“كيم لم يتعلم الدرس”.. الإيرانيون يخشون تفرّغ ترمب لهم بعد قمة سنغافورة، وكوريا الشمالية تتحول من “نموذج” لـ”أُمثولة”

عربي بوست
تم النشر: 2018/07/08 الساعة 16:30 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/07/08 الساعة 16:30 بتوقيت غرينتش
North Korea's leader Kim Jong Un (L) shakes hands with US President Donald Trump (R) after taking part in a signing ceremony at the end of their historic US-North Korea summit, at the Capella Hotel on Sentosa island in Singapore on June 12, 2018. Donald Trump and Kim Jong Un became on June 12 the first sitting US and North Korean leaders to meet, shake hands and negotiate to end a decades-old nuclear stand-off. / AFP PHOTO / POOL / Anthony WALLACE

صُدم عددٌ من الإيرانيين ونظروا بتشاؤم للمحاولة الأخيرة للزعيم الكوري الشمالي للتوصل إلى اتفاقٍ مع الرئيس الأميركي ، وبالتالي، التوصل لمصالحةٍ مع العالم الغربي.

إذ يبدو أن كيم جونغ أون سيتركهم وحدهم في صف المعادين لأميركا، مما قد يزيد الوطأة عليهم

كما أن هناك علاقات قوية تاريخياً بين طهران وبيونغ يانغ، والأهم أن كوريا الشمالية كانت نموذجاً ملهماً للصمود، خاصة بالنسبة للمحافظين الإيرانيين، حسب تقرير لموقع Middle East Eye البريطاني.

ولكن جاء اجتماع يونيو/حزيران 2018 التاريخي بين دونالد ترمب وكيم جونغ أون بعد أسابيع فقط من انسحاب الرئيس الأميركي من الاتفاق النووي الإيراني، المعروف رسمياً باسم خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA)،  ليثير قلق الإيرانيين، وخاصة توقيت القمة التي عقدت في سنغافورة.

علاقات تاريخية وطيدة.. ففي الظروف الصعبة أنقذت كوريا الشمالية إيران عندما تخلى عنها الجميع

تمتعت طهران لسنواتٍ طويلة بعلاقاتٍ ودية مع عائلة كيم الحاكمة لكوريا الشمالية، بدأت مع انتصار الثورة الإسلامية عام 1979.

وساعد نهج المرشد الأعلى لإيران آية الله الخميني "المناهض للإمبريالية" في تمهيد الطريق للعلاقات الدافئة بين البلدين.  

ومع بدء العراق حرباً دامت ثماني سنوات ضد إيران عام 1980، وجدت طهران نفسها وحيدةً، فانجذبت بشكلٍ متزايد إلى كوريا الشمالية وليبيا.

وفِي حين قدمت الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي لاحقاً المساعدة للرئيس العراقي الأسبق صدام حسين وأمدتاه بأسلحةٍ متطورة، تحولت كوريا الشمالية تدريجياً إلى واحدةٍ من المصادر الرئيسية لإمداد إيران بالمعدات العسكرية والأسلحة.

وفي هذا السياق، وفي عام 1981، زار رئيس البرلمان الإيراني آنذاك آية الله أكبر هاشمي رفسنجاني بيونغ يانغ، واجتمع مع الزعيم الكوري الشمالي كيم إيل سونغ، وهي خطوة زادت من تعزيز العلاقات.

وتعززت العلاقات مرةً أخرى في عام 2002، عندما أطلق الرئيس الأميركي جورج بوش (الابن) على إيران والعراق وكوريا الشمالية ما سمّاه "محور الشر".

الإيرانيون كانوا يسخرون من كيم والآن يشعرون أن ما فعله سيضر بمصالحهم، كما أنهم يعتبرونه قد تنازل

يميل الشعب الإيراني إلى النظر لكوريا الشمالية باعتبارها دولةً معزولة ذات اقتصاد ضعيف.

ويُعتَبر كيم جونغ أون شخصيةً مشهورة بين الإيرانيين؛ إذ يتحدثون بسخريةٍ عن الزعيم الكوري الشمالي وسلوكياته "الغبية" و"الساذجة" وسياساته.

ومع ذلك، ينظر الناس بإيران في الأشهر الأخيرة إلى قضية كوريا الشمالية على محمل الجد؛ لأنَّ عدداً منهم يظن أنَّ محاولة كيم و ترمب قد تضر بمصالح طهران.

وقال محسن قاسم زاده، المهندس المدني البالغ من العمر 37 عاماً، لموقع  Middle East Eye البريطاني: "في البداية، يجب أن أقول إنَّني لم أكن أتوقع أن يتصالحوا هكذا، وفاجأني الأمر.

والآن، أعتقد أنَّ الولايات المتحدة تحاول الوصول لاتفاق مع كوريا الشمالية حتى تُركز أكثر على إيران، فهم يريدون على الأقل إزالة دولةٍ واحدة من قائمة أعدائهم".

وأضاف قاسم: "الطريقة التي تصرفت بها كوريا الشمالية والقادة الأميركيون صورت أميركا في وضعٍ أكثر قوة، وفي الوقت نفسه صورت كوريا الشمالية على أنَّها ضعيفة. والصفقة الجديدة بين كيم وترمب هي بالتأكيد ضد مصالح إيران، ومن الآن فصاعداً سيكون للولايات المتحدة تركيزٌ أكبر على بلدي".

ولكن البعض يلتمس له العذر

"كيم جونغ أون لم يكن يملك خياراً آخر، ووصل إلى طريقٍ مسدود"، هكذا ترى سارة بوراهادي (33 عاماً)، وهي طالبة دكتوراه في التاريخ الإسلامي بجامعة طهران.

