من أين لك كل هذا الذهب و300 صندوق مليئة بالأموال والإكسسوارات؟ رئيس وزراء ماليزيا السابق يتحدث لأوّل مرّة عن مصدر الثراء الرهيب له وعائلته

عربي بوست
تم النشر: 2018/06/21 الساعة 21:25 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/06/21 الساعة 21:26 بتوقيت غرينتش

قال نجيب عبد الرزاق رئيس الوزراء الماليزي السابق، إنَّه لا ينبغي لومه على فضيحة صندوق "1.إم.دي.بي" للاستثمار الذي تديره الدولة، معلناً أنَّه لا يعرف شيئاً عن الأموال المُختلسة من الصندوق التي تظهر في حسابه الشخصي.

لكن رئيس الوزراء الجديد الماليزي، مهاتير محمد، قال إن بلاده تبحث توجيه عدة اتهامات لرئيس الوزراء السابق نجيب عبد الرزاق، من بينها الاختلاس واستخدام أموال حكومية للرشوة، وذلك في أعقاب تحقيق بشأن أموال يزعم نهبها من صندوق "1.إم.دي.بي" الذي تديره الدولة.وأضاف: "يعتقد أن بعض الأموال ذهبت لزوجته، الكثير من الأموال. نعلم هذا لكن العثور على طرف خيط في الأوراق أصعب قليلاً في هذه الحالة؛ لأنها لم توقع على أية أوراق. أما توقيعات نجيب فهي كثيرة  على الأوراق".

ورغم ذلك، يملك نجيب تفسيرات للمبالغ النقدية الضخمة، وحقائب اليد الفاخرة والمجوهرات، التي ضبطتها السلطات الماليزية في منازله.

وفي حديثه مع وكالة أنباء Reuters، في أول مقابلة له منذ الهزيمة الصادمة التي مُني بها ائتلاف باريزان القومي الذي يقوده بالانتخابات النيابية التي جرت في 9 مايو/أيَّار 2018، قال عبد الرزاق إنَّ مستشاريه والإدارة ومجلس إدارة صندوق الاستثمار الماليزي قد أخفوا عنه على نحوٍ خاطئ أمر الاختلاس المزعوم للأموال.

وخسر السياسي، البالغ من العمر 64 عاماً، الانتخابات بعد عقدٍ من الزمان في السلطة على الأقل جزئياً؛ بسبب فضيحة صندوق "1.إم.دي.بي"، والتي وصفها جيف سيشنز، المدعي العام الأميركي، بأنها "سرقة حكومية في أسوأ صورها".

زعم أنه لا يعرف كيف جاءت الملايين لحسابه الشخصي

وقال نجيب، في أحد أكثر تعليقاته إسهاباً حتى الآن على فضيحة صندوق "1.إم.دي.بي"، إنَّه لا يعرف ما إذا كانت مئات الملايين من الدولارات التي انتقلت إلى حسابه الشخصي كانت من صندوق "1.إم.دي.بي"، وما إذا كانت عملية غسل أموال من الصندوق جرت في نهاية المطاف للحصول على أصول عالمية تشمل يخوتاً ولوحات وأحجاراً كريمة وعقارات مميزة.

وقال نجيب: "لستُ شريكاً في اليخت واللوحات… لم أر قط تلك اللوحات على أي كانت".

وقال نجيب، في المقابلة التي أُجريت في فيلا خاصة فاخرة تطل على البحر بفندق 5 نجوم في جزيرة لنكاوي الماليزية: "لم أكن على علم بهذه المشتريات. لقد جرت دون علمي. لم أكن سأسمح قط باستخدام أموال صندوق )1.إم.دي.بي) في أي من هذه الممارسات. كنت في الحكومة فترة طويلة. أعرف ما الصواب وما الخطأ".

وألقى باللوم على مجلس إدارة الصندوق، قائلاً إنَّه توجب عليهم إخباره في حال كان هناك خطأ ما.

وقال نجيب، مسترخياً في قميص قصير الأكمام أسود وبنطال بني اللون، إنَّه يستمتع حالياً بممارسة رياضة الغولف وتناول الطعام وقضاء الوقت مع عائلته.

