يدار ميناء رأس تنورة المُطِل على المياه الزرقاء الهادئة للخليج الفارسي بدقةٍ عسكرية. إذ ينبغي لناقلات النفط السوداء والحمراء طلب الإذن بالتحميل قبل أشهر. وحسب صحيفة The New York Times الأميركية فثمة سجلات مفصلة تعود إلى ثلاثين عاماً لتقفي أثر أي سفينة خالفت القواعد من خلال إلقاء النفط أو استخدام معدات دون المستوى المطلوب. وتُفحص الرادارات عالية التقنية باستمرار بحثاً عن مثيري المشكلات المحتملين مثل القوارب المرسلة من إيران.
وفي أعلى برج المراقبة ذي الشكل السداسي، يرتدي موظفون أزياء بيضاء أنيقة مزوَّدة بشاراتٍ شُرَطية ويراقبون مجموعةً كبيرة من صهاريج التخزين والسفن ويفحصونها. وقال صلاح الغامدي كبير المرشدين الملاحيين في المنشأة: "لو حاول أحد الأهداف الاختباء خلف سفينةٍ ما، فسوف نراه".
وتغادر آلاف السفن هذه المياه سنوياً، وتنقل ثروة النفط الخام المستخرجة من باطن الأرض تحت الصحراء السعودية إلى الدول التي تستهلك كمياتٍ كبيرة من الغاز. وتستحوذ المملكة على حوالي سدس صادرات العالم النفطية، وأي انقطاع طفيف هنا يمكن أن يؤدي إلى ارتجاف الأسواق العالمية.
وتُعَد شركة أرامكو السعودية الحكومية التي تدير هذا الميناء هي القوة الاقتصادية وراء تحوُّل السعودية إلى قوة إقليمية، تقول الصحيفة الأميركية. وأوضحت أن الاحتياطات النفطية العميقة -التي تستخرجها الشركة وتنقلها وتبيعها- جعلت من البلاد جزءاً مهماً من معادلةٍ جيوسياسية تشمل الولايات المتحدة والصين وروسيا. واستفادت الشركة من خبرتها الهندسية في بناء مدارس وطرق ومستشفيات والكثير من مشروعات البنية التحتية الأخرى التي تربط المجتمع السعودي.
وبينما تستعد المملكة الآن لتطورها القادم، تُمثِّل أرامكو مرةً أخرى ركيزةً أساسية في دورٍ يعرض الشركة والبلاد بأسرها للخطر.
بيع الأسهم سيوفر المليارات، لكن قد يجعلها عرضة للقوى الخارجية
وكان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان قد كشف النقاب عن جهودٍ طموحة حملت اسم رؤية 2030 لفطم البلاد عن اعتمادها على النفط وإصلاح الاقتصاد. ويريد الأمير في إطار خطته عرض جزء من أسهم شركة أرامكو النفطية العملاقة للبيع في طرحٍ عام أولي، ويكمن أحد أهداف ذلك في جمع المال اللازم للاستثمارات الأخرى.
ويعد هذا الطرح واحداً من أبرز الاكتتابات العامة الأولية المرتقبة، وقد تصل قيمة الشركة فيه إلى تريليوني دولار وفقاً لتقديرات ولي العهد. لكنَّ بيع الأسهم يجعل الشركة الغامضة أكثر عرضة للقوى الخارجية، وهو موقف خطر لعملاق سياسي ذي سلطةٍ قوية على أسعار النفط.
فمع الأسعار العالمية التي تبلغ 70 دولاراً للبرميل، تتعرض السعودية وشركتها العملاقة للضغط من أجل زيادة الإنتاج. ولكنَّ هذه الزيادة قد تضعها في خلافٍ مع دول أخرى في منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك)، التي سوف تجتمع الأسبوع القادم.
وقال جيم كرين، وهو زميل في مجال الطاقة والجيوسياسة بمعهد بيكر التابع لجامعة رايس: "لطالما حملت شركة أرامكو السعودية على ظهرها. ولكن لدعم المملكة في العقود القادمة، ستكون بحاجةٍ إلى تحويل نفسها".
مستقبل ما بعد عصر النفط
وفي الأساس، يريد ولي العهد من المملكة وشركة أرامكو أن يخططا للمستقبل البعيد حين يقترب عصر النفط من نهايته. فالحاضر بالفعل يجعل التجارة في النفط الخام تبدو أقل جاذبية. إذ تتحول الدول في العالم إلى الطاقة المتجددة، بينما يؤدي التقدم التكنولوجي، مثل السيارات الكهربائية، إلى تناقص الطلب على النفط.
