جدل حاد حول قانون “الصحافة والإعلام” بمصر.. وهذه أبرز نقاط الخلاف

عربي بوست
تم النشر: 2018/07/09 الساعة 08:24 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/07/09 الساعة 08:28 بتوقيت غرينتش
FILE PHOTO: Egyptian journalists hold up their cameras outside the Egyptian Press Syndicate in downtown Cairo, Egypt April 28, 2016. REUTERS/Mohamed Abd El Ghany/File Photo

وينظم مشروع القانون الذي وصفه مسؤول حكومي بأنه بـ"3 أرواح (أي 3 نصوص) كافة أوجه العمل الصحفي والإعلامي بالبلاد، ممثلاً في 3 نصوص معنية بتنظيم شؤون "الهيئة الوطنية للصحافة" و"المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام"، وكذلك تنظيم عمل الصحافة والإعلام بالبلاد.

البرلمان يدعو القانون في سبيل تنفيذ توجيهات الحكومة

وحاز المشروع بنسخه الثلاثة موافقة برلمانية مبدئية يومي 10 و11 يونيو/حزيران الماضي، وأحيل لمجلس الدولة المعنيّ بدراسة مدى دستوريته، وكانت المفاجأة في مذكرة مجلس الدولة

مذكرة مجلس الدولة تنسف القانون وتطعن في قانونيته

لفت مجلس الدولة من خلال قسم التشريع في المجلس انتباه الحكومة إلى بعض الملاحظات حول قانون الصحافة وإرسال ملاحظاته إلى "النواب" بشأن مشروع قانون الصحافة الذي كان قد وافق عليه البرلمان.

وتحفظ المجلس على المادة التي تحظر تأسيس مواقع إلكترونية في مصر أو إدارتها أو إدارة مكاتب أو فروع لها تعمل من خارج البلاد، إلا بعد الحصول على ترخيص من المجلس الأعلى للإعلام وفق الضوابط والشروط التي يضعها.

وقال  إن تلك المادة تثير شبهة عدم دستورية؛ لأن مشروع القانون يستهدف تنظيم ممارسة وحماية حرية الصحافة والإعلام من خلال ملكية المؤسسات الصحافية والإعلامية، ومن ثم كان لزاماً على مشروع القانون أن يضع الإطار العام الذي يحكم منح التراخيص.

وتحدث أيضاً عن عَوارٍ دستوري وانتهاك لحرية الصحافة التي كفلها الدستور في ما يتعلق بإلزام القانون الصحافي أو الإعلامي بالحصول على تصريح لتأدية عمله. وشدد على ضرورة حذف اشتراط حصول الصحافي أو الإعلامي على التصاريح اللازمة لممارسة حقه.

ولفت إلى إغفال القانون تحديد الطريقة أو الأداة التي يتم بموجبها تحصيل الضرائب والرسوم من الوسائل الإعلامية، أو المواقع الإلكترونية أو رسوم تراخيص إعادة البث من مصر وإليها، فضلاً عن إغفال مشروع القانون لنصٍّ يسمح بالطعن أمام محكمة القضاء الإداري على قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بإغلاق المواقع الإلكترونية المؤسسة في مصر، أو مكاتب وفروع المواقع الإلكترونية التي تعمل من الخارج دون الحصول على ترخيص مسبق من المجلس، كما طلب السماح بالطعن لمسؤولي المواقع وأصحاب الحسابات الشخصية والمدونات التي يُقرر المجلس حجبها.

تحركات حثيثة للجماعة الصحفية لوقف تمرير القانون

في المقابل، تحركت الجماعة الصحفية بمصر معبرة عن مخاوفها من مواد محددة متعلقة بحريات وحقوق المهنة، في مقدمتها إعادة عقوبة الحبس للصحفيين.

وتصادفت الموافقة المبدئية على مشروع القانون مع ذكرى احتجاجات لنقابة الصحفيين عام 1995، في العاشر من يونيو/حزيران آنذاك، على قانون صدر في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك كان يعزز من حبس الصحفيين، قبل أن تسهم الاحتجاجات النقابية في إلغائه.

