نعرف أن إسرائيل تقصف الأسلحة والميليشيات الإيرانية في سوريا، فلماذا ينسحب ترمب من آخر قاعدة على الجسر البري للتهريب؟

عربي بوست
تم النشر: 2018/07/17 الساعة 15:14 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/07/18 الساعة 12:47 بتوقيت غرينتش

قال محللون أمنيون إن إسرائيل تكثّف من قصفها الجوي على سوريا في محاولة لتعطيل ممر البري إيراني لنقل الأسلحة من خلال العراق إلى سوريا ولبنان. ونقلت صحيفة Wall Street Journal الأميركية يوم الأحد 15 يوليو/تموز عن مسؤول أمني أميركي أن هدف الهجوم المنفَّذ على بُعد مئات الكيلومترات من حدود إسرائيل كان رسالةً مفادها أنَّها لن تتهاون مع أية محاولاتٍ إيرانية لتأسيس جسرٍ بري بين إيران ولبنان، مروراً بالعراق وسوريا.

وخلال الأشهر الماضية، بدا أن طهران أنشأت جسراً برياً، ينطلق من الحدود الإيرانية ويمر وسط العراق إلى داخل سوريا. وبالنسبة لإيران، يمثل هذا الطريق البري ميزة إستراتيجية هامة، حيث أن إيران كانت تضطر سابقاً إلى نقل أسلحتها أولاً إلى ميليشيات حزب الله في لبنان والميليشيات الأخرى التابعة لها، ومن ثمّ تصل هذه الأسلحة إلى قواعدها العسكرية في سوريا بالطائرات.

الضربات الإسرائيلية استهدفت مليشيات حزب الله الإيراني

وقالت تقارير سابقة إن إسرائيل كانت وراء ضربةٍ جوية غير مسبوقة شنَّتها في شهر يونيو/حزيران الماضي على بلدةٍ تقع على الحدود السورية العراقية. واستشهد تقرير صحيفة Wall Street Journal الأميركية بمصدرٍ أمني أميركي قال إنَّ "الهجمة استهدفت فيلا بمدينة الحارَّة، جنوب شرق مدينة البوكمال، أوَت أفراداً من ميليشياتٍ شيعية عراقية، وكذلك أفرادا من قوات الحرس الثوري الإيراني". ووفقاً للتقرير، كان هدف إسرائيل هو مَنع عملية نقل أسلحة إلى سوريا.

وبحسب تقرير الصحيفة، قتل القصف الجوي أكثر من 20 مقاتلاً من "كتائب حزب الله"، وهي ميليشيا شيعية عراقية مسلحة، لا علاقة لها بحزب الله اللبناني، ويُعتقَد أنَّها تنقل أسلحةً من إيران إلى سوريا مروراً بالعراق.

ونقلت الصحيفة أنَّ الشيخ أبوطالب السعيدي، وهو عضو بالمكتب السياسي لكتائب حزب الله، قال: إنَّ المقاتلين كانوا في الأراضي العراقية عندما استُهدِفوا في قصف شهر يونيو/حزيران، وأن القوات التي تعرَّضت للقصف لم تكن تحت قيادتها آنذاك. وحسب صحيفة Haaretz الإسرائيلية، تتبَع ميليشيات كتائب حزب الله الحكومة العراقية رسمياً، لكنَّ ولاءها في الواقع لدولة إيران.

واستهدفت شحنة أسلحة على الطريق الإيراني السريع

وكانت شبكة CNN الإخبارية الأميركية قد نشرت تقريراً مفاده أنَّ القصف المذكور لم يشبه الضربات الجوية التي تنفِّذها إسرائيل في غربي سوريا قرب دمشق وحمص، وغالباً ما تستهدف البنية التحتية والوجود العسكري الإيراني في سوريا، في حين أنَّ قصف يونيو/حزيران حدث في شرقي سوريا، واستهدف قوات موالية للأسد وليس إيران.

ولدى إسرائيل مخاوف أنَّ السيطرة الإيرانية على أراضٍ سورية سيسمح لها بنقل معدات وقواتٍ عسكرية براً من إيران إلى الحدود الإسرائيلية.

وقالت صحيفة Haaretz الإسرائيلية إن معظم محاولات تهريب أنظمة الأسلحة تحدث جواً، إلا أن الهجمات الجوية التي استهدفت شحنة الأسلحة المذكورة شرقي سوريا توضح أن الإيرانيين كثيراً ما يحاولون كذلك استغلال الممر البرِّي الذي فُتِح لهم منذ أن خلَّص الأميركيون المنطقة من قوَّات تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).

