يتقدم بشكل مبهر ولكنه سيواجه عصياناً لأعوام.. Foreign Affairs تحذر من انتشار موجة إرهاب جديدة إذا انفرد الأسد بالسوريين

عربي بوست
تم النشر: 2018/07/12 الساعة 19:05 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/07/12 الساعة 21:36 بتوقيت غرينتش
صورة للرئيس السوري بشار الأسد في دمشق - رويترز

لم يفُز الرئيس السوري، بشار الأسد، بالحرب الأهلية الدائرة في بلاده؛ بل إنَّ تلك الحرب تدخل الآن مرحلةً أكثر خطورة.

نعم، حقَّقت القوَّات المحاربة تحت راية الأسد بسوريا مكاسب مهمة في السنوات الأخيرة، لكن هذا الأمر يحمل احتمالات كابوس جديد للعالم، حسبما حذّر تقرير لمجلة Foreign Affairs الأميركية.

صحيح أن قوات الأسد فرضت سيطرتها على حلب، ثانية كبرى مدن سوريا، في عام 2016، وأمَّنت عاصمتها دمشق في عام 2018. وحالياً تهاجم هذه القوات معقل قوات المعارضة السورية في محافظتي القنيطرة ودرعا، حيثُ اندلعت الثورة.

وبالنظر إليها في سياقٍ واحد، فإنَّ هذه المكاسب قد غيَّرت مسار الحرب؛ إذ أضعفت المعارضةَ الوسطيةَ في البلاد، وجعلت العديد من المراقبين الدوليين يظنون أنَّ القتال بسوريا قد شارف الانتهاء.

لكن وبرغم أنَّ تقدُّم النظام السوري مُبهرٌ على الخريطة، فإنَّه لن يُنهي الحرب. فالأسد أضعفُ مما يبدو عليه؛ إذ يعتمد حُكم الرئيس السوري على دعم رُعاته الأجانب، مثل إيران وروسيا، واستنزاف الدول التي عارضته يوماً، مثل الأردن.

ولكن الأهم والأخطر بالنسبة للغرب والعالم أن قرار الأسد تدويل الحرب سيضع أساساتٍ لحروبٍ مستقبلية؛ إذ تُهدِّد أساليب القتل الجماعي التي اتَّبعها بإشعال عصيانٍ جهادي طويل الأمد سيُبقي نيران الحرب مشتعلة أعواماً.

الحقيقة التي يتم تجاهلها: الفوضى قادمة

على الولايات المتحدة تقبُّل حقيقة أنَّ تجاهل الوضع في سوريا لن يؤدي إلى نصرٍ سهلٍ للأسد يؤسِّس سلاماً مستقراً؛ بل سيجلب مزيداً من الفوضى على البلاد. ولتجنُّب هذا المصير، يجب على الولايات المتحدة أن توظف جهودها الآن لحيازة نفوذٍ بسوريا في حال حاجتها لاتخاذ فعلٍ حاسم، وذلك بتقوية القدرة العسكرية وسلطة الحكم في أيدي شركائها الموجودين على الأراضي السورية.

كما يجب أن تكسب ثقة المعارضة السورية من جديد، وإعادة بناء قوات المعارضة، ورفض منح الأسد الشرعية الدولية التي يطمح إليها بشدة.

قوات النظام دخلت درعا مهد الثورة السورية
قوات النظام دخلت درعا مهد الثورة السورية

وما زالت أمام الولايات المتحدة خياراتٌ تمكِّنها من كبت جماح الأسد وداعميه، كُل ما تحتاجه هو العزم على استغلالها، حسب التقرير.

كما أن حرب الأسد الدولية غيرت التوازنات العالمية

اعتمدت انتصارات الأسد في هذه المراحل الأخيرة من الحرب السورية بكثافة على دعم إيران وروسيا، اللتين تضافرت جهودهما لإمداده بعشرات الآلاف من القوَّات البرية، والقوة الجوية، والمعونات المالية، والغطاء الدبلوماسي أيضاً (في حالة روسيا)، ودون تلك المساعدات الخارجية كان نظام الأسد سيسقط على الأرجح.

ومع أنَّ هذه التدخُّلات الأجنبية قد أدت إلى استقرار نظام الأسد على المدى القريب، فإنَّها أيضاً تُعيد رسم خريطة النفوذ في الشرق الأوسط على نحوٍ من شأنه أن يأتي بالمزيد من الاضطرابات.

أولى المشاكل في هذا هي أنَّه سيصبح بمقدور إيران وروسيا أن تستخدما سوريا كمنصةٍ لانطلاق أي عدوانٍ دولي.

