ليس حباً فيهم ولكن لمصلحة ألمانيا.. ميركل تبحث مع عمّان وبيروت ملف ملايين اللاجئين والاستقرار السياسي

عربي بوست
تم النشر: 2018/06/21 الساعة 18:40 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/06/21 الساعة 18:40 بتوقيت غرينتش
Lebanese Prime Minister-designate Saad al-Hariri shakes hands with German Chancellor Angela Merkel at the government palace in Beirut, Lebanon June 21, 2018. Dalati Nohra/Handout via REUTERS ATTENTION EDITORS - THIS IMAGE WAS PROVIDED BY A THIRD PARTY

من المقرر أن يشكل ملف اللاجئين محور زيارة المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، الخميس 21 يونيو/حزيران 2018، إلى كل من الأردن ولبنان، اللذين يستضيفان أكبر عدد من اللاجئين في العالم. ولكنهما يستقبلان اللاجئين بطريقتين مختلفتين تماماً.

وحسب صحيفة sueddeutsche الألمانية، فإنه من المنتظر أن تشكل قضية اللاجئين محور جولة المستشارة الألمانية الشرق أوسطية، ولقاءاتها بكل من العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني ورئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري.

وأضافت الصحيفة أنه منذ اندلاع الحرب الأهلية السورية، استقبل الأردن ولبنان أكبر عدد من اللاجئين السوريين. ووفقاً للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، ينحدر شخص من كل 6 مواطنين لبنانيين، وشخص من كل 11 مواطنا أردنياً، من سوريا.

وحسب التقديرات، يحتضن لبنان بين مليون و1.5 مليون لاجئ سوري. ووفقاً للبيانات الصادرة عن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، بلغ عدد اللاجئين السوريين المقيمين بالأردن خلال السنة الماضية، قرابة 700 ألف شخص.

حيال هذا الشأن، قالت رئيسة مكتب مؤسسة heinrich-böll-stiftung ببيروت، بينته شيلر، إن "قضية اللاجئين تعتبر من إحدى المشاكل الرئيسية في كل من الأردن ولبنان". وتابعت شيلر أن "كلا البلدين وجد نفسه وحيداً في مواجهة هذا النوع من التحديات. وسيتباحث المسؤولون الأردنيون واللبنانيون مع المستشارة الألمانية حول مختلف جوانب هذه القضية".

نهجان مختلفان لكن الوضعية "كارثية"

وترى الصحيفة الألمانية أنه في حين استقبل الأردن اللاجئين السوريين بمخيمات كبيرة، عجز لبنان عن توفير ذلك. وقد أفادت شيلر بأن "لبنان لا يضم سوى مستوطنات غير رسمية، وهي عبارة عن خيام مصنوعة غالباً باليد أو مبانٍ مخربة. وفي بعض الأحيان، يضطر اللاجئون إلى الإقامة في أماكن غير آمنة". وبإمكان اللاجئين في الأردن الحصول على الأغذية بتنسيق من السلطات المركزية، في حين تتم عملية تموين اللاجئين في لبنان بصعوبة.

وسلَّطت منظمة العفو الدولية الضوء على وضع اللاجئين على الحدود السورية-الأردنية، واصفة إياه بالوضع "الكارثي"؛ حيث إنهم يفتقرون إلى المواد الغذائية والرعاية الطبية، علاوة على المأوى الآمن. ووفقاً للمعطيات الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة، يعيش قرابة ثلاثة أرباع الأسر السورية اللاجئة في لبنان تحت خط الفقر ويقيمون بمبانٍ وأحياء مكتظة بالسكان. في هذا الإطار، صرحت شيلر بأن "لبنان لم يعترف بعدُ باتفاقية اللاجئين، ولعل هذا ما يفسر سبب عيش اللاجئين في ظروف صعبة".

ومنذ سنة 2016، منعت الحكومة اللبنانية المفوضية السامية لشؤون اللاجئين من تسجيل اللاجئين. وفي الآونة الأخيرة، أثار وزير الخارجية اللبناني، جبران باسيل، جدلاً واسعاً عندما أعرب عن اعتزامه عدم تجديد تأشيرات موظفي المفوضية السامية للاجئين.

وفي تعليقها على هذه المعضلة، قالت شيلر إن "الحكومة اللبنانية أرادت من خلال هذا القرار، توجيه رسالةٍ، مفادها أنها لن تقبل بوجود اللاجئين على الأراضي اللبنانية على المدى الطويل، مؤكدةً بذلك مدى حاجتها لمزيد من الدعم لإيجاد حل للعدد الكبير من اللاجئين".

وحتى من يرغب في العمل فإن ذلك "محفوف بالمخاطر"

وتقول الصحيفة إنه يمكن للاجئين السوريين المقيمين بالأردن التقدُّم للحصول على وظيفة في مجالات محددة، وقد حظي هذا الأمر بدعم الحكومة الألمانية. وعلى الرغم من الجهود المبذولة لتوفير فرص عمل للاجئين السوريين، فإن ذلك خلق موجة من الانتقادات، خاصة أن اليد العاملة السورية ذات الكفاءة والرخيصة تأخذ فرص العمل من الأردنيين.

ويعيش اللاجئون المقيمون بلبنان وضعاً مشابهاً. وقد صرحت  شيلر بأن "هؤلاء اللاجئين يعملون بشكل غير قانوني؛ نظراً إلى أن المؤونة المقدَّمة من منظمة الأمم المتحدة لا تكفيهم". وأضافت شيلر أن "أغلب اللاجئين يضطرون إلى العمل في قطاعات منبوذة على غرار جمع القمامة وأعمال التنظيف، علماً أن العاملين في هذا المجال يواجهون حملة طرد من قِبل أرباب عملهم".

