قرروا بيع سياراتهم واستعمال النقل العمومي.. المصريون في مهمة صعبة للتكيف مع رفع أسعار الوقود

قررت الحكومة المصرية زيادة أسعار البنزين والمحروقات بنسب تصل إلى 66.7 في المائة، في إطار خطة للإصلاح الاقتصادي، تضمنت تقليص الدعم على الطاقة أكثر من مرة خلال الاشهر الأخيرة.

عربي بوست
تم النشر: 2018/06/18 الساعة 15:49 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/06/19 الساعة 05:57 بتوقيت غرينتش

محمد عبد الحميد قرر الاستغناء عن استخدام سيارته يومياً للوصول إلى عمله، بعد قرار الحكومة المصرية، السبت 16 يونيو/حزيران 2018، زيادة أسعار البنزين والمحروقات بنسب تصل إلى 66.7 في المائة، في إطار خطة للإصلاح الاقتصادي، تضمنت تقليص الدعم على الطاقة أكثر من مرة خلال الاشهر الأخيرة.

يعيش عبد الحميد، الذي يعمل مديراً للتسويق في شركة خاصة للأجهزة الكهربائية، في مدينة بنها (40 كيلومتراً شمال العاصمة القاهرة)، ويتوجب عليه الحضور إلى مقر الشركة في القاهرة مرتين على الأقل أسبوعياً، ويستخدم سيارته دوماً لهذا الغرض، إلا أنه قرر التوقف عن ذلك.

يقول عبد الحميد، البالغ 30 عاماً والذي يتقاضى ما يصل إلى 7000 جنيه شهرياً (نحو 393 دولاراً): هذه "زيادة تقصم الوسط.. وجاءت بعد رفع أسعار الكهربا والميه".

تعليمات صندوق النقد الدولي

ويأتي هذا الإجراء في إطار برنامج إصلاح اقتصادي، بدأته مصر في 2014، يهدف إلى خفض دعم الحكومة لأسعار الطاقة، وحصلت بموجبه في 2016 على قرض بقيمة 12 مليار دولار على 3 سنوات من صندوق النقد الدولي.

بلغت نسبة ارتفاع سعر البنزين من نوع "92 أوكتان" 35% ليسجل سعر اللتر 6.75 جنيه (37.9 سنتاً)، وبلغت نسبة ارتفاع كل من سعر الديزل وبنزين "80 أوكتان" أكثر من 50%، ليصل سعر اللتر إلى 5.50 جنيه (35 سنتاً)، على ما نشرته الجريدة الرسمية المصرية.

ويأتي هذا القرار بعد أيام من رفع أسعار الكهرباء بنحو 26%، ويترتب على ارتفاع أسعار الوقود دوماً ارتفاع أسعار آلاف السلع والخدمات المعتمدة على النقل.

وفي يوليو/تموز 2018، بلغ التضخم مستوىً قياسياً بعد أن وصل إلى 35 في المائة، لكنه تراجع إلى 11.4 في المائة في مايو/أيار 2018.

وتتضمن وظيفة عبد الحميد المرور على التجار ومراقبة أداء مندوبي التسويق في منطقته المسؤول عنها وهي محافظة الشرقية (كبرى محافظات الدلتا من حيث المساحة وتعداد السكان)، وهي محافظة مترامية الأطراف.

أموال أولادي يبتلعها البنزين

يقطع عبد الحميد ما بين 200 و300 كيلومتر يومياً بسيارته، وهو ما يكلفه نحو 3000 جنيه (178 دولاراً شهرياً) في الشهر قيمة البنزين، وتغيير زيت محرك السيارة، لكن كل ذلك سيتغير.

وقال عبد الحميد: "بعد ارتفاع الأسعار، أتوقع أن تصل فاتورة البنزين لـ5000 جنيه (281 دولاراً شهري).. ده حرام!".

"كان اتفاقي مع الشركة الحصول على قيمة ما أدفعه للبنزين مع نهاية كل شهر، وهو ما حدث لمدة 4 أشهر فقط، ثم فوجئت بالتأجيل لأكثر من شهر بداعي وجود مديونية كبيرة للشركة في الخارج وبمجرد الحصول عليها سأصرف أموالي، ولكن لم يحدث ذلك".

