حصار أميركا لإيران ومنع شراء نفطها يدعم الاقتصاد السعودي.. وترمب له خطته فهو لا يعمل بالمجان

عربي بوست
تم النشر: 2018/06/29 الساعة 15:07 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/06/30 الساعة 09:58 بتوقيت غرينتش
Saudi King Salman Bin Abdelaziz (or Abdul Aziz) Al Saud (2nd from L) dances the 'ardha' or traditional sword dance with US President Donald Trump in Riyadh, Saudi Arabia on May 20, 2017. This is the first US president's visit abroad. Photo by Balkis Press/ABACAPRESS.COM

مصيبة طهران مع العقوبات الأميركية ستكون مفيدة للرياض، فالرئيس الأميركي دونالد ترمب يبذل جهوداً جبّارة لتقليل صادرات النفط الإيرانية إلى الصفر، ما يجعل أقدام حليف للولايات المتحدة يقف على أرضية أقوى من أجل مواجهةٍ عبر الخليج العربي.

ووفقاً لما قاله أشخاص قريبون من وزارة الطاقة السعودية، فإنَّ حكومة ولي العهد محمد بن سلمان (32 عاماً) تعتزم زيادة إنتاج النفط إلى مستوى قياسي يقارب 11 مليون برميل يومياً بحلول الشهر القادم يوليو/تموز؛ ليعوض النفط الخام الإيراني المتوقع فقدانه بسبب عقوبات الولايات المتحدة.

وبعد سنين من الإجراءات التقشفية التي تلت تراجع أسعار النفط في 2014، قد تسمح زيادة العائدات النفطية وفق صحيفة The Wall Street Journal الأميركية للأمير محمد بتوسيع الإنفاق العسكري والإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية.

وقد كشفت وكالة Bloomberg الأميركية أن عدداً من مشتري الإمدادات الإيرانية في أكبر سوق للنفط بالعالم أبدوا الموافقة على مطالب الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، بخصوص إيران.

وتدرس شركة Fuji اليابانية وشركة Formosa التايوانية التوقف عن استيراد احتياجاتها من إيران، العضو بمنظمة "أوبك"، ولم تتخذ الشركتان قراراً نهائياً حتى الآن.

 جديرٌ بالذكر أنَّ كوريا الجنوبية علَّقت بعض الواردات بالفعل، في حين أنَّ شركة بترول الإمارات الوطنية تحاول البحث عن بدائل للشحنات التي تحصل عليها من الجمهورية الإسلامية، وفق ما جاء في تقرير.

وسبق أن قال المتحدث باسم الحكومة اليابانية، الأربعاء 27 يونيو/حزيران، 2018: إن بلاده تحلل عن كثبٍ تأثير العقوبات الأميركية على إيران، وستواصل الحوار مع واشنطن والدول المعنيَّة؛ حتى لا تتأثر الشركات اليابانية سلبياً جراء تلك العقوبات.

وتسلط منافع المملكة الضوء على المكانة المركزية التي تحتلها السعودية في مواجهة الرئيس دونالد ترمب مع إيران على خلفية برنامجها النووي ووضعيتها العسكرية في المنطقة.

وتقول هيليما كروفت، المديرة العامة والرئيسة العالمية لقطاع استراتيجية السلع في بنك رويال الكندي: إنَّ المملكة العربية السعودية تُعَد "محوراً أساسياً" في استراتيجية حكومة ترمب ضد إيران. وأضافت: "يعد الحصول على اقتصادٍ أفضلَ مكسباً كبيراً لمحمد بن سلمان".

وسحب ترمب الولايات المتحدة من اتفاقٍ متعدد الأطراف يعود لعام 2015 رُفِعَت بموجبه العقوبات عن إيران في مقابل فرض قيود على نشاطها النووي، وتعهَّد بإعادة فرض عقوبات واسعة النطاق على طهران بحلول شهر نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، وهو المسار الذي لاقى دعماً من السعودية وإسرائيل وأعداء إيران الآخرين في المنطقة.

ماذا يريدون من إيران؟

وإلى جانب محاولة إجبار إيران على التخلي عن برنامج الأسلحة، تعمل الولايات المتحدة الأميركية على إجبار إيران على سحب دعمها للوكلاء العسكريين مثل حزب الله الذي يهدد إسرائيل في لبنان، والحوثيين الذين يقاتلون تحالفاً تقوده السعودية من أجل السيطرة على اليمن وأرهبوا الرياض بصواريخهم.

وقال الأمير محمد لصحيفة The Wall Street Journal الأميركية في مارس/آذار: إنَّ العالم بحاجة لممارسة ضغوط اقتصادية على إيران لتجنُّب مواجهة عسكرية مباشرة.

بدأت الضغوط الأمريكية تُحرك الأمور في إيران بالفعل؛ إذ قال متعاقدو النفط الإيراني إنَّ شركة النفط الوطنية الإيرانية أَمَرَت الشركات التابعة لها بالاستعداد لخفضٍ في إنتاج النفط بمقدار 200 – 500 ألف برميل يومياً.

وحثَّ الرئيس الإيراني حسن روحاني الأربعاء 27 يونيو/حزيران شعبه على البقاء قوياً فيما تحاول الولايات المتحدة فرض العُزلة على بلدهم. وأغلق المتظاهرون بازار طهران الكبير هذا الأسبوع على خلفية تراجع عملة البلاد.