حجزت العائلة الفيلا للاحتفال بإجازة عيد الفطر معاً. وقال مساعدو نجيب لوكالة Reuters، إنَّ أبناء نجيب، وضمنهم ستيفن رضا عزيز، وهو منتج سينمائي في هوليوود، كانوا برفقته طوال الأسبوع.

هدايا الزفاف

يقول المحققون الماليزيون الذين يعملون على قضية صندوق "1.إم.دي.بي"، إنَّهم يعتقدون أنَّ نجيب وزوجته، روزما منصور، قد جمعا قدراً هائلاً من الثروة والممتلكات باستخدام أموال الصندوق التابع للدولة. وظهرت روزما فترة وجيزة في أثناء المقابلة، لكن نجيب قال إنَّها لن تستقبل أي أسئلة.

وكان ما يقرب من 300 صندوق تحوي حقائب يد فاخرة وعشرات الحقائب المملوءة بالنقود والمجوهرات ضمن الأشياء التي صادرتها الشرطة خلال مداهمتها عقارات مرتبطة بعائلة نجيب. وشملت المضبوطات حقائب يد بيركين من تصنيع شركة هيرميس الفرنسية لصناعة السلع الفاخرة، يقدر ثمن كل منها بمئات الآلاف من الدولارات.

وقال نجيب إنَّ الاستيلاء العام على حقائب اليد وغيرها من المقتنيات الثمينة خلق تصوراً سلبياً، لكن معظمها (في واقع الأمر) كان هدية لزوجته وابنته وليس له علاقة بصندوق "1.إم.دي.بي".

وتابع: "نعم، كانت هذه هدايا، وبصورة خاصة تلك الخاصة بابنتي كانت تحمل بطاقة باسمها، وكُتب عليها بالفعل توقيت واسم مُقدم الهدية"، مضيفاً أن الكثير منهم كانت هدايا زفاف.

وأوضح رئيس الوزراء الماليزي السابق أنَّ صهره دانيار نزارباييف، ابن شقيق رئيس جمهورية كازاخستان نور سلطان نزارباييف، قدم أيضاً العديد من حقائب اليد كهدية لزوجته روزما.

وقال: "قد يجد الناس صعوبة في فهم ذلك، لكن صهري، على سبيل المثال، يحصل على حقائب بيركين من الشركة المُصنعة، 5 أو 6 حقائب في المرة الواحدة. تمتلك عائلته بعض الوسائل، لذلك لا علاقة للأمر بصندوق )1.إم.دي.بي( إذا كانت هذه الحقائب تأتي من كازاخستان".

وذكر أيضاً أنَّ مبلغ الـ114 مليون رينغيت ماليزي (29 مليون دولار) الذي عُثر عليه بمنزل عائلته في كوالالمبور كانت أموالاً خاصة بحزبه تابعة للمنظمة الوطنية الماليزية المتحدة (أمنو)، التي كان يرأسها لحين تنحيه بعد وقتٍ قصيرٍ من الانتخابات. كانت المنظمة جزءاً من  ائتلاف باريزان القومي الذي خسر الانتخابات.

ألماس وردي اللون

زعم ممثلو الادعاء في الولايات المتحدة أنَّه جرت عملية غسل أموال لأكثر من 4.5 مليار دولار من أموال صندوق "1.إم.دي.بي" من خلال شبكة معقدة من المعاملات والشركات الوهمية. وأقامت وزارة العدل الأميركية عدة دعاوى قضائية للمطالبة بنحو 1.7 مليار دولار في أصول يُعتقد أنها سُرقت من الصندوق.

وتشمل بعض الأصول المطلوبة لوحة بيكاسو، وعقارات فاخرة في جنوب كاليفورنيا ونيويورك، وحصصاً في شركة الإنتاج السينمائي بهوليوود، ويختاً بقيمة 265 مليون دولار، ومجوهرات تبلغ قيمتها أكثر من 200 مليون دولار، من ضمنها قلادة من الألماس الوردي تزن 22 قيراطاً.

وقال نجيب إنَّ مجموعة المجوهرات هذه كان من المفترض بها أيضاً أن تكون هدية لزوجته، لكنها لم تتلقها قط.

