المظاهرات تحاصر العبادي.. الاحتجاجات تتصاعد وتصل حقول البترول، والمحتجون: حقول النفط ملكنا ولا شيء لنا فيها!

عربي بوست
تم النشر: 2018/07/16 الساعة 13:03 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/07/16 الساعة 13:06 بتوقيت غرينتش
Iraqi security forces stand guard inside the west Qurna 2 oilfield, during a protest in north Basra, Iraq July 14, 2018. Picture taken July 14, 2018. REUTERS/Essam al-Sudani

دخلت التظاهرات في العراق، الإثنين، أسبوعها الثاني، في تحرك احتجاجي شهد عنفاً أسفر عن قتلى وجرحى، ما يسلط الضوء على الضائقة الاجتماعية التي تعاني منها شريحة كبيرة من هذا البلد، الذي أنهكته 15 عاماً من النزاعات الدامية.

وبعد نحو ستة أشهر من إعلان السلطات العراقية "النصر" على تنظيم الدولة الإسلامية، ووسط انخفاض كبير في معدل العنف في البلاد، التي سقط ثلثها بأيدي الجهاديين قبل أربع سنوات، عادت المشاكل الاجتماعية لتحتل رأس سلم الأولويات.

وخرج الآلاف في تظاهرتين مَطلبيَّتين جديدتين، صباح الإثنين، في محافظتي ديالى وذي قار في شرق وجنوب بغداد، وفق مراسلي وكالة فرانس برس.

وسبق للعراقيين أن عاقبوا الطبقة الحاكمة بالإحجام الكبير عن التصويت في الانتخابات التشريعية التي شهدتها البلاد في 12 مايو/أيار الماضي، ويطالبون اليوم بتوزيع عادل للعائدات النفطية، خصوصاً بجنوب البلاد المتوتر منذ أسبوع.

وتشكل الموارد النفطية للعراق 89% من ميزانيته، وتمثل 99% من صادرات البلاد، لكنها تؤمن 1% من الوظائف في العمالة الوطنية؛ لأن الشركات الأجنبية العاملة في البلاد تعتمد غالباً على عمالة أجنبية.

وتبلغ نسبة البطالة بين العراقيين رسمياً 10,8%. ويشكل مَن هم دون 24 عاماً نسبة 60% من سكان العراق، ما يجعل معدلات البطالة أعلى مرتين بين الشباب.

وبالنسبة للمحتجين الذين هاجموا مقار مختلف الأحزاب السياسية في كل المحافظات الجنوبية، حيث أحرقوا بعضها أو أنزلوا صوراً علقها السياسيون أنفسهم، فإن المشكلة الكبرى الأخرى، هي الفساد.

يؤكد هؤلاء أنه منذ الغزو الأميركي للعراق الذي أطاح بنظام صدام حسين في عام 2003، استولت الطبقة الحاكمة على الأموال العامة والموارد الطبيعية والمشاريع العامة، وحرمت العراقيين من البنى التحتية الأساسية.

رغم أنها مدينة نفطية فإنهم يعانون الفقر والحاجة

يقول المتظاهر حسين غازي (34 عاماً) من البصرة: إن "هذه الحقول ملك لنا، ولا شيء لنا فيها".

فيما يشير عقيل كاظم (27 عاماً)، العاطل عن العمل، إلى "أننا سمعنا كلاما كثيرا ولم يقدموا لنا شيئا، الآن سنحاسبهم بهذه التظاهرات".

بالإضافة إلى ذلك، فإن الجفاف العام الحالي وإقدام تركيا المجاورة على بناء سدود على الأنهار التي تمر عبر العراق، ضربت الموسم الزراعي بشكل كبير، وسط معاناة العراقيين أيضاً من الانقطاع المزمن للكهرباء في ذروة الصيف الذي تلامس درجات الحرارة فيه 50 درجة.

وقُتل ستة متظاهرين منذ انطلاق الاحتجاجات اليومية في محافظة البصرة الساحلية في جنوب العراق.

إجراءات حكومية ولكن دون جدوى حتى الآن

وكان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، الذي زار البصرة، الجمعة، لتهدئة النفوس، أصدر بياناً مساء السبت أمر فيه "بتوسيع وتسريع آفاق الاستثمار للبناء في قطاعات السكن والمدارس والخدمات وإطلاق درجات وظيفية لاستيعاب العاطلين عن العمل وإطلاق تخصيصات مالية لمحافظة البصرة بقيمة 3,5 تريليون دينار فوراً (حوالي ثلاثة مليارات دولار)".

وتصاعد التوتر في التظاهرات التي خرجت في البصرة ضد البطالة وانعدام الخدمات العامة، وخصوصاً الكهرباء، بعد مقتل متظاهر في الثامن من يوليو/تموز، لدى إطلاق نار خلال تفريق التظاهرة، وامتدت لتشمل محافظات جنوبية أخرى، بما فيها النجف وميسان وكربلاء وذي قار والمثنى.

وعقد رئيس الوزراء حيدر العبادي، الأحد، اجتماعاً مع الوزراء والمسؤولين الأمنيين، وأكد خلاله أن "العراقيين لا يقبلون بالفوضى وبالاعتداء على القوات الأمنية وممتلكات الدولة والممتلكات الخاصة، ومن يقوم بهذا الأمر أشخاص مخربون يستغلون مطالب المواطنين لإحداث ضرر".

