منع مؤتمر حول المساواة في الإرث والمثلية الجنسية بمؤسسة آل سعود في المغرب.. عيوش يتهم وزير الأوقاف ويحظى بتعاطف الإسلاميين

عربي بوست
تم النشر: 2018/06/23 الساعة 16:39 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/06/23 الساعة 16:41 بتوقيت غرينتش
Arab women walking through the mosque in Casablanca in March 2011. Morocco

منعت السلطات في المغرب تنظيم مؤتمر دولي كان من المقرر عقده يومي الجمعة والسبت، 22 و23 يونيو/حزيران 2018 في الدار البيضاء. وحسب صحيفة Le Monde الفرنسية، فقد حظرت السلطات إقامة المؤتمر الدولي تحت عنوان "الحرية الفردية في عصر سيادة القانون"، حسب ما أعلنت عنه، يوم الأربعاء 20 يونيو/حزيران، مجموعة "الديمقراطية والحريات" التي أشرفت على تنظيم الحدث.

وفي لقاء له مع رئيس مجموعة "الديمقراطية والحريات" المغربي، نور الدين عيوش، كشفت صحيفة Le Monde الفرنسية، أنه كان من المفترض أن يحضر هذه الندوة متحدثون من عدة دول، من بينها المغرب والجزائر وتونس والعراق وفرنسا، لمناقشة قضايا متنوعة كحرية الضمير والمساواة بين الجنسين في الميراث والمثلية الجنسية.

مواضيع مثيرة للجدل

وتعتبر العديد من المواضيع المتعلقة بمسألة الحريات الفردية، مصدر جدل كبير في المغرب بين الإصلاحيين والمحافظين، في الوقت الذي لا يزال فيه القانون الجنائي المغربي يعاقب من يقيمون علاقات جنسية خارج إطار الزواج، بالإضافة إلى المثلية والتبشير الديني.

وأدان رئيس مجموعة "الديمقراطية والحريات" المغربي، نور الدين عيوش، ما سماه "بانعدام الشجاعة السياسية". وقال عيوش للصحيفة الفرنسية: "بلغنا الإخطار رسمياً يوم الأربعاء 20 يونيو/حزيران، عند الساعة الخامسة مساء، بعد وصول رسالة بهذا الشأن إلى مكتبي". وأضاف أنه تلقَّى عند الساعة الرابعة مكالمة هاتفية أبلغته بقرار المنع. وأكد قائلاً "كنا نظن أن كل شيء على ما يرام نظراً لأننا احترمنا إجراءات التفويض لهذا النوع من المناسبات، خاصة أننا قدمنا مطلب التنظيم يوم الإثنين، عند الساعة التاسعة والربع".

ومن الناحية النظرية، يمكن للسلطات رفض الطلب خلال 48 ساعة. "لذلك، عندما لم نتلق الرد يوم الأربعاء عند الساعة التاسعة والربع، ظننا ألا مشكلة في تنظيم الحدث"، يوضح عيوش.

وكان برنامج الندوة "ثرياً جداً"، إذ كان المنظمون سيتطرَّقون في اليوم الأول لموضوع حرية الضمير، مستعينين بخبرة العديد من الدول العربية من قبيل تونس والجزائر والعراق، حول موضوع الأقليات الدينية. إضافة إلى موضوع آخر تحت عنوان "أي علمنة للدول العربية؟".

نور الدين عيوش …موضة" التربص بالقيم الدينية والأخلاقية للمجتمع المغربي.. ! نور الدين عيوش الفاعل الجمعوي ورجل…

Posted by ‎Wazoun 25 وززون‎ on Wednesday, June 20, 2018

وتمت برمجة اليوم الثاني لمناقشة مسألة المساواة بين الجنسين في الميراث، والإنجاب بالمساعدة الطبية، ومسألة الأمهات العازبات. وأخيراً، كان سيتم فتح باب النقاش أمام مسألة حرية الجسم من خلال المثلية الجنسية، لا سيما العلاقات خارج إطار الزواج.

قبل عدة أيام، بدأ الإحساس بالضغوط

وحسب الصحيفة الفرنسية فقد أعرب السلفيون عبر شبكات التواصل الاجتماعي، خلال الأيام الأخيرة عن رفضهم لهذه الندوة. كما أن بعض الوزراء الذين كانوا قد أعربوا عن موافقتهم في البداية، بدأوا يغيرون مواقفهم. وقد حدث ذلك بعد أن تراجعت مؤسسة "آل سعود" برئاسة وزير الشؤون الإسلامية المغربي، أحمد توفيق، التي اعتادت على استضافة مثل هذه التظاهرات، عن قرارها باستضافة الندوة.

ندوة عيوشإذا ثبت أن هناك تدخلا خارج ما ينص عليه القانون لمنع ندوة نور الدين عيوش حول الحريات الفردية فإن الأمر سيكون…

Posted by Maelainine Amina on Thursday, June 21, 2018

وتعتبر مؤسسة آل سعود مؤسسة خاصة وافدة من بلد أجنبي "ولذلك كان من الواجب أن تتحلى بالاستقلالية"، يقول رئيس مجموعة "الديمقراطية والحريات" المغربي. وأضاف أنه "حين عثرنا على فندق كبير في الدار البيضاء وافق على استقبالنا، تلقَّى المسؤولون هناك دعوات تجبرهم على الرفض".

وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية في قفص الاتهام

وكشف نور الدين عيوش، أن قرار منع ندوته حول الحريات الفردية بمقر مؤسسة آل سعود للدراسات الإسلامية بالدار البيضاء صدر حصراً عن المدير العام للمؤسسة أحمد التوفيق، الذي يشغل في الوقت نفسه وزيراً للأوقاف والشؤون الإسلامية، مشيراً إلى أنه "وصلني، كذلك، أن السلطات السعودية قد تكون وراء القرار أيضاً".

وكانت مؤسسة آل سعود قد وافقت على احتضان ندوة الحريات الفردية بمقرها في الدار البيضاء، قبل أن تتراجع، بحسب عيوش، مؤكداً أنهم "اعتذروا لي بلباقة"، مؤكداً أن قرار التراجع عن احتضان الندوة "صدر عن المدير العام للمؤسسة".

وقال موقع "اليوم 24" المغربي، إن تراجع مؤسسة آل سعود عن احتضان ندوة عيوش، أدى إلى تراجع بعض المشاركين فيها، من أبرزهم محمد أوجار، وزير العدل والقيادي في التجمع الوطني للأحرار، كما تراجع عن المشاركة فيها نبيل بنعبدالله، الأمين العام للتقدم والاشتراكية. وأوضح عيوش قائلاً: "لا يمكنني أن أنشر اسم أي مسؤول سياسي أو في الدولة قبل أن أحصل على موافقة مؤكدة منه".

برنامج ندوة دولية تقيمها مؤسسة عبد العزيز آل سعود بالدار البيضاء حول الحريات الفردية. المؤسسة تابعة للسعودية ووزير العدل…

Posted by Driss Elganbouri on Saturday, June 16, 2018

وأشار إلى أنه استدعى ممثلين عن جميع الأحزاب، ولم يوافق منهم سوى نبيل بنعبدالله "قبل أن يعتذر لي في اتصال هاتفي من روسيا بمبرر أنه لا يمكن أن يكون الحزب الوحيد المشارك فيها"، أما أوجار "فقد اتصلت به أكثر من مرة، وأكد لي حضوره، قبل أن يخرج للصحافة للنفي، لكنه لم يتصل بي شخصياً للاعتذار".

وكشف عيوش أنه اتصل برئيس الحكومة سعد الدين العثماني، |لكن لأنه لم يجبني، حذفت اسمه من برنامج الندوة. أنا لا يمكنني أن أكتب اسم أي شخص في برنامج ندوة دولية، إذا لم يؤكد لي شخصياً مشاركته فيها".

وكان الوزير أوجار من بين من خرجوا للإعلام، مستغرباً إقحام اسمه في برنامج الندوة الدولية، دون موافقته، على خلاف ما يقوله عيوش.

افتقار للشجاعة السياسية، ليس إلا

شهدت شبكات التواصل الاجتماعي في المغرب نقاشاً بين مؤيد للمؤتمر ومعارض له، وصل حد تبادل الاتهامات، وبالنسبة لنور الدين عيوش، فإنه لا يؤمن كثيراً بنجاعة الضغوط التي تمارسها شبكات التواصل الاجتماعي، وقال "حتماً كان هناك بعض المعارضين، ولكننا تلقينا التأييد أيضاً، وهو ما خلق هذا النقاش".

وأكد رئيس مجموعة "الديمقراطية والحريات" المغربي، أنه لا يؤمن بأن هناك ضغوطاً تُمارَس من قبل المملكة العربية السعودية، التي ترى أن هناك مجالات أخرى مثيرة للقلق. لكن يقول عيوش: "مثل هذه المواضيع أزعجت السلطات والحركات الدينية في البلاد، التي احتجت بالقول إن المغاربة ليسوا على استعداد لمناقشة مسائل مماثلة، وهو أمر غير صحيح، بل مجرد حجة مضللة".

ندوة "الحريات الفردية" أصبحت مثل ورم سرطاني خبيث، الكل يتبرأ منها! هل يؤدي نور الدين عيوش، ثمن قوله للحقيقة في قضية الصحفي توفيق بوعشرين؟

Posted by ‎عثمان جمعون‎ on Monday, June 18, 2018

وشدَّد عيوش على أن السبب الحقيقي وراء الحظر  يتمثل في الافتقار للشجاعة السياسية. وأشار إلى أن المشرفين على التنظيم استدعوا جميع الأطراف من أجل التعبير عن مواقفهم المختلفة "لكنهم انسحبوا جميعاً واحداً تلو الآخر، باستثناء الحزب الاشتراكي الموحد".

وأضاف أن دستور 2011 يضمن العديد من الحقوق المتقدمة فيما يتعلق بالحريات الفردية، ولكنها لا تطبق على أرض الواقع. وقال: "بالتالي، نحن نقول الشيء ونفعل عكسه. ولكن لماذا؟ لأن الوضع الاقتصادي والاجتماعي متوتر والسياسيون لا يريدون مواجهة مشكلات إضافية. لكن كلما انتظرنا أكثر، ارتفعت شعبية المحافظين". وأكد نور الدين عيوش أن المغرب بلد حداثي، به جيل بأكمله يريد التغيير "لكننا لن نحرز تقدماً من دون التمتع بالشجاعة السياسية".

 

علامات:
تحميل المزيد