خبر في التلفزيون ينقذ فتاتين من شباك مهربي البشر

هكذا يستغل التجار كأس العالم لإغراق روسيا بالمهاجرين

عربي بوست
تم النشر: 2018/06/19 الساعة 10:51 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/06/19 الساعة 12:18 بتوقيت غرينتش
Migrants find shelter from rain and cold weather and warm your hands around the fire.

قبل أسابيع من انطلاق بطولة كأس العالم 2018 في روسيا، التقت امرأة بالفتاتين بليسينغ ومفون في ملعب غودسويل أكبابيو بمدينة أويو في جنوبي نيجيريا. ذهبت الشقيقتان الصغيرتان إلى هناك لمشاهدة منتخب نيجيريا، يلعب مع فريق أتلتيكو مدريد الإسباني في مباراةٍ ودية، قبل بطولة كأس العالم الرسمية العالمية، وبدت تلك المرأة الأربعينية وكأنها مُشجِّعة كرة قدم مُخلِصة.

قالت بليسينغ، البالغة من العمر 19 عاماً، وهي أكبر من شقيقيها الاثنين، لموقع The Daily Beast الأميركي: "جلسنا إلى جانبها خلال المباراة، وكنَّا نُحلِّل أداء الفريق النيجيري معاً". وأضافت: "بعد المباراة، سألتنا إذا كنا نرغب في مشاهدة مباريات كأس العالم في روسيا، والعمل هناك بعد البطولة".

تذكرة مباراة وبطاقة هوية كافية لدخول روسيا

أصبحت روسيا مفتوحةً للأجانب خلال فترة بطولة كأس العالم، مع قرار السماح بدخول البلاد بتذكرة مباراة واحدة فقط، وبطاقة هوية المشجع المتوافرة عبر الإنترنت لحاملي التذاكر المؤكدين. بمجرد دخولك روسيا، يمكنك البقاء بشكل قانوني، حتى 25 يوليو/تموز، أي بعد 10 أيام من انتهاء البطولة.

في حين أن هذه أخبارٌ جيدة لمُشجِّعي كرة القدم الذين يزورون البلاد، فهي أيضاً فرصةٌ بنفس القدر للمُهرِّبين للقيام بأعمالٍ تجاريةٍ كبرى.

وقالت تلك المرأة لبليسينغ ومفون، إنَّ أمر سفرهما إلى روسيا سيوضع محلَّ عنايةٍ، وإنهما سيحصلان على وظائف في موسكو كموظفين اجتماعيين في منظمة غير حكومية تتعامل مع الرياضيين المصابين بمجرد انتهاء كأس العالم. وقيل للفتاتين أيضاً إنَّ الأمر سيستغرق حوالي ستة أشهر لتسديد تكاليف الرحلة إلى روسيا، التي تتكلَّف 20 ألف دولار لكلٍّ منهما، وبعد ذلك يمكنهما الاحتفاظ بجميع الأموال التي يجمعانها هناك.

قالت بليسينغ: "أخذناها إلى والدينا، وأخبرتهما نفس الشيء". وأضافت: "قالت إنها كانت تملك أماكن شاغرة لـ20 فتاة نيجيرية، وإنَّها تتطلَّع إلى إرسال فتيات شغوفات بالرياضة من جميع مناطق نيجيريا".

خبر في التلفزيون ينقذ الفتاتين

لم يشك أحدٌ في أنَّ هذه المرأة كانت تعمل بالاتجار بالبشر، لأنها عرضت وثائق يبدو أنَّها تربطها بعددٍ من المنظمات الإنسانية في روسيا، وهي أيضاً تنحدر من نفس المجتمع الأوسع الذي تنتمي إليه عائلة بليسينغ ومفون، مما أعطى والديّ الفتاتين الانطباع بأنها لن تؤذي بنات عشيرتها.

وقالت موفون، 17 عاماً، لموقع The Daily Beast: "إلى جانب ذلك، نحن عندما نسمع عن الاتجار بالبشر، نسمع عن إيطاليا وليس روسيا". وأضافت: "الأخبار حول روسيا تدور دائماً حول الرئيس فلاديمير بوتين، وليس عن التهريب".

