حسناً، السوريون في حاجة إلى العودة لبلادهم مرة أخرى.. لكن هل تضمن الدول التي تضغط في هذا الاتجاه عودة الحال إلى ما قبل الدمار؟

عربي بوست
تم النشر: 2018/07/18 الساعة 19:47 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/07/18 الساعة 19:47 بتوقيت غرينتش
نازحون من درعا بسوريا يجلسون في شاحنة تحمل أمتعتهم في القنيطرة يوم 3- يونيو حزيران 2018. تصوير: علاء فقير - رويترز

قالت وزارة الدفاع الروسية الأربعاء 18 يوليو/تموز 2018، إن السلطات الروسية والسورية أقامت مركزاً في سوريا لمساعدة اللاجئين على العودة من الخارج.

وقالت وزارة الدفاع في بيان، إن المركز "سيشرف على عودة كل الأشخاص الذين نزحوا مؤقتاً وكذلك اللاجئين السوريين من الدول الأجنبية إلى أماكن إقامتهم الدائمة".

وأسفرت الحرب السورية عن مقتل ما يقدَّر بنحو نصف مليون شخص، وفرار قرابة 5.6 مليون إلى خارج البلاد، ونزوح نحو 6.6 مليون داخلها.

وفي الوقت الذي يستعيد فيه الجيش السوري، بدعم من إيران وروسيا، أراضي من المعارضة، تحولت دفة الصراع بشكل حاسم لصالح الرئيس بشار الأسد، في حين هدأ العنف ببعض المناطق. ودفعت هذه التطورات دولاً مثل لبنان، حيث يمثل اللاجئون ربع عدد السكان، للحديث بشكل متزايد عن عودة اللاجئين إلى سوريا.

سوريون في لبنان يعودون إلى بلادهم

وفي الأسابيع القليلة الماضية، بدأ نحو 400 لاجئ مغادرة بلدة عرسال الحدودية، عائدين إلى سوريا الخميس 12 يوليو/تموز 2018، وهي حالة نادرة من حالات العودة التي تشجع عليها الحكومة اللبنانية. وتجمَّع الناس في شاحنات صغيرة وجرارات بالصباح، حاملين أمتعتهم وأغراضهم، ودوَّن رجال أمن لبنانيون أسماء السوريين المغادرين لدى عبورهم نقطة تفتيش في طريق الخروج من عرسال.

وهؤلاء اللاجئون العائدون متوجهون إلى القلمون عبر الحدود، وهي منطقة طهَّرها الجيش السوري من المعارضين المسلحين، في هجمات لعب حزب الله اللبناني، المدعوم من إيران، دوراً بارزاً فيها.

وقال المغادرون إنهم أعطوا أسماءهم للسلطات اللبنانية، التي سلَّمتها بدورها إلى سوريا للحصول على موافقة من الدولة.

ولا يشكل هؤلاء سوى قسم ضئيل من مليون لاجئ في لبنان مسجلين لدى الأمم المتحدة، ويمثلون نحو ربع سكانه و50 ألفاً يعيشون في عرسال، حسب تقديرات المسؤولين فيها.

الأمم المتحدة لا تثق بالوضع داخل سوريا ولكنها تشجع من يرغب في العودة

وتقول مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين إن الوضع ليس آمناً بعد لعودة اللاجئين، لكنها تساعد من يختارون العودة في تحضير وثائقهم.

وقالت وزارة الدفاع الروسية في بيان منفصل، إنه جرى إعداد نحو 336500 مكان في أنحاء البلاد لاستقبال اللاجئين العائدين.

وتشمل هذه المناطق 39 ألف مكان في مدينة دوما قرب العاصمة دمشق. وعادت دوما لسيطرة الحكومة في أبريل/نيسان 2018، بعد سنوات من الحصار وحملة قصف مدمرة.

وذكرت الوزارة أن لجاناً محلية تشكلت في جميع أنحاء البلاد لتقييم البنية التحتية واحتياجات العائدين، كما جرى تخصيص حافلات تتبع شركات نقل خاصة محلية لنقل اللاجئين.

وأضافت أن 335 مدنياً عادوا من الخارج الأربعاء 18 يوليو/تموز 2018. ومن بين هؤلاء، عبر 293 من لبنان و42 من الأردن.

الأمم المتحدة ليست وحدها المهتمة بعودة السوريين إلى بلادهم، هناك أيضاً جهات أخرى

وفي بداية الشهر الجاري (يوليو/تموز 2018)، قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، إن عودة عشرات الآلاف من النازحين السوريين إلى جنوب سوريا أولوية قصوى للمملكة، وإنه ناقش "ضمانات عملية" مع الأطراف المعنية لتحقيق ذلك.