فها هي روسيا بدأت باستخدام قاعدتها في سوريا لدعم مرتزقتها بإفريقيا

ولقد بدأت روسيا بالفعل باستخدام قاعدتها الجوية في سوريا لدعم عمليات قوَّات المرتزقة المدعومة من قِبل الكرملين الروسي بجمهورية إفريقيا الوسطى وفي السودان، حسبما أفادت تقارير.

كذلك، فإنَّ قدرة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، على نشر قواتٍ من الأراضي السورية ستدعم جهوده القائمة لتفكيك حلف شمال الأطلسي (الناتو) وتقويض النظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة، مما سيسمح له باستغلال أيَّة صدوع تظهر بين علاقات الولايات المتحدة بحلفائها وشركائها.

وعلى الجانب الآخر، فإنَّ إيران تبني قواعد وتؤسس وكلاء لها بسوريا، حتى تخلق جبهةً ثانية ضدَّ إسرائيل في حربهما المستقبلية. لن تقبل إسرائيل هي الأخرى بحدوث هذا، وقد تُصعِّد الأمر لدرجة تنفيذ عملياتٍ برية بقواتٍ إسرائيلية في جنوب سوريا؛ لمنع حدوث هذا السيناريو.

وتهجير السكان سينعكس على دول الجوار

المشكلة الأخرى هي أنَّ إخلاء الأسد المجتمعات القاطنة بمناطق المعارضة السورية يخلُّ باستقرار الدول المجاورة لسوريا، ويؤدي إلى اضطرابٍ إقليمي من شأنه أن يُطيل أمد الحرب.

إذ إنَّ الأردن يوشك على الانهيار تحت ثقل عدد اللاجئين السوريين الذي استقبله؛ لأنَّه يفوق قدرته على الاستيعاب، وأغلق أخيراً حدوده في وجه 59 ألف سوري كانوا يفرُّون من آخر هجومٍ شنَّه الأسد عليهم في منتصف عام 2018.

والآن قد يُضطَر هؤلاء السكان إلى الحياة تحت حكم النظام الذي حاولوا الفرار منه، ما يخلق بيئةً جاهزة ليستغلَّها الإرهابيون.

كذلك، قد يؤدي توافد المهاجرين إلى تصعيدٍ محتمل من الجانب التركي أيضاً.

وكانت عملية غزو شمال سوريا التي شنَّتها أنقرة عام 2016، هدفها جزئياً هو إبطاء تقدُّم الأكراد في المنطقة، لكنَّ الهدف الإضافي منها كان أيضاً تخفيف عبء اللاجئين على تركيا بالقوة.

والأمر يكاد يصل لاندلاع حرب إقليمية بين حليفين لأميركا

تعيد تركيا الآن توطين لاجئيها السوريين في شمال سوريا، وتخلق وكلاء لها من بين قوات المعارضة ليحكموا هؤلاء اللاجئين. لكن بإبقائها على القوات المناهضة للنظام السوري والسكَّان المعارضين في منطقة شمال سوريا، يُحتمَل أنَّها بذلك تُطيل الحرب السورية هي الأخرى.

وبرغم الدعم الذي تقدِّمه تركيا لوكلائها من بين صفوف المعارضة السورية، فإنَّها أيضاً تصطف بشكلٍ مؤقَّت مع داعمي الأسد لمحاربة قوات سوريا الديمقراطية بقيادة الأكراد، وهي الشريكة الرئيسية للولايات المتحدة في حربها ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).

الأسد رفقة بوتين أحد أكبر الداعمين له
الأسد رفقة بوتين أحد أكبر الداعمين له

ويرجع موقف تركيا إلى صلة هذه القوَّات بالعصيان الكردي ضد الدولة التركية. وفي حين يثأر أكراد سوريا بدورهم من القوات التركية ووكلائها في الأراضي السورية، ويدرسون احتمال توسِعة نطاق عملياتهم إلى داخل تركيا، تهدِّد الحرب القائمة بين تركيا وقوات سوريا الديمقراطية بأن تصبح حرباً إقليمية. وحثت الولايات المتحدة على تهدئة النزاع بين القوَّتين، لكنَّها لم تتخذ أي فعلٍ من شأنه أن يُصلح اختلال قوات سوريا الديمقراطية نفسها.

على سبيل المثال، يمكن تقوية العناصر العربية بين صفوف قوات سوريا الديمقراطية وتقييد الأخرى الكردية، على نحوٍ قد يسمح بالتوصِّل لاتفاقية سلامٍ حاسمة بين الطرفين.

