بدأها باتهام الصين بـ”تمزيق الاقتصاد الأميركي” وبلغت ذروتها بفرض الرسوم.. كيف أوصل ترمب أكبر شريكين في العالم مرحلة الحرب التجارية؟

عربي بوست
تم النشر: 2018/07/06 الساعة 18:16 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/07/06 الساعة 18:18 بتوقيت غرينتش
FILE PHOTO: U.S. President Donald Trump welcomes Chinese President Xi Jinping at Mar-a-Lago state in Palm Beach, Florida, U.S., April 6, 2017. REUTERS/Carlos Barria/File Photo

يسهل، في ظل الخصومات التي وقعت مؤخراً، أن نغفل عن الحقيقة التي تقول إنَّ الصين والولايات المتحدة كانتا أكبر شريكين تجاريين منذ أعوام.

وحسب ما ذكره تقرير لصحيفة The Washington Post الأميركية الجمعة 6 يوليو/تموز 2018، فإنه في 2015، تفوقت الصين على كندا لتصير أكبر شريك تجاري لأميركا، لتفاخر بما يقرب من 500 مليار دولار من إجمالي الصادرات والواردات، وهو ما يشكل نحو 15% من إجمالي التجارة الأميركية. وعلى الصعيد الآخر، كانت الولايات المتحدة أكبر شريك تجاري للصين منذ التسعينيات، وتجاوزت هونغ كونغ عام 1998 كأكبر مستورد للسلع التجارية الصينية.

تغيير دراماتيكي في علاقة البلدين

ورغم أنَّ العلاقات التجارية بين مركزي القوى الاقتصادية كانت دائماً سلسة وجيدة، تستعد الدولتان لأن تشهدا تغيراً دراماتيكياً الجمعة 6 يوليو/تموز 2018، وذلك عندما يتقرر دخول الرسوم الجمركية المفروضة من واشنطن وبكين حيز التنفيذ.

ترمب بدأ تهديداته الاقتصادية للصين منذ حملته الانتخابية
ترمب بدأ تهديداته الاقتصادية للصين منذ حملته الانتخابية

وستفرض الولايات المتحدة رسوماً جمركية على 34 مليار دولار من قيمة السلع الصينية بدءاً من الجمعة، في حين تعهدت بكين بالرد بالمثل عبر رسوم مفروضة على القدر نفسه من صادرات الولايات المتحدة، وهو ما يشير إلى ما يمكن أن يكون بدايةً لحربٍ تجاريةٍ متصاعدة. وإذا أُخِذت التهديدات التي أطلقها الرئيس ترمب في شهري مايو/أيار ويونيو/حزيران 2018 على محمل الجد، فيمكن أن يتأثر ما يقرب من ثلث الواردات الصينية إلى الولايات المتحدة بالرسوم المفروضة في الأشهر القادمة.

وقالت ماري لفلي، وهي زميلة أُولى غير مقيمة في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي وأستاذة بجامعة سيراكيوز، للصحيفة الأميركية، إنَّ الفترة التي سبقت هذا الأسبوع كانت "مهمة جداً". وأوضحت أنَّ ما يحدث الجمعة سـ"يمثل انسحاباً جوهرياً من جانب قائد نظام التجارة العالمي". مُضيفةً أنَّه "سيُنظَر إليها على أنَّها نقطة تحول".

لكنه كان متوقَّعاً منذ إعلان ترمب ترشيحه للرئاسة

وحتى عندما كان مرشحاً رئاسياً، أوضح ترمب أنَّه يخطط لإعادة المفاوضات بصورة كبيرة حول العلاقات التجارية مع الصين. وفي خطاب الإعلان عن ترشحه للانتخابات الرئاسية في 2015، ذكر ترمب الصين 21 مرة، وجادل بأنَّ الصين تستولي على وظائف الأميركيين و"تمزق" الاقتصاد الأميركي. وتعهَّد خلال حملته بتصحيح العجز التجاري المتنامي بين البلدين، من خلال فرض ضرائب كبيرة، وإن بدا هذا بعض الوقت مجرد أحاديث قاسية أكثر من كونه أفعالاً حقيقية.

