مصر: المجلس الأعلى للإعلام في ورطة بعد استقالة لجنته للرقابة على الدراما

تأسست للتضييق على الأعمال الفنية لكنها وجدت دورها هامشيًا فاستقال أعضاؤها .. ولا أحد غيرهم يريد الانضمام

عربي بوست
تم النشر: 2018/07/16 الساعة 16:41 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/07/17 الساعة 06:21 بتوقيت غرينتش
Makram Mohamed Ahmed, the head of SCMR / Daily News Egypt

في الخامس والعشرين من الشهر الماضي تقدمت لجنة الدراما المنبثقة عن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام باستقالتها ومنذ ذاك الحين يسعى المجلس الأعلى للإعلام بحثاً عن بدلاء لتولي مهام اللجنة ولكن دون جدوى.

يضع ذلك المجلس الأعلى للإعلام في حرج كبير خاصة أن اللجنة تقدمت باستقالتها بكامل أعضائها من جانب ومن جانب آخر بسبب عزوف كل من عرض عليه الأمر عن الاشتراك في هذه اللجنة.

قوبلت اللجنة منذ ولادتها في ديسمبر الماضي، عن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، الذي انتقلت له مهام وزارة الإعلام منذ عام 2016، باستهجان شديد من جانب العديد من العاملين بالمجال الفني كجمعية نقاد السينما المصريين التي اعتبرتها حجراً على حرية التعبير معلنة تضامنها مع كل الجهات الرافضة للجنة و"الزعيم" عادل إمام الذي رآها "فاشية".

 

مهمة اللجنة: مراقبة السيناريوهات

كل هذا كان يوحي بأن لجنة الدراما لن تستمر طويلاً رغم أن المخرج الكبير محمد فضل جاء على رأسها ولكن صناع الدراما بمصر رأوا أنها تقيد حرية العمل الفني إذ أنها معنية بمراقبة السيناريوهات المكتوبة للأعمال الدرامية التي تُعرض على الشاشات المصرية حكومية كانت أو خاصة.

وواجهت لجنة الدراما أزمات عدة منذ مباشرة عملها كعدم وضوح مهام عملها، وتعارضها مع جهاز الرقابة على المصنفات الفنية، وهيئة الرصد التي ترأسها الدكتورة "سوزان القليني" عميد كلية الآداب بجامعة عين شمس.

وربط البعض بين وجود لجنة الدراما وخروج العديد من المسلسلات التي اتهمت بتلميع صورة الشرطة كـ"نسر الصعيد" و"كلابش 2″ اللذين عرضا في رمضان الماضي.

وما أثار الشكوك حول اللجنة بمجرد تشكيلها هي أنها منبثقة عن المجلس الأعلى للإعلام، فمنذ إنشاء المجلس بقرار رقم 92 لسنة 2016 ليكون بديلاً عن وزارة الإعلام التي ألغيت منذ سنوات، والمجلس متهم بأنه يقيد حرية الإعلام لدرجة أن رئيسه مكرم محمد أحمد أحيل بأمر من النائب العام لنيابة أمن الدولة مؤخراً بتهمة الاعتداء على السلطة القضائية والتنفيذية لإصداره قراراً بحظر النشر في مجرى التحقيق بشأن قضية فساد مستشفى علاج سرطان الأطفال المعروفة بـ 57357.

سبب الاستقالة: "لا نفعل شيئاً!"

شعور أعضاء لجنة الدراما بهامشية دورهم كان المبرر الذي سببوا به استقالتهم، فقد بررت اللجنة استقالتها في بيان بـ: "انتهاء موسم العرض لكافة المسلسلات تأكد أنه دون أي أمر أو توصية أصدرتها اللجنة، التي لم تشتمل على الألفاظ الخادشة أو المشاهد الخارجة فحسب، ولكن طموحها كلجنة بها العديد من الخبرات هو المحتوى الدرامي نفسه، الذي ساده في السنوات الأخيرة مشاهد الانتقام، والبلطجة".

وفي البيان اتهمت اللجنة جهاز الرقابة على المصنفات الفنية بالعجز عن أداء دوره بالكامل نظراً للعشوائية التي يجري بها الإنتاج الدرامي.

