الصفقة التاريخية التي يعدها الأكراد مع النظام.. نفط سوريا بيدهم والاعتراف بلغتهم والخدمة الإلزامية مشروطة

عربي بوست
تم النشر: 2018/07/19 الساعة 14:08 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/07/19 الساعة 14:34 بتوقيت غرينتش

القلق والخوف هما ما يشعر بهما أبو أحمد الذي يسكن في مدينة الرقة، نتيجة ما يتم تداوله من أخبار حول قرب عودة النظام السوري إلى إدارة المدينة، التي غاب عنها منذ عام 2013. وقتها تمكنت المعارضة السورية، برفقة فصائل إسلامية متشددة، من السيطرة على المدينة إلى حين وصول تنظيم الدولة الإسلامية، الذي جعلها عاصمة للخلافة.

هذه الأنباء تنفيها باستمرار القوات الكردية التي تسيطر على مناطق شرق الفرات بدعم أميركي، لكنها تأتي أيضاً بالتزامن مع إشارة لوجود تفاهم مبدئي، كإزالة الإدارة الذاتية التي شكلها الأكراد، لصور زعيم حزب العمال الكردستاني التركي عبد الله أوجلان، والأعلام والشعارات، من الساحات الرئيسية والطرق في المدينة وفي مدن وبلدات أخرى.

مصير مجهول ينتظر المدنيين

أبو أحمد (46 عاماً) أوضح أن العادة جرت في المدينة منذ وصول القوات الكردية إليها، على أنه يتم تداول الشائعات في البداية، تمهيداً لحدث قادم. وأضاف لـ "عربي بوست" أن الجميع قلق على مصيره؛ إذ إن دخول النظام يعني أنه سيتم "اعتقال عدد كبير من المدنيين الذين شاركوا في الاحتجاجات ضد الرئيس السوري بشار الأسد".

وتحدث عن دلائل تشير إلى عودة النظام السوري إلى المدينة، ومنها إزالة الصور والأعلام والشعارات، وتأجيل إقامة الانتخابات للمجالس المحلية.

فيما أشار "نادر"، من الرقة، إلى أنه سمع شائعات تتحدث عن تجهيز مقرات أمنية للنظام، في منطقة يطلق عليها "المربع الأمني". وقال لـ "عربي بوست" عبر الإنترنت: إن الأهالي الذين دعموا المعارضة السورية لا يمكنهم تخيّل عودة الأمن والمخابرات إلى المدينة "بعد 5 سنوات على الانتهاء من هذا الكابوس"، بحسب قوله.

تعاون يتعدى التنسيق ليصل إلى حدود تسليم مناطق

ناشطون من مدينة الحسكة (شمال شرق سوريا) ذكروا أن القوات الكردية سلّمت عناصر النظام حي "النشوة"، وبدأ الأخير بنصب حواجز على أطراف الحي عبر أفراد تابعين لـ "فرع الأمن العسكري"، وأوضحوا في حديثهم لـ "عربي بوست" أن هناك تعاوناً بين الطرفين وتنسيقاً دائماً، إلا أن هذا يحدث لأول مرة بهذه الصورة.

وتسيطر "قوات سوريا الديمقراطية" التي تمثل "وحدات حماية الشعب" الكردية عمادها الرئيسي، على كامل محافظة الحسكة، باستثناء مقرات ومؤسسات لقوات النظام وبعض الأحياء التابعة لها داخل مدينتي الحسكة والقامشلي، إضافة لقاعدتين عسكريتين بريفَيهما، بالإضافة لسيطرتها على كامل منطقة شرق نهر الفرات التي تضم مدناً وبلدات رئيسية مثل عين العرب (كوباني) وعين عيسى وتل أبيض والرقة والبصيرة والشحيل والشدادي ومركدة والصور ومناطق أخرى في أرياف الحسكة ودير الزور والرقة.

البداية قد تكون بعودة النظام إلى سد الفرات

الرئيس المشترك لـ "مجلس سوريا الديمقراطية" إلهام أحمد، اعترفت أخيراً بوجود مفاوضات مع النظام السوري عبر المجلس المحلي لمدينة الطبقة التابع لها.

وقالت في تصريحات إعلامية يوم الجمعة 14 يوليو/تموز الجاري، إن هناك "محادثات تجري على المستوى المحلي، بين مسؤولين عن المؤسسات الخدمية من طرف النظام/ ومسؤولين في المجالس المحلية لمدينة الطبقة ومؤسساتها الخدمية".

