قانون جديد للصحافة ينتهك حرية الرأي بمصر.. استقالات بسبب موقف مجلس النواب، ودعوات للجمعية العمومية للاجتماع العاجل

عربي بوست
تم النشر: 2018/07/05 الساعة 19:30 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/07/05 الساعة 19:30 بتوقيت غرينتش
FILE PHOTO: Egyptian journalists hold up their cameras outside the Egyptian Press Syndicate in downtown Cairo, Egypt April 28, 2016. REUTERS/Mohamed Abd El Ghany/File Photo

تصاعدت أزمة نقابة الصحافيين مع مجلس النواب في ظل عدم استجابة المجلس لتعديلات النقابة على قانون تنظيم الصحافة والإعلام المطروح حالياً للنقاش، حيث تقدم 6 من أعضاء مجلس النقابة بطلب إلى مجلس النقابة لمناقشة الطلب المقدم من 183 زميلاً لعقد جمعية عمومية طارئة، ولإعلان موقف واضح ومعبر عن الجماعة الصحافية والذي بات أمراً مُلحّاً وضرورياً.

 وأثار المشروع جدلاً واسعاً في الأوساط الصحافية بمصر؛ إذ يتضمن مواد تمنح المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، المشكَّل بقرار رئاسي، الحق في حجب المواقع الإلكترونية في حال تأسيسها من دون الحصول على ترخيص منه.

ويعطي القانون المجلس حق متابعة "كل موقع إلكتروني شخصي أو مدونة إلكترونية شخصية أو حساب إلكتروني شخصي يبلغ عدد متابعيه 5 آلاف أو أكثر"، ما يجعل حسابات مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي من المشاهير في دائرة الرقابة الدائمة.

وللمجلس الأعلى الحق في وقف أو حجب هذه الحسابات الشخصية إذا "تم نشر أو بث أخبار كاذبة، أو ما يدعو أو يحرض على مخالفة القانون أو إلى العنف أو الكراهية".

وقال الأعضاء الموقِّعون على البيان الذي وصل إلى "عربي بوست" نسخة منه: "تصريحات المسؤولين عن التعديلات المطلوبة تؤكد أن القانون المشبوه باقٍ بنصوصه الكارثية، وأن أي تعديلات ستحدث -إن حدثت- ستكون شكلية وغير مؤثرة، وهو ما يعني عملياً أننا وصلنا لطريق مسدود، بات معه استدعاء الجمعية العمومية للنقابة سبيلاً لا مفر منه".

وقال البيان إنه "إزاء الحصار الذي تتعرض له الصحافة والرغبة في تمرير قانون تدمير المهنة، أضحت الجماعة الصحافية تنتظر صوت مجلسها المنتخب الذي يعبر عنها، وقد تكون استقالتنا من المجلس أشرف مئات المرات من تمرير هذا القانون دون موقف واضح"، وذُيِّل البيان بتوقيع كل من: جمال عبد الرحيم، ومحمد خراجة، وحسين الزناتي، ومحمد سعد عبد الحفيظ، وعمرو بدر، ومحمود كامل.

هذا وقد سبق البيانَ استقالةُ عضو المجلس أبو السعود محمد

وقد أعلن الخميس 5 يوليو/تموز 2018، عضو المجلس أبو السعود محمد استقالته المسببة بسبب القانون الذي يراه الصحافيون انتهاكاً في حق المهنة ويمثل خطراً واضحاً على حرية التعبير والعمل الصحافي.

وكان 4 أعضاء بمجلس نقابة الصحافيين أصدروا في 11 يونيو/حزيران 2018، بياناً أعلنوا فيه رفضهم القانون، مشيرين فيه إلى أنّ القانون الذي وافق عليه البرلمان صادم ويمثّل جهات بعينها تهدف إلى السيطرة على الصحافة القومية والخاصة وإسكات صوتها.

وقال أبو السعود في بيان وصل إلى "عربي بوست" نسخة منه: "أتابع من كثبٍ ما يحاك ضد حرية الرأي والتعبير في مصرنا العزيزة، وأشعر بأن الحرب ضد الصحافيين وحريتهم في التعبير عن آمال وآلام شعب مصر قد وصلت لنهاية المطاف، بعد أن بدأت بإلقاء القبض على كثير من الزملاء بحجج واتهامات ملفَّقة، مروراً بأُم المعارك؛ اقتحام مقر النقابة، وصولاً إلى المسمار الأخير الذي تريد الدولة أن تضعه في نعش الحريات لتكبيل أيدينا وألسنتنا وعقولنا وضمائرنا تكبيلاً تاماً بقانون فاقد الأهلية، لم تشارك النقابة في صياغته النهائية، وكم في القانون من المضحكات المُبكيات، التي لا مجال لسردها الآن".

