دقت الساعة 12 ليلاً وسارعت مسلمة "24" عاماً لارتداء عباءتها لم تكن مهتمة بما سترتديه أسفل تلك العباءة من ملابس وحتى أنها هذه المرة تخلت عن حذائها ذي الكعب العالي وارتدت حذاء رياضي وانطلقت فهي بالتأكيد تريد أن تكون من أوائل من يقدن السيارة اليوم الأحد 24 حزيران/ يونيو..
لم تكن تلك الليلة الماضية كغيرها من الليالي فهي لم تنم باكراً استعداداً للذهاب إلى عملها في اليوم الأول من الأسبوع، ولن تستيقظ قبل معادها بانتظار سيارة أوبر لتقلها إلى عملها، كل ذلك تغير الآن "مفتاحي وسيارتي حريتي" تقول مسلمة.
باختصار، حماستها لم تمنعها من التعبيرعن مخاوفها من السيارات المتهورة أو أن تتعرض لحادث، على شوارع الرياض.
كاديلاك أم مرسيدس
مسلمة إلى جانب كثيرات احتفلن بهذا اليوم "التاريخي" فمنذ هذه الساعة انطلقت السعوديات إلى الشوارع، لتخرج المملكة أخيراً من قائمة الدول التي تمنع النساء من القيادة، والتي لا تنافس أحداً غيرها في ذلك.
"أريد الصراخ عالياً"، تقول ريم وهي جالسة خلف مقود سيارتها.
حين كانت ريم في الرابعة عشرة من عمرها، تعلَّمت كيف تغيِّر زيت محرك سيارة والدها، الكاديلاك وعلى الرغم من أنها اعتقدت حينها أنَّها ستُمنع من قيادة السيارة الأنيقة، فقد رغبت في التمتع بتفكيك محرك السيارة وإعادة تركيبه مرة أخرى.
ريم اليوم، هي من أوائل السعوديات اللائي يقدن السيارات يوم الأحد المقبل 24 يونيو/حزيران 2018، غير أنَّ دعاء لن تقود سيارة رياضية؛ بل ستقود أيضاً دراجة هارلي النارية.
لم نعد بحاجة لرجل!
وينظر إلى رفع الحظر، الذي يأتي بعد سلسلة توقيفات طالت ناشطات سعوديات في مجال حقوق الإنسان، على أنه أبرز التغييرات الاجتماعية التي تشهدها المملكة منذ تسلم ولي العهد الشاب الأمير محمد بن سلمان منصبه قبل عام.
وبالفعل بدأت آلاف النساء قيادة السيارات فوراً في السعودية التي كانت حتى آخر دقيقة من يوم السبت البلد الوحيد في العالم الذي يمنع النساء من القيادة.
وسيؤدي رفع الحظر إلى تغيير كبير في الحياة اليومية للنساء اللواتي لن يعدن بحاجة إلى سائقين ذكور للتنقل وسيتمكنّ من توفير الأموال التي كانت تدفع لصالح هؤلاء السائقين.
وقالت هاتون بن دخيل (21 عاماً) طالبة الصيدلة "لم نعد بحاجة إلى رجل".
وفور بدء تطبيق قرار رفع الحظر، انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي وعلى شاشات القنوات السعودية صور النساء وهن يقدن في شوارع المملكة.
ونشر الملياردير السعودي الأمير الوليد بن طلال تسجيلاً مصوراً على حسابه بتويتر وهو يجلس في سيارة إلى جانب ابنته ريم التي كانت تقود، وقال "المرأة الآن انطلقت وأخذت حريتها".
واخيراً!
الآن الساعة 12:01 من صباح يوم #عشرة_عشرة مع ابنتي ريم وهي تسوق بي وحفيداتي في #الرياض#المراه_السعوديه_تسوقFinally,
First ride with my daughter @Reem_Alwaleed while she's driving me and my grand daughters in Riyadh#SaudiWomenDriving pic.twitter.com/rXHPUx79fu— الوليد بن طلال (@Alwaleed_Talal) June 23, 2018
وصفّق شبان وقفوا على جانب الطريق في أحد شوارع الرياض لسيدات وهن يعبرن بسياراتهن، بينما قام رجال المرور في جدة بتوزيع الورود على سائقات.
#المرأة_السعودية_تقود_السيارة#المرأة_السعودية_تسوق
Congratulations.. 2018 ??? pic.twitter.com/gzzWuwPxuA— نجاح الشريف (@Naja7Alsharif) June 24, 2018
وكانت المملكة بدأت في حزيران/يونيو الحالي بإصدار رخص القيادة للنساء للمرة الأولى منذ عقود، وقامت النساء اللواتي يمتلكن رخصة قيادة دولية باستبدالها برخصة سعودية.
وتشير شركة "برايس واتر هاوس كوبرز" للاستشارات إلى أن عدد السعوديات اللواتي سيمتلكن رخص قيادة بحلول عام 2020 قد يصل إلى ثلاثة ملايين.
منهن خديجة عبدالله التي ما زالت تتدرب للحصول على رخصتها تقول لـ "عربي بوست" مازحة "سيكون أول مشوار لي إيصال سائقي إلى المطار".
وسمحت السلطات، منذ صدور القرار الملكي القاضي برفع الحظر في أيلول/سبتمبر الماضي، بفتح معاهد تعليم قيادة السيارات والدراجات النارية.
وتقدّر وكالة بلومبرغ المالية أن الخطوة ستساهم في إضافة 90 مليار دولار إلى الناتج الاقتصادي بحلول عام 2030.
لكن السيدات اللواتي يرغبن بقيادة السيارات يتخوفن من أن يصبحن عرضة لهجمات من المحافظين، في دولة يمارس فيها الأقارب الذكور – سواء الأب أو الزوج أو غيرهم من الذكور – الوصاية على النساء من خلال نظام "ولاية الرجل".
وتمهيداً لرفع الحظر عن قيادة السيارات، قامت السعودية بإقرار قانون يعاقب المتحرش بالنساء تصل العقوبة فيه إلى السجن مدة خمس سنوات ودفع غرامة قدرها 300 ألف ريال (80 ألف دولار).
بعد جولة استغرقت 3 ساعات عادت مسلمة إلى منزلها، وضعت السيارة في كراج المنزل تأكدت من إطفاء نورها، فعلاقتهما اليوم لها شكل مختلف فهي صديقتها التي عاشت معها تفاصيل يومها التاريخي كواحدة من أوائل السعوديات اللواتي يقدن السيارة.