وللتنويع، تبني أرامكو منشآتٍ جديدة ستحوِّل النفط الخام إلى مواد بتروكيميائية أكثر ربحية، وتزيد من عمليات التنقيب بحثاً عن الغاز. وتعمل أيضاً مع شركة جوجل لإنشاء مراكز بيانات في المملكة لتطوير تحليل البيانات وقدرات الحوسبة السحابية.
لكنَّ الطرح العام الأولي سيؤدي إلى تدقيق النظر على الشركة التي لطالما ظلت أعمالها الداخلية بعيدة عن الأنظار. ومن الممكن لضغوط المستثمرين، إلى جانب عجلة ولي العهد لتحويل بلاده، أن تهدد نهجاً مُتبنَّى منذ أمدٍ بعيد جعل أرامكو قوة مهيمنة.
وعلى مرِّ عامين، عمل فريقٌ خاص مع مجموعة من المصرفيين والمستشارين الغربيين على الإعداد لكيفية التعامل مع التقارير الربع سنوية للنتائج وتنسيق التبادل بين أسواق تداول الأوراق المالية. ويبدو إدراج بعض الشركات المحلية السعودية ضمن قائمة المشترين أمراً مؤكداً، لكنَّ لندن ونيويورك وبعض أسواق تداول الأوراق المالية في آسيا لا تزال في انتظار الحصول على جزءٍ من الأسهم كذلك.
وقال أمين بن حسن الناصر كبير المديرين التنفيذيين في أرامكو في مقابلة صحافية إنَّ الشركة كانت تعد قائمةً بالشركات المحتملة في جميع هذه الأماكن. وأضاف الناصر: "يجعلنا هذا الأمر مستعدين لأي سوق تقرره الحكومة".
كيف أصبحت أرامكو "مغناطيساً" لجذب العالم
ولد عثمان الخويطر المسؤول السابق في شركة أرامكو في عام 1933، وهو نفس العام الذي حصلت فيه شركة Standard Oil of California على امتيازٍ نفطي شامل من مؤسس المملكة العربية السعودية. كانت عائلة الخويطر تتكون من مزارعين فقراء، وعمل خادماً في طفولته. واتبع المسار نفسه الذي اتبعه مجال الطاقة الذي كان وليداً في البلاد آنذاك.
كان المؤسس، الملك عبد العزيز بن سعود، بحاجة إلى المال لإدارة بلاده، المكونة من خليط من القبائل. ودفعت له الشركة الأميركية -التي أصبحت لاحقاً شركة شيفرون- مبلغ 50 ألف جنيه إسترليني ذهباً مقابل العقد. وأرسلت الشركة فرقاً من الجيولوجيين الأميركيين لاستكشاف الصحراء السعودية، يصحبهم مرشدون بدو وجنود من الملك لصد المعتدين.
ونظراً إلى افتقارهم آنذاك إلى المعدات المعقدة المتوافرة حالياً للتنقيب عن النفط والغاز تحت الأرض، كانوا يفسرون بعض الدلائل التي تظهر على السطح -مثل الحفريات والقباب والطيات في الصخور- التي كانت تشير إلى احتمالية وجود النفط تحتها. ولاحظ أحد الجيولوجيين، ويدعى إيرني بيرغ، أنَّ أحد الأودية، أو المجاري القديمة لنهر ما، قد أخذ منعطفاً غريباً. وخمَّن بيرغ أنَّ هذا الالتواء سببه ارتفاع كبير، يشير إلى حقل نفطي.
وقد أدى هذا إلى اكتشاف حقل الغوار بطول 170ميلاً (273.6 كيلومتر)، الذي لا يزال أكبر اكتشافٍ نفطي في العالم. وغيَّرت مثل هذه الاكتشافات آفاق المملكة العربية السعودية. فبعد فترة توقف في الحرب العالمية الثانية، بدأ المال في التدفق، وأصبحت الوظائف متاحةً فجأة لدى الشركة الجديدة، شركة النفط العربية الأميركية أو ما تُعرف الآن باسم أرامكو.
وسرعان ما أصبحت أرامكو مغناطيساً لرجالٍ مثل الخويطر؛ ففي مجتمع لطالما كان مؤطَّراً بالروابط القبلية، قدمت الشركة نفسها على أنها شركة تعتمد على الجدارة تمنح الشباب المفعمين بالأمل فرصاً للترقي. أمضى الخويطر عدة أيام في عام 1949 في عبور البلاد، إذ كان يستقل الشاحنات العابرة من منزله في وسط السعودية إلى الظهران على الساحل الشرقي، حيث كانت أرامكو تعزز من عملياتها.
قال الخويطر: "سمعت عن أناسٍ يعملون لدى أرامكو، وأنَّ الباب مفتوحٌ للحصول على تعليم".