وقالت بوراهادي: "الآن وقد انتهى العداء بين البلدين، يُمكن لشعب كوريا الشمالية التمتع بالرفاهية والتقدم".

وأضافت: "إذا لم يجرِ التوصل إلى هذا الاتفاق، لربما نشهد سباق تسلحٍ مرةً أخرى، والنتيجة الوحيدة قد تتمثل في بؤس شعب كوريا الشمالية. لقد كان ذلك أفضل شيء يمكن أن يفعله كيم".

ومع ذلك، فإنَّ رضا طايبي (27 عاماً)، وهو سائق سيارة أجرة، ينظر بتشاؤم إلى نتيجة أي صفقة تُعقد بين ترمب وكيم. وقال: "أعتقد أنَّ المحادثات ووعودهم لبعضهم البعض لن تتحقق. لقد توصلنا إلى اتفاقٍ مع الولايات المتحدة لإلغاء العقوبات، لكنَّ ترمب قضى على الاتفاق النووي، في حين لم تنتهكه إيران".

وأردف قائلاً: "بالنظر إلى ما حدث لإيران، فلِمَ يثق الزعيم الكوري الشمالي ثقةً كاملة في ترمب؟".

عندما كانت كوريا الشمالية نموذجاً يشار إليه بالبنان

خلال المحادثات النووية بين إيران ومجموعة 5+1 (الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وروسيا والصين وألمانيا)، التي نتج عنها أخيراً اتفاق عام 2015، دعا المتشددون والمحافظون مراراً وتكراراً حكومة الرئيس حسن روحاني المعتدلة إلى ترك المفاوضات، وشددوا على "نجاح" نهج كوريا الشمالية في مواجهة الغرب.

ومع خروج ترمب من الاتفاق النووي، وبَّخ المحافظون مرةً أخرى المعتدلين والإصلاحيين لقبولهم عقد صفقةٍ مع الغرب، ونصحوهم باتباع خطى كوريا الشمالية.

وفي 15 أغسطس/آب 2017، كتبت صحيفة كيهان، التي تُعبر عن موقف المتشددين: "كوريا الشمالية لم تقدم استجابةً إيجابية لطلب أميركا للتفاوض، وأعلنت أنَّ برنامجها النووي والصاروخي غير قابل للتفاوض".

وذكرت الصحيفة أنَّه "يُمكن التأكيد على أنَّ كوريا الشمالية [تعلمت درساً] من المفاوضات غير المجدية والكارثية لإيران مع أميركا، وبالتالي قرر [هذا البلد] ألا تخدعه واشنطن كما فعلت بنا".

ثم وصفت الصحيفة سياسة كوريا الشمالية بأنَّها "مثال ناجح لمواجهةٍ قوية ضد عدم احترام الولايات المتحدة التزاماتها"، و"مثال مُظفر على المقاومة لا التسوية".

ومع ذلك، عندما التقى ترمب وكيم في العاصمة الماليزية سنغافورة، بدا أنَّ المتشددين قد نسوا كل نصائحهم للإصلاحيين، وصوَّروا أنفسهم بطريقةٍ ما مؤيدين للاتفاق النووي.

وفي 12 يونيو/حزيران، بعد يومٍ واحد من اتفاق ترمب وكيم، قللت "كيهان" من أهمية القمة وكتبت: "يعتقد عددٌ من محللي السياسة الخارجية أنَّه من خلال العرض الصاخب للمفاوضات مع كوريا الشمالية، يسعى ترمب للرد على جميع الانتقادات العالمية حول انسحابه الأحادي من الاتفاق النووي، ليُظهر نفسه كرجل دولة مسيطر ومفاوض عظيم".

ولكن البعض غير متشائم ويقول: إيران ليست كوريا.. ولا نُخفي شيئاً

"العلاقة بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة لن يكون لها تأثيرٌ قوي على الأزمات ما بين طهران وواشنطن. لكنَّني لا أقول إنّّ ذلك لن يكون له تأثير، أقول فقط إنَّه لن يكون كبيراً"، حسبما يرى محمد رضا طاجيك، وهو دبلوماسي إيراني سابق.

وقال طاجيك لموقع Middle East Eye: "موقف إيران في العالم يختلف عن كوريا الشمالية. كوريا الشمالية هي دولة معزولة في شبه الجزيرة الكورية تُحيط بها الولايات المتحدة وحلفاؤها. ولهذا السبب اختارت السعي لامتلاك السلاح النووي لتصبح في مأمنٍ من المخاطر. لكنَّ إيران لاعبٌ نشيط في الشرق الأوسط، ولا تعود خلافاتها مع الولايات المتحدة إلى القضايا النووية فحسب".

وتابع قائلاً: "هناك خلاف بين إيران والولايات المتحدة حول دورهما في الشرق الأوسط، فضلاً عن بنية العلاقات بين البلدين. وبالتالي، فإنَّ محادثات قادة الولايات المتحدة وكوريا الشمالية لن تؤثر على وضع الاتفاق النووي وإيران.

فالأوروبيون وروسيا والصين يعتبرون قرار ترمب بالانسحاب من الاتفاق غير مبرر. ومن ثَمّ فإنَّ محادثات ترمب – كيم لن تدفع هذه الدول إلى نسيان ما فعلته الحكومة الأميركية تجاه الاتفاق الإيراني".

ورداً على سؤالٍ حول إمكانية توصّل كوريا الشمالية إلى اتفاقٍ جديد مع ترمب حول إيران، قال طاجيك: "برنامج إيران النووي ليس لديه ما يُخفيه. والحقيقة هي أنَّ ما فعلته إيران في الماضي وتفعله الآن يُراقبه مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ونتيجةً لذلك، لا يوجد ما تخفيه طهران، ولن يقلق هذا البلد بشأن ما قد يخبره كيم لترمب".

تحميل المزيد