وبعد فوزه بالانتخابات لفترةٍ رئاسية ثانية في الشهر الماضي (يونيو/حزيران 2018)، يعتمد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أكثر من ذي قبل، على الدعم السياسي من جانب القوميين الأتراك؛ ما قد يدفع به لمزيدٍ من التصعيد ضد الأكراد.

قد يخلق الانسحاب الأميركي من شرق سوريا، حيث يتركَّز نحو 2000 جندي أميركي، فراغاً سيتنافس مختلف المقاتلين على ملئه. ويأمل الأسد وداعموه وتركيا والجماعات الجهادية -مثل "القاعدة" و"داعش"- جميعاً أن يفرضوا سيطرتهم على المناطق التي استولى عليها تحالف الولايات المتحدة وقوات سوريا الديمقراطية من "داعش". وسيكثِّف الانسحاب الأميركي من حدَّة هذا النزاع لا أكثر.

والنتيجة أن المتطرفين تغلغلوا داخل سوريا

بالإضافة إلى لعبة الشطرنج الجيوسياسي الدائرة الآن في شرق سوريا، فإنَّ المنطقة تظل قاعدةً محتملة لانبعاث تنظيمي "القاعدة" و"داعش" من جديد. تمركَز تنظيم القاعدة بمناطق شرق سوريا قبل صعود "داعش" في عام 2014، وما زال يملك شبكاتٍ بالمنطقة على الأرجح. كذلك لم يُهزَم تنظيم داعش بَعد، وإن أُضعِف في سوريا؛ إذ إنَّه ما زالت لديه خلايا نائمة وقوَّات في جيوبٍ صغيرة بسوريا، وما زالت تلك تحارب كلاً من الأسد وقوات سوريا الديمقراطية على حد سواء.

وفي يوم 22 يونيو/حزيران 2018، تبنَّى داعش المسؤولية عن أول هجومٍ ينفذه في عاصمته القديمة الرقة، التي تخضع الآن لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية، مستعرضاً بذلك قُدرته المستمرة على إحداث الدمار في سوريا.

وحشية الأسد حطمت المعارضة ولكنها تفيد هذا التنظيم المتطرف

لن تُنهِي مكاسب الأسد في أرض المعركة التمرُّد الجهادي؛ لأنَّ وحشية الأسد ذاتها هيَ ما يحرِّكه. لقد حطَّمت أساليبه، مثل استخدام الأسلحة الكيماوية، وعمليات الإعدام الجماعي، والتجويع، والتعذيب، عزائم الكثيرين في مجتمعات المعارضة، لكنَّها زادت إصرار عشرات الآلاف من الجهاديين ممَّن سيستمرُّون في محاربته عشرات الأعوام بالمستقبل.

هُناك احتمالٌ كبير أنَّ تنظيم القاعدة سيكون هو قائد موجة التمرُّد القادمة. يملُك تنظيم القاعدة قواتٍ هي الأقوى بين جماعات المعارضة الباقية غرب سوريا. والمفجِّرون الانتحاريون التابعون للتنظيم كذلك هُم عنصرٌ حاسم في التغلُّب على دفاعات نظام الأسد، التي لا يستطيع غيرهم من المعارضين اختراقها. وفي حين تبني الجماعة الجهادية قوَّتها المُقاتلة من السوريين، فإنَّها تُجنِّد أيضاً مقاتلين أجانب لتستخدم الأراضي السورية منصةً لتدشين هجماتٍ دولية مستقبلية.

وفي الوقت الحالي، يتركَّز وجود قوات القاعدة في شمال غربي سوريا والمناطق الباقية تحت سيطرة المعارضة في جنوب سوريا، لكنَّ الأرجح أنَّ الجماعة تُبقي أيضاً على شبكاتٍ فعَّالة في مناطق خاضعة لسيطرة النظام السوري.

الحرب السورية خلفت ملايين النازحين في الداخل والخارج
الحرب السورية خلفت ملايين النازحين في الداخل والخارج

وقد بيَّنت هجماتٌ دورية نُفِّذَت ضد أهدافٍ تابعة للنظام في محافظات حلب، وحماة، وحمص، واللاذقية على مدار عام 2017 وبدايات عام 2018، أنَّ "القاعدة" والجماعات المتِّصلة بها بإمكانها اختراق مناطق تقع ظاهرياً تحت سيطرة الأسد.

