وجدوها معروضة للبيع على الإنترنت ولم يُحضروها بعملية استخباراتية.. ابنة جاسوس إسرائيلي تكشف حقيقة استعادة الموساد ساعة والدها

عربي بوست
تم النشر: 2018/07/06 الساعة 15:41 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/07/06 الساعة 15:41 بتوقيت غرينتش

كشفت صوفي بندور ابنة الجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين، الذي أُعدم قبل نصف قرن بسوريا، عن حقيقة العثور على ساعة والدها، التي أعلنت إسرائيل أنها استعادتها من سوريا بعد عمل قال عنه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الخميس 5 يوليو/تموز 2018، إنه "جريء وشجاع".

وكذبت صوفي بندورو، الجمعة 6 يوليو/تموز 2018، في تصريح لموقع infos-israel الفرنسي، ما روَّجته إسرائيل بخصوص قيام الموساد بعملية خاصة من أجل استعادة ساعة والدها من سوريا، وأوضحت أن "الساعة كانت معروضة للبيع في دولة معادية وتم شراؤها عبر الإنترنت"، وأضافت قائلة: "شخص ما توجه للموساد وأكد أن لديه الساعة، وبعد اختبارات أجراها للتأكد من كونها ساعة كوهين، قاموا بشرائها".

وقالت ابنة إيلي كوهين أن إسرائيل قامت بالتأكد من أنها هي الساعة الحقيقية بإجرائها اختبار "ADN" على أخي العميل الإسرائيلي، أبراهام كوهن؛ "ومن ثم أعلمونا أن الساعة هي نفسها التي كان يرتديها والدي، دون أن يعلمونا بمزيد من التفاصيل".

وكان مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قد أعلن الخميس استعادة ساعة تعود إلى جاسوس إسرائيلي "أسطوري في عملية سرية"، والنجاح في جلبها إلى إسرائيل.

وكانت الساعة تخص إيلي كوهين، الذي أسهم تجسُّسه بسوريا في مساعدة إسرائيل على تحقيق انتصار سريع بحرب عام 1967، بعد فترة طويلة من القبض عليه وإعدامه من جانب الحكومة السورية.

"عمل جريء وشجاع" استمر 14 عاماً

وأشاد رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، بـ"العمل الجريء والشجاع" الذي بذله الموساد (جهاز الاستخبارات الإسرائيلي) لاستعادة "تذكار من مقاتل بطولي قدَّم إسهامات كبيرة لأمن الدولة".

وحسب صحيفة The New York Times الأميركية فإن الإعلان لم يذكر سوى تفاصيل شحيحة؛ مما أدى إلى حدوث ضجة في جميع أنحاء إسرائيل. كان كوهين بطلاً قومياً، سُمِّيت الشوارع والمباني باسمه، وتُنظَّم احتفالات لإحياء ذكراه سنوياً. لكن هل نفَّذ الموساد -كما أشار نتنياهو- عملية سرية لاستعادة ساعة يد فعلاً؟

جزئياً نعم.

الساعة التي تزعم إسرائيل أنها استعادتها
الساعة التي تزعم إسرائيل أنها استعادتها

فالعملية، وفقاً لمسؤول إسرائيلي على علم بها، كانت جزءاً من جهود بحث استمرت 14 عاماً نظمها الموساد للعثور على جثة كوهين، التي لم يُعثَر عليها حتى الآن، على الرغم من مرور 53 عاماً على إعدامه في دمشق. كان الهدف الرئيسي هو استعادة الجثة ودفنها في إحدى مقابر الأبطال بإسرائيل. لكن جزءاً من العملية كان استعادة أي متعلقات شخصية تعود للجاسوس.

وكما قال مسؤولو الاستخبارات الإسرائيلية، استثمر جهاز الاستخبارات مبالغ وموارد ضخمة في الهدف الرئيسي للعملية؛ وضمن ذلك المخاطرة بحياة أفراد، ودفع رِشا لوكلاء ومحتالين. لكن رغم كل هذا، لم ينجحوا في العثور على جثته.

غير أنَّ المسؤول يذكر أنَّه في أثناء عملية البحث، عثر عملاء الموساد على رجل يمتلك الساعة، وبدأ تنظيم عملية للحصول عليها.

أكثر العمليات الاستخباراتية شهرة في إسرائيل

يُذكر أنَّ مهمة كوهين بسوريا في أوائل الستينيات ربما تكون أكثر الأحداث العسكرية والاستخباراتية شهرة في تاريخ إسرائيل، وتُعتبر واحدة من أعظم نجاحات الموساد وإخفاقاته على الإطلاق.

هاجر كوهين، اليهودي المصري، إلى إسرائيل في عام 1957، وانضم إلى الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية في عام 1960، حيث كُلِّف ليكون عميلاً سرياً مُتخفياً في صورة مدير تنفيذي ثري سوري عاد مؤخراً من الأرجنتين.

ومن هنا، صادق كوهين كبار المسؤولين السوريين، الذين جذبهم إلى شقته بحفلات فخمة، حيث قدم الخمور والبغايا دون رابط. وعلى مر السنين، استطاع أن يزود الموساد بمعلومات موسعة عن الترتيب السوري في الحرب، وموقع التحصينات، وعلاقات سوريا بالاتحاد السوفييتي، والأحاديث المتناثرة بين أعضاء البرلمان، والصراع على السلطة داخل القيادة.

