اعتقد التحالف أنه هزمهم لكنهم عادوا بأسلحتهم سراً إلى “عاصمتهم” المزعومة.. The Independent: “داعش” ينبعث من جديد!

عربي بوست
تم النشر: 2018/07/05 الساعة 17:24 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/07/05 الساعة 17:27 بتوقيت غرينتش
Members of the Libyan pro-government forces stand on a tank in Benghazi, Libya, May 21, 2015. Libya, which has descended into near anarchy since NATO warplanes helped rebels overthrow former dictator Muammar Gaddafi in a 2011 civil war, is now the third big stronghold for Sunni Islamist group Islamic State, also known as ISIS or ISIL, which declared a Caliphate to rule over all Muslims from territory it holds in Syria and Iraq. REUTERS/Stringer

هجماتٌ في الرقة، العاصمة السابقة لدولة الخلافة المزعومة؛ وتقارير عن خسائر فادحة، تشمل جنوداً روساً؛ واعتقال وقتل مقاتلي الميليشيات الأخرى؛ والاستيلاء على أراض مع إنشاء قواعد جديدة.

بهذه الطريقة، يخرج تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) من الظل، ويعود إلى ساحات المعارك في سوريا.

إذ تشهد سوريا عودة الجهاديين، الذين يُفتَرَض أنَّهم قد هُزموا هزيمةً تامة، في ظل ديناميكياتٍ تتغير بسرعة، حسب تقرير لصحيفة The Independent البريطانية.

خيانات وتغييرات في التحالفات تعيد "داعش" مجدداً.. وقوته الآن أكبر مما كانت عند نشأته

تحدثت الصحيفة مع جماعاتٍ مسلحة سورية وكردية ومسؤولين غربيين وأتراك، حيث قدَّموا صورةً معقدة عن المناورات التي تقوم بها مجموعات مختلفة على جانبي النزاع من تغيير التحالفات والخيانات، التي ساعدت على عودة أكثر الجماعات الإرهابية دموية.

ويُعتَقَد أنَّه لا يزال هناك ما بين 8 آلاف و10 آلاف مقاتل تابعين لتنظيم داعش في سوريا والعراق. وهذا العدد هو 10 أضعاف العدد الذي بقي في العراق تحت اسم "الدولة الإسلامية" بالعراق، عندما انسحبت القوات الأميركية في عام 2011.

تقارير تفيد بأن داعش قد يعود أقوى
تقارير تفيد بأن داعش قد يعود أقوى

آنذاك استطاع هؤلاء المقاتلون الجهاديون، الذين نُظر إليهم كمجرد فلول، إعادة هيكلة أنفسهم والاستحواذ على مساحاتٍ شاسعة من الأراضي في سوريا، ووصلوا تقريباً إلى أبواب العاصمة العراقية بغداد، وذلك في غضون 3 سنوات فقط.

جديرٌ بالذكر أنَّ حذيفة البدري، أحد أبناء أبو بكر البغدادي قائد تنظيم داعش، قُتِلَ مؤخراً خلال هجومٍ على القوات الروسية والسورية في حمص.

لكن لا يزال البغدادي حراً طليقاً، رغم المحاولات المتكررة من الأميركيين والروس لقتله.

وتشير أحدث التقارير غير المؤكدة إلى أنَّه موجودٌ حالياً بمدينة "القائم" في العراق. ويقال إنَّ أمراء تنظيم داعش ينتشرون الآن بمناطق كانوا قد فروا منها خلال غاراتٍ جوية للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة.

الغرب يقول إنه قد هزمهم، ولكن ما حدث أنهم هربوا بأسلحتهم

"استمرت الدول الغربية في إخبارنا بكيف هُزِمَ داعش وانتهى الأمر تماماً"، هذا ما يقوله سامي عبد الله عبده، الذي حارب ضد "داعش" مع عددٍ من الجماعات المسلحة، من ضمنها جماعة أحرار الشام.

واستدرك: "لكن، نحن نرى على أرض الواقع أنَّ الأمر ليس كذلك. لقد هرب الكثير منهم بسيارتهم وأسلحتهم، والآن يعود داعش هنا مرةً أخرى! تغيرت الظروف وهم يستغلون ذلك، ويعملون بشكلٍ جيد وتزداد قوتهم".

كان الرئيس الأميركي دونالد ترمب قد أمر بسحب القوات الأميركية من سوريا، وخفض التمويل للمشاريع العسكرية والمدنية.

أمَّا القوات الكردية، التي استخدمتها واشنطن لمحاربة "داعش"، فتقاتل الآن الجيش التركي. وهناك استياءٌ متزايد بين السكان المحليين بشأن الضرائب والتجنيد القسري المفروض من جانب بعض حلفاء الغرب في المناطق التي سيطروا عليها بعد فرار تنظيم داعش منها.