وأضاف أن "التظاهر السلمي حق للمواطن، ونحن نستجيب له، ولكن إخراج التظاهرات عن سياقاتها بحرق بنايات مؤسسات الدولة، وقطع الشوارع، وحرق الإطارات والاعتداء على القوات الأمنية، يمثل محاولة لإرجاع البلد إلى الوراء، فهناك جهات من الجريمة المنظمة تهيّئ لإحداث حالة فوضى".

وأمر العبادي بإعادة فتح مطار مدينة النجف.

ويوم السبت، انقطعت خدمة الإنترنت في جميع أنحاء العراق، مع سريان شائعات بوصول التظاهرات إلى بغداد. لكن السلطات أكدت، الإثنين، أن الانقطاع سببه عمليات صيانة. وعادت الخدمة للعمل الإثنين.

المرجعية الشيعية العليا تتضامن مع المتظاهرين

وأعلنت المرجعية الشيعية العليا تضامنها مع المحتجين، مطالبة الحكومة بإيجاد حلول سريعة.

وعبّر المرجع الأعلى للشيعة في العراق آية الله علي السيستاني عن تضامنه مع المحتجين، وقال: إنهم يواجهون "نقصاً حاداً في الخدمات العامة".

ويندر تدخل السيستاني في السياسة، لكن له تأثير كبير على الرأي العام.

قتلى جدد في التظاهرات المستمرة حتى الآن

وقال مسؤول أمني: إن اثنين من المحتجين قُتلا في اشتباكات مع قوات الأمن العراقية في بلدة السماوة، أمس الأحد (15 يوليو/تموز) وسط تزايد حدة الاضطرابات في المدن الجنوبية بسبب سوء الخدمات العامة وتفشّي الفساد.

وتزيد الاضطرابات من الضغط على رئيس الوزراء حيدر العبادي، الذي يأمل في الاستمرار لولاية ثانية، عندما يشكل الساسة العراقيون حكومة ائتلافية جديدة بعد الانتخابات البرلمانية التي أجريت في 12 مايو/أيار وشابتها اتهامات بالتزوير.

وقال المسؤول الأمني في السماوة: "حاول مئات الأشخاص اقتحام مبنى محكمة. جرى إطلاق النار علينا. لم يتضح من الذي يطلق النار. لم يكن أمامنا أي خيار سوى إطلاق النار".

وفي وقت سابق، أمس الأحد، أصابت الشرطة في مدينة البصرة التي تعد منفذاً لتصدير النفط 48 شخصاً عندما أطلقت النار في الهواء لتفريق مئات المحتجين لدى محاولتهم اقتحام مبنى محافظة البصرة، فيما تظاهر آخرون قرب حقل نفطي.

وقال اللواء ثامر الحسيني، قائد قوات الرد السريع في وزارة الداخلية: إن 28 فرداً من قوات الأمن أصيبوا في اشتباكات مع المتظاهرين.

وفي بلدة قرب مدينة العمارة بجنوب البلاد، أطلقت الشرطة النار في الهواء لتفريق محتجين بعد أن أضرم متظاهرون النار في مبنى البلدية. وأصيب 13 شخصاً من المحتجين وسبعة من رجال الشرطة في الاشتباكات.

تظاهرات في مدن أخرى

وساد الهدوء في مدينة الناصرية في محافظة ذي قار السبت، بعد ليلة شهدت توتراً أسفر عن إصابة متظاهرين وأفراد من قوات الأمن بجروح، بحسب ما أفاد مصدر طبي.

وسرت شائعات كثيرة على وسائل التواصل الاجتماعي عن دعوات مجهولة المصدر إلى التظاهر بكثافة في العاصمة السبت، وأشار بعضها إلى أن الوجهة قد تكون المنطقة الخضراء الشديدة التحصين، حيث مقار الوزارات والسفارات.

وفي محافظة ذي قار، كبرى مدنها الناصرية، قال معاون مدير صحة المحافظة عبدالحسن الجابري: إن مواجهات اندلعت الأحد بين متظاهرين وقوات الشرطة أمام مقر المحافظة، ما أسفر عن سقوط 15 جريحاً من المتظاهرين و25 في صفوف الشرطة.

وفي محافظة المثنى، كبرى مدنها السماوة، أعلن مصدر في الشرطة أن مئات من المتظاهرين تجمعوا أمام مبنى المحافظة، وأقدم بعضهم على إحراق وتدمير أجزاء من المقر.

وأضاف أن متظاهرين آخرين أقدموا على إحراق مقر لمنظمة بدر.

وفي النجف، سارت تظاهرة صباحاً، لكن قوات الأمن عملت على تفريقها، في حين لوحظ انتشار كثيف لسرايا السلام في شوارع المدينة، بحسب مراسل فرانس برس.

وفي كربلاء، تجمع متظاهرون ليلاً أمام مجلس المحافظة؛ حيث اندلعت مواجهات مع قوات الأمن أسفرت عن سقوط 30 جريحاً، كما أفاد مراسل فرانس برس.

وكان عشرات المحتجين شاركوا في تظاهرات متفرقة صباح السبت، بالقرب من حقلي غرب القرنة والمجنون النفطيين في شمال مدينة البصرة، إضافة إلى اعتصام متواصل أمام ميناء أم قصر في جنوب المدينة، وأمام مبنى المحافظة في وسط المدينة، وفق ما أفاد مراسل لوكالة فرانس برس.

علامات:
تحميل المزيد