المحكمة حكمت بـ 308 عاماً على مُحتجِّي “حراك الريف”.. هل يتدخل الملك للعفو عنهم؟

عربي بوست
تم النشر: 2018/06/29 الساعة 11:26 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/06/29 الساعة 12:03 بتوقيت غرينتش

هزّت احتجاجات ما يعرف بـ"حراك الريف" مدينة الحسيمة ونواحيها (شمال) على مدى أشهر ما بين خريف 2016 وصيف 2017، وخرجت أولى تلك المظاهرات في الحسيمة احتجاجاً على حادث أودى بحياة بائع السمك محسن فكري.

وحكمت المحكمة على كل من ناصر الزفزافي (39 عاماً) الذي يوصف بزعيم الحراك، ونبيل أحمجيق الرجل الثاني في الحراك، وسمير إغيد ووسيم البوستاتي بالسجن مع النفاذ لمدة 20 سنة، بعدما دانتهم باتهامات تتعلق بالتآمر للمس بأمن الدولة.

أحكام ثقيلة وقاسية، هكذا وَصفت هيئة دفاع ناصر الزفزافي ورفاقه، الأحكام الصادرة في حقهم على خلفية ملف "حراك الريف" الذي أدان الزفزافي وثلاثة آخرين بـ 20 سنة سجناً فيما وصل مجموع الأحكام لـ 308 أعوام مُوزَّعة على 53 معتقلاً.

صدمة وغضب كبيران اجتاحا وسائل التواصل الاجتماعي عقب الإعلان عن الأحكام، في وقت لجأت فيه عائلات المحكوم عليهم إلى الاحتجاج والصراخ ولم تجد أمهات المعتقلين وزوجاتهم سوى البكاء والإعراب عن افتخارهن بـ"الأبطال".

والدة الزفزافي أكدت لـ"عربي بوست" أنها "فخورة بابنها وبجميع المعتقلين رغم الحُكم الظالم في حقهم متسائلة بغبن كبير إن كانت ستعيش إلى حين خروج ناصر من السجن؟، حيث تتذكر دائماً كلمات ابنها الذي يحثها على أن تكون قوية وألا يجتاحها الخوف والضعف لأنه بريء ولم يقم بما يسيء للوطن.

طي صفحة الخصام

يعلق المغاربة آمالاً كبيرة على أن ينال المعتقلون عفواً ملكياً، كما ذهب مدونون إلى التأكيد على أن الملك محمد السادس سيتدخل حتماً في الملف لتصحيح مساره ولإقرار مصالحة مع أبناء منطقة الريف وطي الصفحة عبر إصدار عفو ملكي في حقهم، الأمر الذي لم يجد له أستاذ العلوم السياسية عبد الرحيم العلام من مسوغ.

ويرى العلام أن المُطالبة بعفو ملكي ليس من شأن المجتمع الذي من المفروض عليه أن يُندِّد بهذه الأحكام ويدينها ويطالب بالتراجع عنها، أما من الجانب القانوني فمن اللازم تسريع عملية استئناف الحكم أمام قُضاة يتحملون مسؤوليتهم ويتمتعون بالكفاءة اللازمة.

السؤال الذي حيرني لماذا جهاز القضاء و العدل و العناوين الكبيرة و الشعارات الرنانة حول استقلالية القضاء و دولة الحق…

Posted by Said Taybi on Tuesday, June 13, 2017

واعتبر الأستاذ بجامعة القاضي عياض بمراكش أن المطلوب الآن هو اللجوء للطُّرق القانونية التي تُنصف هؤلاء وتجعلهم غير مُجرمين من الأصل، لافتا إلى أن الأصح هو البحث عن صيَغ لتبرئة هؤلاء الشباب وكل من يسير على نهجهم أو يطالب بمثل ما طالبوا به، أما العفو الملكي فلا يصحح الأخطاء بل يعفو عن العقوبة فيما يبقى الجُرم ثابتاً في حق مرتكبيه.

عفو ملكي أم عفو عام؟

ويقترح العلام ضمن حديثه لـ"عربي بوست"، أن يقوم البرلمان بإقرار عفو عام تجاه المعتقلين، وهنا من حق المجتمع أن يضغط على البرلمانيين للسير في هذا الاتجاه باعتبارهم نواب الشعب وممثليه، موضحاً أن العفو العام يمحو الفعل الذي عوقب به هؤلاء الشباب إذ ترفع صفة الجُرم عن الفعل المرتكب، ما لا يمكن تحققه مع العفو الملكي الذي يأتي من باب الرحمة والشفقة لا غير ويبقي الشخص بنفس الجريمة رغم العفو.

بعد الحكم على شباب الحراك الريفي خرج بعض رؤساء الأحزاب السياسية يعربون عن متمنياتهم وآمالهم بإعادة النظر والعفو وووو….

Posted by Driss Elganbouri on Thursday, June 28, 2018

20 سنة إذن هي الحكم الذي صَدَر في حق الزفزافي و4 آخرين ممن معه بتهمة "المس بالأمن الدَّاخلي"، بالرغم من أن اعتقال "زعيم الحراك" جاء عقب توقيفه لخطيب جمعة كان ضد الاحتجاجات بمدينة الحسيمة ونواحيها، وهذا ما جعل العلام يتساءل عن التهمة الثقيلة الموجهة له المتعلقة بالأمن الداخلي في وقت تم اعتقاله بسبب جنحة تعطيل العبادة التي تصل عقوبتها إلى 5 سنوات على الأكثر.