وكان هناك وجودٌ أكبر للقوات الخاصة الفرنسية بسوريا، وذلك جزئياً ليحلوا محل القوات الأميركية المُغادِرة. لكن يقضي الفرنسيون الكثير من الوقت في محاولة وقف الصراعات الداخلية بين جماعات المعارضة المسلحة المختلفة.

والتمويل السعودي والإماراتي سيزيد من تعقُّد الوضع..  فالجولاني يخطب وُدَّهم

ومن المرجح أن يزداد الصراع على النفوذ مع احتمال وصول التمويل الكبير من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة؛ للمساهمة في مشاريع إعادة الإعمار.

وأدى انهيار اتفاق بين هيئة تحرير الشام و"داعش" إلى تصاعد العنف.

وتزعم الأولى أنَّها اكتشفت خلايا داعشية نائمة تتآمر وتزرع عبواتٍ ناسفة وقتلت نحو 50 منها. وردَّ "داعش" بقتل مقاتلي "هيئة تحرير الشام" الذين كان يحتجزهم.

وأعدم "داعش" في الأسابيع القليلة الماضية، 6 من أعضاء "هيئة تحرير الشام" بالقرب من بلدة سلقين في الشمال، وقَتل آخرين بالعبوات الناسفة البدائية الصنع.

ونفَّذ تنظيم داعش كذلك سلسلةً من الهجمات في منطقة البادية الشامية غرب نهر الفرات، وكان هناك وجود متزايد لمقاتليه في حوض اليرموك ودير الزور.

ويقول مقاتلون سوريون إنَّ أحد أسباب ما حدث هو أنَّ أبو محمد الجولاني، زعيم "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً)، يحاول إظهار أنَّه يواجه "داعش"، في محاولةٍ للحصول على أموالٍ من دول الخليج، وكذلك إزالة مجموعته من قائمة وزارة الخارجية الأميركية للمنظمات الإرهابية.

هذا في حين ينشغل "داعش" بالعثور على حلفاء جدد

إذ فرت مجموعةٌ من مقاتلي التنظيم، من ضمنهم بعض الأفراد من دولٍ اسكندنافية، من الأَسر في الآونة الأخيرة، ووجدوا ملجأً بالجماعة الجهادية المعروفة باسم "جيش خالد بن الوليد". ويُزعم أنَّ تلك المجموعة نفسها تقوم بتدريب أكثر من 100 مقاتل داعشي من أجل القتال في المناطق الريفية الجديدة التي تدخلها.

جنود أكراد بعد هزيمة داعش بالرقة
جنود أكراد بعد هزيمة داعش بالرقة

وميليشيات الأسد تصعّب الوضع على الروس الذين عانوا خسائر لافتة

وهناك أيضاً انقسامات ونزاعات بين حلفاء الرئيس السوري، بشار الأسد، الدوليين والجماعات المحلية.

ويسحب الإيرانيون بعض قواتهم تحت ضغطٍ روسي. وتريد موسكو أيضاً حل معظم الجماعات شبه العسكرية الموالية للنظام السوري، وضمنها الجناح المسلح لجمعية البستان، التي أنشأها رامي مخلوف ابن خال الرئيس بشار الأسد.

ويُقال إنَّ تلك الجماعات شبه العسكرية تقاوم هذه التغييرات، حيث يُعتقد أنَّها فروع مختلفة للأجهزة الاستخباراتية، التي طلب الروس منها تخفيض عدد الاعتقالات الواسعة التي تسببت في استياءٍ عميق بين الناس وساعدت على تأجيج المعارضة.

في الوقت نفسه، عانى الروس خسائر ألحقها بهم "داعش" الذي يعيد تجميع صفوفه؛ إذ توفي 4 على الأقل وأصيب 5 آخرون خلال هجومٍ على بلدة الميادين السورية في منطقة دير الزور الغنية بالنفط في الجنوب الشرقي الشهر الماضي (يونيو/حزيران 2018).

ويُعتقد أنَّ أكثر من 40 جهادياً قُتلوا أيضاً في تلك المواجهة.

وأشار مسؤولٌ أمني غربي إلى أنَّ "داعش استخدم عدداً كبيراً من جميع المركبات التي استحوذ عليها، وخاض قتالاً استمر أكثر من ساعة. وتشير حقيقة استعداده لتقديم هذا الكم من الخسائر في عمليةٍ واحدة، إلى أنَّه لا يعاني نقصاً في القوة البشرية".

