“كان يعتقد أن هذه المهام لا يستطيع أن يؤديها سوى الأميركيين”.. اليمن يشهد أكبر عملية عسكرية بتنسيق مع الإمارات في العالم

عربي بوست
تم النشر: 2018/07/09 الساعة 18:04 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/07/10 الساعة 05:05 بتوقيت غرينتش
A Houthi fighter secures a rally to denounce the Saudi-led coalition's offensive on the Red Sea coast areas, in Sanaa, Yemen June 29, 2018. REUTERS/Mohamed al-Sayaghi

إنها معركة محورية لإجبار الحوثيين على التفاوض من أجل إنهاء الحرب الدائرة في اليمن  منذ 3 سنوات.

هكذا تصف الإمارات العملية العسكرية للسيطرة على مدينة الحُديدة الساحلية اليمنية.

ولكن هذه المعركة الضخمة والصعبة تمثل كذلك أكبر اختبارٍ حتى الآن للسمعة العسكرية المتنامية للإمارات، حسب تقرير لصحيفة The Wall street Journal الأميركية.

فقد علَّقت أبوظبي تقدمها حالياً بعد مواجهة ألغام أرضية، وطائرات بدون طيار، وقنَّاصة، وتحديات إنسانية، ما يطيل أمد الحملة الطويلة التي تدخل ضمن إطار تنافس واسع النطاق على الهيمنة الإقليمية.

في رأي الجريدة، "هذا التنافس يضع الإمارات والسعودية وغيرهما من الدولة المسلمة السُنيّة في مواجهة إيران الشيعية".

واصلت الاطراف المتحاربة في اليمن حشودها في محيط مدينة الحديدة استعدادا فيما يبدو لمعركة حاسمة هناك، مع تباطؤ الجهود الاممية في تحقيق اختراق توافقي لمنع انتقال العمليات القتالية الى المدينة الاستراتيجية وموانئها الحيوية للمساعدات الانسانية. وقالت مصادر اماراتية، ان 670 مقاتلا منالمقاومة التهامية حلفاء الحكومة انضموا الى جبهات القتال عند الساحل الغربي على البحر الاحمر، بعد أن تلقوا تدريبات مكثفة على أيدى قوات إمارتية في قاعدة عصب العسكرية الإريترية.

في المقابل دعا زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي الى المشاركة في "معركة اليمنيين الكبرى" ضد "الغزاة والمعتدين"، في اشارة للحملة العسكرية الضخمة المدعومة من السعودية والامارات نحو موانئ الحديدة.

نحن هنا لمنع تشكيل حزب الله جديد على أرض اليمن

 ويقول مسؤولون في دول الخليج العربية إنَّ إيران تستخدم ميناء الحديدة منذ فترة طويلة لنقل أسلحةٍ إلى الحوثيين.

ويتهمون إيران كذلك برعاية الجماعة اليمنية لتكون وكيلاً لها في اليمن على غرار حزب الله في لبنان والميليشيات الشيعية في العراق التي تدعمها طهران مالياً وعسكرياً.

وأقرَّ خبراء الأمم المتحدة أنَّ بعض الصواريخ البالستية التي استخدمها الحوثيون للتحرش بالسعودية منشأها في إيران.

لكن إيران تنفي تسليح الحوثيين. وليس هناك أي تواجد معروف لجنود إيرانيين في اليمن مثلما هو الحال في سوريا، حسب الصحيفة الأميركية.

ويقول بعض المسؤولين الغربيين إنَّهم يتشكَّكون في كون مساعدة طهران العسكرية للحوثيين تهدف لجرّ السعودية والإمارات إلى صراعٍ مكلف.

وهنا لانتزاع ميناء الحديدة من أيدي الحوثيين

وتريد أبوظبي، التي تعمل على الأرض مع فرق عسكرية يمنية مُدرّبة على يد الإماراتيين، انتزاع الميناء من قبضة الحوثيين في أقرب وقتٍ ممكن، قائلةً إنَّه يُولّد إيرادات بنحو 40 مليون دولار شهرياً لصالح حكومة الحوثيين التي تحكم العاصمة اليمنية صنعاء.

