يومان ويعقدان قمّتهما.. ما الملفات التي سيناقشها ترمب وبوتين، ولماذا سيخرج رئيس روسيا رابحاً؟

عربي بوست
تم النشر: 2018/07/14 الساعة 14:44 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/07/15 الساعة 19:35 بتوقيت غرينتش
«تهديداتك غير مقبولة».. الناتو وواشنطن يرفضان تصريحات بوتين

يُمكن للرئيس الروسي فلاديمير بوتين تحقيق مكاسب هائلة من أول قمةٍ ثنائية تجمعه مع نظيره الأميركي دونالد ترمب، والمقرر إجراؤها الإثنين 16 يوليو/تموز حسب تقرير لوكالة Bloomberg الأميركية.

ويراود منتقدو ترمب وحلفاء أميركا القلق من أن يحصل بوتين على ما يريد.

سيجلس ترمب وبوتين معاً في العاصمة الفنلندية هلسنكي، لعقد اجتماعٍ يقول مسؤولون أميركيون وروس إنَّه سيتطرق إلى كل نقطة توتر رئيسية بين البلدين: تدخُّل الكرملين في انتخابات الرئاسة الأميركية في عام 2016، وتوغله العسكري في أوكرانيا وسوريا، واستعراض القوة العسكرية الروسية، والتهديد باستخدامها ضد الحلفاء بحلف شمال الأطلسي (الناتو)، والعقوبات الاقتصادية الأميركية التي تهدف لمعاقبة روسيا على سلوكها.

بالنسبة لبوتين وفق وكالة Bloomberg، يُعَد مجرَّد لقاء الرئيس الأميركي -الذي تخضع حملته الانتخابية لتحقيقات في الولايات المتحدة حول ما إذا كان مساعدو ترمب قد تواطأوا مع جهود الكرملين للمساعدة في فوز ترمب بالانتخابات- وجهاً لوجه فوزاً في حد ذاته. لكنَّ مكاسب ترمب من الاجتماع أقل وضوحاً، وهذا ما يُقلق بعض أعضاء الكونغرس وخبراء السياسة الخارجية في واشنطن.

إذ قال جيف فليك، عضو مجلس الشيوخ الجمهوري عن ولاية أريزونا في خطابٍ ألقاه في غرفة المجلس، الخميس 12 يوليو/تموز: "إذا كان البيت الأبيض مُشوَّشاً بشأن طبيعة التهديد الذي نواجهه من السيد بوتين كما يبدو، فإنَّ اجتماعاً بين الرئيس الروسي ونظيره الأميركي هو أمرٌ مثير للقلق تماماً". ووصف "الإعجاب" الذي أظهره ترمب لبوتين بأنَّه "غير مقبول".

بينما قال جون ماكين عضو مجلس الشيوخ الجمهوري عن ولاية أريزونا أيضاً، إنَّ ترمب "يجب أن يُظهِر قدرته على أن يكون قوياً وصارماً مع بوتين".

جديرٌ بالذكر أنَّ ترمب، ذكر الخميس، أنَّه ليس لديه قائمة مطالب من بوتين.

إذ قال لصحفيين في مؤتمرٍ صحفي عقب قمة حلف الناتو، التي أُجريت في العاصمة البلجيكية بروكسل: "ندخل هذا الاجتماع دون تطلُّعاتٍ كثيرة، نريد أن نعرف الوضع في سوريا. وسنطرح بالطبع السؤال المفضل لديكم عن التدخُّل (في الانتخابات). سأطرح هذا السؤال مجدداً. لكنَّنا سنتحدث كذلك عن أمورٍ أخرى. سنتحدث عن أوكرانيا".

توترات الناتو

قُبيل قمة هلسنكي، أثار ترمب اضطراباتٍ في قمة حلف الناتو حين طالَب أقرب حلفاء أميركا بزيادة إنفاقهم العسكري بوتيرةٍ أسرع، مُلمِّحاً إلى احتمالية انسحاب الولايات المتحدة من الحلف في حال لم يحدث ذلك.

وأعلن أنَّ المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل -وليس هو- هي التي أعربت عن امتنانها لبوتين بسبب نظام خطوط الأنابيب الذي تمده روسيا بين بلديهما. وترك الباب مفتوحاً أمام إمكانية الاعتراف بضم موسكو شبه جزيرة القرم في عام 2014 من أوكرانيا. ومع أنَّ ترمب صرَّح بأنَّ الناتو صار أقوى بفضل سلوكه، وأعاد التأكيد على التزام الولايات المتحدة بالحلف، فإنَّ قمة بروكسل جاءت على أفضل ما يكون بالنسبة للكرملين، الذي طالما سعى لاستغلال الخلافات بين الدول الغربية وتوسيعها.

وقد أدَّت تصريحات ترمب حول ميركل، إلى توبيخٍ نادرٍ وحاد من المستشارة الألمانية التي توترت علاقتها مع ترمب منذ بداية توليه الرئاسة، وكذلك من نانسي بيلوسي زعيمة الديمقراطيين في مجلس النواب، وتشاك شومر زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ.

