أقلَّها من ألمانيا وأحرق جثتها في إسبانيا.. صدمة في أوروبا بعد قتل سائق شاحنة مغربي لناشطة ألمانية مدافعة عن المهاجرين

عربي بوست
تم النشر: 2018/06/23 الساعة 18:10 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/06/23 الساعة 18:10 بتوقيت غرينتش

بعد أيام من اعتقال الشاب العراقي علي بشار، المتهم باغتصاب وقتل فتاة ألمانية، حتى تفجرت قضية أخرى صدمت الألمان، بطلها هذه المرة سائق حافلة مغربي، بات هو الآخر مشتبهاً فيه باغتصاب وقتل شابة ألمانية في إسبانيا.

وذكرت صحيفة El Correo الإسبانية، أن سائق الشاحنة، الذي اصطحب معه صوفيا لوشه عندما كانت بصدد البحث عمَّن يقلها إلى بلدتها، تم القبض عليه في مدينة خاين الإسبانية.

وعثر على صوفيا لوشه، وهي فتاة ألمانية تبلغ من العمر 28 سنة، وناشطة في مجال الدفاع عن المهاجرين، ميتة الخميس، 21 يونيو/حزيران 2018، حوالي الساعة الثالثة و20 دقيقة مساء، قرب محطة وقود "إنجينو"، في بلدية أسبارينا التابعة لمحافظة ألافا في شمالي إسبانيا. وقبل أسبوع، اختفت هذه الفتاة، بعد أن استقلَّت شاحنة نقل تحمل لوحة مغربية، في مدينة سكوديتز في شرقي ألمانيا.

وكانت صوفيا تقف في الطريق محاولة إيقاف أي سيارة مارة لتوصلها إلى مسقط رأسها في بلدة آمبرغ، البعيدة حوالي 260 كيلومتراً نحو الجنوب. وقد تم اعتقال سائق الشاحنة المشتبه به، ووجهت إليه تهمة القتل.

أقلَّها في ألمانيا ووجدوا جثتها في إسبانيا

اعتقال سائق الشاحنة المغربي تم بعد أن أوقفته دورية للحرس المدني يوم الثلاثاء 19 يونيو/حزيران، في الطريق في مرتفعات بلدة بايلين الواقعة في مقاطعة خاين. وكان هذا السائق يتجه نحو مضيق جبل طارق، بنية ركوب العبارة نحو الضفة الأخرى في المغرب. وقد كان يعتزم الفرار نحو المغرب ليبقى بعيداً عن العدالة في أوروبا.

وحسب الصحيفة الإسبانية فقد تم عرض المتهم، يوم الأربعاء 20 يونيو/حزيران، على قاضي التحقيق في المحكمة الوطنية الإسبانية. ويبدو أن الاعترافات التي أدلى بها في إطار التحقيق، قادت الخميس لتحديد المكان الذي أخفيت فيه جثة الشابة الألمانية، التي حظيت قضيتها باهتمام كبير من قبل الرأي العام والإعلام في ألمانيا، منذ أن تقدَّمت عائلتها ببلاغ للسلطات بعد 24 ساعة من اختفائها.

وقد تواصلت صحيفة Elcorreo مع مصادر قضائية، أكدت أن جثة القتيلة كانت تحمل أثار عنف واضحة. ويبدو أن المتهم في هذه الجريمة عمد إلى حرق الجثة، في محاولة يائسة لمحو كل آثار الجريمة التي قد تدينه.

وحسب ما ورد من أخبار، ستجرى عملية التشريح في مستشفى في مدينة فيتوريا شمالي إسبانيا، لتحديد أسباب الوفاة، ومحاولة معرفة التوقيت الدقيق الذي فارقت فيه صوفيا الحياة. فضلاً عن ذلك، لابد من معرفة ما إذا كانت الجريمة قد ارتُكبت في الأراضي الألمانية، أو الفرنسية، أو الإسبانية، لأن هذا التفصيل بالذات سيكون حاسماً في تحديد الدولة التي سيتسلم قضاؤها هذه القضية.

1845 كيلومتراً على الطريق

لا تزال هناك العديد من الأسرار الغامضة حول ما حدث بالضبط خلال المسافة التي يصل طولها إلى 1845 كيلومتراً، والتي قطعها السائق أثناء عبوره ألمانيا وفرنسا نحو ألافا في إسبانيا. وقد قطع السائق أيضاً مسافة 600 كيلومتر أخرى قبل أن يتم القبض عليه.

وبعد استجواب الشهود ومراجعة تسجيلات أجهزة الكاميرا في المنطقة التي شوهدت فيها الفتاة آخر مرة، وجهت الشرطة الألمانية مباشرة أصابع الاتهام إلى سائق الشاحنة، واعتبرته المشتبه به الوحيد في هذا التحقيق. وإثر معرفة أنه تجاوز الحدود الألمانية نحو فرنسا، تم إصدار مذكرة اعتقال دولية من أجل جلبه.

وبموجب ذلك، كانت الشرطة الخاصة في إقليم الباسك على علم باختفاء هذه الفتاة، كما وصلتها معلومات بأن السلطات الألمانية تشتبه في أن السائق الذي دخل إلى إسبانيا عبر الحدود الشمالية ربما يكون متورطاً.