لم تُوجَّه جناية المس بالأمن الداخلي للزفزافي إلا بعد اعتِقاله، وهي التهمة التي تصل فيها العقوبة للإعدام، فكيف اعتقل شخص بناء على جنحة تحولت إلى جناية؟ وهل مارسها بأثر رجعي أم تم اكتشاف الأمر بعدها؟، وأين كانت النيابة العامة عند ارتكابه جريمة المس بالأمن ولماذا تم الانتظار إلى حين تعطيله خطبة الجمعة؟ أسئلة يطرحها أستاذ العلوم السياسية عبر "عربي بوست".

وزراء مغاربة.. القضاء مستقل

وسط الغليان الذي أعرب عنه حقوقيون تُجاه الأحكام الصادرة في حق معتقلي ملف "حراك الريف"، لم يجد وزراء حكومة العثماني إلا أخذ مسافة من الموضوع مكتفين بالتأكيد على أن السلطة القضائية مستقلة عن السلطة التنفيذية، وأنه لا يمكن للحكومة التدخل في أحكام القضاء وفق ما قاله مصطفى الخلفي الناطق الرسمي باسم الحكومة.

بعد الحكم على نشطاء الريف وعلى الصحافي المهدوي يحب إقامة صلاة الجنازة على نزاهة القضاء المغربي

Posted by Ahmed Benseddik on Thursday, June 28, 2018

الخلفي أكد في ندوة صحفية، أن القضاء هو من له معرفة بحيثيات الملف، وأن الأحكام الصادرة بحق معتقلي الريف ابتدائية ولازالت هناك مرحلة الاستئناف وسلك جميع مراحل التقاضي وهو نفس ما سار إليه رئيس الحكومة سعد الدين العثماني ووزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان مصطفى الرميد.

على عكس الوزراء، عبّر محمد كروط، محامي الطرف المدني في القضية إلى أن الأحكام جاءت مخففة مبرراً الأمر بعدد التهم المنسوبة للموقوفين.

العفو .. حق الملك الدستوري

جرت العادة بالمغرب أن يقوم الملك بإصدار عفوه على عدد من المعتقلين قد يصل عددهم إلى المئات سواء المعتقلين في حالة سراح أو المدانين من قبل محاكم المملكة وذلك خلال مناسبات وطنية ودينية كذكرى المسيرة الخضراء وعيد العرش وعيدي الفطر والأضحى وغيرها.

" يمارس الملك حق العفو"، هذا كل ما يقوله الفصل 58 من دستور المملكة المغربية دون إضافة أي تفاصيل أخرى منظمة له باعتباره آلية تلغى بها العقوبات أو الأحكام القضائية جزئيا أو كليا.

عندما تصدر الأحكام القضائية الجائرة والظالمة بإسم الملك هو إنهاك للقانون والمس بروح الدستور .

Posted by ‎محمد الداودي‎ on Friday, June 29, 2018

الملك محمد السادس مارس هذا الحق الذي يمنحه له الدستور لأول مرة عام 1999 حين أصدر عفوه على السياسي المعارض لحكم الحسن الثاني أبراهام السرفاتي الذي سبق وحُكم عليه بالسجن المؤبد في 15 نونبر/ تشرين الثاني 1977 بتهمة الإخلال بالأمن العام، قبل أن  يفرج عنه في 13 سبتمبر/أيلول 1991، ويُنفى إلى باريس.

لكن أكثر قرار أثار الجدل بالمغرب، كان إعلان عفو ملكي عن مجموعة من المعتقلين الإسبانيين في السجون المغربية من بينهم دانييل كالفان المدان باغتصاب 11 طفلاً مغربياً بعد أن قضى سنة ونصف السنة فقط من محكوميته من أصل 30 عاماً.

احتجاجات واسعة وإدانة لهذه الخُطوة قابلها الملك محمد السادس بسحب العفو الملكي اعتباراً للاختلالات التي طبعت المسطرة، ولخطورة الجرائم التي اقترفها المعني بالأمر، واحتراماً لحقوق الضحايا.

المغرب في مرمى النيران

في انتظار استئناف الأحكام، لا يُنكر عبد الرحيم العلام أن ما يقع اليوم علاقة بالعقوبات في حق هؤلاء الشباب ستؤثِّر سلباً على تصنيفات المغرب الحقوقية وعلى جاذبية الاستثمار والجاذبية السياحية، غير مستبعد أن ترخي هذه الأحكام بظلالها على ملف الصحراء الذي يمكن أن يتأثر قارياً وأممياً على مستوى التصويت أو اتخاذ قرارات في هذا الشأن.

استحوذتم على السلطة والمال وثروة الشعب المعدنية والسمكية والعقار الفلاحي والسياحي والمشاريع المدعمة …….ولكنكم ضيعتم حب الشعب.

Posted by Mohamed Daanoune on Friday, June 29, 2018

ويرى العلام أن جبهة البوليساريو ستلعب على هذا الأمر وتعمل على التجييش ضد المغرب وتتهمه بعدم احترام حقوق الإنسان، مؤكداً بأن المواطن المغربي بدوره سيفقد ثقته في مؤسستي الأمن والقضاء وباقي المؤسسات الحكومية، خاتماً كلامه بالقول، لقد غابت مثل هذه الأحكام عن المغرب منذ 30 سنة لكنها عادت اليوم.

 

تحميل المزيد