تنفق على 6 ملايين مواطن ولا تعترف بإسرائيل في مناهجها.. “أونروا” تواجه الشُّح المالي وترامب يضغط عليها للامتثال لتل أبيب

عربي بوست
تم النشر: 2018/06/26 الساعة 07:56 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/06/26 الساعة 08:03 بتوقيت غرينتش

تواجه المدارس التي تشرف عليها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) أزمة تتعلق باستمرار عملها، في ظلِّ إخفاق الوكالة في توفير الاعتمادات المالية اللازمة لاستئناف عملها، المتضرر بسبب واشنطن.

هذا، وكانت الأمم المتحدة أعلنت، الإثنين 25 يونيو/حزيران 2018، أن المساعدات المالية الإضافية التي تلقَّتها وكالة غوث، للتعويض عن خفض الولايات المتحدة لا تزال مساهمتها المالية للوكالة الأممية دون المطلوب؛ إذ إن الأونروا ما زالت بحاجة لأكثر من 200 مليون دولار لإكمال السنة.

وتواجه الأونروا أزمة مالية حادة، إثر خفض الولايات المتحدة مساهمتها في موازنتها بمقدار 250 مليون دولار.

وحذَّر رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة ميروسلاف لايتشاك، خلال مؤتمر للمانحين في نيويورك، الإثنين 25 يونيو/حزيران 2018، من أنه إذا لم يتم تأمين المبلغ الناقص، فإن قسماً من المدارس التي تديرها الأونروا "قد لا يفتح أبوابه مجدداً في أغسطس/آب".

وأضاف أن "الأنشطة الإنسانية في الضفة الغربية وقطاع غزة على المحك".

بدوره قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إن "الفشل في تأمين موارد الحاجة إليها ماسّة سيترتَّب عليه مزيد من المصاعب للمجتمعات، ومزيد من اليأس للمنطقة، ومزيد من انعدام الاستقرار للعالم".

ومؤتمر المانحين الذي عُقد في مقر الأمم المتحدة في نيويورك هو ثاني مؤتمر يعقد في غضون ثلاثة أشهر، بهدف إيجاد مصادر تمويل جديدة للأونروا.

وأضاف غوتيريش: "لا يجدر بنا أن نتخلَّى عن التلامذة، ويجب علينا أن نفعل كل ما بإمكاننا من أجل أن نضمن استمرار وصول الغذاء وبقاء المدارس مفتوحة، وعدم فقدان السكان الأمل".

وخلال مؤتمرات مشابهة سابقة (روما، عمّان)، حصلت الأونروا على تبرعات إضافية ناهزت 200 مليون دولار، لكنها ظلَّت بعيدة كل البعد عن هدفها، المتمثّل بجمع 446 مليون دولار، تحتاج إليها لمواصلة نشاطاتها حتى نهاية العام.

وقال غوتيريش، الإثنين 25 يونيو/حزيران 2018، إنه "بفضل الـ200 مليون الجديدة، تمكَّنت الأونروا من الإبقاء على خدماتها الحيوية، وفي الوقت نفسه أخذت الأونروا تدابير جذرية لخفض نفقاتها بمقدار 92 مليون دولار إضافية".

وعود دولية بتوفير الاعتمادات المالية رداً على موقف واشنطن

والإثنين، أطلقت دول عديدة وعوداً بتقديم مساعدات إلى الوكالة الأممية، لكن المنظمة الدولية لم تُعلن عن إجمالي قيمة هذه الوعود. وأبرز الدول التي أطلقت وعوداً في مؤتمر نيويورك، هي بلجيكا، التي وعدت بتقديم "4 ملايين يورو إضافية"، والمكسيك التي وعدت بمساهمة مالية قدرها 500 ألف دولار.

وفي يناير/كانون الثاني، أعلنت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب أنها ستخفض مساهمتها في الوكالة، مشيرة إلى أنها بحاجة إلى إصلاحات. وتعد الولايات المتحدة المساهم الأكبر في أونروا، التي توفر مدارس وعيادات لـ5,3 مليون لاجئ في الأراضي الفلسطينية، والأردن، ولبنان، وسوريا.

وفي 2018 لم تقدم واشنطن للوكالة سوى 60 مليون دولار، مقابل 360 مليوناً في 2017، أي نحو 30% من مجمل تمويلها.

مساعٍ إسرائيلية لإغلاق أونروا

وسبق أن قال رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، في 2017، خلال إحدى جلسات الحكومة الأسبوعية، إنه حان الوقت لتفكيك وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).

وأكد نتنياهو أنه طرح موضوع تفكيك وكالة أونروا خلال اللقاء الذي جمعه بسفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة، نيكي هايلي، خلال زيارتها إلى البلاد.

وسبق أن استغلت إسرائيل الأزمة المالية للأونروا، في العام 2015، وأصدرت تقريراً يطالب بإنهاء عمل المؤسسة في الضفة الغربية وقطاع غزة بشكل سريع، ليظهر بوضوح التراجع في إيفاء المانحين، وخاصة الولايات المتحدة، بالتزاماتهم نتيجة لرغبة إسرائيل في الحد من عمل الوكالة، ودفعها نحو إنهاء خدماتها.