وقال شومر وبيلوسي في بيانٍ مشترك: "إنَّ السلوك الذي أبداه (ترمب) إشارةٌ أخرى مُقلقة جداً على أنَّ الرئيس أكثر ولاءً للرئيس بوتين من حلفائنا في الناتو. وإذا خرج الرئيس من اجتماع بوتين بلا ضماناتٍ صارمة وخطوات ملموسة نحو الوقف الكامل للهجمات الروسية على ديمقراطيتنا، فإنَّ هذا الاجتماع لن يكون فاشلاً فحسب، بل سيكون أيضاً خطوة خطرة إلى الوراء فيما يتعلق بمستقبل النظام والأمن العالميين".

وقال ترمب إنَّه يتوقع أن ينفي بوتين مرةً أخرى أي تدخل من جانب الكرملين في الانتخابات الرئاسية الأميركية الأخيرة. وفي الواقع، يستعد الكرملين للرد بطريقةٍ لا تُضعِف موقف ترمب، وتكرر في الوقت نفسه نفي بوتين، وفقاً لما ذكره مسؤول روسي بارز طلب عدم الكشف عن هويته وهو يناقش تصرُّفات موسكو المحتملة قبل القمة.

اتفاق نووي

يؤكد مسؤولون في الكرملين والبيت الأبيض، أنَّ هناك مكاسب كثيرة يمكن تحقيقها من القمة على كلا الجانبين. ولعل أحد المكاسب المحتملة هو عقد اتفاق جديد بشأن الأسلحة النووية. فمعاهدة "نيو ستارت" (للحد من الأسلحة الاستراتيجية) التي جرى التفاوض بشأنها في عهد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما ستنتهي في عام 2021، ويود الجانبان تمديد الاتفاق وربما توسيعه. ومن المرجح كذلك أن يناقش بوتين وترمب كيفية حل النزاع حول الامتثال لمعاهدة عام 1987، التي تحظر نشر صواريخ متوسطة المدى براً.

وقال ترمب في بروكسل: "ما هي الغاية النهائية؟ حسناً، دعونا نرى. الغاية هي التخلُّص من الأسلحة النووية في جميع أنحاء العالم، حسناً؟ لا مزيد من الحروب والمشكلات والنزاعات. دعونا نعثر على علاجٍ لكل مرضٍ معروف يهدد الرجال أو النساء".

وفي الوقت نفسه، يُكثِّف بوتين جهوده للتوسط في صفقةٍ لانسحاب الميليشيات الموالية لإيران في سوريا من المناطق القريبة من الحدود الإسرائيلية، ونشر قواتٍ تابعة للنظام السوري بدلاً منها. وقد تكون هذه الخطوة وسيلة لتخفيف التوترات مع الولايات المتحدة، وكذلك دعم الرئيس السوري بشار الأسد حليف بوتين.

الأهم من ذلك كله أنَّ قمة هلسنكي تضع ترمب في اختبارٍ حيٍّ آخر، لإيمانه العميق بأنَّه مؤهلٌ بدرجةٍ فريدة لبناء علاقات مع خصوم أميركا والتفاوض على صفقات صعبة معهم. وكما هي الحال مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، الذي التقاه ترمب بسنغافورة الشهر الماضي يونيو/حزيران، يعتقد ترمب أنَّه يستطيع أن يُولِّد تعاوناً واسعاً وغير مسبوق بين الولايات المتحدة وروسيا، على الرغم من وجود اختلافات مستعصية على ما يبدو.

وقال جون هانتسمان، السفير الأميركي لدى روسيا لصحفيين في مكالمةٍ هاتفية، الأسبوع الماضي، استعرض فيها القمة المرتقبة: "إذ كنتم تستطيعون تخيُّل أثر تخفيف التوتر في حالة العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا وبين أوروبا وروسيا، فإنَّ ذلك الأثر سيكون على نطاقٍ أوسع بكثير. لذا لن أُقلِّل على الإطلاق من أهمية الجلوس في الواقع لأول مرة في بيئة اجتماع قمة ومناقشة القضايا الأهم حقاً".

وهذا الشعور نفسه موجودٌ لدى الكرملين أيضاً؛ إذ قال المسؤول الروسي البارز إنَّ كلا الجانبين عازمان على إيجاد مجالات اتفاق، وإنَّ القمة يمكن أن تُرسي الأساس لخطواتٍ مستقبلية.

لكن ليس من الواضح ما إذا كانت رغبة ترمب في المصالحة مع بوتين مدفوعةً برؤية استراتيجية، أم مُجرَّد ميله إلى مخالفة التيار السائد.

إذ قال جيف مانكوف، نائب مدير برنامج روسيا وأوراسيا في مركز الدراسات الاستراتيجية الدولية بواشنطن في مقابلة هاتفية: "إنَّها (القمة) تعكس الطريقة التي ينظر بها ترمب، وبالطبع بعض الأشخاص في دائرته المُقرَّبة، إلى الأمور. وكأن لسان حاله يقول: الناس يقولون إنَّني لا أستطيع عقد هذا الاجتماع، والكل يقول إنَّ روسيا هي المشكلة، حسناً، لا أعتقد أنَّ روسيا هي المشكلة. سأُرِي الجميع".

علامات:
تحميل المزيد