حادث الدهس في كأس العالم “ليس كما روته” موسكو.. هل أخفت روسيا نبأ وقوع حادث إرهابي؟

عربي بوست
تم النشر: 2018/06/18 الساعة 10:26 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/06/18 الساعة 10:29 بتوقيت غرينتش

تسبب دهس سائق تاكسي يوم السبت 16 يونيو/حزيران 2018 بجرح تسعة أشخاص في العاصمة الروسية موسكو التي تستضيف حالياً نهائيات كأس العالم لكرة القدم، وتمكن المارة من القبض على السائق الذي حاول الفرار، وسط مخاوف من أن يكون الحادث متعمداً وله خلفيات إرهابية، إلا أن السلطات الروسية أكدت أن الأمر مجرد حادث.

وفي تقرير لصحيفة The Independent البريطانية ذكرت أن الشرطة الروسية نشرت مقطع فيديو لتحقيق مع سائق التاكسي. ويظهر السائق في الفيديو وهو يزعم أنَّ دواسات السيارة اختلطت عليه ففَقَدَ السيطرة عقب 20 ساعة من القيادة المتواصلة.

 

هناك تناقضات في الروايتين

وجاءت هذه الإفادة موافقة للروايات الرسمية، والتي وصفت واقعة الدهس بأنَّها "حادث مأساوي" فور انتشار الخبر. غير أنَّ البعض أشار إلى تناقضاتٍ بين كلا الروايتين، وظهرت تكهُّنات بأنَّ السلطات ربما تحاول التعتيم على حادثة أكثر خطورة.

وأفادت الأنباء أنَّ السائق هو مواطن من قيرغزستان، إحدى دول آسيا الوسطى. وقال السائق، في مقطع الفيديو الذي أذيع للتحقيق، إنَّه حاول إيقاف السيارة حتى يسمح لأحد المشاة بعبور الطريق، لكنَّه بدلاً من الضغط على المكابح ضغط على الدواسة الخاطئة، ما جعل السيارة تندفع مسرعةً وسط الحشود.

ثُمَّ فر من موقع الحادث "خوفاً من التعرُّض للقتل". وعلى عكس ما قالته الشرطة وقتها، أصرَّ السائق أنَّه لم يكن مخموراً. إذ قال للمحقق: "كان والدي يشرب كثيراً، لكنَّني لم أتناول رشفة شراب واحدة طوال حياتي".       

وأذيع تسجيلٌ للحادث السبت، والذي لم يبدُ أنَّه يدعم صحة رواية السائق. إذ يتضح في الفيديو أنَّ سيارته أسرعت بعد تجاوز المارة على منطقة عبور المشاة، ثم انحرفت يميناً لتسفر عن تبعات صادمة. وأُصيب 8 أشخاص نتيجة التصادم، أحدهم حالته خطيرة.       

وسائل الإعلام الروسية تتجاهل الحادث

وتباطأت وسائل الإعلام الروسية في تغطية الحدث، في حين تجاهلته بعضها كلياً. وكانت وسائل الإعلام الموالية للدولة تتبنى في ما سبق سياسة التعتيم الإعلامي عند التعامل مع الحوادث المتصلة بالإرهاب. ومن جانبهم، أشاد مسؤولو الكرملين بهذا الموقف، الذي يُستبعَد أنَّه جاء طوعياً بشكلٍ كامل، وقالوا إنَّه يحول دون تكرار وقوع الجرائم عن طريق محاكاتها.   

فعلي سبيل المثال، في فبراير/شباط 2016، قررت غالبية وسائل الإعلام الروسية ألا تنقل واقعة ظهور امرأة في محطة قطار أنفاق في موسكو وهي تحمل رأس طفل مقطوعة وتصرخ "الله أكبر". (وأذاعت لاحقاً أنَّ المرأة تعاني من اضطرابات عقلية).

وفي ديسمبر/كانون الأول 2017، عقب حادث اندفاع حافلة داخل نفق مشاة في ساعات الذروة، لم تشكك غالبية القنوات الروسية في الرواية الرسمية التي أفادت بأنَّ سبب الحادث كان فقدان السائق السيطرة على الحافلة. ولم يبدُ أنَّ اللقطات التي نُشِرَت لاحقاً من كاميرات المراقبة متسقة مع الرواية الرسمية.     

تشكيك في الرواية الرسمية

وقال مارك غليوتي، وهو خبير أمني: "لا نعرف ما حدث، ولا يمكن أن يكون هذا الشخص إرهابياً فقط لأنَّه من قيرغزستان. لكنَّنا ندرك أيضاً أنَّه لا يمكننا الوثوق في الموقف الروسي الرسمي". وأضاف غليوتي أنَّ العمليات الجهادية التي ينفذها مواطنون من دول وسط آسيا تُمثِّل نقطة عمياء بالنسبة لوكالات الأمن الروسية.       

وتابع: "هم جيدون حقاً حين يتعلَّق الأمر بالسيطرة على شمال القوقاز، لكنَّهم يستندون إلى معلومات استخباراتية موضع شك في كثيرٍ من الأحيان مصدرها وكالات أمن محلية لدول آسيا الوسطى. وهذا هو ما يَقُضّ مضجع جنرالات الاستخبارات الروسية".

وباشر الكرملين تنفيذ عملية أمنية ضخمة وشبه مشددة لتأمين كأس العالم. وتعاني روسيا -شأنها شأن الكثير من الدول- من تهديدات إرهابية مستمرة. وفي الوقت نفسه، بدت تحذيرات حكومات دول الغرب للمشجعين المسافرين لحضور المباريات مثيرة للقلق بغير داع، وذلك بالنظر إلى المعدل المنخفض للهجمات التي وقعت مؤخراً وقوات الأمن المحلية الهَيّابة.

ورجح غليوتي أن تكون هذه التحذيرات المُبالغ بها قد أجبرت موسكو في المقابل على المبالغة في التعويض عن طريق الإعلان -بحكم العادة- أنَّ الحادث ليس له صلة بالإرهاب.

وقال إنَّ روسيا فوق صفيح ساخن؛ فهي تدرك أنَّ أي شيء سيحدث في المدن الإحدى عشرة التي تستضيف مباريات كأس العالم، سيُقيَّم جنائياً ومن منظور كأس العالم وهذا خَلَقَ دائرةً مفرغة. وأضاف: "حين تخفي المعلومات، فإنَّك تثير شكوكاً وافتراضات لا نهاية لها".

 

 

علامات:
تحميل المزيد