لماذا توقف تقدم القوات الحكومية اليمنية والإمارات نحو الحُديدة؟

قرقاش: أفسحنا المجال للمفاوضات ومصدر يتحدث عن خلاف بين هادي والإمارات وآخر يعزو ذلك للألغام ودفاع الحوثيين

عربي بوست
تم النشر: 2018/07/04 الساعة 15:50 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/07/04 الساعة 15:58 بتوقيت غرينتش
ميناء الحديدة كان مقر الصراع خلال الأسابيع الماضية

قبل أن يعلن وزير الشؤون الخارجية الإماراتية أنور قرقاش الأحد الماضي، عن توقف العمليات العسكرية في الحديدة (غربي اليمن)، كانت المعارك قد توقفت فعلياً على الأرض منذ أسبوع، وأعاد الحوثيون سيطرتهم على معظم المطار، جنوبي المدينة.

بدا الأمر أشبه بالنكسة لدى القوات الحكومية وقوات التحالف العربي الذي تقودها -هذه المرة- الإمارات بدلاً عن السعودية، فالحوثيون شنوا هجمات مكثفة على مواقع للقوات الحكومية في الطريق الساحلي، الذي تقدمت عبره الأولى نحو الحديدة.

وظهر الحوثيون مبتهجين حول العربات العسكرية الإماراتية، بعد أن احترقت ودمرت بالكامل، في منطقة الفازة التابعة إدارياً لمديرية التحيتا، على بعد 90 كيلومتراً جنوب الحديدة.

وسيطر المسلحون على منطقتي الفازة والجاح على الطريق الساحلي الأسبوعين الماضيين، وقطعوا طريق الإمداد الذي يربط مدينة الحديدة (شمالاً) الخاضعة لسيطرة الحوثيين، والمخا (جنوباً) الخاضعة لسيطرة الحكومة والإمارات.

ألغام ودفاع مستميت

في منطقة النخيل شمال مديرية الدريهمي، جنوبي الحديدة، يحاول وسام صالح منذ أسبوعين مع كتيبته في اللواء الثاني عمالقة، التقدم نحو مركز المديرية، لكن عشرات الألغام التي زرعها الحوثيون حالت دون ذلك.

وبالقرب من شجرتي نخيل ضمن الأشجار المزروعة بكثرة في المنطقة، اتخذت الكتيبة موقعاً عسكرياً بغية انتظار الفرق الهندسية التابعة لإزالة الألغام، وبالقرب من الموقع تناثرت مخلفات المعلبات وخزانات المياه التي استهلكها عناصر الكتيبة.

ومن على مقود سيارته ذات الدفع الرباعي التي تحمل رشاشاً من عيار 12/7، وعلى جانبيها آثار لإطلاق نار، يقول وسام وهو يلوك القات في فمه: "كان من المفترض أن نتقدم للحديدة بدلاً من التورط في هذه المزارع".

ويضيف: "الألغام سببت لنا مشكلة كبيرة، وهي من أجبرتنا على التوقف في عمليات التقدم، بعد أن سيطرنا على مواقع عديدة جنوبي الحديدة، والجهة الجنوبية من المطار، منتصف الشهر الماضي".

الحوثيون استخدموا الألغام بطرق متعددة كي يمنعوا تقدم القوات الإماراتية
الحوثيون استخدموا الألغام بطرق متعددة كي يمنعوا تقدم القوات الإماراتية

وقصف الحوثيون بالقذائف مواقع قوات العمالقة في اللواءين الأول والثاني، مما أجبر القوات الحكومية على الانسحاب من المطار وساحة العروض جنوبي المدينة، وفق وسام.

ولا توجد حصيلة بعدد الألغام التي زرعها الحوثيون في الساحل الغربي للبلاد، لكن المركز الإعلامي لقوات العمالقة ينشر صوراً بشكل مستمر للمئات من الألغام التي جرى نزعها، بينها العشرات محلية الصنع.

ويضيف وسام "الحوثيون لا يزرعون الألغام بطريقة تقليدية، بل يزرعونها بشكل مختلف، ففي كل موقع يزرع الحوثيون ثلاثة ألغام على بعض، فبمجرد أن تنزع الفرق الهندسية اللغم الظاهر ينفجر اللغم الذي زُرع تحته مباشرة".

