قاضية تتجاوز “قساوة ترمب” وتأمر بلمِّ شمل الأطفال الذين أبعدتهم شرطة الحدود مع المكسيك عن آبائهم

عربي بوست
تم النشر: 2018/06/27 الساعة 09:01 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/06/27 الساعة 10:15 بتوقيت غرينتش

أمرت قاضية أميركية في سان دييغو، في جنوب غربي الولايات المتحدة، الثلاثاء 27 يونيو/حزيران 2018، بلمِّ شمل عائلات المهاجرين التي فرقَّتها الشرطة على الحدود مع المكسيك، مندِّدة بالسياسة التي تتبعها إدارة الرئيس دونالد ترمب المتشددة في مسألة الهجرة.

وقالت القاضية دانا سابرو، في القرار الذي أصدرته رداً على شكوى لمنظمة الدفاع عن الحقوق المدنية، إنه يجب إعادة جمع الأهل بأطفالهم، ما لم يمثلوا خطراً عليهم.

وحدَّدت لإتمام ذلك مهلة 14 يوماً للأطفال الذين تقل أعمارهم عن 5 أعوام، و30 يوماً للأكبر سناً.

وتم فصل أكثر من 2300 طفل عن أسرهم منذ أوائل مايو / أيار وفقا لقرار ترمب القاسي الذي يسعى لمقاضاة أي شخص يسعى لعبور الحدود بصورة غير قانونية.

وطلبت من الحكومة الفدرالية أن "تواجه الظروف الفوضوية التي خلقتها بنفسها".

وقدم "الاتحاد الأميركي للحريات المدنية" الشكوى باسم مهاجرين مجهولين، ضد شرطة الهجرة (آيس)، التي دعتها القاضية إلى "بذل كل ما بوسعها لتسهيل التواصل" بين أفراد العائلات التي تم تفريقها.

الحكومة الفدرالية ضيّعت 1500 طفل مهاجر في الولايات المتحدة عام 2017
الحكومة الفدرالية ضيّعت 1500 طفل مهاجر في الولايات المتحدة عام 2017

وأدت السياسة البالغة التشدد التي انتهجتها الإدارة الأميركية، منذ مايو/أيار، والقاضية بملاحقات منهجية بحقِّ المهاجرين الذين يعبرون الحدود مع أولادهم، إلى فصل أكثر من 2300 قاصر عن أهلهم، ما أثار موجة استنكار واحتجاجات داخل الولايات المتحدة وفي العالم.

وندَّدت شكاوى أخرى رُفعت باسم مهاجرين بـ"صدمة" فصل العائلات، وبالظروف "غير الإنسانية" في مراكز الاحتجاز التابعة لشرطة الهجرة.

كما قدَّمت أكثر من 20 ولاية تقدمية أميركية، الثلاثاء، شكوى ضد سياسة الهجرة التي يتبعها الرئيس الجمهوري دونالد ترمب.

ترمب يتراجع: لا لمحاكمة الأهالي حتى حين

والثلاثاء 26 يونيو/حزيران 2018 بدا أن الرئيس الرئيس الأميركي دونالد ترمب تراجع عن قراره بخصوص أهالي الأطفال الذين يعبرون الحدود بشكل غير مشروع. وقال كيفن مكالينان، رئيس وحدة الجمارك وحماية الحدود، إن الآباء الذين يعبرون الحدود بشكل غير مشروع من المكسيك إلى الولايات المتحدة مع أطفالهم لن يحاكموا في الوقت الراهن، رغم تعهُّد الرئيس دونالد ترمب بمواصلة سياسة "اللاتساهل" مع الهجرة غير الشرعية.

ونسبت صحيفة نيويورك تايمز، ووكالة أسوشيتد برس للأنباء إلى مكالينان، الذي يعتبر أكبر مسؤول عن أمن الحدود الأميركية لمواقع إخبارية، الإثنين 24 يونيو/حزيران 2018، قوله، إن عملاء الحدود لن يسلموا الأهالي إلى السلطات الجنائية، حتى تتوصل الحكومة لحل بشأن كيفية محاكمتهم من دون فصلهم عن أطفالهم.