وأردف: "حتى يومنا هذا لا نعرف ما حدث… تقول إنَّ هذه المجموعة ليست في حوزتها".

في المقابلة، تحدث نجيب عبد الرزاق، للمرة الأولى، باسترسال عن المستثمر الماليزي، لو تايك جو، المعروف باسم جو لو. وصنف محققون أميركيون وماليزيون جو لو كشخصية رئيسية استفادت من أموال صندوق "1.إم.دي.بي".

وقال نجيب إنَّه شعر بأنَّ اتصالات "لو" في الشرق الأوسط، خاصة مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، يمكن أن تكون مفيدة في جذب المزيد من الاستثمارات إلى ماليزيا من تلك الأماكن.

لكنه أضاف أنَّه لم يوجه قط تعليمات لـ"جو لو" بالاسثمار في صندوق "1.إم.دي.بي"، ولم يكن لديه سيطرة على ما فعله.

وقال: "أنا لم أعطه تعليمات، لكنه تطوَّع للقيام بأشياء معينة، والتي أعتقد أنَّها ستساعد صندوق (1.إم.دي.بي). ولكن أياً كان ما فعله في نهاية المطاف، فإنَّه يقع على عاتق الإدارة ومجلس إدارة الصندوق".

تسعى ماليزيا لإلقاء القبض على "لو"، الذي يُعتقد أنَّه يقيم بالخارج، لتورطه في فضيحة صندوق "1.إم.دي.بي".

ووصف كل من "لو" وابنه ستيفن رضا بالأصدقاء، لكنه أشار إلى أنَّه لم يكن على علم بأي تعاملات تتعلق بأموال صندوق "1.إم.دي.بي" في شركة الإنتاج المملوكة لابنه، التي أُنتجت فيلم The Wolf of Wall Street من بين أفلام أخرى.

وعندما سُئل عما إذا كان لا يزال على اتصال مع "لو"، أجاب نجيب: "انقطعت الاتصالات بيننا مرة أخرى. لا أعرف أين هو". لم يردّ محامي "لو" على الفور على طلب للتعليق.

صِلات سعودية

لطالما نفى نجيب ارتكاب أي مخالفة تتعلق بصندوق "1.إم.دي.بي". وقال إنَّ مبلغ الـ681 مليون دولار الذي نُقل إلى حسابه المصرفي الشخصي كان تبرعاً من السعودية، وليس كما زعمت الدعاوى القضائية الأميركية بأنها أموال مختلسة من الصندوق.

وقال نجيب إنَّه حصل على تأكيدات من الملك السعودي الراحل، عبد الله بن عبد العزيز، بأنَّ السعودية سترسل تبرعاً.

وقال نجيب: "كل ما أعرفه، قبِلت بالقيمة الاسمية أنَّ هذا (المبلغ) سيأتي من السعوديين، من الملك عبد الله، بناءً على توصيته وتعليماته".

وذكر أنَّه ليس لديه علم بأي معاملات تتضمن حسابه الشخصي، كما كان قد عيَّن نيك فيصل عارف كميل، مدير SRC International، وهي وحدة سابقة بصندوق "1.إم.دي.بي"، لإدارته.

أصدرت وكالة مكافحة الكسب غير المشروع في ماليزيا مذكرة اعتقال بحق نيك فيصل، لكن لا يزال مكان وجوده غير معروف.

نجيب: سأبرِّئ نفسي.. مهاتير: لا سبيل لذلك

قال رئيس الوزراء السابق إنَّه عازمٌ على البقاء في ماليزيا ومحاربة هذه المزاعم، حتى لو سيواجه احتمالية الدخول إلى السجن.

وقال: "لا، لم يكن لديَّ مطلقاً أي خطط للمغادرة. إذا غادرت، فهذه قرينة ضدي بأنني مذنب"، مضيفاً: "لا أستطيع أن أكون هارباً بقية حياتي. أريد تبرئة اسمي".

لكن مهاتير محمد قال: "عندما نذهب إلى المحاكم ستكون بحوزتنا أدلة واضحة على التهم. لا سبيل للخسارة".

 

علامات:
تحميل المزيد