لكن في الأشهر الـ10 الماضية، ازدادت حدة التوتر بين البلدين لتصير أكثر من مجرد "خداعٍ مسلٍّ"، حسبما تقول لفلي. ويوم الجمعة 6 يوليو/تموز 2018، ستصبح التهديدات اللانهائية بفرض الرسوم الجمركية واقعاً. يقول محللون إنَّه حين تدخل هذه الرسوم حيز التنفيذ، ستبدأ في إلحاق ضرر كبير بالاقتصاد، ليس فقط على مستوى الولايات المتحدة والصين وحسب؛ بل على الأسواق العالمية أيضاً.

لتصبح التهديدات واقعاً يُنذر بحرب تجارية

وبالنسبة لهؤلاء المتطلعين إلى معرفة كيف أصبح هذا الموقف "تهديداً جدياً للغاية"، حسب ما تصفه لفلي، فإليكم نظرة عامة على الأحداث الرئيسية:

22 يناير/كانون الثاني 2018: ترمب يفرض ضريبة جديدة على الألواح الشمسية، وهي أحد الصادرات الصينية الرئيسية

في أول تحركاته الرئيسية المتعلقة بالتجارة لهذا العام (2018)، فرض ترمب رسوماً جمركية على الألواح الشمسية والغسالات. على صعيد الألواح الشمسية، ستبدأ الضريبة من 30% قبل أن تقل إلى نصف هذه النسبة على مدى 4 أعوام. لم يلقَ القرار ترحيباً من جانب الصين، التي تنتج 65% من وحدات الطاقة الشمسية في العالم.

1 مارس/آذار: ترمب يزيد الرسوم الجمركية على واردات الصلب والألومنيوم

بعد شهور من التهديد بالقيام بهذا، رفع ترمب الضرائب على الصلب بنسبة 25% والألومنيوم بنسبة 10%. رغم أنَّ 6% فقط من هذه الواردات الأميركية تأتي من الصين، رد البلد الآسيوي بتحذيرِ صارم؛ إذ قالت متحدثة رسمية صينية في مؤتمر صحفي، إنَّ بكين "ستتخذ التدابير اللازمة لتأمين مصالحها وحقوقها المشروعة".

2-6 أبريل/نيسان: الصين تفرض رسوماً جمركية على الولايات المتحدة؛ مما أدى إلى أسبوع من الإجراءات الجمركية المتبادلة وصعَّد التوتر تصعيداً كبيراً

في الثاني من أبريل/نيسان، أصدرت الصين قراراً بفرض رسوم جمركية على 2.4 مليار دولار من الصادرات الأميركية. وتأتي هذه القائمة التي تتضمن 128 سلعة، رداً على التعريفات التي فُرِضَت على ما قيمته 2.7 مليار دولار من الواردات الأميركية من الصلب والألومنيوم الصيني التي فرضتها إدارة ترمب في مارس/آذار 2018. تستهدف القائمة أيضاً منتجات زراعية مثل لحم الخنازير، وهو ما سيؤثر تأثيراً غير متناسب على المزارعين الأميركيين.  

ردَّت إدارة ترمب بالمثل في الثالث من أبريل/نيسان 2018، بالكشف عن قائمة لـ1300 سلعة صينية يمكن أن تتأثر برسوم جمركية بنسبة 25%. تتضمن القائمة، التي تبلغ قيمتها 50 مليار دولار، سلعاً مثل أشباه المُوصِّلات، والأجهزة الطبية، وشاشات التلفزيون المسطحة. تُعَد هذه هي تقريباً كل الأمثلة على نوع التكنولوجيا المتطورة التي تستهدفها الصين من خلال خطتها المُسمَّاة "صُنع في الصين 2025".

وفي الرابع من أبريل/نيسان، ردَّت الصين على الرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة بقائمتها التي تتضمن 106 سلع أميركية، من ضمنها فول الصويا، والسيارات، والطائرات، يمكن أن تخضع لرسوم جمركية بقيمة 25%.

وبعد يوم من هذا، أَمَرَ ترمب الممثل التجاري الأميركي روبرت لايتهايزر بأن يضع في عين الاعتبار توسيع نطاق الرسوم الجمركية لتُطبَّق على واردات صينية أخرى بقيمة 100 مليار دولار، لكنَّه لم يؤكد فرض أي رسوم ضريبية جديدة. وقال وزير التجارة الصيني في الصباح التالي، إنَّ الصين ستحارب الرسوم الجمركية المفروضة من جانب ترمب "بأي ثمن".