يضيف عبد الحميد: "رئيس مجلس الإدارة أصدر قراراً قبل أيام بعدم تحمّل الشركة قيمة البنزين.. يبدو أنه كان يعلم مسبقاً بقرار زيادة البنزين".

يقول: "لن أتحمل أن أدفع نحو ثلثي مرتبي كبنزين للسيارة شهرياً، هذه أموال أولادي ويجب أن أحافظ عليها، لأوفر لهم حياة كريمة".

وتابع: "سأستخدم المواصلات العامة سواء القطارات أو الميكروباصات، ولن أعتمد على السيارة إلا في مشاوير محددة، خاصة أنها تستهلك بنزيناً كثيراً؛ لكبر سعتها اللترية (2000 سي سي)".

قبل عدة أشهر، تعطلت سيارة عبد الحميد واستلزم تصليحها أن تبقى في الورشة قرابة أسبوع، "ركبت مواصلات عامة، ممكن تكلفني شهرياً نحو 1500 جنيه، وده هيوفر كتير من ميزانية البيت"، لكن ذلك القرار التقشفي سيصدَم أيضاً بزيادة أسعار المواصلات العامة في مصر.

حتى المواصلات ارتفعت

وقررت السلطات المصرية رفع أسعار تذكرة الركوب على شركات أتوبيس هيئة النقل العام وشركات النقل الجماعي للركاب، وسيارات الأجرة؛ وذلك لمعادلة زيادة أسعار الوقود.

المهندس محمد هشام، البالغ 65 عاماً، قرر الاعتماد على مترو الأنفاق بشكل أساسي؛ وذلك رغم قرار الحكومة زيادة أسعار تذاكر المترو في مطلع مايو/أيار 2018.

وبموجب هذه الزيادة، بلغ سعر تذكرة مترو الأنفاق 3 جنيهات (17 سنتاً أميركياً) لعدد 9 محطات، و5 جنيهات لعدد 16 محطة، و7 جنيهات لأكثر من 16 محطة، وذلك ارتفاعاً من جنيهين فقط، وهو سعر التذكرة الموحدة الذي كان معمولاً به عقوداً.

ويقول المهندس هشام، الذي يمتلك سيارة من طراز أوبل الألمانية: "سيارتي تستهلك بنزيناً كثيراً شهرياً؛ لذا قررت توفير ذلك والاعتماد على المترو بشكل أساسي".

وتابع: "أسعار الخدمات تزيد بشكل كبير مِن حولنا والمرتبات ثابتة لا تتغير! لذا، علينا أن نوفر ما يمكن توفيره".

هيثم السعيد، وهو موظف في مصرف خاص، قرر بدءاً من العام المقبل (2019)، توصيل أبنائه إلى المدارس بنفسه كل صباح؛ لتوفير نفقات حافلة المدرسة الخاصة لابنيه.

السعيد، البالغ 36 عاماً، يعيش في حي الهرم غرب القاهرة، "أدفع لأبنائي 7000 جنيه سنوياً (نحو 393 دولاراً).. الآن لا يمكنني تحمُّل ذلك على الإطلاق. سأتناوب أنا وزوجتي على إيصالهما للمدرسة كل صباح".

وتابع السعيد، الذي بدا منهكا من التفكير، وهو يمسك ورقة تضمنت حسابات مصاريف أسرته الشهرية: "الأمور تزيد سوءاً. وعلينا أن نتكيف".

في حين بدأ آخرون البحث عن بدائل أقل تكلفة لسيارتهم.

واقترحت ناشطة على تويتر، تدعى نهى، استخدام الدراجات البخارية الصغيرة (اسكوتر) بدلاً من السيارة.

وكتبت: "نتجه كلنا للاسكوتر بدل العربيات أنجز وأوفر. ‏بفكر جدياً فالموضوع دا إن شاء الله. ‏سواء بتركب تاكسى أو عندك عربية دي مش هتكون آخر زيادة وإحنا عارفين كدا. ‏نفكر في حلول".

في حين تداول كثيرون تغريدة ساخرة على تويتر، تقول: "جمهورية مصر بتبيع العربية".


اقرأ أيضاً

تذاكر مترو القاهرة ..الحكومة ترفع الأسعار والمواطنون غاضبون والشباب يبتكر خطة بديلة

 

علامات:
تحميل المزيد