“الويل لمن يشتريه”.. خطة واشنطن لمقاطعة النفط الإيراني لا تستثني أحداً، وها هي تبحث لحلفائها عن بدائل عربية

عربي بوست
تم النشر: 2018/06/27 الساعة 16:39 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/06/27 الساعة 16:39 بتوقيت غرينتش

"على الجميع أن يتخلى عن النفط الإيراني، والويل لمن يشتريه". هكذا كانت رسالة الإدارة الأميركية لحلفائها بوضوح.

فقد صرَّح مسؤولٌ بوزارة الخارجية الأميركية الثلاثاء 26 يوليو/تموز 2018، بأن مسؤولين من بلاده حذَّروا حلفاء الولايات المتحدة بضرورة الاستعداد لقطع إمدادات النفط تماماً عن إيران بحلول نوفمبر/تشرين الثاني 2018.

إذ إنَّ واشنطن لن تُقدِّم أيَّ إعفاءاتٍ من العقوبات الثانوية ضد الشركات الأجنبية التي ستواصل معاملاتها التجارية مع طهران، حسب صحيفة The Washington Post الأميركية.

وصرَّح المسؤول رفيع المستوى، الذي طلب عدم الكشف عن هويته وفقاً للقواعد الأساسية لوزارة الخارجية: "إنَّنا ماضون في قطع الإمدادات النقدية عن إيران، وتسليط الضوء على ما تنتهجه من سلوكٍ مُؤذٍ في المنطقة".

وتحدَّث المسؤول للصحفيين عبر الهاتف، في أثناء جولةٍ يقوم بها إلى عدة دول مع مسؤولين آخرين لحثِّ الحكومات على بدء تخفيض عمليات الاستيراد من إيران، توافُقاً مع انسحاب الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، من الاتفاق النووي الإيراني الشهر الماضي (مايو/أيار 2018).

الأوروبيون يهاجمون القرار ويطلبون استثناءات، ولكن الرد كان صادماً

يُشكِّل قرار ترمب التخلي عن الاتفاق النووي التاريخي والعودة إلى العقوبات، ضغطاً على علاقات الولايات المتحدة مع حلفائها، الذين يَعتبر أغلبهم هذا التصرُّف مُفتَقِراً إلى الحكمة.

فقد صرَّحت كلٌّ من بريطانيا وفرنسا وألمانيا -وهي الدول التي فاوضت على الاتفاق النووي مع الولايات المتحدة- بأنَّها تنتوي الوفاء بالتزاماتها وأنَّها ستستمر في علاقاتها التجارية مع إيران. وقد طلبت هذه الدول من الإدارة الأميركية منحها إعفاءاتٍ لتحمي شركاتها في القطاعات المهمة؛ كالقطاع المصرفي، وقطاعات الطاقة والطيران وصناعة الدواء.

لكنَّ الإدارة الأميركية أبلغتها أنَّ الباب مغلقٌ تماماً بهذا الشأن؛ إذ صرَّح مسؤولٌ بوزارة الخارجية: "إنَّنا لا نمنح أيَّ إعفاءات".

والآن.. عليهم الحياة من دون النفط الإيراني تماماً

ويُعد يوم 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2018 موعد انتهاء فترة الـ180 يوماً التي تعقب انسحاب ترمب من الاتفاق، وهي المهلة التي تسري بعدها العقوبات.

وقال المسؤول: "إنَّ ما أخبرناهم به في الاجتماع المشترك هو أنَّ عليهم الاستعداد من الآن للوصول إلى قطع الاستيراد تماماً".

وقد سافر هذا المسؤول بالفعل إلى عدة عواصم أوروبية وآسيوية؛ لتحديد الخطوط الرئيسية لتوقُّعات الولايات المتحدة، وسيزور بعد ذلك كلاً من الصين والهند.

وقفزت أسعار النفط بنسبة 3.6%؛ بسبب هذه الأخبار، لتصل إلى 70 دولاراً للبرميل، للمرة الأولى منذ مايو/أيار 2018.

أما تركيا فتهدد بالعصيان على الفرمان الأميركي

وفي موقف لافت، قال وزير الاقتصاد التركي نهاد زيبكجي، الأربعاء 27 يونيو/حزيران 2018، إن بلاده تركيا لا تعتبر نفسها ملزمة بالامتثال لمساعي الولايات المتحدة لوقف صادرات النفط الإيرانية بدءاً من نوفمبر/تشرين الثاني 2018، وإنها ستعمل على ضمان عدم تضرر "البلد الشقيق" من هذه الخطوة الأميركية، حسبما نقلت عنه وكالة رويترز.

وقال زيبكجي خلال اجتماع في أنقرة بشأن التجارة مع رابطة التجارة الحرة الأوروبية في أنقرة، إن القرار الأميركي غير ملزم لتركيا، وإنها ستعمل على ضمان عدم تضرر إيران.

وأضاف: "القرارات التي تتخذها الولايات المتحدة ليست ملزمة لنا. سنلتزم (فقط) بأي قرارات تتخذها الأمم المتحدة".