وواجه ترمب انتقادات دولية، هذا الشهر، بسبب أطفال المهاجرين الذين فُصلوا عن ذويهم، بعد أن أعلنت الإدارة، في أبريل/نيسان، أنها ستحتجز وتُحاكم أي شخص يُلقى القبض عليه وهو يدخل بشكل غير مشروع، ما دفعه إلى إنهاء سياسة فصل الأسر، يوم الأربعاء الماضي، لكن لا يزال يتعين على الحكومة أن تعيد أكثر من ألفي طفل إلى ذويهم.

وسبق أن أقامت منظمة للحقوق المدنية في نيويورك، في فبراير/شباط الماضي، دعوى قضائية ضد المسؤولين بإدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، بسبب ما وصفته بأنه "احتجاز أطفال مهاجرين لفترة طويلة"، وقالت إن التحولات التي طرأت على سياسة الحكومة الأميركية في الآونة الأخيرة هي السبب في احتجاز الأطفال دون وجه حق.

تخوفات من الاتجار بأجسام الأطفال

النقد الموجَّه للإدارة الأميركية، وعلى رأسها الرئيس دونالد ترمب، يُعزى إلى مخاوف من استغلال الأطفال الذين تم احتجازهم وإبعاد أهاليهم عنهم، في الاتجار بالبشر، فضلاً عن عدم العناية بهم.

وسبق أن اعترف مسؤولون في الحكومة الاتحادية بفقدان 1475 طفلاً مهاجراً العام 2017، من الذين ظهروا عند الحدود الجنوبية الغربية وحدها. وتم وضعهم في رعاية الرعاة، وذلك في نهاية مايو/أيار من العام الجاري.

ستيفن فاجنر، مساعد الأمين المساعد بإدارة شؤون الصحة والعائلة في وزارة الصحة والخدمات الإنسانية، كان أدلى بشهادته أمام الكونغرس، في أواخر أبريل/نيسان، وتم طرح أسئلة حول ما إذا كان بإمكان الحكومة الفيدرالية حماية هؤلاء الأطفال، أو تتبعهم، في جميع أنحاء البلاد.

وتعرَّض مسؤولون اتحاديون لانتقادات منذ عامين، بعد التراجع عن سياسات حماية الطفل التي تستهدف القُصَّر الهاربين من العنف في أميركا الوسطى.

ويُظهر تقرير صدر في عام 2014، عن مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أن نصف الأطفال غير المصحوبين الذين توافدوا على حدود الولايات المتحدة من دول المثلث الشمالي الثلاث والمكسيك، ينبغي أن يكونوا مؤهَّلين للحصول على الحماية.

ترمب أكثر حدة تجاه المهاجرين عن أوباما

كان الرئيس السابق باراك أوباما قد أصدر أمراً تنفيذياً في 2012، يحمي 750 ألف مهاجر أحضرهم آباؤهم إلى الولايات المتحدة على نحو غير قانوني، وقال ترمب إن المسألة "صعبة جداً" بالنسبة له.

وخاض ترمب حملته الانتخابية متعهداً باتخاذ موقف أكثر صرامة إزاء ما يُقدر بنحو 11 مليون مهاجر، يقيمون بصورة غير مشروعة في الولايات المتحدة، كما وعد ببناء جدارٍ على الحدود مع المكسيك، ومنع الإرهابيين المحتملين من دخول البلاد.

وهي الإجراءات التي تسبَّبت ساعَتَها، في يناير/كانون الثاني 2017، في أزمة واحتجاجات، منها احتجاجٌ أَطلق عليه منظموه اسم "يوم بلا مهاجرين"، لإبراز أهمية المنحدرين من أصول أجنبية، الذين يمثلون 13% من سكان الولايات المتحدة، أي أكثر من 40 مليون مواطن حصلوا على الجنسية الأميركية.