وتعيد الفرق العسكرية تنظيم صفوفها وسط مباحثات سياسية تهدف إلى تجنُّب ما تُحذِّر مجموعات الإغاثة من أنَّه سيكون كارثة في حال لم تتمكَّن إمدادات الغذاء والدواء عن الانتقال عبر الميناء.

تظاهرات في مدينة صنعاء
تظاهرات في مدينة صنعاء

لكن بالنسبة لآلاف الجنود اليمنيين المتقدمين من الجنوب والذين زادتهم سنوات الحرب صلابةً، تُمثِّل الألغام الأرضية -التي يوجد الكثير منها مُغلَّفاً بألياف زجاجية ومدهونة كي تبدو مثل الصخور- أكثر التحديات صعوبةً.

وقال الشيخ عبدالرحمن اللحجي، قائد اللواء الثالث عمالقة، وهو أحد أفرع القوات اليمنية الموالية للتحالف والتي تحارب في الحديدة: "تُدمِّر الألغام الأرضية دباباتنا ومركباتنا".

وتُشكِّل هجمات الحوثيين المتكررة على طول الطريق الساحلي شديد الرياح والقاحل إلى حدٍ كبير المؤدي إلى الحديدة، مروراً بمديرية الخوخة حيث تحتفظ الإمارات بقاعدة أمامية، تحدياً آخر.

جئنا إلى اليمن بعد أن وسعنا نفوذنا في شرق أفريقيا  

وتعد الإمارات واحدةً من أصغر دول المنطقة، لكنَّ لديها طموحاً عسكرياً هو الأكبر هناك، على حد تعبير الجريدة.

وفي ظل وجود نحو 63 ألف جندي إماراتي فقط نشطين في الخدمة، تمكَّنت الإمارات من توسيع نفوذها سريعاً عبر شبه الجزيرة العربية وشرق إفريقيا.

وتمتلك الإمارات عدداً من القواعد العسكرية في الصومال وإريتريا وعلى طول الساحل اليمني. وفي عام 2016، هزمت القوات المدعومة من الإمارات تنظيم القاعدة في مدينة المكلا الواقعة جنوبي اليمن.

ورغم قيادة السعودية لقوات التحالف التي تحارب الحوثيين في اليمن، تتولى الإمارات إدارة معركة الحديدة. وتنظر الإمارات إلى الحديدة باعتبارها نقطة فاصلة محتملة ستُحوِّل مجريات الصراع الممتد، كما أنَّها تُمثِّل اختباراً لمدى قدرة الإمارات على تدريب وتسليح ونشر القوات المحلية لتحقيق أهدافها العسكرية.

ورغم ذلك لم نقترب بعد من الانتصار الكامل

"تُعَد الحديدة أكبر عملية عسكرية تُنسِّقها الإمارات في أي مكانٍ في العالم، حسب مايكل نايتس، زميل بارز في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى والذي درس تطوّر الجيش الإماراتي عن كثب.

ويقول "كان الناس يعتقدون أنَّ هذه النوعية من المهام لا يستطيع أن يؤديها سوى الأميركيين".

وبعد مرور ثلاث سنوات من القتال، نجح التحالف وحلفاؤه اليمنيون في كسب أرض، لكن لم يقتربوا من تحقيق انتصارٍ كامل.

ووفقاً لتقديرات الأمم المتحدة، قُتِل أكثر من 10 آلاف شخص في القتال. وتقول الأمم المتحدة إنَّ أكثر من ثلاثة ملايين شخص فرّوا من منازلهم، بينهم أكثر من 120 ألف شخص بسبب معركة الحُديدة وحدها؛ ويوجد أكثر من 22 مليون شخص -أي أربعة أشخاص من بين كل خمسة يمنيين تقريباً- في حاجةٍ إلى المساعدة.

التقدم البطيء هدفه منح السكان فرصة للنجاة

ويُعد ميناء الحديدة بوابةً رئيسية لثلاثة أرباع المساعدات اليمنية، ولجميع شحنات السلع الغذائية التجارية تقريباً.

