعاده في استفادة إثيوبيا من الموانئ الإريترية من ناحية، خاصة أنها لا تمتلك أية موانئ على البحر الأحمر، ومن ناحية أخرى محاولة الإمارات أن يكون لها وجود تجاري واقتصادي وعسكري في المنطقة.

وسبق أن قالت وكالة الأنباء الإماراتية، إن شركة موانئ دبي العالمية تدرس إنشاء مجمع لوجيستي في إثيوبيا التي ليس لها منافذ على البحر؛ وذلك لنقل السلع من ميناء تُطوّره في منطقة أرض الصومال. وتتولى جيبوتي نحو 95% من التجارة المتجهة لإثيوبيا.

ونقلت الوكالة الرسمية عن سلطان أحمد بن سليم، رئيس مجلس إدارة "موانئ دبي العالمية"، قوله إن المجمع المزمع إنشاؤه في إثيوبيا يستهدف استقبال السلع ونقلها من وإلى الدول الإفريقية الأخرى التي ليس لها مَنفذ بحري.

علامات:
تحميل المزيد