إفساح مجال للمفاوضات

ورغم أن العملية العسكرية توقفت بسبب دفاع الحوثيين المستميت والألغام المزروعة بكثافة، حسب وسام، فإن قرقاش عزا توقفها إلى إفساح التحالف المجال للمفاوضات والجهود الأممية التي يقودها المبعوث الأممي مارتن غريفيث.

وقال قرقاش في تغريدات على صفحته بموقع "تويتر"، إن التحالف العربي أوقف مؤقتاً حملته العسكرية في الحديدة؛ لدعم جهود المبعوث غريفيث، بهدف تحقيق انسحاب غير مشروط للحوثيين من مدينة الحديدة ومينائها.

ويُجري المبعوث الأممي زيارة إلى العاصمة صنعاء، منذ أمس الإثنين، والتقى فيها ممثلي جماعة الحوثيين، دون أي تفاصيل حتى اللحظة.

وكان عدد من الدول والمنظمات الدولية، بما فيها الأمم المتحدة، مارست ضغوطاً على السعودية والإمارات لوقف العملية العسكرية، واتَّهم محافظ الحديدة المعيّن من قِبل الحكومة الحسن طاهر الأمم المتحدة بتقديم غطاء للحوثيين.

ويسيطر الحوثيون على مدينة الحديدة ومينائها الرئيسي، الذي يستقبل 80% من واردات البلاد، منذ مطلع العام 2015.

ومنذ 13 يونيو/حزيران الماضي، تنفذ القوات الحكومية بإسناد من التحالف العربي، عملية عسكرية لاستعادة السيطرة على الحديدة ومينائها الاستراتيجي على البحر الأحمر.

خلاف بين هادي والإمارات

وبين تأكيدات المصدر العسكري وحديث قرقاش، قال مصدر في قيادة القوات المشتركة في العملية العسكرية لـ"عربي بوست"، إن توقف المعارك جاء إثر الخلاف الذي تصاعد بين الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي والإماراتيين.

وكان هادي اجتمع مع قيادات وزارة الدفاع في مدينة عدن (جنوباً)، بعد ساعات من إعلان قرقاش توقف العملية العسكرية في الساحل الغربي.

وظهر هادي في الاجتماع وهو يتوعد الحوثيين، وقال إنه لن يقبل أي عملية سياسية إلا بعد انسحاب الحوثيين من الحديدة ومينائها، وتنفيذ المرجعيات الثلاث المتوافق عليها دون انتقاء أو التفاف أو مماطلة.

ويُقصد بالمرجعيات الثلاث: المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ونتائج الحوار الوطني اليمني الشامل، وقرار مجلس الأمن رقم 2216 (ينص على انسحاب الحوثيين من المدن وتسليم السلاح).

ووفق المصدر فإن الخلاف يكمن في أن الرئيس هادي يريد الدفع بقوات الحماية الرئاسية -التي تدين له بالولاء- إلى مدينة الحديدة، للسيطرة عليها مع الميناء، بينما تريد الإمارات قوات موالية لها تسمِّي نفسها "المقاومة الوطنية"، أن تلعب ذلك الدور.

يسيطر الحوثيون على مدينة الحديدة ومينائها الرئيسي، الذي يستقبل 80% من واردات البلاد
يسيطر الحوثيون على مدينة الحديدة ومينائها الرئيسي، الذي يستقبل 80% من واردات البلاد

 

و"المقاومة الوطنية" قوات اُنشئت بشكل مباشر من الإمارات، ويقودها نجل الرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح، طارق صالح، الذي لا يعترف بشرعية الرئيس هادي أو حكومة أحمد بن دغر.

قوات ضعيفة ومهزوزة

وتتهم القوات التي يقودها طارق صالح بأنها ضعيفة ومهزوزة، وليست على قدر كبير من القتالية رغم الدعم العسكري المقدم لها، وحتى الآن تتمركز مهمتها في تأمين المواقع التي تسيطر عليها قوات العمالقة في الساحل الغربي.

وفشلت مراراً في صدِّ هجمات الحوثيين على المواقع المفترض تأمينها، حتى إن قيادة قوات العمالقة بدأت تشك في خيانة قوات طارق، والسماح للحوثيين بتحقيق تقدم كبير.

