قال الحزب الديمقراطي الاشتراكي المشارك في الحكومة الألمانية الائتلافية برئاسة المستشارة أنجيلا ميركل الثلاثاء 3 يوليو/تموز 2018 إنه يحتاج لدراسة اتفاق بشأن سياسة الهجرة، أبرمته ميركل مع حلفائها في ولاية بافاريا لإنقاذ الحكومة المشكلة منذ ثلاثة شهور، قبل الموافقة عليه.
بنود الاتفاق المبرم بين ميركل وحلفائها في ولاية بافاريا
ينص الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين حزب ميركل "الاتحاد الديمقراطي المسيحي" (يمين الوسط)، وحليفه اليميني البافاري "الاتحاد الاجتماعي المسيحي" على أن أي مهاجر غير شرعي يصل إلى المانيا بعد أن يسجل دخوله في دولة أخرى من الاتحاد الأوروبي، يتم نقله إلى "مركز عبور" يقام على الحدود مع النمسا بدلاً من أن ينقل إلى مراكز إيواء موزعة في سائر أنحاء ألمانيا.
ويشمل ذلك في الواقع الغالبية العظمى من طالبي اللجوء الذين لن يعودوا موزعين في كل أنحاء البلاد كما هم عليه اليوم.
وبعد نقل هؤلاء المهاجرين إلى "مراكز العبور" يصار إلى دراسة ملفاتهم وبعد الانتهاء من ذلك تتم إعادتهم إلى الدول الأوروبية التي أتوا منها، وذلك في إطار اتفاق إداري مع الدولة المعنية.
ويثير الاتفاق الذي توصلت إليه ميركل لإنقاذ حكومتها انتقادات ومخاوف من إثارة مواقف مماثلة في سائر أوروبا وخصوصاً في النمسا.
ويتعين أن توافق النمسا على هذا الاتفاق وقد ألمحت إلى مشكلات محتملة حيث قالت إنها ستحمي حدودها الجنوبية مع إيطاليا وسلوفينيا في حالة تطبيق اتفاق الحكومة الألمانية.
النمسا متأهبة لحماية حدودها في مواجهة اللاجئين
وأعلنت الحكومة النمساوية الثلاثاء "استعدادها لاتخاذ إجراءات من أجل حماية حدودها" غداة القيود على طالبي اللجوء التي أعلنتها ميركل لإنقاذ ائتلافها الحكومي.
وأوضحت الحكومة النمساوية في بيان أنه في حال أقرت الحكومة الألمانية الاتفاق الذي تم التوصل إليه في وقت متأخر الإثنين "سنضطر لاتخاذ إجراءات من أجل تفادي أي ضرر للنمسا وشعبها" و"خصوصاً لحماية حدودنا الجنوبية" أي الحدود مع إيطاليا وسلوفينيا.
وتستعد فيينا أيضاً لطرد مهاجرين قادمين من إيطاليا تحديداً نقطة الدخول الأساسية لهؤلاء اليوم إلى الاتحاد الأوروبي.
ووافقت ميركل تحت ضغط الجناح الأكثر ميلاً إلى اليمين في حكومتها على وضع حد نهائي للنهج السخي في سياسة الهجرة الذي أطلقته في 2015 عندما اتخذت القرار المثير للجدل بفتح أبواب البلاد أمام مئات آلاف من طالبي اللجوء.
والسياسة الجديدة التي تشدد القيود على المهاجرين هي تسوية تتيح لميركل وزعيم حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي هورست زيهوفر نبذ خلافاتهما بشأن الهجرة التي كانت تنذر بانهيار الحكومة الائتلافية.
وقالت ميركل إن الاتفاق يظهر أن ألمانيا لا تتخذ خطوات أحادية الجانب وإنما تعمل مع شركائها الأوروبيين.
وأحدث زيهوفر، الذي يشغل أيضاً منصب وزير الداخلية ويريد فرض قيود أشد على الحدود، حالة من الفوضى داخل الحكومة في الأيام القليلة الماضية حيث هدد بالاستقالة قبل أن يعدل عن قراره ويقول إنه سيبقى في منصبه.
ويلقي الخلاف داخل الحكومة الألمانية الضوء على الانقسامات العميقة داخل أوروبا بشأن كيفية التعامل مع المهاجرين الذين وصلوا في الأعوام الثلاثة الماضية. وقال زيهوفر إنه سيسافر إلى فيينا قريباً وإنه تحدث بالفعل مع المستشار النمساوي سيباستيان كورتس عبر الهاتف. وأضاف قبل اجتماع للحزب "لدي انطباع أنه مهتم بالتوصل لحل ملموس".
مخاوف من تنازلات ميركل وتأثيرها على مبادئ القمة الأوروبية الأخيرة
وهناك مخاوف من أن تؤدي التنازلات التي قدمتها ميركل أمام اليمين الى إعادة النظر في المبادئ الكبرى للقمة الأوروبية الأخيرة والتي تقوم على إعطاء الأولوية للحلول الأوروبية إزاء الميول القومية وتقديم مساعدة إلى إيطاليا.
لكن ميركل لم تخرج بعد من المأزق فهي وإن كانت نجحت في استمالة وزير الداخلية هورست زيهوفر لا يزال عليها إقناع شريكها الآخر في الحكومة من اليسار الوسط بقبول الاتفاق.
فقد تحفظ الحزب الاشتراكي الديمقراطي عن الرد حتى الآن وطلب مزيداً من الوقت لدرس الاتفاق وفي حال رفضه فستعود الأزمة مع الحكومة أقوى من السابق.
ويعقد اجتماع بين الشركاء الثلاثة الكبار في الائتلاف الحكومي الثلاثاء. ولم يكن رد الفعل الأول للحزب الاشتراكي الديمقراطي وبشكل أوسع في اليسار مرحباً بالاتفاق.
وندد عزيز بوزكورت أحد خبراء الحزب بالاتفاق "الذي يسير تماماً في اتجاه" اليمين المتطرف. أما أنصار البيئة واليسار المتطرف فقد نددوا بـ"مراكز العبور" على الحدود بأنها "معسكرات اعتقال" في إشارة إلى الماضي النازي للبلاد.
وكان الحزب الاشتراكي الديمقراطي رفض بشكل قاطع قبل ثلاث سنوات إقامة مثل هذه المراكز عند التباحث بشأنها إزاء تدفق طالبي اللجوء.
ولا تزال ميركل تتعرض لضغوط. وإذا كانت نجحت سياسياً في تفادي انهيار حكومتها فهي تخرج من الأزمة أضعف نتيجة الهجمات التي تتعرض لها من قبل زيهوفر.
وكانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ووزير داخليتها هورست زيهوفر أعلنا مساء الإثنين أنهما توصلا إلى اتفاق حول السياسة الواجب انتهاجها للحد من الهجرة غير الشرعية، في خطوة من شأنها أن تنقذ الائتلاف الحكومي الهش الذي كاد أن يسقط مساء الأحد بإعلان الوزير عزمه الاستقالة بسبب خلاف حاد بينه وبين المستشارة حول هذه المسألة.