ولعل الأمر الذي يدعو للشفقة؛ هو أن اللاجئين، الذين كانوا يعيشون في فقر قبل الحرب الأهلية السورية، زادوا فقراً خارج بلادهم. ومن جهتها، لاحظت منظمة العفو الدولية أن المواطنين الأصليِّين يكرهون اللاجئين. وقالت شيلر: "عندما اطَّلع على أبعاد الهجرة في لبنان والأردن، أتعجب من عدم انتشار أعمال الشغب فيهما!".

المساعدات الألمانية مطلوبة

وتذكر الصحيفة أنه منذ اندلاع الحرب الأهلية السورية، باتت ألمانيا ثاني أكبر دولة مانحة للبنان والأردن بعد الولايات المتحدة الأميركية. وخلال الفترة الممتدة بين سنتي 2012 و2017، تم منح  قرابة 1.8 مليار يورو للأردن، في حين حصل لبنان على مساعدات مالية تقدَّر بنحو 1.2 مليار يورو.

في هذا الإطار، أوردت شيلر أن "أغلب المساعدات المالية خُصصت لقطاع التعليم، حيث أصبح الأطفال يُقْبلون بكثافة على مواصلة دراستهم، علماً أن نسبة إقبال الأطفال على الدراسة خلال السنوات الأولى كانت محدودة؛ نظراً إلى أنهم كانوا يأملون العودة السريعة إلى ديارهم". كما أفادت شيلر بأنه "بعد سنوات من الحرب، أصبح جمع الأموال لفائدة اللاجئين صعباً؛ نظراً إلى عزوف أغلب الدول المانحة عن التبرع".

وفقاً لبرنامج الغذاء العالمي للأمم المتحدة، تُعتبر ألمانيا من بين الدول المانحة الأكثر إخلاصاً. في المقابل، تحذر منظمة الأمم المتحدة من تراجع المنح. وتجدر الإشارة إلى أن اللاجئين المقيمين بالأردن يتلقون من برنامج الغذاء العالمي مساعدات بقيمة 25 يورو شهرياً، في حين يتلقى أولئك المقيمون بلبنان قرابة 22 يورو.

مغادرة اللاجئين يقلق ألمانيا 

وهمت محادثات ميركل مع السياسيين الأردنيين واللبنانيين مدى استعداد الحكومة الألمانية لمزيد من بعث الاستثمارات بكل من بيروت وعمّان. في هذا الإطار، أوردت شيلر أنه "كلما ازداد وضع اللاجئين صعوبة، فكروا أكثر في مغادرة بلد اللجوء. ولا يفوتني التذكير بأن موقع الأردن غير استراتيجي، وبأن اللاجئين وصلوا إلى أوروبا عن طريق تركيا؛ نظراً إلى أن الوصول إلى لبنان على متن القوارب أمر صعب".

وأكدت شيلر أنه "على ألمانيا أن تعمل على الحفاظ على الاستقرار السياسي في كل من لبنان والأردن. ويجب على ألمانيا أن تدعم قدر المستطاع الدول التي كانت تدعمها في السابق؛ نظراً إلى أن الأوضاع قد تتغير في حال أصبحت هذه الدول غير مستقرة"، حسبما أورد موقع DW الألماني.

كما ورد في صحيفة Süddeutsche Zeitung أن ميركل تزور الأردن بعد أن شهدت البلاد موجة من الاحتجاجات اندلعت في عمّان، أجبرت رئيس الوزراء، هاني الملقي، على الاستقالة من منصبه. كما تخلَّت الحكومة الأردنية عن تطبيق برنامج زيادة الضرائب، مع العلم أن ارتفاع أسعار الكهرباء والبنزين والخبز كان من العوامل التي أدت إلى انتفاضة الشارع الأردني.

زيارة في وضعية سياسية مُقلقة

ولعل الأمر المثير للاهتمام هو أن زيارة ميركل جاءت في خضم الخلاف الذي يعيشه التحالف الحكومي حول مسألة اللاجئين. ومن خلال هذه الزيارة، تسعى ميركل إلى توجيه رسالة للحكومتين الأردنية واللبنانية، مفادها أن الحكومة الألمانية لن تتركهما بمفردهما في مواجهة مأزق اللاجئين، علماً أن المستشارة الألمانية على اقتناع بأن أزمة اللاجئين، التي اندلعت سنة 2015، تعزى إلى عزوف المجتمع الدولي عن مساعدة الأردن ولبنان.

عندما خططت المستشارة الألمانية لزيارة لبنان، تولَّت حكومة جديدة مقاليد الحكم بالبلاد. وفي الوقت الراهن، يعمل رئيس الوزراء اللبناني، سعد الحريري، على حشد  دعم الدول الأجنبية لتكوين حكومة جديدة. ومن المنتظر أن يؤدي الحريري زيارة إلى كل من موسكو والرياض وباريس، علماً أن عملية تشكيل الحكومة تعطلت على خلفية الخلاف حول المناصب بين الأحزاب المسيحية والدرزية. ومن المنتظر أن تلتقي ميركل وزير الاقتصاد اللبناني.

ولعل الأمر المثير للاهتمام هو أن السياسيين اللبنانيين يطالبون بترحيل اللاجئين السوريين. وفي هذا الصدد، أفاد وزير الخارجية اللبناني، جبران باسيل، بأن "منظمة الأمم المتحدة ترى أن عودة اللاجئين إلى سوريا قد تكون محفوفةً بالمخاطر، ولكن معظم اللاجئين السوريين أصبحوا منبوذين في لبنان".

 

تحميل المزيد