وتعيش عائلات من المهاجرين -فرَّ معظمها من العنف المزمن- في أميركا الوسطى، وقد تفرَّق أفرادُها منذ أكتوبر/تشرين الأول 2017، في الولايات المتحدة. وتقول المعارضة الديمقراطية التي تدين غياب الشفافية حول هذه القضية، إن عدداً من هذه العائلات جاء لطلب اللجوء.

الأمم المتحدة مشكورة أعربت عن تخوُّفاتها أن يصاب الأطفال بالصدمة

فيما انتقدت الأمم المتحدة سياسة الولايات المتحدة في فصل الأطفال عن ذويهم، على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك، في كثير من الأحيان، عندما تسعى الأسر إلى اللجوء.

وقال المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو جراندي: "هناك طرق فعالة لضمان السيطرة على الحدود، دون وضع الأسر في صدمة نفسية دائمة، بسبب فصل الأبوين عن الأطفال"، وعرض تقديم المساعدة "في تنفيذ البدائل الإنسانية والآمنة".

وفي وقت سابق، قال متحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، إن الأطفال يجب ألا "يصابوا بالصدمة" بفصلهم عن ذويهم.

هل حقاً الإنجيل يدعم ترمب في سياساته ضد الأطفال؟

"فرض احترام القانون مرتبط جداً بالكتاب المقدس"، هذا نص ما قالته المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز بدورها، أثناء تبريرها قرار ترمب، الذي عبَّر عن رفضه أن تتحوَّل أميركا إلى مخيَّم لجوء، بعدما وصف اللاجئين في معرض سابق بالحيوانات.

إذاً الكتاب المقدس يحضر بقوة في قصة معاناة الأطفال، هذا وتناقلت وسائل الإعلام صوراً بأماكن احتجاز أشبه بالأقفاص، ذات الأرضية الإسمنتية. هناك حيث يتم وضع الأطفال الذين يُفصلون عن ذويهم من المهاجرين إلى أميركا، وفق سياسة "عدم التسامح"، التي اتَّخذت بُعداً تنفيذياً جديداً في الأيام الماضية، جرى وصفه بالوحشي وعديم الإنسانية.

ومع انتشار صور تلك الأقفاص، عادت إلى الذاكرة أقفاص العبودية التي كان يوضع فيها الأطفال الذين يُنتزَعون من أهلهم عَنوة، ليجري بيعهم لاحقاً في سوق العبيد. في ذلك الوقت استعان مسؤولون أميركيون بالإنجيل لإيجاد مبررات للعبودية، ولفصل الأولاد عن أهاليهم في ظلِّ النظام القائم.

وصية الرسول بولس بوجوب "طاعة قوانين الحكومة لأنها جاءت من الله لإحلال النظام" كانت سلاحاً فعالاً آنذاك، وقد عادت قبل أيام مع وزير العدل الأميركي جيف سيشنز، الذي استخدم العبارة نفسَها لتبرير القرار الذي أدى، ما بين 5 مايو/أيار، و9 يونيو/حزيران،2018 إلى فصل 2342 قاصراً عن أهاليهم أو أقاربهم البالغين، أي ما يعادل أكثر من 66 قاصراً في اليوم، حسب وزارة الأمن الداخلي.

الجارة المكسيك تسير على نهج أميركا

وتقوم المكسيك الآن بترحيل الأطفال القادمين من أميركا الوسطى، بأعداد أكبر من الولايات المتحدة، بما في ذلك ما يقرب من 10 آلاف قاصر غير مصحوب، خلال الفترة من أكتوبر/تشرين الأول 2014، إلى مارس/آذار 2015.

وكانت نتيجة الحملة المكسيكية أن أعداد الأطفال القادمين من أميركا الوسطى، الذين وصلوا إلى الولايات المتحدة في عام 2015، انخفضت إلى حوالي نصف العدد الذي وصل في نفس الفترة من عام 2014. وإجمالاً، تم القبض على 68,000 طفل غير مصحوب على الحدود في العام الماضي.

تحميل المزيد