وإذا تم إقرار مشروع القانون نهائياً سيتم إعادة تشكيل المجلس الأعلى للإعلام والهيئتين الوطنيتين للصحافة والإعلام ومجالس الصحف المملوكة للدولة، وفق تقارير صحفية.

ويختص المجلس الأعلى للإعلام وفقاً لمشروع القانون بالترخيص والتصريح لجميع الكيانات والمؤسسات والوسائل الصحفية والإعلامية، والمواقع الإلكترونية، فيما تختص الهيئة الوطنية للصحافة بالرقابة على أعمال كافة الكيانات والمؤسسات والوسائل الصحفية، والمواقع الإلكترونية الصحفية المملوكة للدولة.

أما الهيئة الوطنية للإعلام فتختصّ بالرقابة على كافة الكيانات والمؤسسات والوسائل الإعلامية العامة، والمواقع الإلكترونية الإعلامية المملوكة للدولة.

أعضاء بمجلس نقابة الصحفيين يتحفظون على بنود القانون

صدرت التحفظات والرفض ضد مشروع القانون، وفق بيانات صدرت من صحفيين بارزين في الفترة من 18 يونيو/حزيران الماضي، وإلى 5 يوليو/تموز الجاري.

ومن أبرز المتحفظين: أعضاء مجلس النقابة الحالي جمال عبدالرحيم، ومحمد سعد عبدالحفيظ، ومحمود كامل، بخلاف أعضاء سابقين بالمجلس بينهم النقيب يحيى قلاش، ووكيلا النقابة السابقان محمد عبدالقدوس، وخالد البلشي، بخلاف السياسي حمدين صباحي، وأحمد السيد النجار الرئيس السابق لمجلس إدارة مؤسسة الأهرام.

وتبلور هذا الرفض في تحفّظ رسمي من قبل مجلس نقابة الصحفيين بمصر، في 20 يونيو/حزيران الماضي، على عدد من مواد المشروع لم تكشف عنها، وإعلانه تقديم مقترحات بديلة.

وقال جمال عبدالرحيم، عضو مجلس نقابة الصحفيين، إن النقيب الحالي عبدالمحسن سلامة غير مهتم بآثار القانون ولا بالمعركة الدائرة حوله، وهذا أمر مفهوم فهو على رأس مؤسسة قومية، في إشارة إلى الأهرام، وبالتالي لا يستطيع القيام بدوره النقابي بشكل جيد.

وأشار في تصريحات خاصة لـ"عربي بوست" إلى أن النقابة ليس أمامها حل سوى الدعوة لانعقاد عاجل للجمعية العمومية لبحث الأزمة الحالية وعلى الصحفيين الانتفاض لإنقاذ مستقبل مهنتهم من الضياع.

استقالة مسببة تبعها تهديد باستقالات مماثلة

والخميس الماضي، أعلن أبوالسعود محمد، عضو مجلس نقابة للصحفيين، استقالته احتجاجاً على مشروع القانون، فيما دعا أعضاء آخرون بالمجلس لاجتماع طارئ ملوحين بالاستقالة.

ووصفت أغلب البيانات القانونَ المحتمل بأنه "تغوّل على الحريات الصحفية"، و"سيطرة على صفحات منصات التواصل الاجتماعي"، و"اعتداء على الدستور وردة واضحة عن الحريات الصحفية"، و"فتح لباب الهيمنة على العمل الصحفي"، مطالبة بإسقاط تلك المواد أو تعديلها.

ومن أبرز التحفظات على مواد مشروع القانون:

– السيطرة على مجالس الإدارات والجمعيات العمومية للصحف المملوكة للدولة، بتقليل عدد المنتخبين ورفع عدد المعينين من خارجها، وعدم اتخاذ الأخيرة قرارات إلا بموافقة من هيئة الصحافة.

– تجاهل "المد الوجوبي" لسن المعاش للصحفيين إلى 65 عاماً واستثناء من تراهم المؤسسات "خبرات نادرة".

– يتحدث القانون الجديد عن إتاحة الفرصة أمام الصحفيين للحصول على المعلومات، لكنه لا يفرض أية عقوبات على من يمنع المعلومات عنهم.