وقصفت ميليشيات تساعد في تهريب الأسلحة قرب البوكمال

وأخبر مسؤولٌ تابع لقوَّات الحرس الثوري الإيراني صحيفة Wall Street Journal أن شق ممرٍ بري عبر العراق وسوريا هوَ هدفٌ رئيسي لإيران من أجل أن تدعم به دفاعها ضدَّ أعدائها الإقليميين.

ونسبت صحيفة Der Spiegel الألمانية لمحللين عسكريين غربيين وإسرائيليين، أن إيران تتخذ العراق كطريق لتمرير الأسلحة في اتجاه الحدود اللبنانية السورية مع إسرائيل.

ومنذ أشهر، استهدف السلاح الجوي الإسرائيلي مواقع وقواعد عسكرية سورية تعمل فيها إيران. وليلة الاثنين الماضي 16 يوليو/ تموز 2018، شنت إسرائيل غارة على قاعدة النيرب العسكرية الجوية في حلب.

اتهم النظام السوري التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة بالمسؤولية عن الهجوم، إلا أن الولايات المتحدة أنكرت ضلوعها فيه. بعد ذلك، ذكرت صحيفة Wall Street Journal الأمريكية، مستندة إلى شهادات بعض الدوائر الأمنية، أن إسرائيل هي من تقف وراء الهجوم. وأرجعت الصحيفة ذلك إلى أن إحدى الميليشيات قامت بنقل أسلحة إيرانية حول مدينة البوكمال من العراق إلى سوريا بمعاونة أفراد من الحرس الثوري الإيراني.

وتراقب بصعوبة هذا الجسر البري الإيراني في اتجاه سوريا

وبطريقة ما، تمكنت أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية من رصد هذه الرحلات الجوية التي تنقل الأسلحة، وتمكنت خلال السنوات الماضية من تدمير كميات كبيرة من الأسلحة بمجرد وصولها إلى سوريا. أما الآن، فقد بات من الصعب التعرف على القوافل البرية المحملة بالأسلحة، وخاصة في حال وجودها جنب إلى جنب مع الشاحنات المدنية.

وقالت صحيفة Der Spiegel إن الجسر البري الإيراني الذي يمتد إلى سوريا جزء من مشروع "الهلال الشيعي" الذي تسعى إيران إلى إنشاءه في المنطقة، كما أنه امتداد لنفوذ إيران في العالم العربي. "ومنذ فترة طويلة، كانت إسرائيل والعائلات الحاكمة في الدول العربية ترى الهلال الشيعي بمثابة "رؤية مرعبة" للمستقبل. وخلال الأشهر القليلة الماضية، انقشع الضباب وتحولت الرؤية إلى واقع ملموس" على حد تعبير الصحيفة الألمانية.

لكن الأمريكيين سينسحبون من أقرب قاعدة للجسر البري الإيراني

ومن الواضح أن إيران تعتبر المستفيد الأكبر من القرار الإستراتيجي للرئيس الأميركي، ترمب، القاضي بسحب ما تبقى من القوات الأميركية من سوريا. وتعد القاعدة العسكرية الأميركية، التنف، أهم نقطة في هذا الانسحاب، فهي تقع بالقرب من المنطقة الحدودية المشتركة بين العراق وسوريا والأردن. وكانت التنف تمثل أقرب قاعدة عسكرية للجسر البري الإيراني.

ومنذ فترة طويلة، يطالب كل من بوتين والأسد بإغلاق قاعدة التنف العسكرية، لأنها تمثل انتهاكاً صارخاً للسيادة السورية. ومن المرجح أن الرئيسين، الأميركي والروسي، تحدثا خلال لقائهما في مدينة هلسنكي عن مستقبل هذه القاعدة العسكرية.

كان انسحاب الولايات المتحدة هو ما تبحث عنه إيران تحديداً، فحسب ما أكدته صحيفة Wall Street Journal، يمر الطريق الصحراوي الذي تدشنه إيران حالياً عبر عدة قواعد عسكرية أمريكية، كان الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، قد تخلى عنها. ومن بين تلك القواعد، على سبيل المثال، قاعدة سبايكر الجوية شمالي بغداد وقاعدة الرطبة في غرب العراق.

تحميل المزيد