وقال الصفدي في تغريدة على "تويتر": "تأمين الأشقاء السوريين جنوب سوريا وعودتهم إلى منازلهم وتلبية احتياجاتهم وضمان أمنهم بوطنهم، في مقدمة محادثاتنا مع جميع الأطراف".

وقالت المعارَضة السورية في جنوب البلاد الأربعاء، إنها وافقت على وقف إطلاق النار وإلقاء السلاح بموجب اتفاق تم بوساطة روسية، يتضمن أيضاً إعادة سيادة الدولة على محافظة درعا، في انتصار كبير آخر للرئيس بشار الأسد وتحالفه مع روسيا.

وذكرت وسائل إعلام رسمية أن الحكومة استعادت السيطرة على معبر "نصيب" الحدودي مع الأردن والذي ظل تحت سيطرة المعارضة 3 سنوات، وذلك بعد هجوم شرس، دعمته ضربات جوية روسية، على أراضٍ خاضعة لسيطرة المعارضة المسلحة على الشريط الحدودي.

لكن الهجوم سبَّب مشكلة جديدة للأردن تتمثل في عشرات الآلاف من النازحين المدنيين الذين فروا من القصف الجوي المكثف واتجهوا صوب الحدود.

ويخشى كثير من السوريين العاديين، الذين عاشوا في المناطق التي خضعت لسيطرة المعارضة سنوات، من الانتقام ويقولون إنهم لا يثقون بالسلطات إذا عادوا مجدداً للعيش تحت سلطة الدولة.

ودعت الأمم المتحدة الأردن إلى فتح حدوده. ويرفض الأردن ذلك حتى الآن، محتجاً بضغوط أمنية واقتصادية على المملكة، التي تستضيف بالفعل نحو 650 ألف لاجئ سوري.

وتقول مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين إن قرابة 60 ألف سوري تجمعوا قرب الحدود. ويبلغ العدد الإجمالي للنازحين بسبب الهجوم إلى الآن، أكثر من 320 ألفاً.

وحزب الله أيضاً يسعى إلى ذلك

وقال الأمين العام لجماعة حزب الله اللبنانية حسن نصر الله، إن الحزب سينسق مع الدولة السورية والأمن العام اللبناني للمساعدة في إعادة اللاجئين السوريين الذين يريدون العودة إلى بلادهم.

وقال نصر الله، الذي يقاتل حزبه المدعوم من إيران إلى جانب النظام السوري، إن حزب الله سيشكِّل "لجاناً شعبية في مختلف المناطق؛ للتواصل مع النازحين لمن يرغب، نحن لا نريد أن نلزم أحداً، نحن نريد أن نقدم هذه المساعدة الإنسانية الوطنية التي تخدم الشعبين اللبناني والسوري".

وتحاول تركيا إنشاء منطقة آمنة في سوريا لضمان عودة السوريين إلى بلادهم

في حين قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان: "سنحل مشكلة عفرين وإدلب، فنحن نريد عودة إخوتنا اللاجئين إلى ديارهم، وهم أيضاً يرغبون في العودة إلى أراضيهم بأسرع وقت ممكن، ولا يمكننا الاحتفاظ بـ3.5 مليون لاجئ إلى ما لا نهاية، يمكن لقسم منهم أن يبقى هنا".

وسبق أن قال في خطاب جماهيري له بالعاصمة أنقرة: "كما أعدنا 140 ألف سوري من سكان الباب وجرابلس إلى بيوتهم، سنعيد سكان عفرين إلى مدينتهم عقب تطهيرها بالكامل من الإرهابيين". لكن عملياً وعلى الأرض، لا تظهر أي مؤشرات لنية تركيا إجبار أي لاجئ على العودة إلى سوريا.

وتسعى تركيا لتكرار هذا السيناريو في مدينة عفرين، حيث تعمل على إكمال السيطرة على المدينة التي سيطر الجيشان التركي و"السوري الحر" عملياً على قرابة نصفها، ومن ثم تطوير مرافقها وخدماتها؛ من أجل فتح الباب أمام عودة سكان عفرين اللاجئين في تركيا.

وقالت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، إن الصراع المستمر منذ 7 سنوات أدى إلى تشريد 11 مليون سوري من ديارهم، ومن ضمنهم أكثر من مليون لاجئ إلى لبنان، يعادلون نحو ربع سكان البلاد. وتقول الحكومة اللبنانية إنها تستضيف 1.5 مليون لاجئ سوري في أنحاء البلاد.

تحميل المزيد