هذا، ووضعت الإدارة الأميركية شرطاً لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، لضمان استمرار الدعم الأميركي لها، وهو إحداث تغيير في المناهج الدراسية، والتزام الحياد، وذلك لضمان استمرار الدعم الأميركي للأونروا".

تغيير المناهج نابع من مطالب إسرائيلية بذلك، حيث أصدرت إسرائيل دراسة تهاجم هذه المناهج، وتدَّعي أنها تحريضية، وتعتمد على نزع الشرعية عن إسرائيل وتشويهها، وتذكر الدراسة التي اعتمدت على فحص 11 كتاباً من مناهج الأونروا، أن "دولة إسرائيل غير موجودة، ولا تذكر في الخرائط التي تتضمنها الكتب الدراسية، وورد في أحد كتب التاريخ أن الصهيونية حركة استعمارية أسَّسها يهود أوروبا، لجمع شتات اليهود حول العالم، ونقلهم إلى فلسطين والدول العربية المجاورة، وطرد سكانها وتهجيرهم".

الأونروا تخدم الكثير من قطاعات الفلسطينيين

تقدم الأونروا خدماتها لما يقرب من 6 ملايين لاجئ فلسطيني، موزعين في مخيمات داخل فلسطين، وفي الدول العربية، حيث يتلقَّى اللاجئون الفلسطينيون الرعاية الصحية في مؤسسات المنظمة، التي يبلغ عددها 127 مرفقاً، موزعة على مخيمات اللاجئين، وكذلك تقدم المنظمة الرعاية الثانوية من التعاقد مع مستشفيات حكومية أو غير حكومية، عن طريق ردِّ جزء من تكاليف العلاج، والمساهمة فيها. وفيما يتعلق بالتعليم الذي يفضله اللاجئون عن التعليم الحكومي يتلقَّى أكثر من 525 ألف تلميذ التعليم في 700 مدرسة ابتدائية وإعدادية، في كافة مخيمات اللاجئين في الدول الأربع عبر الأونروا.

وتدير أونروا 711 مدرسة، يتلقَّى فيها 525 ألف فلسطيني تعليمهم الأساسي، كما تدير معاهد للدراسات العليا، إضافة إلى 143 مركز خدمات صحية، وتقدم خدمات الإعانات الغذائية والقروض للاجئين، ويعمل في مؤسساتها نحو 30 ألف موظف.

إذ تشير بيانات أونروا إلى أن نحو 80% من سكان القطاع، البالغ عددهم مليوني فلسطيني يعتمدون على المساعدات، كما يعتبر القطاع أكبر ساحة لعمليات الوكالة، حيث يعمل في مؤسساتها نحو 12 ألفاً من أبنائه.

ليست المرة الأولى التي تعاني فيها الأونروا من نقص التبرعات والهبات المالية

على مدار عملها الإنساني مرَّت الأونروا بالكثير من الأزمات المالية، وليست المرة الأولى التي تمر بها الآن، ففي سبتمبر/أيلول 2007، طالبت الوكالة المجتمع الدولي بتوفير 55 مليون دولار لتمويل جهود إعادة الحياة لمخيم نهر البارد في لبنان، بعد القتال الضاري الذي استمرَّ نحو ثلاثة أشهر بين الجيش اللبناني وجماعة "فتح الإسلام".

وفي أغسطس/آب 2009، طالبت الوكالة بتوفير 30 مليون دولار على الأقل، لسدِّ العجز في ميزانيتها، التي قُدِّرت وقتها بنحو 545 مليون دولار. ووجهت الوكالة قبل ذلك نداءً للدول الخليجية لتوفير 160 مليون دولار، لمواجهة الاحتياجات المتزايدة.

وفي 2010 أطلقت أونروا نداءً عاجلاً للطوارئ، لتوفير 322 مليون دولار لتغطية أنشطتها الإغاثية في الضفة الغربية وقطاع غزة. وبلغت قيمة مناشدة الطوارئ للأراضي الفلسطينية عام 2010، ما مجموعه نحو 73 مليون دولار للضفة، ونحو 249 مليون دولار للقطاع.

وفي سبتمبر/أيلول 2017، أطلقت الوكالة نداءً دولياً، قالت فيه إنها بحاجة لمبلغ 411 مليون دولار لعام 2017، لتأمين المتطلبات الإنسانية لمن بقي من اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، وللذين فرُّوا منهم إلى لبنان والأردن.

أما الأزمة فكانت في يناير/كانون الثاني 2018، حين قرَّرت الولايات المتحدة تخفيض مساعداتها للأونروا إلى النصف، من 125 مليون دولار إلى 65 مليون دولار من الموازنة العامة لعام 2018، وذلك في ظل عجز مالي بلغ نحو 49 مليون دولار، خرجت به الأونروا من عام 2017، ما دفع الوكالة إلى إنهاء خدمات أكثر من 100 موظف من العاملين لديها بالأردن، بسبب التقشف، ضمن أول إجراءات ضبط النفقات والخدمات المقدَّمة للاجئين الفلسطينيين، وذلك بسبب العجز المالي الذي تكبَّدته الوكالة، وقُدر بنحو 174 مليون دولار.

علامات:
تحميل المزيد