والأرجح أنَّ دمشق وجنوب سوريا ستتعرَّضان أيضاً لهجماتٍ مشابهة بعد المكاسب التي حقَّقها الأسد هذا العام (2018). (وأعلن "داعش" أيضاً مسؤوليته عن هجماتٍ بمناطق خاضعة لسيطرة النظام). كما تؤسس "القاعدة" لمشروع حكمٍ لها في محافظة إدلب، الواقعة على حدودها مع شمال غربي سوريا.

والأسد هو الذي تعمَّد الوصول لهذه النتيجة

تحقيق مستقبلٍ يستعيد فيه الأسد السيطرة على سوريا ويمنع التهديد الجهادي للغرب هوَ محض خيال. سمح الأسد عمداً بصعود كل من تنظيمي "القاعدة" و"داعش"؛ ليستغلَّهما في إخافة وشلّ الغرب، في حين يقوم هو بتدمير ما كان يهدده أكثر من الجهاديين: المعارضة المعتدلة التي أرادت التفاوض لإحلال السلام. وقضى استيلاؤه على مناطق شمال سوريا التي كانت تخضع لسيطرة معارضين مدعومين سابقاً من الولايات المتحدة على آخر معقلٍ حقيقي للمقاومة المعتدلة المناهضة للأسد، وهذا بدوره مَحَا الخيارات التي قدَّمها الغرب، وتم إبطال المسار الدبلوماسي الدولي بالقضاء على المعارضة المستعدة للتفاوض. لكنَّ هزيمة الوسطيين لن تجعل الأسد يفوز بالحرب. إنَّها تُمهِّد الطريق أمام جماعاتٍ مثل تنظيم القاعدة لتُعيد تعريف القتال في سوريا، ليُصبِح بعد أن كان ثورةً داعية للديمقراطية حملة جهادٍ عالمية.

بعد كل هذا ما زال هناك سيناريو يمكنه تغيير الوضع

كيف إذاً ينبغي للولايات المتحدة الاستجابة؟ حسبما تتساءل مجلة Foreign Affairs الأميركية.

يبقى النهج الأكثر فاعلية هو بناء جماعات معتدلة مستعدة لإعادة توحيد البلاد عبر التفاوض لتحقيق تسويةٍ، ما لم تقدر مكاسب الأسد العسكرية الحصول على دعم السكان المعارضين من جديد.

وترى المجلة أن العقبة الأهم أمام بناء قوة معارضة شريكة تظل هي غياب إرادة الولايات المتحدة والتزامها.

كانت جهود الولايات المتحدة السابقة الرامية إلى بناء شركاء معارضة محكوماً عليها بالفشل؛ لأنَّ واشنطن حاولت منعهم من محاربة الأسد، غير أنَّه يمكن لجهود الولايات المتحدة المتضافرة لإعادة بناء القدرة القتالية للمعارضين المعتدلين دون مثل هذه القيود- أن تغير مسار الحرب جذرياً.

وهناك قوة في المعارضة السورية ما زالت قادرة على أداء هذا الدور

يجب على الولايات المتحدة استخلاص قوات المعارضة التي ستتحالف من الجماعات المعتدلة في جنوب سوريا، (مثل الجيش الأول)، والتي ترغب في مواصلة قتال الأسد.

بدأت هذه الجماعات في الاستسلام للنظام تحت ضغطٍ عسكري كبير. ومن المحتمل أن يُنقل بعضها إلى المناطق التي تسيطر عليها تركيا في شمال سوريا، لكنَّ هذا قد يؤدي إلى اتجاه الجماعات الباقية إلى دعم تمردٍ جهادي مستقبلي، كطريقتهم الوحيدة للمقاومة؛ لذا على الولايات المتحدة أن تعرض على هؤلاء المعارضين خياراً آخر.

ومن المرجح أن يخضع الجنوب لسيطرة قواتٍ متحالفة مع النظام ما لم تتخذ الولايات المتحدة إجراءً فوراً. لكن حتى لو حدث ذلك، تظل أمام واشنطن خياراتٌ أخرى، فيمكنها -على سبيل المثال- استغلال قوات سوريا الديمقراطية ضد الأسد وداعميه، وإعادة بناء قوةٍ من المعارضة مع مرور الوقت.

كما لا بد من إخضاع "قوات سوريا الديمقراطية" للمساءلة

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية على كمياتٍ كبيرة من موارد النفط السورية، التي يجب على الولايات المتحدة أن تستمر في حرمان النظام منها، لكنَّ القوات شريكٌ إشكالي.