وتابع: "سنحاول الاهتمام بالأمر بحيث لا تتعرض إيران، وهي بلد صديق وشقيق، لأي ظلم أو أذى في هذا الشأن".

ويتوقع مراقبو السوق أن ينخفض إنتاج النفط الإيراني بمقدار  الثلث بنهاية 2018.

في حين تسعى إدارة ترمب لإيجاد بديل لحلفائها للإنتاج الإيراني

وسيتوجَّه المسؤولون الأميركيون أيضاً إلى منطقة الخليج؛ لضمان زيادة تلك الدول الغنية بالنفط إنتاجها؛ لتستعيض به عن النفط الإيراني الذي سيخضع للعقوبات.

وعلى الرغم من انسحاب الولايات المتحدة، أوردت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تقاريرها، أنَّ إيران ماضيةٌ في القيام بالتزاماتها النووية طبقاً للاتفاق. وتستهدف الإدارة الأميركية الأنشطة الإيرانية غير النووية (كالمشاركة في الصراعات بالمنطقة، واختبار الصواريخ الباليستية، وانتهاكات حقوق الإنسان) وهي أمورٌ لم يتضمَّنها اتفاق 2015 الذي أُبرِمَ مع 6 قوى اقتصاديةٍ عالمية.

وقال المسؤول: "لدى الغالبية العظمى من الدول الإرادة للوقوف مع ما تقوم به الولايات المتحدة ودعمه في هذا الشأن؛ إذ إنَّهم يرونها تهديداً. إنَّ الوضع يسوء منذ 2015، فهو ليس أفضل فيما يخص الأنشطة الإقليمية لإيران".

وليس بهذه الطريقة فقط تُورَد العقوبات.. فعلى الإيرانيين الآن تعلُّم العيش بلا دولارات

وتتَّبِع الإدارة الأميركية أساليب متعددةً لفصل إيران عن النظام المالي العالمي المعتمد على الدولار.

وفي هذا الإطار، تسعى الولايات المتحدة لإسقاط البنوك الإيرانية في المؤسسات مثل نظام "سويفت"، وهو شبكةٌ تُسهِّل المعاملات المالية الدولية.

وتعمل كذلك على زيادة التدقيق الذي تخضع له إيران من قِبَلِ "فريق العمل المعنيّ بالعمليات المالية"، وهو منظمةٌ تكافح غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

وها هم يسارعون للعودة إلى نظامهم الاقتصادي القديم.. ولكن التجار غاضبون

وتأتي خطوة الولايات المتحدة، وسط تزايد الاضطرابات في إيران؛ إذ تبدو الحكومة على وشك العودة إلى "الاقتصاد المقاوِم"، الذي كان هو الأصل قبل تعليق العقوبات وفقاً للاتفاق النووي.

وانخفض الريال الإيراني إلى أدنى سعر له، مما أجبر الحكومة على حظر استيراد أكثر من 1300 نوع من المنتجات، بدءاً من الأجهزة المنزلية وحتى الأحذية. وقد نظَّمَ تُجَّار الأسواق في طهران احتجاجاتٍ حاشدة ضد غلاء الأسعار.

وطمأن الرئيس الإيراني حسن روحاني شعبه، الثلاثاء 26 يونيو/حزيران 2018، قائلاً إن البلاد قادرةٌ على تحمُّلِ الضغط الذي يُشكِّله المزيد من العقوبات الأميركية، التي وصفها بأنها "حربٌ نفسية وسياسية واقتصادية".

وقال في خطابٍ مُتلفَز: "أتعهَّد بتوفير الاحتياجات الأساسية للشعب الإيراني حتى في أسوأ الأوضاع. فالبلاد لديها وفرةٌ في السكر والقمح وزيت الطهي وما يكفي من العملات الأجنبية لضخِّها في السوق".

نريدكم بلداً طبيعياً.. فهل هذا أمر صعب؟

"الإدارة (الأميركية) تهدف إلى دفع إيران لتتصرَّف كبلدٍ طبيعي"، هكذا قال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، في مقابلةٍ مع شبكة CNN الأميركية يوم الأحد 24 يونيو/حزيران 2018.

وأوضح: "تتضمن أهداف الإدارة الامتناع عن الممارسات الإرهابية، وإطلاق الصواريخ على المطارات الدولية، وأن تكُف عن كونها أكبر دولة في العالم راعية للإرهاب، إلى جانب التصرف وفقاً لمتطلباتها النووية".

وأضاف: "لا تُعد هذه الأمور صعبةَ التنفيذ أو تُختَص بها إيران على وجه التحديد، ولكننا نطلب منهم الالتزام ببعض الأمور التي تضطلع بها بالفعل الدول التي تُشكِّل جزءاً من المجتمع الدولي؛ حتى يتسنى لها إجراء المعاملات التجارية العادية وإقامة علاقات دبلوماسية طبيعية، وكل الأمور التي كانوا يتطلَّعون إلى تحقيقها".

 

 

علامات:
تحميل المزيد