اتفق عدد من قادة الأحزاب السياسية للمكون السني العراقي -أخيراً- على تشكيل تكتل سني تحت مسمى "المحور الوطني" للمشاركة في الحكومة العراقية المقبلة، رغم اعتراض ائتلاف الوطنية على تشكيل تحالفات تحمل "مسميات طائفية".
التكتل الذي نتج عن اجتماع لقادة سُنّة في إسطنبول التركية، سيترأسه خميس الخنجر، رجل الأعمال والسياسي الذي انسحب من الانتخابات، التي انعقدت في 12 مايو/أيار الماضي، ويهدف إلى التحاور مع الأحزاب الشيعية والكردية لتشكيل الحكومة العراقية المقبلة، حسب مسؤول بتحالف القرار العراقي.
المحور الوطني يولد في إسطنبول
اجتمع قادة الأحزاب السياسية للمكون السني العراقي، في الأول والثاني من يوليو/تموز، في إسطنبول، بحضور رئيس مجلس النواب السابق سليم الجبوري، ورئيس تحالف القرار العراقي أسامة النجيفي، ورئيس حركة الحل جمال الكربولي، والسياسي ورجل الأعمال العراقي خميس الخنجر، إضافة إلى الإعلامي ورئيس قناة الشرقية الفضائية سعد البزاز، ومحافظ صلاح الدين أحمد الجبوري.
وبحسب مسؤول في "التحالف العراقي" -وهو تحالف انتخابي من 11 حزباً تشكَّل في بداية العام لخوض الانتخابات العراقية- فإن "المجتمعين لم يتفقوا بشكل رسمي على اختيار شخصية محددة لرئاسة التحالف، إلا أن السياسي صاحب المشروع العربي في العراق خميس الخنجر، المرشح الأبرز لرئاسة تحالف المحور الوطني، الذي يتحكَّم في 47 مقعداً في مجلس النواب الجديد، الذي سيُعقد بعد مصادقة المحكمة الاتحادية على نتائج الانتخابات العراقية.
وبحسب مسؤولين أميركيين صرَّحوا لرويترز، فإن خميس الخنجر، رجل الأعمال القادم من مدينة الفلوجة العراقية والمقيم في دبي، وثروته الضخمة وعلاقاته الوثيقة بدول الخليج العربية وتركيا، تسمح له بأن يعمل كقوة سرية ومستمرة على الساحة السياسية العراقية.
أما بشأن برنامج التحالف الجديد، فقد أشار المسؤول العراقي، الذي رفض الإفصاح عن اسمه، إلى أن "البرنامج السياسي للمحور الوطني تضمَّن إعادة النازحين البالغ عددهم مليون نازح أو أكثر من ذلك إلى محافظاتهم، وإطلاق سراح السجناء في السجون العراقية، وتعويضهم وإعادة إعمار المناطق التي دُمرت بفعل العمليات العسكرية، وتحرير المناطق التي كان سيطر عليها تنظيم داعش الإرهابي، إضافة إلى سحب الفصائل المسلحة التابعة للحشد من محافظات الأنبار وصلاح الدين والموصل وديالى.
لكن الأمور قد لا تسير بشكل سلس لحين تشكيل الحكومة، فقد أشار المسؤول في التحالف العراقي، إلى أن "قادة الأحزاب السنية لم يتفقوا في الاجتماع على اختيار الشخصيات التي ستتولَّى المناصب الوزارية في الحكومة، بسبب الخلافات السياسية القائمة بين سليم الجبوري وجمال الكربولي وسعد البزاز، ومحافظ الأنبار محمد الحبلوسي"، ويخشى المصدر من أن يفشل "المحور الوطني" قبل أن يعود قادته إلى العراق.
إلى ذلك، يرى النائب السابق والقيادي في تحالف "تضامن" طلال حسين الزوبعي، أن المملكة العربية السعودية قد فقدت الكثير من تأثيرها في اختيار شكل الحكومة العراقية المقبلة، بعد الإعلان عن تشكيل تحالف المحور الوطني في تركيا.
الجبوري الأقرب لرئاسة البرلمان
الزوبعي صرَّح لـ"عربي بوست" قائلاً، إن "القيادات السنية لا تملك إرادة حقيقية مثل الأكراد أو الشيعة". ويسمح النظام السياسي العراقي للسنة بتولي منصب رئيس البرلمان، فيما يعطي شيعة البلاد حقَّ منصب رئاسة مجلس الوزراء، وللأكراد منصب رئاسة الجمهورية.
وأضاف الزوبعي، أن "هناك ثلاثة مرشحين لرئاسة مجلس النواب، رئيس تحالف "القرار العراقي" أسامة النجيفي، ومحافظ الأنبار محمد الحلبوسي، ورئيس البرلمان المنتهية ولايته سليم الجبوري، وهو المرشح الأبرز والأقرب لهذا المنصب". وبحسب الزوبعي فإن النجيفي قريب من الحكومة التركية، فيما يحتفظ الجبوري بعلاقات جيدة مع إيران.
وأوضح الزوبعي أن "الأحزاب السنية لا تستطيع اختيار شخصية لرئاسة البرلمان، بدون التنسيق مع إيران، باعتبارها لاعباً أساسياً في العراق"، ولذلك فهو يرى أن السعودية الخاسر الأكبر في اختيار الشخصيات لتشكيل الحكومة العراقية.
وبشأن التدخل الخارجي في العراق، أوضح الزوبعي، أن هناك صراعاً في العراق للهيمنة على المكوّن السني بين قطر وتركيا من جهة، والسعودية من جهة أخرى. ويرى الزعيبي، أن التكتل الذي تشكَّل في إسطنبول يرفض التدخلات السعودية الإماراتية في الشأن العراقي.
ائتلاف علاوي: اجتماع إسطنبول لا يمثل السُّنة
السُّنة ليسوا على قلب رجل واحد. فقد دعا ائتلاف الوطنية، بزعامة رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي، الأحزابَ السياسية إلى إغلاق المنافذ أمام القوى الإقليمية ودول الجوار، والتي تسمح لها بالتدخل في شؤون العراق.
رعد الدهلكي، النائب السابق والقيادي في ائتلاف الوطنية، قال لـ"عربي بوست"، إن "(الوطنية) بعيدة كل البعد عن التحالفات الطائفية التي لم تجلب خيراً للعراق"، وتابع: "نأمل أن تكون الاجتماعات والحوارات والمؤتمرات داخل الأراضي العراقية بإشراف عراقي".
وأكد الدهلكي أن "العراق أمام مرحلة تختلف عن المراحل السابقة، لا بد للجميع من إنشاء تكتل أو تحالف وطني داخل العراق". وأضاف قائلاً: "اجتماع إسطنبول لا يمثل السُّنة؛ بل القيادات السياسية التي شاركت في الاجتماع".
وبشأن مشاركة عضو ائتلاف الوطنية سليم الجبوري في الاجتماع، نفى الدهلكي علم ائتلاف الوطنية بمشاركة الجبوري، وقال: "نحن نرفض رفضاً قاطعاً أن يكون هناك بيت سُني مقابل بيت شيعي وآخر كردي، أو أن تتشكل التحالفات على أسس طائفية"، وتابع بأسىً: "كل هذه التحالفات لم تقدِّم إلا الأوجاع للعراقيين".
اقرأ أيضًا:
تنافس سُني على رئاسة البرلمان العراقي.. وعمَّان تحسم الجدل باتفاق سياسي لتوزيع المناصب
القضاء العراقي يقول كلمته ويحسم الجدل حول إلغاء العد والفرز الإلكتروني واعتماد اليدوي