تخطط المملكة العربية السعودية لضخِّ كمية قياسية من النفط الخام، في شهر يوليو/تموز 2018، وسيصبح للأراضي المصرية دور في هذه العملية، التي تهدف لتعويض الإنتاج الإيراني المحتمل أن يحارب في الأسواق.
وبهذه الخطط ستشرع الرياض في واحدةٍ من أكبر عمليات التصدير في تاريخها لتهدئة أسعار النفط، وفقاً لما أورده أشخاصٌ مُطَّلِعون على الإنتاج في البلاد لوكالة Bloomberg الأميركية.
وقال هؤلاء الأشخاص -الذين طلبوا عدم الكشف عن أسمائهم نظراً لأن هذه المعلومات سرية- إن شركة أرامكو السعودية النفطية تهدف إلى زيادة الإنتاج الشهر المقبل إلى نحو 10.8 مليون برميل في اليوم.
وهذا الرقم سيتجاوز الإنتاج الأعلى السابق البالغ 10.72 مليون برميل يومياً، المسجل في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، مما يوضح استجابة المملكة غير المسبوقة للضغط الذي فرضه الرئيس الأميركي دونالد ترمب على منظمة "أوبك"، لتوفير المزيد من النفط، حسبما ذكرت الوكالة الأميركية.
وقبل عدة أشهر سعت السعودية إلى رفع أسعار النفط لتصل إلى 80 دولاراً للبرميل، عبر تخفيض صادراتها، وذلك لـ 4 أسباب
دعم خزينة الدولة التي تواجه عجزاً في الأعوام الأخيرة
تمويل رؤية 2030
دعم شركة "أرامكو" النفطية قبل طرح أسهمها في أسواق المال العالمية
ضغوط أمريكية برفع الإنتاج لخفض الأسعار العالمية للنفط
ولكنها الآن تريد الحفاظ على التوازن
وزير الطاقة السعودي خالد الفالح، تعهَّد في اجتماع الأسبوع الماضي لمنظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) بـ"القيام بكل ما هو ضروري للحفاظ على توازن السوق"، وتحديد أولويات عملائها.
وقالت السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم لمنظمة أوبك، إنها ضخت 10.03 مليون برميل يومياً في مايو/أيَّار 2018.
وقال الأشخاص المُطَّلِعون، إن مستوى الإنتاج الفعلي في يوليو/تموز 2018 سيعتمد على الطلب على الصادرات والاستهلاك المحلي، وبالتالي يمكن أن يتراوح بين 10.6 مليون و11 مليون برميل في اليوم. ويزداد استخدام النفط المحلي خلال أشهر الصيف حيث تحرق المملكة الخام لتوليد الكهرباء لتكييف الهواء.
ولم يرد المسؤولون السعوديون على الفور على طلب التعليق من قبل Bloomberg.
غير أن الوكالة قالت إن السعودية تتعرض لضغوط من البيت الأبيض، لضخ المزيد من النفط الخام للتخفيف من الأسعار المرتفعة، قبل انتخابات الكونغرس الأميركي النصفية، في نوفمبر/تشرين الثاني 2018.
وتضغط الإدارة أيضاً على حلفائها لإنهاء جميع عمليات شراء النفط الإيراني، بحلول الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني، وهو ما قد يؤدي إلى إزالة جزء كبير من صادرات طهران البالغ عددها 2.5 مليون برميل يومياً من السوق.
وتقلُّبات الأسعار تكشف أن الزيادة قد تكون غير كافية
كان للحديث عن ضغوط ترمب على السعودية لضخِّ المزيد من النفط أثر واضح في التقلُّبات السعرية في أسواق النفط، يوم الثلاثاء 26 يونيو/حزيران 2018.
فقد انخفضت الأسعار على خلفية الأخبار بأن المملكة ستُعزِّز الإنتاج، ولكنها ارتفعت بعد أن كشفت وزارة الخارجية الأميركية عن المدى الكامل للضغط الذي تنوي تطبيقه على صناعة النفط الإيرانية.
وارتفع سعر خام غرب تكساس الوسيط الأميركي فوق 70 دولاراً للبرميل للمرة الأولى خلال شهر، حيث قفز بمقدار 3.2%.