والدلالة ذات الرمزية الأخطر ظهورهم في عاصمتهم السابقة

لكنَّ عودة ظهور تنظيم داعش في الرقة، عاصمتهم السابقة بسوريا والتي كان سقوطها دليلاً على زوال التنظيم، هي تذكيرٌ من الجهاديين له رمزية كبيرة بأنَّهم لم يرحلوا من الأساس.

وقُتِلَ نحو 20 مقاتلاً من قوات سوريا الديمقراطية في 4 هجمات منفصلة بمدينة الرقة وقرى حمام التركمان والرصافة المحيطة بها في الشهر الماضي (يونيو/حزيران 2018).

ونفذ التنظيم بعض عمليات القتل هذه بواسطة خلايا نائمة تسللت إلى المدينة على مدار شهور.

تحدثت صحيفة The Indepenent البريطانية مع عصام، وهو طالب هندسة سابق لم يرغب في نشر لقبه؛ لأنَّه قلِقٌ بشأن عائلته التي لا تزال في المدينة.

غادر عصام الرقة قبل 6 أسابيع إلى الحدود التركية، وكان قد غادر المدينة من قبلُ في الماضي حينما سيطر داعش عليها، وعاد فقط بعد استعادتها.

يقول عصام: "كان عليَّ الرحيل مرةً أخرى؛ لأنَّ الأمور تزداد سوءاً. قوات سوريا الديمقراطية تجبر الناس على الانضمام إليها وتقول إنَّه واجبنا، لكنَّه مجرد استخدام للقوة وأنا لا أريد الانضمام إليهم".

حتى إن البعض هناك يقول إن أيامهم كانت أفضل

"هناك أيضاً الكثير من الغضب بشأن الضرائب والأشخاص المضطرون إلى دفع رِشا للمسؤولين"، حسب عصام.

كما أن هناك أعمال عنف بين قوات سوريا الديمقراطية ومتطوعين محليين (مثل لواء ثوار الرقة)".

يقول عصام: "عاد داعش سراً إلى الرقة، وهم خطيرون. هناك بعض الناس يقولون إنَّ الحياة كانت أفضل تحت سيطرتهم. أعتقد أنَّه من الغباء قول هذا، لكن الحقيقة هي أنَّ كثيراً من الناس غير سعداء الآن".

وهناك علامات تدل على حملةٍ مستمرة يخطط لها "داعش" في منطقتي البوكمال والبادية الشامية، حيثُ وقعت اشتباكات مع الفصائل المدعومة من إيران.

واتهامات متبادلة بين السوريين والإيرانيين والأميركيين بالتواطؤ.. والمحصلة: "داعش" لديه حصانة!

ويتهم الإيرانيون والنظام السوري القوات المدعومة من الولايات المتحدة بالسماح بمرور "داعش" إلى المناطق لاستهداف تلك الفصائل.

وشهدت إدارة ترمب تغييرات أدت إلى صعود شخصياتٍ بارزة، من ضمنها جون بولتون مستشار الرئيس للأمن القومي، الذي أعاد إحياء خططٍ كان قد تخلى عنها سلفه الجنرال هربرت ماكماستر، تتضمن خوض حربٍ سرية ضد طهران في سوريا.

لكن، هناك أيضاً مزاعم بأنَّ دمشق تغض الطرف أو حتى تسهل هجماتٍ لتنظيم داعش.

وقال الجنرال فيليكس غادني، نائب قائد القوات الدولية في سوريا والعراق: "لا نزال نشعر بالقلق من أنَّ النظام السوري غير راغب أو غير قادر على التعامل مع التهديد. من وجهة نظرنا، يبدو لنا أنَّ داعش يتحرك عبر المناطق الخاضعة للنظام السوري بحصانة".

التنظيم عاد من جديد إلى مناطق طُرد منها في وقت سابق
التنظيم عاد من جديد إلى مناطق طُرد منها في وقت سابق

ونشطاء يكشفون ما يحدث في الخفاء من النظام

التقى قادةٌ من النظام السوري و"داعش" ببلدة الحصن شمال شرقي السويداء في 17 يونيو/حزيران 2018، حسبما نقلت الصحيفة عن نشطاء سوريين.

ويُزعم أنَّه بعد عدة ساعات، انتقل ما يصل إلى 100 مقاتل داعشي إلى حوض اليرموك، في حين كانت قوات النظام تمضي قدماً وتسيطر على الأراضي.

وكانت هناك محاولات لحماية المصالح المكتسبة على جانب النظام السوري، مع دعم النظام الجماعات الموالية له والتي يقال إنَّها تعارض خطط الكرملين بشأن إعادة هيكلتها.