يُخطِّط السعوديون للحظةٍ نادرة في سوق النفط

في الوقت نفسه، يُخطِّط السعوديون للحظةٍ نادرة في سوق النفط حين يتمكّنون من زيادة إنتاج النفط ويظلون في الوقت نفسه يستفيدون من تحسُّن سعر الخام.

ووفقاً لمصادر قريبة من وزارة الطاقة، فإنَّ إنتاج النفط السعودي من المحتمل أن يصل إلى 10.8 – 10.9 مليون برميل يومياً في شهر يوليو/تموز، صعوداً من حوالي 10.6 مليون برميل في يونيو/حزيران، و10.03 مليون برميل في مايو/أيار. وهذه الزيادة بين شهري مايو/أيار ويوليو/تموز تعني حوالي 25 مليار دولار سنوياً من العائدات الإضافية عند سعر 75 دولاراً للبرميل.

والخميس 28 يونيو/حزيران، ارتفع سعر خام برنت -المعيار الدولي- لأكثر من 4% بعدما قال مسؤولٌ رفيع في وزارة الخارجية الأميركية الثلاثاء 26 يونيو/حزيران: إنَّ الولايات المتحدة ستحاول إرغام كل مشتري النفط الإيراني على وقف مشترياتهم.

وقال هوتان يازاري، رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأبحاث الأسواق الناشئة العالمية لدى بنك أوف أميركا ميريل لينش: "إذا كان (السعوديون) يتطلعون لتسهيل تغيير النظام أو فرض تغييرات داخلية في إيران، فإنَّ هذا وبكل صراحة سيضعهم في مكانة قوية جداً". ولا يدعو المسؤلون السعوديون علانيةً إلى تغيير النظام في إيران، لكنَّهم يطالبون بتغييراتٍ في السياسة يُستبعَد أنَّ تدعمها طهران، مثل التخلي عن مساندة حزب الله.

البطالة في السعودية ما زالت مرتفعة في ظل فترة انعدام اليقين

وفي ظل فترة انعدام اليقين هذه التي تحيط بالاقتصاد السعودي، فإنَّ دفعة مالية قد تساعد. فلا يزال معدل البطالة بين المواطنين السعوديين فوق 12%. وتباطأ إنفاق المستهلكين هذا العام بعدما فرضت الحكومة ضريبة قيمة مضافة تبلغ 5% في يناير/كانون الثاني الماضي، وخفَّضت دعم الطاقة، الأمر الذي رفع أسعار سلع أساسية مثل البنزين والكهرباء.

يقول أبو أحمد الذي يمتلك محل عطارة في سوق عربية تقليدية في الرياض: "لم يعد العمل كالسابق، هذا أكيد.. فقد قلَّت هوامش ربحي".

وقالت كروفت: إنَّ الأمير محمد  يُرجَّح أن يستخدم على الأقل بعض من عائدات بيع النفط ليمضي قدماً في المبادرات الرامية لتطوير الصناعات الجديدة غير النفطية، ويتجنَُب "الإجراءات التقشفية التي لا تحظى بقبولٍ سياسي".

ووجود اقتصادٍ سعودي قوي يعني إزالة بعض الضغوط المادية في الوقت الذي تحارب فيه المملكة المتمردين في اليمن المدعومين من إيران حسب مزاعم السعودية. ويُعَد التحالف الذي تقوده السعودية في وسط هجومٍ لاستعادة ميناء الحديدة الاستراتيجي، وهو ما يُمثِّل نقطة تحول محتملة في الحرب. وتنفي إيران دعمها للمتمردين الحوثيين.

ترمب يستفيد من السعودية في حل قضايا فلسطين مع إسرائيل

وأضافت كروفت أنَّ العقوبات الأميركية تمنح السعودية دفعةً اقتصادية وسطوة على منافستها الأكبر في المنطقة، ويمكن لترمب استخدام المساعدة من السعوديين في مبادرات الشرق الأوسط مثل خطة سلامٍ إسرائيلية – فلسطينية، وإخماد الحرب السورية، وصفقات السلاح.

ويعمل السعوديون على حماية مستهلكي النفط من عوامل رفع أسعار النفط الموجودة في سوق النفط اليوم: الطلب القوي المقترن بتوقفات الإمدادات من إيران وفنزويلا وكندا. وقد تحد زيادة الإنتاج من قفزة سعر النفط في منتصف موسم القيادة الصيفي في الولايات المتحدة.

قالت شركة Energy Aspects الاستشارية في تعليقٍ لها هذا الأسبوع: "في حين لن تُقِر السعودية أبداً بهذا، فإنَّها تحاول بكل وضوح تثبيت السعر حول مستوى 70 دولاراً".

قال روبن ميلز، المدير التنفيذي لشركة Qamar Energy في دبي: إنَّ أسعار النفط المرتفعة تبدو غير محبذة لدى السعوديين على المدى الأطول؛ لأنَّها قد تتسبب في ضررٍ اقتصادي عالمي.

وحذَّر صندوق النقد الدولي من أنَّه يجب ألا تصرف أسعار النفط المرتفعة انتباه السعوديين عن التغيرات الاقتصادية مثل رفع الدعم وخصخصة الشركات التي تديرها الدولة. لكنَّ ميلز قال إنَّه من المحتمل أن تستخدم الحكومة السعودية جزءاً من العائدات الإضافية لمساعدة المواطنين في مواجهة تخفيضات الدعم.  

وأضاف: "يثير هذا بالفعل قلقاً من أن تُضعِف عائدات النفط الأعلى دوافع الإصلاح الاقتصادي".

تحميل المزيد