أميركا ستتخلى عن مطالبها بإبعاد الرئيس السوري مقابل لجم إيران.. هذه بنود “صفقة” مرتقبة بين ترمب وبوتين

عربي بوست
تم النشر: 2018/06/29 الساعة 18:42 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/06/30 الساعة 09:55 بتوقيت غرينتش

تقترب الحرب الكارثية في سوريا مما قد يكون نهاية دبلوماسية؛ إذ تصيغ الولايات المتحدة وروسيا وإسرائيل اتفاقاً من شأنه الحفاظ على سلطة الرئيس السوري بشار الأسد في مقابل تعهُّداتٍ روسية بتقييد النفوذ الإيراني.

وأصبح وقف النفوذ الإيراني هو الهدف الرئيس لإدارة دونالد ترمب في سوريا، بعد هزيمة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) تقريباً. ويبدو الرئيس ترمب مستعداً لتبنِّي سياسة تُثبِّت الأسد -القائد المستبد الذي استخدم الأسلحة الكيماوية ضد شعبه- والتخلي عن المعارضة السورية التي خضعت للتدريب جزئياً من الولايات المتحدة.

الإسرائيليون استنتجوا أنَّ بوتين شريك إقليمي يُعوَّل عليه

في مقال نشرته صحيفة The Washington Post، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي ديفيد إيغناشيوس، أن سياسة ترمب تجاه سوريا ظلَّت تروح جيئةً وذهاباً مثل كرة البينغ بونغ أو تنس الطاولة. وكانت السمة الأكثر ثباتاً هي التشكك من الالتزامات العسكرية التي تعهَّد بها سلفاه جورج بوش الابن وباراك أوباما في الشرق الأوسط. ويبدو أنَّه يتراجع عن تلك التعهُّدات خطوة تلو الخطوة.

تأتي المناقشات الدبلوماسية حول سوريا في الوقت الذي يستعد فيه ترمب لقمة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 16 يوليو/تموز 2018. والدبلوماسيون الأجانب ومسؤولو الإدارة الأميركية ليسوا متأكدين مما سيكون على جدول أعمال القمة، لكنَّ الصفقة السورية على الأرجح ستكون حاضرة.

أحد الجوانب المثيرة للاهتمام في الاتفاق السوري المحتمل هو أنَّها مدفوعة بالتعاون الوثيق بين روسيا وإسرائيل. وتُركِّز الأجندة الإسرائيلية، مثل أجندة ترمب، بصورة قوية على التصدي لإيران، ويبدو أنَّ الإسرائيليين استنتجوا أنَّ بوتين شريك إقليمي يُعوَّل عليه.

وهذه بعض بنود "الصفقة" المرتقبة بين ترمب وبوتين

ولخَّص خبراء إسرائيليون وأوروبيون وأميركيون بعض العناصر المحتملة في إطار العمل. ففي مقابل سحب الولايات المتحدة مطالبها بانتقالٍ سياسي في سوريا، ستدعم روسيا إجراءات مختلفة لاحتواء النفوذ الإيراني، من بينها:

– ستبقى القوات المدعومة إيرانياً على بُعد 80 كيلومتراً على الأقل من الحدود الإسرائيلية في هضبة الجولان.
– سيكون لدى إسرائيل تصريح روسي ضمني بمهاجمة الأهداف الإيرانية في سوريا، طالما لن تتعرَّض القوات الروسية للأذى. ومارست إسرائيل حرية العمل هذه في الأسابيع الأخيرة لضرب قواعد سرية إيرانية ومنع محاولة طهران فتح "جبهة ثانية" سورية ضد إسرائيل من شأنها تكملة جبهة حزب الله في لبنان.
– سيرسخ جيش الأسد، مدعوماً بالقوة الجوية الروسية، سيطرته في جنوب غربي سوريا ويستعيد النقاط على الحدود الأردنية. وتُفضِّل الأردن سيطرة الأسد على الحدود؛ لأنَّه قد يسمح باستئناف حركة الشاحنات، ما يُعزِّز الاقتصاد الأردني الذي يعاني ضائقة مالية. ويبدو أنَّ قوى المعارضة في الجنوب الغربي ستُترَك للدفاع عن نفسها. وفي ظل نزوح آلاف اللاجئين السوريين الجدد باتجاه الحدود الأردنية المغلقة، من الممكن حدوث مذبحة جديدة للمدنيين المحاصَرين.
– ستُسيِّر الشرطة العسكرية الروسية دوريات في جنوب غربي سوريا وربما بمناطق أخرى، في مسعىً لإرساء الاستقرار بتلك المناطق. لكنَّ دبلوماسياً أوروبياً يُحذِّر من أنَّ أي توقُّع بأنَّ القوة الروسية ستعني الأمن هو توقُّع "قائم على التفكير المُتمنّي أكثر من الواقع". وفي الوقت الراهن، ستحتفظ الولايات المتحدة بحاميتها في التنف جنوب سوريا؛ لمنع أي تقدُّمٍ إيراني هناك.
– ستوسِّع روسيا ونظام الأسد نطاق تواصلهما مع القوى الكردية السورية في شمال شرقي سوريا، بالمناطق التي أقام الأكراد فيها شراكة ناجحة مع قوات العمليات الخاصة الأميركية لهزيمة "داعش" واستعادة الاستقرار. ويأمل القادة الأميركيون أن تتمكن القوات الأميركية من البقاء 18 شهراً آخرى أو نحو ذلك. لكنَّ ترمب عبَّر عن نفاد صبره فيما يتعلَّق بتلك المهمة.