وتحت ضغط من معاونيه في إسرائيل، ونتيجة لثقته الزائدة بالقصة التي حَبَك تخفّيه من خلالها، بدأ في بث رسائل مشفرة بشفرة "مورس" بصورة شبه يومية، مستخدماً جهاز تليغراف ظل مخفياً في منزله. لكنَّ موجات جهازه تداخلت مع موجات الراديو الذي كان قائد أركان الجيش السوري يستخدمه، والذي كان كائناً في الشارع المقابل لشقته؛ مما أدى في النهاية إلى إلقاء القبض عليه.

إلا أن مجهودات إسرائيل لمنع إعدامه باءت بالفشل

جرى اعتقاله واستجوابه وتعذيبه، ثم خضع للمحاكمة وتلقى حكماً بالإعدام. إلا أنَّ إسرائيل بذلت كل ما في وسعها لوقف إعدامه، وطلبت من الدبلوماسيين الأجانب التدخل وإعطاء السوريين فدية ضخمة، لكن دون جدوى.

أُعدِم كوهين شنقاً في 19 مايو/أيار 1965 بساحة المرجة وسط دمشق، وتُرِكت جثته معلَّقة بالحبل ساعات كتحذيرٍ قاسٍ من الحكومة السورية.

ومنذ ذلك الحين، رفضت السلطات السورية، لعلمها -على ما يبدو- بالأهمية التي توليها إسرائيل لعودة جثث الجنود والمسؤولين، طلبات إسرائيل المتكررة بإطلاق سراح الجثة.

وفقاً لرئيس الموساد السابق مئير داغان، اقترح الجهاز لأول مرة، خطة لاستعادة الجثة في عام 2004، إلا أنَّ تلك العملية، وسلسلة من العمليات التي تلتها، لم تنجح في استعادة رفات كوهين.

اكتشف الموساد أنَّ الجثة أُزيلت من المقبرة اليهودية بدمشق حيث دُفِنَت في البداية، ونُقِلت مرة أو عدة مرات إلى أماكن أخرى، على ما يبدو في محاولة لإخفائها عن إسرائيل. خلص بعض مسؤولي الاستخبارات الإسرائيلية إلى أنَّ الاستخبارات السورية نفسها لم تعد تعرف أين دُفِن الجاسوس الإسرائيلي.

بعض الوثائق الخاصة بهوية العميل الإسرائيلي
بعض الوثائق الخاصة بهوية العميل الإسرائيلي

البحث عن الجثة قاد الموساد إلى صاحب الساعة

فقبل عامين، أَمَرَ يوسي كوهين، الرئيس الحالي للموساد، بإعادة المحاولة وبذل جهود جديدة. وفي أثناء محاولة الموساد الوصول إلى الأشخاص الذين شاركوا في الاعتقال والتحقيق والمحاكمات والإعدام، اكتشف أنَّ أحد الأشخاص الذين شاركوا في التحقيق احتفظ بالساعة، لسببٍ ما دون سوارها، وأهداها إلى شخص قريب منه.

خلال الأشهر الـ18 الماضية، كان الموساد يشن عملية معقدة في قلب دمشق للحصول على الساعة من هذا الرجل، غير أنَّ المسؤول لم يفسر كيف حصل عملاء الموساد عليها.

عندما وصلت الساعة إلى إسرائيل، نفَّذ الموساد عملية أخرى للتحقق من أنَّها ساعة كوهين حقاً.

كان كوهين يسافر في بعض الأحيان إلى أوروبا، ومن هناك إلى إسرائيل للقاء مديريه. اعتاد أن يعود من هذه الزيارات، مثل أي مدير أعمال ثري، بمجموعة من السلع الفاخرة. لذا عاد من إحدى زياراته إلى أوروبا بساعة أوميغا باهظة الثمن، وعثر الموساد على وثائق تُظهِر شراء الساعة في سويسرا.

واستُعين بمجموعة من خبراء الطب الشرعي، وخبراء الصور الذين فحصوا صور كوهين مرتدياً ساعته، وغيرهم من الخبراء، إضافةً إلى إجراء فحص على المحفوظات والسجلات السويسرية. وقبل نحو 3 أشهر، تأكد الخبراء من أنَّها ساعة الجاسوس الشهيرة بالفعل.

ولن ييأس قبل العثور على رفاته وإعادته لإسرائيل

قال كوهين، رئيس الموساد الحالي، في بيانٍ الخميس 5 يوليو/تموز 2018: "نتذكر إيلي كوهين دائماً، ولا ننسى تاريخه، تاريخ من الإخلاص والتصميم والشجاعة وحب الوطن ورثناه عنه".

وأضاف: "بالنسبة للجهود المبذولة، تمكنا من تحديد مكان ساعة يد إيلي كوهين التي كان يرتديها في سوريا حتى يوم القبض عليه، وكانت تعد جزءاً من شخصية إيلي في العمليات، وجزءاً من هويته العربية الزائفة".

وكان من المفترض أن تتسلم عائلته الساعة قريباً، لكنَّ أرملة كوهين، نادية كوهين، لمحت في مقابلة مع الإذاعة العسكرية الإسرائيلية، إلى أنَّها قد تفضل بقاءها مع الموساد.

وقالت في المقابلة: "أخبرَنا الموساد قبل بضعة أسابيع، بأنَّهم وصلوا إلى معلومات بشأن الساعة، وأنَّها على وشك أن تُباع. نحن لا نعرف المكان أو الطريقة التي حصلوا بها على هذه المعلومات".

وقال المسؤول الإسرائيلي، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته؛ لأنَّه يناقش موضوعاً حساساً، إنَّ البحث عن جثة كوهين ما زال مستمراً.


اقرأ أيضا

عملية خاصة نفذها الموساد في سوريا من أجل "جاسوس" أُعدم قبل نصف قرن.. إسرائيل تستعيد ساعة أحد أشهر جواسيسها

علامات:
تحميل المزيد