وقال مصدر في قوات العمالقة لـ"عربي بوست": "منذ أيام تعرضت إحدى الكتائب التابعة لأحد ألوية العمالقة لخيانة من كتيبة تتبع قوات طارق، ولذلك بدأنا نحذر كثيراً".

وقوات العمالقة تتكون من 6 ألوية عسكرية، وهي تجمع للعسكريين ذوي التوجه السلفي، الذين يدينون بالولاء للرئيس هادي، وهي القوات التي تشكل رأس الحربة في الهجوم.

وتعوّل الإمارات حتى اللحظة على تقدم قوات العمالقة في الحديدة، ومن ثم تسليم المدينة ومينائها لقوات طارق، التي ستكون قادرة على فرض وجودها.

ومما يعزز من تلك الفرضية، أن قوات العمالقة ليست قوات عسكرية تقاتل للسيطرة على أرض، بل هم مقاتلون "نقاتل الروافض حتى تطهير اليمن، ومن ثم نعود إلى أعمالنا ومساجدنا ودروسنا"، حسبما يقول المصدر.

استدعاء قوات موالية لهادي

وكان الرئيس هادي عقب عودته من المملكة العربية السعودية نهاية رمضان الماضي، استدعى قوات الحماية الرئاسية من محافظات تعز (جنوب غربي البلاد) وشبوة (جنوب شرق) وعدن، تمهيداً لإشراكها في العمليات على الساحل الغربي.

ووصل قائد اللواء الرابع مدرع حماية رئاسية، العميد مهران القباطي، مدينة عدن، بعد 5 أشهر من مغادرته إلى السعودية.

والقباطي خاض معارك عنيفة ضد قوات الحزام الأمني الموالية للإمارات في معارك عدن، التي اندلعت أواخر يناير/كانون الثاني الماضي، وانتهت بهزيمة قوات الحماية الرئاسية، وسيطرة قوات الحزام الأمني على عدن. كما سبق أن اتهم أبوظبي بالانقلاب على الحكومة اليمنية.

كما استدعى الرئيس هادي رئيس عمليات المحور العسكري في تعز، وقائد قوات الحماية الرئاسية هناك، العميد عدنان رزيق، إلى عدن، والأخير بدأ بالاستعداد للدخول في معارك الساحل الغربي.

وقال رامي أحمد، وهو ضابط في قوات الحماية لـ"عربي بوست"، إن "إشراك قوات الحماية الرئاسية في الحديدة أمر طبيعي؛ كون قياداتها مثل مهران وبسام المحضار والبوكري قيادات ميدانية، والحديدة مساحتها كبيرة جداً، لا تستطيع ألوية العمالقة بمفردها تغطية تلك المواقع".

من جهته، قال عبدالله الشعبي، وهو المتحدث الرسمي للواء الثاني عمالقة، لـ"عربي بوست"، إن دخول قوات الحماية الرئاسية وإشراكها بات متفقاً عليه بين قوات العمالقة والتحالف العربي وقوات المقاومة التهامية.

وأضاف: "هناك حشود وتعزيزات عسكرية غير مسبوقة، والترتيب على قدم وساق للهجوم على مدينة الحديدة".

البرلمان يدعم هادي

وعلى إثر التطورات الأخيرة هاجم البرلمان اليمني وقف الإمارات العملية العسكرية في الحديدة، ووصفها بـ"العبث".

وقال بيان صادر عن أعضاء البرلمان المؤيدين لهادي "إن الدعوة إلى إيقاف معركة استعادة الحديدة هو عبث باستراتيجية الحرب على طريق السلام، واستهتار بتضحيات الشهداء الذين قضوا على طريق تحقيق هذا الهدف في معارك الساحل منذ انطلاقها".

وطالب البيان الرئيسَ والحكومة والتحالف بـ"استكمال معركة الحديدة حتى تحقيق كامل أهدافها، وعندها قد يكون هذا الإنجاز كفيلاً بدفع الانقلاب لاستعادة رشده، والانصياع لمنطق الحوار والسلام".


اقرأ أيضاً

سواتر ترابية، شوارع شبه خالية، دبابات وحركة نزوح.. مدينة الحديدة اليمنية تستعد لحرب شوارع

 

تحميل المزيد