وشكا الرئيس علانية على موقع تويتر من سياسة أوبك وارتفاع أسعار النفط. علاوة على ذلك، أعاد المُشرِّعون الأميركيون هذا الشهر إحياء "قانون مكافحة الاتحادات الاحتكارية لإنتاج وتصدير النفط"، أوNOPEC، الذي يقترح جعل مجموعة المنتجين خاضعة لقانون شيرمان لمكافحة الاحتكار، الذي استُخدِمَ منذ أكثر من قرن لتفكيك إمبراطورية النفط لجون روكفلر.
وكتب ترمب تغريدةً على تويتر، في منتصف أبريل/نيسان 2018، قائلاً: "يبدو أن أوبك تعيد الكرَّة من جديد. أسعار النفط مرتفعة بشكل مصطنع! هذا الأمر لن يكون جيداً وغير مقبول!". وانتقد ترمب أوبك مرة أخرى في مايو/أيَّار وبعد اجتماع الأسبوع الماضي.
Looks like OPEC is at it again. With record amounts of Oil all over the place, including the fully loaded ships at sea, Oil prices are artificially Very High! No good and will not be accepted!
— Donald J. Trump (@realDonaldTrump) April 20, 2018
كما أنه لا أحد يعلم تفاصيل خطط أوبك
ولَم تُقدِّم أوبك أيَّ أرقامٍ في بيانها حول زيادة الإنتاج في ظل تقديرات متناقضة.
وقال الفالح، إن الزيادة الإجمالية من أوبك وحلفائها -بما في ذلك روسيا وسلطنة عمان وكازاخستان- ستكون "أقرب إلى مليون وليس 600 ألف برميل يومياً".
وامتنع الفالح الأسبوع الماضي، عن توضيح كم ستضخ المملكة في يوليو/تموز، لكنه وَعَدَ بزيادةٍ شهرية في نطاق "مئات الآلاف من البراميل" بدلاً من "عشرات الآلاف".
في غضون 48 ساعة من اجتماع أوبك، قال وزير الطاقة الأميركي ريك بيري إن تعزيزات أوبك وحلفائها قد تكون "قليلة بعض الشيء" عمَّا هو مطلوب لمنع ارتفاع أسعار النفط خلال الصيف.
وقال: "إن 700 ألف برميل يومياً هي الزيادة المُتَعَهَّد بها، ونحن بحاجةٍ إلى حوالي مليون برميل. من الواضح أن لدينا سوقاً مضغوطةً من وجهة نظر العرض".
وقال الفالح يوم الأحد 24 يونيو/حزيران 2018، بعد اختتام الاجتماع بين أوبك وحلفائها إن أرامكو قرَّرَت زيادة الإنتاج وكانت بالفعل تزيد الشحنات.
ومنشأة استراتيجية بمصر هي وجهة الشحنات الجديدة
وأظهرت البيانات التي جمعتها وكالة بلومبيرغ، في أوائل يونيو/حزيران 2018، قفزةً كبيرة في الصادرات من المملكة، حيث بلغت الشحنات في أول 20 يوماً من الشهر حوالي 500 ألف برميل يومياً، أعلى من المتوسط لشهر مايو/أيَّار بأكمله.
إذا استمر ذلك، فإنه سيشير إلى أكبر زيادة إنتاجية شهرية منذ أكثر من عشر سنوات، ويوحي بأن أرامكو قد رفعت بالفعل الإنتاج هذا الشهر إلى مستوى أعلى مما توقَّعه كثيرون في السوق.
وقال الأشخاص المُطَّلِعون ذاتهم، إن أرامكو تضع جزءً من الإنتاج الإضافي للتخزين. وتمتلك أرامكو مستودعات نفط داخل المملكة، بالإضافة إلى مستودعات خارجية في ثلاثة مواقع استراتيجية: أوكيناوا في اليابان، وسيدي كرير في مصر، وروتردام في هولندا. وتُظهِر بياناتٌ تتبع الناقلات لشهر يونيو/حزيران 2018، زيادةً كبيرةً في شحنات النفط السعودية إلى مصر.