وجاء في تقريرٍ صدر مؤخراً عن مجلس الشؤون الدولية الروسي (RIAC)، الذي تضم لجنته التنفيذية ديمتري بيسكوف، المتحدث الرسمي للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أنَّ "هياكل شبه عسكرية مختلفة؛ عشائر تشبه المافيا، وشركات عسكرية خاصة، وميليشيات إقليمية وقبلية، ومنظمات سياسية معسكرة، قد قوضت استقرار النظام".

وأضاف التقرير أنَّ "هؤلاء من البداية حاولوا ترسيخ وجودهم في المؤسسات الحكومية والسيطرة على مصادر الدخل المختلفة. وليس سراً أنَّ كتائب الشبيحة التي تعمل تحت إشراف قوات الدفاع الوطني تسيطر على نقاط التفتيش، الأمر الذي يعني عملياً أن لديهم إمكانية تنفيذ مخططاتٍ فاسدة".

ويزعم التقرير أنَّ حزب الله السوري، الممول من حزب الله اللبناني والإيرانيين، يرفض تسليم نقاط التفتيش بمنطقة المهاجرين في دمشق، وهو أمرٌ طلبه الروس.

وأرسلت قوات الدفاع الوطني التماساً إلى الرئيس السوري، بشار الأسد، تطلب السماح لها بالاحتفاظ بنقاط التفتيش التابعة لها، وقيل إنَّ قسم الاستخبارات الجوية رفض الدعوات الروسية المُطالِبة بترك نقاط التفتيش التابعة له.

كما أن الأكراد بدورهم يتجنبون قتال التنظيم

ووسط الاتهامات والاتهامات المضادة، يُزعَم أنَّ قوات سوريا الديمقراطية تمتنع عن شن هجومٍ في منطقة هجين حيثُ تتمركز مجموعة من مقاتلي "داعش" الأجانب، بعضهم من الغرب.

تأجلت المهمة عدة مرات؛ لأنَّه -وفقاً لعدة مصادر سورية- إذا تمت هذه المهمة فستؤدي إلى انعدام فائدة قوات سوريا الديمقراطية في وجهة نظر التحالف الدولي.

واتُّهِمَت قوات سوريا الديمقراطية، وهي ائتلاف متعدد الأعراق يغلب عليه الطابع الكردي ومدعوم أميركياً، بالفشل في التحرك ضد جيبٍ يسيطر عليه مقاتلون أجانب مُنتمون إلى "داعش"، زاعمين أنَّ فعل ذلك لن يؤدي إلا إلى تسريع انسحاب رعاتهم الدوليين من المشهد.

فَلَو قضت قوات سوريا الديمقراطية على الجهاديين الأجانب فسيتوقف التمويل

وقال أبو مرتضى، وهو عضو سابق في قوات سوريا الديمقراطية: "نعرف أنَّ الاهتمام الحقيقي الوحيد للأميركيين والشعوب الأوروبية هنا هو المقاتلين الأجانب، الذين ربما ليسوا محل اهتمام القادة العسكريين، لكن هذا ما نعتقد أنَّ حكوماتهم تشعر به".

وتساءل: "فلماذا نمنحهم ذريعةً لقطع دعمهم لنا بقتل كل هؤلاء الأجانب الذين جاءوا للقتال من أجل داعش؟ نعتقد أنَّ هذه وجهات نظر البعض في القيادة. وهناك عوامل أخرى؛ إذ يريد التحالف ملاحقة الأجانب، لكنَّنا لدينا أولويات أخرى".

والآن داعش يَعقد الصفقات ويبرم مساومات وقد يعود أكثر فتكاً   

نورا الجيزاوي، الناشطة التي سجنها نظام الأسد وعملت لاحقاً نائباً للمجلس الوطني السوري المعارض في المنفى، تحدثت عن الطريقة التي ساعد بها هذا المشهد السياسي والعسكري الممزق تنظيم داعش.

وقالت نورا: "لم يجرِ تدمير داعش على الرغم مما زعمه بعض الناس، وهم الآن يستغلون ما يجري".

وأضافت: "لقد كانوا جيدين في التلاعب بالوضع على كلا الجانبين، واستغلال المظالم المنتشرة بين الناس في جانب المعارضة، وكذلك إبرام صفقاتٍ مع النظام".

وتابعت: "هناك شيءٌ واحد نعرفه، هو أنَّ داعش -بأي شكلٍ كان- تحلَّ بالكثير من الصبر لتحقيق هدفه. ربما لم تُظهر الدول الغربية صبراً كافياً في الماضي، أو لم تتبنَّ رؤيةً بعيدة المدى بشكلٍ كافٍ. ما نحتاجه الآن هو الضغط من أجل التوصل إلى حلٍ سياسي حقيقي، ومواجهة داعش قبل أن يصبح أكثر قوةً وفتكاً".

 

تحميل المزيد