إذ يُنفذ الزعماء الأكراد شكلاً من أشكال الحكم القمعي بغرض القضاء على التنافس السياسي في المناطق التي يسيطرون عليها، في حين تفتقر الجماعة إلى الموارد الضرورية والقدرات البيروقراطية لإخضاع الشعب السوري لحكمها. وإذا سمحت لمشاكلها في الحكم بالاستمرار، فقد يهدد سوء إدارة المناطق التي تسيطر عليها بعودة "داعش"، وظهور نوعٍ من التمرد ضد قوات سوريا الديمقراطية يمكن أن تستغله "القاعدة".

القوى الإقليمية عينها على ما سيقع مستقبلا بسوريا
القوى الإقليمية عينها على ما سيقع مستقبلا بسوريا

ويجب على واشنطن تخصيص موارد إضافية لتحويل قوات سوريا الديمقراطية إلى بِنْية حكم وقوة عسكرية فعالة، ورهن دعمها لقوات سوريا الديمقراطية بإدارتها السليمة للبلاد، واتخاذ خطواتٍ لمساءلة القوات عن طريق جلب مراقبين لحقوق الإنسان إلى المناطق الخاضعة لها؛ من أجل تفقد مخيمات المشردين والسجون مثلاً، أو بتمكين السكان المحليين من تقديم شكاوى مباشرةً إلى الولايات المتحدة.

ويجب على الولايات المتحدة استعادة ثقة الشعب السوري والاتفاق مع تركيا

سوف تحتاج الولايات المتحدة أيضاً إلى استعادة ثقة الشعب السوري بمصداقيتها. وإصلاح قوات سوريا الديمقراطية، والاستثمار في تحقيق الاستقرار، واستعادة المناطق الخاضعة لسيطرة القوات، ومساعدة اللاجئين والمشردين داخلياً على العودة إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الولايات المتحدة وقوات سوريا الديمقراطية، كل هذا من شأنه المساعدة في تحقيق ذلك. يمكن لهذه الخطوات أن تساعد الولايات المتحدة على تجنيد مقاتلين معارضين من السكان العائدين، الذين سيظلون معارضين لحكم الأسد المستمر.

وسوف تحتاج واشنطن أيضاً إلى التوصل إلى اتفاقٍ مع تركيا يُنهي حربها مع قوات سوريا الديمقراطية، ويوحد موقف أنقرة والولايات المتحدة ضد نظام الأسد وداعميه.

ومن المرجح أن تتضمن الصفقة تنازلاتٍ تسمح للقوات والوكلاء المدعومين من تركيا بالمساعدة في تأمين المناطق ذات الأغلبية العربية بمناطق شرق سوريا الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية.

وأخيراً، عليها الابتعاد عن العملية الدبلوماسية الدولية

يجب على واشنطن الاعتراف بفشل العملية الدبلوماسية الدولية وأن تنأى بنفسها عنها، حسبما تقترح المجلة الأميركية.  

إذ يمكن لذلك أن يعوق الجهود المتجددة التي تبذلها روسيا للاستيلاء على العملية الدبلوماسية عن طريق الامتناع عن المشاركة في المحادثات المدعومة من الأمم المتحدة، في حين تقيم هي محادثاتها الخاصة في سوتشي بالوقت ذاته، ومن ثم إظهار النوايا الحسنة لسكان سوريا المعارضين.

لن تحل الخطوات الموضحة هنا أزمة الحرب السورية، ولن تجبر الأسد على التفاوض، لكنَّها ستزيد من نفوذ الولايات المتحدة، وتضع ركيزةً أميركية تبدأ منها في الانخراط بشؤون سوريا بعد الهزيمة الصورية لـ"داعش" هناك. هذه الخطوات مكلفة وصعبة، لكنَّها تعكس أفضل طريقةٍ للتقدم في حربٍ شرسة ما زالت بعيدةً كل البعد عن نهايتها، وتهدد بنشوب صراعاتٍ جديدة، وربما أشد فتكاً.


اقرأ أيضا

"اخرجوا من سوريا بالحُسنى".. إسرائيل تتوعد إيران بكل أنواع الرسائل وتراقب موقف الصديق الروسي الغامض

عرض إسرائيلي لروسيا يحمي النظام السوري.. تل أبيب: الأسد في مأمن منا، لكن هذا شرطنا

الضربة التي يمكن أن تتلقاها إيران من الأسد وروسيا.. "هآرتس": تفاصيل عن مباحثات موسكو وتل أبيب حول جنوب سوريا

تحميل المزيد