الحرب التجارية بين واشنطن وبكين ستنعكس على الكثير من شركائهما
الحرب التجارية بين واشنطن وبكين ستنعكس على الكثير من شركائهما

16 أبريل/نيسان: وزارة التجارة الأميركية تمنع الصادرات إلى شركة الاتصالات الصينية ZTE

تنفذ الولايات المتحدة حظراً لمدة 7 سنوات على الصادرات إلى شركة الاتصالات الصينية "ZTE" بعدما علمت أنَّها لم تلتزم بالقواعد المنصوص عليها في اتفاقية تسوية سابقة.

عُوقِبت الشركة بالبداية في مايو/أيار 2017؛ لتصديرها سلعاً أميركية بصورة غير قانونية إلى كوريا الشمالية وإيران، في خرقٍ للعقوبات التجارية. واتفقت على تسوية مع الولايات المتحدة تقضي بدفع 1.19 مليار دولار غرامات ومعاقبة الموظفين المتورطين في خرق العقوبات. وقالت وزارة التجارة الأميركية، بعدما علمت أنَّ شركة ZTE لم تعاقب فعلياً هؤلاء المتورطين، إنَّها ستحظر على جميع الشركات الأميركية بيع القطع الأساسية في هذه الصناعة مثل الرقاقات الدقيقة إلى الشركة الصينية.

13 مايو/أيار: وفي خطوة عكسية، غرَّد ترمب قائلاً إنَّ الولايات المتحدة ستساعد "ZTE" كي تستعيد قوتها

في مطلع شهر مايو/أيار 2018، أعلنت "ZTE" أنَّها تخطط لـ"وقف أنشطة تشغيلية رئيسية"؛ بسبب الخسائر المالية التي سبَّبها الحظر المفروض من جانب الولايات المتحدة.

ورداً على هذا، غرَّد ترمب قائلاً إنَّه يعمل مع الرئيس الصيني، تشي جينبينغ، من أجل عودة "ZTE" إلى العمل. وقال ترمب: "فُقِدت كثير من الوظائف في الصين. وتلقَّت وزارة التجارة تعليمات بأن تنهي الأمر!".

وبرزت تقارير في هذا الوقت تشير إلى أنَّ إدارة ترمب كانت تعمل من أجل الحصول على تنازلات مرتبطة بالتجارة من جانب الصين مقابل مساعدة "ZTE"، لكنَّ التغير المفاجئ في موقف ترمب لا يزال سبباً في مفاجأة المستشارين التجاريين. أثار أيضاً بعض مسؤولي الأمن القومي المخاوف من أنَّ بيع التكنولوجيا الأميركية إلى "ZTE" قد يُشكِّل تهديدات لأمن الفضاء الإلكتروني.

وكتب أعضاء ديمقراطيون بمجلس الشيوخ خطاباً إلى ترمب، ورد فيه: "لا يجب استخدام الأمن القومي الأميركي كورقة مساومة في المفاوضات التجارية؛ إذ يُمثِّل عرض مقايضة إنفاذ العقوبات التجارية الأميركية بزيادة الوظائف في الصين، بكل وضوحٍ، صفقة سيئة للعمال الأميركيين وأمن جميع الأميركيين".

7 يونيو/حزيران: إدارة ترمب تخفف الحظر المفروض على "ZTE"

بعد أقل من شهر من دخوله حيز التنفيذ، انتهى الحظر المفروض في الأساس لـ7 سنوات على بيع السلع الأميركية إلى "ZTE". وصرَّح وزير التجارة، ويلبر روس، لشبكة CNBC، بأنَّ الشركة، بدلاً من الحظر المفروض عليها، ستدفع مليار دولار وستضم فريق امتثال جديداً يعمل فيه خبراء أميركيون.

15 يونيو/حزيران: ترمب يعلن فرض رسوم جمركية بقيمة 25% على سلع صينية بقيمة 50 مليار دولار. والصين ترد بانتقام مُستهدِف

بعد 3 أسابيع من التصريح بأنَّ الرسوم الجمركية كانت "مُعلَّقة"، أصدرت إدارة ترمب قائمة مُحدَّثة تضم 1100 سلعة صينية ستخضع لضريبة نسبتها 25%. وستُنفَّذ تهديدات الحكومة -التي أُطلِقت لأول مرة في أسبوع التهديدات المتبادلة في أبريل/نيسان- بدءاً من الجمعة 6 يوليو/تموز 2018.