وقال مسؤولون إماراتيون إنَّ التقدم البطيء للعملية العسكرية يمنح سكان المدينة البالغ عددهم 400 ألف نسمة أفضل فرصة للنجاة، إذ يسمح تنفيذ العملية خطوةً بخطوة في الإبقاء على ميناء المدينة مفتوحاً لتلقي المساعدات وإتاحة فترات يتوقف خلالها القتال لإفساح المجال أمام لجهود الدبلوماسية من أجل الوصول إلى اتفاق مع الحوثيين للانسحاب سلمياً.

وناشدت منظمات الإغاثة قوات التحالف عدم مهاجمة المدينة، ولم تُقدِّم الولايات المتحدة سوى دعمٍ فاتر لخطة حلفائها، ويعود جزء كبير من ذلك إلى المخاطر الإنسانية المحيطة بها.

ولكن بهذه الطرق استطاع الحوثيون تفادي غارات التحالف

ويأمل التحالف أن يساهم تنفيذ العملية العسكرية على مراحل في تخفيف حدة بعض هذه المخاوف، فضلاً عن إتاحة مزيد من الوقت لمباحثات السلام التي يُجريها المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث.

مدينة الحديدة
مدينة الحديدة

وقال وزير الخارجية الإماراتي للأمم المتحدة الشهر الماضي يونيو/حزيران إنَّ الإمارات لديها 50 ألف طن متري من المساعدات الغذائية الجاهزة للدخول إلى المدينة. وتُجهِّز الإمارات كاسحات ألغام ورافعات وغيرها من المعدات لإصلاح الميناء بعد السيطرة عليه.

لكنَّ هذا الهدف تأجَّل بسبب تمكُّن المقاتلين الحوثيين في التفرّق لتفادي الضربات الجوية واختباء قناصتهم في الأراضي الزراعية لمهاجمة قوات التحالف.

كما أطلقوا سلاحاً جديداً لم يسبق لهم استخدامه من قبل

استخدم الحوثيون أيضاً طائرات بدون طيار للتجسس والهجوم على القوات الموالية للتحالف. وبينما نجحت القوات اليمنية في إسقاط بعض هذه الطائرات بدون طيار، نجحت أخرى في إلقاء متفجرات أدت إلى خسائر بشرية وتدمير للمعدات.

وقال الشيخ عبد الرحمن: "نحاربهم منذ وقتٍ طويل. لكن هذه هي المرة الأولى التي يستخدمون فيها مثل هذه الأسلحة".

وقال الشيخ عبد الرحمن أيضاً إنَّه بعد وصول قواته إلى ضواحي الحديدة، تمركز المقاتلون الحوثيون في مناطق المدنيين ووضعوا مركباتهم العسكرية في المستشفيات والمناطق السكنية.

في المقابل، قال لؤي الشامي، أحد المتحدثين باسم الحوثيين، إنَّ التحالف هو مَن يُعرِّض حياة المدنيين للخطر بمحاولته الاستيلاء على مطار وميناء المدينة. وتابع: "عندما فشلوا في السيطرة عليهما ومُنوا بخسائر فادحة، زعموا أنَّهم أبطأوا العملية العسكرية بسبب المدنيين".

والآن بعد كل هذا القتال يبدو مصير المطار غامضاً

وتمكَّنت قوات التحالف من السيطرة على المطار الشهر الماضي، لكنَّ وسائل إعلام الحوثيين أظهرت أنَّ قوات الحوثيين استعادت منذ ذلك الحين سيطرتها مجدداً على أجزاء من المطار.

ولم يرد متحدث باسم التحالف على طلب للتعليق على الوضع في المطار.

وقال الشامي إنَّ الحوثيين أبطأوا تقدم التحالف عبر قطع خطوط الإمدادات ومفاجأة قوات التحالف بالطائرات بدون طيار والهجمات الصاروخية.

وأظهر مقطع فيديو نشرته وسائل الإعلام الحوثية هذا الشهر يوليو/تموز طائرات بدون طيار وهي تقوم بالمراقبة وتلقي قنابل على مواقع على ساحل البحر الأحمر. وبدا أنَّ إحدى هذه الطائرات إصدار مصغر من الطائرة بدون طيار الإيرانية التي اعترضتها قوات التحالف في وقتٍ سابق.

 

تحميل المزيد