كان من المُقرَّر أن تغادر الشقيقتان مدينة لاغوس النيجيرية إلى موسكو عشية المباراة الافتتاحية لكأس العالم هذا الأسبوع، وقد حزمتا حقائبهما في وقتٍ مبكر. لكن قبل أيامٍ قليلة من المغادرة، صادَفَ والداهما أخباراً على التلفزيون المحلي تفيد بأنَّ السلطات أنقذت تسع فتيات صغيرات وصبياً هُرِّبوا إلى روسيا. وعند إدراك أن بنتيهما قد تكونان ضحيتَين للاتجار بالبشر، طلب والدا بليسينغ ومفون منهما إلغاء خطط السفر.

وقالت مفون: "أخبرنا والدنا أنَّه قرأ المزيد عن تهريب البشر إلى روسيا، وكان مقتنعاً أننا سيُتاجر بنا هناك". وأضافت: "لقد كان يتصل بالمرأة منذ مشاهدته الأخبار، لكنها لم تكن تستقبل المكالمات".

في العملية التي نبَّهت آباء بليسينغ ومفون، قام أفراد الأمن في مطار لاغوس بتوقيف خمسة من المُشتَبَه بهم، من بينهم موظف نيجيري في الحجر الصحي وشرطي، بتهمة تسهيل سفر الفتيات التسع والفتى، الذين أوقفهم الضباط أثناء محاولتهم الصعود على متن رحلة للخطوط الجوية التركية من لاغوس إلى موسكو.

أطفال ضحايا الاتجار بالبشر

كان الضحايا، الذين هم الآن في ملجأ تُوفِّره الحكومة لضحايا الاتجار بالبشر، لديهم بطاقات هوية المُشجِّع لكي يظهروا بأنهم مجرد مُتفرِّجين مُتجِّهين إلى روسيا لمشاهدة كأس العالم.

لم يكن هؤلاء فقط هم الضحايا المُحتَمَلين للاتجار بالبشر الذين مُنِعوا من السفر إلى روسيا، إذ مُنِعَ أيضاً خمسة أطفال آخرين من الصعود على متن رحلة إلى موسكو، عندما اكتشف مسؤولون في المطار أنَّ لديهم تذاكر ذهاب فقط.

وكانت الوكالة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر في نيجيريا، قد حذَّرَت، الشهر الماضي مايو/أيَّار، من أنَّ العصابات تُخطِّط لاستغلال قرار روسيا بالسماح للمُشجِّعين بدخول البلاد بدون تأشيرة، من خلال تذكرة مباراة واحدة فقط، وبطاقة هوية المُشجِّع لتهريب النساء إلى موسكو.

أندية مشجعين ووفود حكومية "وهمية"

وقالت جولي أوكاه دونلي، مديرة الوكالة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر بنيجيريا في مؤتمرٍ صحفي في العاصمة أبوجا، في نهاية مايو/أيَّار: "لقد نما إلى علم الوكالة أنَّ بعض الأشخاص غير الشرفاء وشبكات المتاجرين بالبشر قد توصَّلوا إلى خططٍ لاستخدام بطولة كأس العالم المقبلة، لتجنيد وتهريب الشباب النيجيري إلى خارج البلاد".

وأضافت: "تتلخَّص مؤامرتهم بإنشاء أندية مُشجِّعين غير مسجلة، ووفود حكومية غير رسمية، فضلاً عن هيئات شباب غير مُعتَرَف بها لجمع أموال ضخمة من الشباب اليائسين، ونقلهم خارج البلاد باسم كأس العالم".

3 آلاف فتاة نيجيرية يُنقلن إلى روسيا للدعارة

جدير بالذكر أنَّ تهريب النساء النيجيريات إلى روسيا ليس ظاهرةً جديدة. فقد أفادت تقارير سابقة أنَّ ما بين ألفين إلى ثلاثة آلاف فتاة نيجيرية يُنقلن إلى روسيا كل عام من أجل الدعارة، حيث تسافر الكثيرات منهن بتأشيراتٍ طلابية.

وزاد هذا الرقم خلال بطولة كأس القارات في روسيا، مع حالاتٍ مُوثَّقة لعشرات النساء النيجيريات جُلِبن إلى البطولة في العام الماضي 2017، عندما كان يجري تجريب نظام الدخول بدون تأشيرة.

وقالت بليسينغ: "بالنسبةِ لنا، فإن أفضل شيء يمكن أن يحدث هو عدم الذهاب إلى روسيا مع تلك المرأة. يمكننا الآن الاسترخاء في المنزل والاستمتاع بكأس العالم".

 

تحميل المزيد