وعلى الرغم من مذكرة الاعتقال وإخطار الأجهزة الأمنية في هذه الدول، تمكن المتهم في هذه القضية من عبور الحدود إلى دول الجوار، بل إنه كان يتجول في طرق إسبانيا دون أن يواجه أي عقبات تذكر. وتعتقد الشرطة أن السائق عبر بلدة بيرياتو في إقليم الباسك، يوم الإثنين 18 يونيو/حزيران.

 

لغز أين وقعت الجريمة يحير المحققين

وتجري الآن تحقيقات سرية يشرف عليها قاضي التحقيق، في الدائرة رقم 3 في مدينة فيتوريا، ليتم في أقرب وقت معرفة ما إذا كان المتهم قد قتل صوفيا عند توقفه في محطة وقود إيجينو، أم أنه قتلها قبل ذلك وحمل معه الجثة إلى المكان. وتعود آخر أدلة على وجود هذه الفتاة حية إلى يوم الخميس، 14 يونيو/حزيران، حيث كتبت رسالة قصيرة على هاتفها بعد الساعة السادسة مساء، أي عندما استقلت هذه الشاحنة التي قادتها إلى حتفها.

وبسبب ضبابية هذه القضية وتعقيدها، وحدوثها بين أكثر من دولة، قامت عناصر من الفرق المختصة، وخبراء التشريح واللجنة القضائية، بعد اكتشاف الجثة بتمشيط المنطقة بشكل دقيق وشامل، بحثاً عن أكثر قدر ممكن من الأدلة لحل لغز هذه القضية.

كما ستخضع الشاحنة التي كان يقودها المتهم في هذه الجريمة أيضاً لفحص دقيق وشامل، بحثاً عن أي بقايا للحمض النووي يمكن أن تكون حاسمة في توجيه التحقيق وتوصل القضاء إلى حكم في هذه القضية، التي لا تزال في أطوارها الأولى، والتي تشرف عليها الشرطة الوطنية في إقليم الباسك.

اليمين المتطرف الألماني سبق أن هدَّدها بالقتل

في ألمانيا، نجحت الشرطة بفضل الفحص الدقيق لتسجيلات أجهزة الكاميرا في المناطق التي مرَّت بها القتيلة، في تحديد كل المعلومات المتعلقة بالشاحنة التي كان يقودها المتهم، مثل رقم لوحتها وشكلها، وحتى الحمولة التي كانت تحملها.

وقد كانت هذه المعلومات مفيدة جداً لعناصر الحرس الوطني في إسبانيا، التي نجحت في إيقاف المتهم على بُعد مئات الكيلومترات من المكان الذي عثر فيه على جثة الضحية، وذلك في خطوة أولى لمعرفة الحقيقة، على أمل أن يكون الأمر كفيلاً بتعزية عائلة صوفيا.

وتشير كل التفاصيل المتوفرة حالياً إلى أن الضحية والمتهم التقيا، يوم الخميس 14 يونيو/حزيران، عندما دعاها هذا السائق للركوب معه على متن الشاحنة. وبسبب نشاط صوفيا لوشه مع الجاليات المهاجرة في ألمانيا، وبالنظر للأصول المغاربية التي ينحدر منها المتهم، فإن القضية فجرت جدلاً كبيراً في ألمانيا بسبب هذه المفارقة.

وقد تحدث شقيقها لصحيفة Bild الألمانية، مؤكداً أن القتيلة كانت ترفض كل أشكال التحريض العرقي والمواقف العنصرية، ولم تكن لتقبل بأن يتم استغلال اسمها لإذكاء الخطاب العنصري ضد المهاجرين، وهو ما يحدث حالياً. كما أكد أنهم تلقوا العديد من التعليقات والتهديدات بالقتل من أشخاص ينتمون إلى اليمين المتطرف.

أمنيتها كانت جعل ألمانيا أكثر قبولاً للآخرين

كانت صوفيا لوشه تعيش في مدينة لايبزيغ، التي يبلغ عدد سكانها حوالي 570 ألف نسمة في شمالي ألمانيا. وقد درست اللغة الألمانية، وانخرطت في النشاط السياسي منذ سنوات، وترأست العديد من اللجان والمنظمات الشبابية في الجامعة وفي الحزب الديمقراطي الاشتراكي الألماني. وبعد إعلان وفاتها، ذكر العديد من معارفها أن أمنيتها السياسية كانت جعل ألمانيا أكثر تنوعاً وقبولاً للآخرين.

ومنذ سنة 2016، تاريخ بدء أزمة تدفق اللاجئين على أوروبا، كانت صوفيا تسافر باستمرار إلى جزيرة لسبوس اليونانية، للعمل متطوعة مع منظمة إغاثية تدعى "مطبخ بلا حدود". ويوم الثلاثاء الماضي، أدلى شقيقها، الذي هو أيضاً ناشط سياسي وعضو في حزب الخضر الألماني، بتصريح أكد فيه أن صوفيا كانت مشاركة في العديد من المبادرات ضد العنصرية، ومدافعة عن حرية التنقل ومبدأ فتح الحدود.

 

تحميل المزيد