– يتعامل القانون الجديد في معظم نصوصه مع المؤسسات القومية باعتبارها شركات هادفة للربح، وهو الطريق الأمثل للاتجاه لخصخصة هذه المؤسسات.

– قانون نقابة الصحفيين يقصر عملية تأديب الصحفيين على النقابة فقط، إلا أن القانون الجديد منح المجلس الأعلى للإعلام حق توقيع عقوبات على الصحفيين، والحق في مراقبة وحجب ووقف الحسابات الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي التي يزيد عدد متابعيها على خمسة آلاف شخص.

– استخدام كلمات فضفاضة من نوعية بث الكراهية والتحريض وتهديد الديمقراطية والمواد الإباحية وغيرها مما قد تستخدم ضد الصحفيين.

– إعادة الحبس الاحتياطي في قضايا النشر، بعدما تم إلغاؤه عام 2012.

– عدم عرض القانون على نقابة الصحفيين، ما يخالف الدستور الذي نص على أنه "يؤخذ رأي النقابات المهنية في مشروعات القوانين المتعلقة بها".

– فتح الباب أمام النيل من الصحافة القومية، بإعطاء حق إلغاء ودمج المؤسسات والإصدارات الصحفية.

على الجانب الآخر لا يرفض مجلس النواب تمرير القانون بل على العكس أيده بقوة.

وقد انطلق التأييد من لحظة مناقشة البرلمان لمشاريع القوانين، لاسيما في صفوف البرلمانيين، وفق تقارير وتصريحات صحفية.

وآنذاك قال عمر مروان، وزير مجلس النواب المصري، إن مشروع قانون تنظيم الصحافة والإعلام "يستهدف التنظيم المهني والمؤسسي، ويلبي استحقاقات دستورية".

وأوضح في تصريحاتها أوردتها صحيفة الأهرام المملوكة للدولة أن القانون بـ"3 أرواح"، لافتاً إلى أن الحكومة تقدمت بمشروع قانون واحد، إلا أن لجنة الإعلام بمجلس النواب قامت بتقسيم القانون لـ3 مشروعات قوانين، لتنظيم عمل كل تنظيم مؤسسي ومهني.

بدوره، قال صلاح حسب الله، المتحدث باسم البرلمان، إن مشروع قانون تنظيم الصحافة والإعلام "ترجمة حقيقية للإرادة السياسية لتعظيم حرية الرأي وتداول المعلومات، باعتباره استحقاقاً دستورياً واجباً".

كما أكد علي عبدالعال، رئيس مجلس النواب، أن "مشروع القانون تمت مناقشته بشكل موسع مع جميع الأطراف المعنيين، وليس به أي مواد سالبة للحرية".

وأوضح كرم جبر، رئيس الهيئة الوطنية للصحافة، أن "مشروع القانون جاء مطابقاً لنصوص الدستور، وليس مخالفاً له"، نافياً وجود نصوص تؤدي إلى حبس الصحفيين.

وكشف أسامة هيكل، رئيس لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب، عن أن "مشروع القانون سيصدر خلال دور الانعقاد الحالي لمجلس النواب بعد أن انتهى مجلس الدولة من مراجعته"، دون تحديد موعد.

وأشار إلى أن "نقابة الصحفيين قدمت إلى مجلس النواب ملاحظات بشأن مشروعات القوانين (لم يحددها)"، ووصفها بأنها "موضوعية".

ورغم أن صحفيين بمصر يشكون خلال السنوات الأخيرة من توقيفات طالت عشرات منهم، وحجبت عدداً من المواقع الإلكترونية، فإن السلطات المصرية دائماً ما تتحدث عن دعمها للحريات وسيادة القانون.

ولم تستجب الرئاسة المصرية لمطلب بارز رفعته نقابة الصحفيين بإقالة وزير الداخلية في أعقاب تدخل الشرطة للقبض على صحفيين من مقر النقابة (وسط القاهرة) عام 2016، في سابقة تاريخية اعتبرتها النقابة وقتها "اقتحاماً" وسط نفي أمني متكرر.

علامات:
تحميل المزيد