وأضاف عضو مجلس النقابة: "الآن أرى أن أمل إصلاح المهنة قد تلاشى نهائياً بهذا القانون، والصراع الذي يدور حوله بين الصحافيين وفي معظمه، صراع يكمل مسلسل الصراع الأبدي الذي ابتُليت به النقابة، وأدى إلى ما وصل إليه حال الصحافيين الآن، هذا القانون الذي يمنع حتى حرية الكتابة على الصفحات الشخصية!".

وختم أبو السعود بيانه بالقول: "إذ لم أعُد قادراً على الاستمرار في هذا المناخ الذي يَزيدني ألماً على ألمي وحزناً على حزني، فليس أمامي غير أن أتقدم بطلب إعفائي بشكل نهائي من عضوية مجلس إدارة نقابة الصحافيين، متمنياً التوفيق لجميع الزملاء في المجلس لصالح المهنة والصحافيين".

وأشار الأعضاء إلى أنّه بحسب نص المادتين الـ15 والـ35 من قانون الهيئة الوطنية للصحافة، أصبحت الهيئة تتولى إدارة المؤسسات الصحافية مباشرة وتسيطر على مجالس الإدارات والجمعيات العمومية التابعة للمؤسسات الوطنية، ولا تملك مؤسسات مثل "الأهرام" و"الجمهورية" اتخاذ أي قرار مهم، إلا بموافقة الهيئة.

وقالوا إن المادتين الـ4 والـ5 من القانون الخاص بتنظيم الصحافة والإعلام تُصادران الحريّات الصحافيّة بكلمات فضفاضة؛ من نوعيّة بثّ الكراهيّة والتحريض، وتهديد الديمقراطيّة والموادّ الإباحيّة، وغيرها من كلمات غير منضبطة وغير مفهومة.

فضلاً عن أنّ المادّة الـ19 من قانون المجلس الأعلى للإعلام تمنحه الحقّ في مراقبة الحسابات الشخصيّة وحجبها ووقفها على مواقع التواصل الاجتماعيّ، التي يزيد عدد متابعيها على 5 آلاف شخص.

مجلس النقابة يتمسك بالجمعية العمومية ويشكك في جدية نواب البرلمان

وبحسب التصنيف الدولي لحرية الصحافة لعام 2018، فإن مصر تحتل المرتبة الـ161 في قائمة تضم 180 دولة. وعلى مدار الشهرين الماضيين، شنت الأجهزة الأمنية حملة توقيفات جديدة شملت معارضِين ومدوِّنين وصحافيِّين وناشطِين على شبكات التواصل الاجتماعي، ومن أبرز هؤلاء: المدون وائل عباس، والناشط شادي الغزالي حرب، والناشط حازم عبد العظيم.

وفي المقابل، نفى رئيس "الهيئة الوطنيّة للصحافة"، كرم جبر، أن تكون هناك سيطرة من قِبل الهيئة على المؤسّسات الصحافيّة، وقال إنّ مجلس إدارة المؤسّسة الصحافيّة، وفقاً للقانون، هو المهيمن على أعمالها ويتّخذ القرارات، ويتكوّن المجلس من 12 عضواً بخلاف رئيس مجلس الإدارة، منهم 6 بالانتخاب و6 يتمّ تعيينهم من قِبل رئيس مجلس الإدارة، ولا تتدخّل الهيئة في هذه الاختيارات ويكون دورها رقابيّاً فقط.

وقال جمال عبد الرحيم عضو مجلس نقابة الصحافيين، إن البيان لا يُفهم منه أنه بداية تصعيد وصِدام مع الدولة؛ بل إنه يسعى إلى حل الأزمة الحالية في ظل تمسُّك الحكومة بالقانون في مقابل رفض النقابة إياه.

وأشار في تصريحات خاصة لـ"عربي بوست"، إلى أن مجلس النواب لم يستمع إلى تعديلات وملاحظات مجلس نقابة الصحافيين، وهو ما يكشف أن الأمر يمضي في طريق عدم احترام البرلمان الجماعة الصحافية.

وقال إن مجلس النقابة في تشاور مستمر الفترة الحالية مع الصحافيين النواب في المجلس وكتلة 25/30، ومنها النائب هيثم الحريري، للوصول إلى تفاهم بخصوص المقترحات مع مجلس النواب.

وأوضح عضو مجلس النقابة أن النقيب لم يكن له أي دور يُذكر في الأزمة المالية، ملمحاً إلى أن النقيب، الذي يتولى منصباً هاماً في مؤسسة الأهرام، غير قادر على الفصل بين هذا المنصب ودوره النقابي الذي اختارته من أجله الجمعية العمومية للصحافيين.

ولا يملك عضو المجلس من بدائل لمواجهة القانون -حسب ما قاله- سوى التمسك بالدعوة لاجتماع عاجل للجمعية العمومية لنقابة الصحافيين؛ لتنظر في مآلات القانون الحالي.

علامات:
تحميل المزيد