"الخيانة" الأميركية ستكون حاضنة لحركات جهادية

ويشعر قادة المعارضة السورية بخيبة أمل شديدة إزاء الاتفاقية الآخذة في التبلور. وأشار إيغناشيوس إلى تحذير تلقَّاه بأنَّ "الخيانة" الأميركية ستكون حاضنة لحركات جهادية في المستقبل.

وتتشكك الدول الأوروبية، التي كانت تُمثِّل حلفاء رئيسيين سريين بسوريا، بشدة في نجاح الخطة المناهضة لإيران؛ إذ قال أحد الدبلوماسيين الأوروبيين لإيغناشيوس: "حذَّرت بريطانيا وفرنسا الولايات المتحدة الأميركية من أنه من المستبعد للغاية أن يكون لدى روسيا الوجود على الأرض الكافي لطرد الإيرانيين من المناطق التي يسيطرون عليها الآن".

وتقدُّم نفوذ بوتين يزعج مسؤولي البنتاغون

ويزعج استعداد ترمب للقبول بالنفوذ الروسي في سوريا -والتنازل عن المكاسب الأميركية التي تحققت بشق الأنفس- العديد من مسؤولي وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، ولكن يبدو أنهم يفقدون حُجّتهم.

ويشير إيغناشيوس في نهاية مقاله إلى تعاظم دور بوتين قائلاً: "في حين يسلك بوتين طريقه نحو مرحلة القمة، يجدر بنا أن نتوقف للحظة لتقدير مدى البراعة التي يؤدي بها دوره؛ إذ بدأت روسيا تصبح المُوازِن الإقليمي الذي لا غنى عنه، وتؤدي الدور الذي كانت تدَّعيه الولايات المتحدة بفخرٍ في السابق".

إذ برع في سياسة "إخضاع العدو دون القتال"

وتحتفظ روسيا بطريقةٍ ما بعلاقاتٍ جيدة مع كلٍّ من إسرائيل وإيران، ولديها كذلك علاقات متنامية مع السعودية والإمارات، وتجري مباحثات مع الأكراد السوريين وألدّ أعدائهم في تركيا.

يتمتع بوتين بسُمعة أنَّه "سفاح سابق" في جهاز أمن الدولة السوفيتية (KGB)، لكنَّ استراتيجيته السورية تستحضر المبدأ الصيني الماكر الذي ينطوي على إخضاع العدو دون قتاله. اتخذ بوتين، برأي إيغناشيوس، موقفاً حاسِماً في سوريا بأقل تكلفة، ويبدو أنَّ "ترمب المُحترِم لرغبات الآخرين مستعدٌ الآن لتأكيد انتصاره".

ولكن الروس يدعون لعدم رفع سقف توقعات القمة

وانتقد أعضاء في الحزب الديمقراطي الأميركي قمة هلسنكي المرتقبة، ووصفوها بأنها هدية للكرملين، معربين عن مخاوفهم بشأن ما قد يقدمه ترامب.

وفي هذه الأثناء، تحاول المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، تهدئة التخوف المحيط بالقمة، قائلة: "إنه من الأفضل عدم الحماسة بشأن ما يمكن أن تسفر عنه القمة".

ونقلت وكالة RIA للأنباء قولها: "بشكل عام، أُوصي الجميع بعدم استخدام عبارات مثل إنجازات، وأقترح رؤية براغماتية وواقعية لهذه الاجتماعات".

تحميل المزيد