فيما يستغرق الرئيس الإيراني حسن روحاني في حل الأزمة الحالية المتعلقة بتصدير النفط وتأثير انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الذي أبرمته مع دول غربية والصين وروسيا في 2015، تبدو الأزمة الداخلية غير قابلة للتأجيل، أو على الأقل تجميدها في الوقت الحالي.
الاحتجاجات في مدينة برازجان، بمحافظة بوشهر، جنوب إيران، الواقعة على الخليج العربي، تجددت مرة أخرى للمطالبة بتأمين المياه الصالحة للشرب، حيث خرج المئات إلى شوارع المدينة، مساء الأحد، وهم يهتفون بشعار: "الموت للديكتاتور".
وتعد هذه الليلة الثانية التي یخرج فیها أهالي مدینة برازجان إلى الشوارع؛ للاحتجاج على شُح المياه، حيث تجمعوا ليلة السبت في ساحة مستشفى المدينة، وهتفوا بشعارات ضد الحكومة، منها "لا نريد حكومة فاشلة"، و"لا غزّة، لا لبنان، روحي فداء إيران"، وكذلك "اتركوا سوريا وفكروا في حالنا".
وكانت قوات الأمن الإيرانية اشتبكت مع متظاهرين في جنوب غرب إيران، الأسبوع الماضي ، بعد إصابة عدة محتجين في مواجهات ليلية اندلعت تنديداً بتلوث المياه، وفق ما ذكرت تقارير صحفية محلية.
واندلعت التظاهرات الأخيرة في عبادان الواقعة على بعد 12 كلم من مدينة خرمشهر؛ حيث أصيب 11 شخصاً عندما فتح مسلح مجهول النار على تظاهرة، وفق ما أفاد به مسؤولون.
محمد خاتمي يخرج من العزلة الاضطرارية ويتهم روحاني بالديكتاتورية والفشل
على الرغم من دعوات أطلقها روحاني الأيام الماضية مخاطباً الشعب الإيراني بضرورة الوطنية من أجل الحفاظ على "ثقة" و"أمل" الشعب في أجواء من التوتر الداخلي المتصاعد حيال الوضع الاقتصادي في البلاد، في محاولة لتجييش الداخل الإيراني في مواجهة ما يراه مؤامرات أميركية على مستقبل المشروع النووي الإيراني، ورغبة منه في تأجيل الصدام السياسي مع الداخل الإيراني في ظل الأزمة الاقتصادية المستشرية حالياً، فإن الرئيس الأسبق محمد خاتمي، وفي خطوة مفاجئة، وجَّه انتقاداً لاذعاً للنظام السياسي الحالي في طهران، وعلى رأسه حسن روحاني، وقال: إن بلاده عادت مئة عام للوراء في مجال الديمقراطية والعدالة .
وأعرب خاتمي عن أسفه لما آلت إليه البلاد قائلاً: "لقد دافع رجل الدين آية الله النائيني منذ 100 سنة مضت عن حقوق ووجود المسيحيين والزرادشتيين واليهود في البرلمان، في حال أن إيران اليوم متخلفة وتمنع وجود غير المسلمين حتى في مجلس المدينة".
وفيما طالبت منظمة العفو الدولية السلطات الإيرانية بإجراء تحقيق نزيه وشامل في التقارير التي تفيد بأن قوات الأمن استخدمت القوة المفرطة بما فيها الأسلحة النارية ضد المتظاهرين السلميين، خلال الاحتجاجات الأخيرة في إقليم الأهواز العربي؛ حيث يطالب الناس بمياه الشرب النظيفة. قالت "منظمة حقوق الإنسان الأهوازية" إن السلطات الإيرانية اعتقلت أثناء "انتفاضة العطش" خلال الأيام الأخيرة في مدينتي المحمرة وعبادان 125 شخصاً تظاهروا ضد ظاهرة تلوث وملوحة مياه الشرب.
وفي بيان نشره موقع محمد خاتمي الإلكتروني من خطابه أمام مجموعة من الشباب الليلة الماضية، قال خاتمي: "لقد تراجعنا كثيراً في حربنا ضد الفساد وتوفير العدالة في المجتمع والتي تعد الركيزة الأساسية لمبادئنا". كما حث خاتمي الإصلاحيين على العودة للمبادئ ومعالجة إحدى القضايا الأساسية التي تهدد استقرار البلاد، وهي انتشار وتفشّي الفساد.
وحذر خاتمي من "استياء" الشعب بعد اضطرابات يناير/كانون الثاني الماضي، قائلاً: إن جميع الوكالات والجهات الحكومية تتحمل المسؤولية.
مظاهر الفساد المالي في إيران لا تخطئها العين
وتعيش طهران أزمة كبيرة تتعلق بالفساد المالي المتشعب، وتعتبر قضية رجل الأعمال "شهرام جزائري" التي اتخذت أبعاداً سياسية ودينية، من أكبر قضايا الفساد في إيران، فضلاً عن قضية الاختلاس الكبير، وهي القضية التي زلزلت حكم أحمدي نجاد عام 2011، وقدر حجم الفساد فيها بنحو 2 مليار و700 مليون دولار تم تهريبها إلى خارج البلاد، بالإضافة إلى قضية الرواتب الفلكية لأعضاء الحكومة في ظل حكم حسن روحاني، وأن 400 مدير ومسؤول في الحكومة يتقاضون رواتب خيالية، في الوقت الذي يعاني فيه الشعب الإيراني من كساد اقتصادي.
وفي مؤشر مدركات الفساد الذي تصدره منظمة الشفافية الدولي حصلت إيران على 27 نقطة من 100 نقطة؛ حيث تمثل النقاط الأعلى الشفافية الأعلى والفساد الأقل، حيث جاءت في المرتبة 130 عالمياً من أصل 168 دولة، في تقرير سابق عام 2012 كانت إيران في المركز 133 عالمياً من أصل 174 دولة من حيث الفساد.
ومن طرق الفساد المالي والمصاحبة لفساد إداري، التهرب من الضرائب، حيث وصلت قيمة التهرب من الضرائب سنوياً في إيران إلى ما بين 120 إلى 130 ألف مليار تومان، وما قيمته 900 مليار تومان في أصفهان فقط.