حجم المبادلات بين الصين وأميركا فاق 500 مليار دولار
حجم المبادلات بين الصين وأميركا فاق 500 مليار دولار

أكثر من 90% من السلع الموجودة في هذه القائمة هي مدخلات وسيطة أو معدات رأسمالية، ما يعني أنَّها أشياء تستوردها الشركات الأميركية لتجميع المنتجات النهائية. بعبارة أخرى، ستؤثر الرسوم الجمركية المُقرر فرضها تأثيراً سلبياً على المؤسسات التجارية الأميركية وترفع الأسعار على المستهلكين الأميركيين، حسبما يحذر الخبراء في معهد بيترسون.

ردَّت الصين بإصدار قائمة مُنقَّحة لمنتجات أميركية بقيمة 50 مليار دولار، ستخضع لرسوم جمركية بدءاً من 6 يوليو/تموز أيضاً. تستهدف القائمة بصورة غير متناسبة، القطاع الزراعي الأميركي، لا سيما في الأماكن التي تُشكِّل قاعدة انتخابية قوية لترمب. ووفقاً للرسم الذي أوضحه تيد ميلنك وكيفين أورماخر لصحيفة The Washington Post، "تتضاعف احتمالية وقوع الوظائف المتأثرة بالرسوم الجمركية في المقاطعات التي صوتت للمرشح الجمهوري دونالد ترمب في 2016 بالمقارنة مع المقاطعات التي فازت بها الديمقراطية هيلاري كلينتون".

18 يونيو/حزيران: ترمب يهدد بفرض رسوم جمركية على سلع صينية إضافية بقيمة 200 مليار دولار

قال ترمب في بيانٍ له، إنَّ الولايات المتحدة تجمع قائمة بالسلع الصينية التي ستواجه رسوماً جمركية نسبتها 10% إذا لم توافق الصين على التنازلات التجارية التي حددتها إدارته. وإذا طُبِّقَت هذه الرسوم الجمركية، فإنَّ هذا قد يعني أنَّ 200 مليار دولار أخرى ستضاف إلى قائمة الواردات المفروض عليها رسوم جمركية، ما يعني أنَّ -تقريباً- كل المنتجات الصينية التي تصل إلى الولايات، البالغة قيمتها 505 مليارات دولار، ستخضع لرسوم جمركية. وأشار الكاتبان بصحيفة  The Washington Post ديفيد لينش وهيذر لونغ إلى أنَّ مثل هذه "الخطوة ستكون تقريباً غير مسبوقة في تاريخ الولايات المتحدة".

رد وزير التجارة الصيني بوصف بيان ترمب بـ"الابتزاز". وفي غضون ذلك،  تراجع مجلس الشيوخ عن قرار ترمب المتعلق بـ"ZTE"، وصوَّت أعضاؤه، بواقع 85 صوتاً مؤيداً و10 أصوات معارضة، لإعادة تطبيق الحظر على بيع المُكوِّنات الأميركية إلى الشركة.

27 يونيو/حزيران: ترمب يطلب من الكونغرس "تحسين" عملية المراجعة التي تحكم الاستثمارات الصينية في التكنولوجيا الأميركية

في أوخر يونيو/حزيران، برزت تقارير تشير إلى أنَّ إدارة ترامب تخطط لحظر الشركات الصينية من الاستثمار في التكنولوجيا الأميركية. لكنَّ الحكومة تورَّعت عن القيام بذلك بالضبط، مُعلِنةً بدلاً من هذا أنَّها ستعمل مع الكونغرس لتشديد اللوائح حول الاستثمارات الأجنبية.


اقرأ أيضا

الليلة، ترمب يضغط على الزناد لإطلاق شرارة الحرب التجارية بين أكبر قوتين.. ومخاوف من هزة تضرب الاقتصاد العالمي

فتح أسواق بكين أمام اليورو، وتحرك مشترك تجاه أميركا في منظمة التجارة.. الصين تحاول استمالة أوروبا للتحالف ضد ترمب اقتصادياً

علامات:
تحميل المزيد