ولفتت إلى أنه يجري "التفاهم فيها على أن يعود موظفو سد الفرات القدماء والخبراء للعمل مع إدارة السد التابعة للإدارة المدنية للمدينة، وإعادة تأهيل السد وإصلاح أعطابه".

ويبعد سد الفرات عن الرقة مسافة 50 كلم، ويقع على نهر الفرات، ويبلغ طوله 4.5 كيلومتر، وارتفاعه أكثر من 60 متراً.

وتحدث الرئيس المشترك الآخر لـ "مجلس سوريا الديمقراطية" رياض درار، مع "عربي بوست" قائلاً: إنه "لا توجد لدينا الرغبة في المواجهة العسكرية"، وأكد أنهم مُصرّون على فتح باب التفاوض الحقيقي مع النظام لبناء تصور يضمن الديمقراطية وحقوق المكونات ونظرة جديدة للدستور.

وتابع: "لا أعتقد أن النظام يملك الإرادة السياسية للقيام بذلك في الوقت الحالي".

وأوضح، في اتصال هاتفي، أنه لا يوجد اتفاق على أي شيء، ولفت إلى أن "قوات سوريا الديمقراطية" حملت السلاح لمحاربة التطرف والإرهاب، وليس لمقاتلة الجيش السوري، وأضاف: "في المستقبل ستكون جزءاً من هذا الجيش".

النظام عينه على استعادة جميع آبار النفط شرق سوريا

صحيفة "الوطن" التابعة للنظام السوري التي تصدر من دمشق، تحدثت عن اجتماعات عدة قالت إنها جرت في دمشق والقامشلي بين وفود من "مجلس سورية الديمقراطية" الذي تديره القوات الكردية، والحكومة السورية، عبر وسطاء. ونقلت الصحيفة عن مصادر لم تسمّها بأن هناك توقعات لتسليم القوات الكردية مدينة الرقة (المعقل السابق لتنظيم الدولة الإسلامية) إلى الحكومة.

ووفقاً للصحيفة، فإن أبرز الشروط التي تم الاتفاق عليها بين الطرفين هو "إزالة صور الميليشيات الكردية ورموزها وأعلامها في مناطق سيطرتها، وانضمام مسلحي الميليشيات الكردية إلى صفوف جيش النظام، وتسليم معبرَي اليعربية وسيمالكا النهري مع شمال العراق، ومنفذَي الدرباسية ورأس العين الحدوديين مع تركيا، إضافة إلى تسليم حقول النفط والغاز لوزارة النفط السورية والإدارة العامة لرميلان والجبسة".

في المقابل، طالب الوفد الكردي بـ "جعل اللغة الكردية مادة أساسية في المنهج الدراسي الحكومي، ومنح مقعد وزارة النفط السورية لشخصية كردية بشكل دائم، واحتساب مدة خدمة أبنائهم في صفوف الميليشيات الكردية من مدة الخدمة الإلزامية لدى الجيش".

بانتظار التفاهم الأميركي – الروسي

تعوّل الحكومة السورية على اللقاء الذي جرى في القمة الأخيرة بين الرئيسين الأميركي والروسي في هلسنكي، لإيجاد تفاهم يسمح لها بالعودة إلى مناطق شرق الفرات، الغنية بالموارد النفطية والمائية.

كل هذا يضع المزيد من الضغط على الأكراد الذين يتلقون الدعم المباشر من واشنطن، ويشعرون بعدم الارتياح نتيجة رغبة الرئيس الأميركي دونالد ترمب المعلنة بالانسحاب من سوريا، وما رافقه من تنصّل واشنطن من مسؤولياتها في حماية فصائل المعارضة في الجنوب.

ويرى مراقبون أن اهتمام السياسة الأميركية بالفترة الحالية منصبّ على أمن إسرائيل، وهو ما عبّر عنه ترمب صراحة خلال المؤتمر، وذلك بعد اقتراب القضاء على تنظيم الدول الإسلامية.

يقابل ذلك اهتمام من قبَل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لبسط سيطرة الحكومة السورية على كامل الأراضي السورية؛ مما يخوّل موسكو إيجاد حل سياسي كامل في البلاد وفق رؤيتها الخاصة.

علامات:
تحميل المزيد