وكان لزاماً على المجلس الأعلى أن يملأ الفراغ الذي خلفه المخرج محمد فاضل وزملاؤه باللجنة وهم: الناقدة خيرية البشلاوي، والممثل أيمن عزب، والمخرج عمر عبد العزيز، والمؤلف هاني كمال، وسكرتير نقيب المهن التمثيلية نبيل الجوهري، ولكن كان الملفت أن كلَّ من تلقى عرضاً للانضمام للجنة رفض ذلك.

والمرشحون عازفون عن المشاركة في اللجنة الجديدة

وقد علل السيناريست "رزق الله" سبب رفضه تولي المنصب لانشغاله بمهرجان القاهرة السينمائي، أما السيناريست "يوسف الجندي" فأوضح أهمية تحديد دور اللجنة بدقة حتى الأهداف محورية وليست هامشية، داعياً لمناقشة اللجنة المستقيلة في أسبابها بدلاً من البحث عن آخرين.

وكان من الغريب عرض المنصب على المؤلف وحيد حامد وهو كان من أوائل المهاجمين للجنة إذ نعتها بأنها "عار على الوطن ومقيدة لحرية الفن"، وقد رأى في مداخلة مع برنامج العاشرة مساء على قناة دريم أنه لا يجوز لمؤلف أن يقيم عمل آخر ولا لمخرج أن يحكم على آخر، فكانت النتيجة المتوقعة هي رفضه الانضمام للجنة.

ومن هذا التوقيت يعلن المجلس الأعلى للإعلام عن تأجيلات لإعلان أعضاء اللجنة بسبب تعذر المعروض عليهم ولا يزال المجلس يعد قوائم أخرى أملاً أن تقبل بالمناصب.

وعن احتمالية أن يكون هناك مفاوضات مع أعضاء اللجنة المستقيلين للعودة بعد عزوف البقية عن المشاركة بها، قال المخرج محمد فاضل إنهم لن يعودوا إلى اللجنة مرة أخرى مهما حدث ما دامت الأسباب محل الاستقالة قائمة.

وأضاف في حديثه لـ"عربي بوست" أنهم شعروا بغياب الرغبة الحقيقية لدى المؤسسات الرسمية في تفعيل دور اللجنة، بجانب شعورهم بالازدواجية في عدة أمور.

ودافع فاضل عن لجنته مؤكداً أنها لم تكن مقيدة للحريات وأنهم خبراء في مجالهم ويعلمون حدودهم جيداً وأنه لم يشب عملهم أيُّ لبس.

اللجنة وُلدت ميتة

أما الناقد الكبير طارق الشناوي الذي قد يكون من ضمن من يفكر المجلس الأعلى للإعلام في ترشيحهم للجنة الدراما فرأى أن اللجنة ولدت ميتة، وأن المجلس الأعلى للإعلام لن يجد من يقبل بالانضمام لهذه اللجنة.

وأكد في حديثه لـ"عربي بوست" أنه لم يقبل بالانضمام للجنة إن عرض عليه الأمر مشيراً إلى أنه كتب العديد من المقالات المنتقدة لدور اللجنة.

وذكر أن اللجنة ليست رقابية ولا فنية ولكنها من وجهة نظره شيء "هلامي" يصعب تحديد ملامحه أو الهدف منه، متعجباً من قبول محمد فاضل "أن يلعب دور رئيس لجنة الدراما" إذ اعتبر الشناوي أن فاضل يغامر بكل تاريخه الفني بالمشاركة في اللجنة، واستغرق وقتاً طويلاً تخطى 7 أشهر لمعرفة حقيقة هذه اللجنة.

الناقد الفني شدد على أن اللجنة لم يكن لها أي دور فاعل في الفترة السابقة وأنها لم تتدخل في توجيه بعض المسلسلات لتحسين صورة جهات بعينها ولكن الدولة نفسها من كانت وراء إنتاج بعض الأعمال الدرامية في رمضان الماضي، لذلك اللجنة دورها هامشي من كل الجوانب.

علامات:
تحميل المزيد