في ذلك الوقت، كانت الخُبَر بلدة محاطةً بسياج تبدو كأنها من العصور الوسطى وتفتقر إلى المرافق أو الطرق أو الناس الضروريين لإدارة مركز نفطي عالمي، أما الآن فهي ميناء كبير بالقرب من الظهران. وكان الموظفون السعوديون يعيشون هناك في أكواخٍ مسقوفة بالقش وأُصيبوا بأمراضٍ مثل الملاريا.
انتهى المطاف بالخويطر، الذي أرسلته الحكومة السعودية لدراسة هندسة البترول في جامعة تكساس، بقضاء 35 عاماً في الشركة مترقياً إلى منصب نائب رئيس الحفر قبل تقاعده عام 1996. ولا يزال يعيش في الظهران، التي أصبحت الآن المقر الرئيسي لأرامكو، في مجمع سكني محاطٍ بسياجٍ مزروع بأشجار النخيل يعرف باسم "الغيتو الذهبي"، وهو منطقةٌ غنية تضم مطعماً مكسيكياً وملعب غولف، ووسائل ترفيه أخرى.
وتُعَد القصص التي تشبه قصة الخويطر شائعة، وأشهرها قصة علي النعيمي. بدأ النعيمي -ابن أحد صائدي اللؤلؤ وزوجته البدوية- الدراسة في مدرسةٍ ترعاها أرامكو، وعمل في البداية ساعياً لدى الشركة حين كان عمره 12 عاماً. واعتنق الثقافة الأميركية، حتى تعلَّم لعب البيسبول، وألح على الشركة لإرساله من أجل تمثيلها في الخارج، وبالفعل أرسلته أولاً إلى العاصمة اللبنانية بيروت، ثم الولايات المتحدة حيث حصل على درجتي البكالوريوس والماجستير.
وأصبح النعيمي الرئيس التنفيذي لأرامكو عام 1988، وهو أول سعودي يشغل هذا المنصب. وفي عام 1995، عُيِّن وزيراً للنفط في المملكة العربية السعودية.
وقال الخويطر: "بدون أرامكو، لا أعرف أي حياةٍ كنت سأعيش. لم نكن لننعم بالمستوى الذي نعيش فيه الآن".
لماذا تختلف "أرامكو" السعودية عن باقي مناطق المملكة؟
لطالما كانت مسيرة أرامكو مدفوعة بالسياسة. إذ توترت علاقة الرياض مع الولايات المتحدة خلال الحرب العربية الإسرائيلية عام 1973 حين دعمت واشنطن إسرائيل. وانتقاماً من ذلك، فرضت السعودية ودول عربية أخرى حظراً نفطياً على الولايات المتحدة. وفي العام ذاته، استحوذ السعوديون على حصة 25٪ من أرامكو، لينتهي بهم المطاف مسيطرين عليها بالكامل بحلول عام 1980.
وكما لا يزال التأثير الأميركي واضحاً. إذ بقي العديد من المغتربين، واستمرت الشركات الأميركية في بيع النفط السعودي وشرائه. وبخلاف بقية المملكة، حيث الترفيه والتسلية محظوران إلى حدٍّ كبير، تضم مجمعات أرامكو ملاعب بيسبول ودور عرض أفلام. ويعمل النساء والرجال معاً ويختلطون في الأماكن العامة. ويجري التحدث بالإنكليزية على نطاق واسع.
ويرتبط نجاح أرامكو -من نواحي عديدة- بجذورها. إذ تدار كشركةٍ خاصة أكثر من كونها شركةً إقطاعية حكومية، وعادة ما يُختار كبار المديرين التنفيذيين لكفاءتهم لا علاقاتهم. وموظفوها أكفاء، وماهرون ومن أصحاب التعليم العالي، ما يجعل الشركة غريبة في مملكةٍ خنقت فيها سيطرة الدولة الإبداع وحدَّت من الفرص التي ينبغي أن تتاح في بلدٍ غني كهذا.
ويشاد بالشركة على نطاقٍ واسع لتبنيها التكنولوجيا وإنهائها للمشروعات في الوقت المحدد والتزامها بالميزانية المحددة، بخلاف الكثير من شركات الطاقة الحكومية. وبينما لا تكشف أرامكو عن نتائجها المالية، يقول محللون إنَّ حقولها الكبيرة التي لفتراتٍ طويلة تعني على الأرجح أنَّ تكاليف استخراج النفط من الأرض التي تتحملها الشركة تعد من بين أقل التكاليف مُقارنةً بالشركات الأخرى في هذا المجال.
سمعتها في السوق العالمية تسبقها
وقدَّرت شركة Rystad Energy النرويجية المتخصصة في أبحاث السوق التكاليف التشغيلية لأرامكو بـ4.88 دولار لبرميل النفط. وعلى سبيل المقارنة، أعلنت شركة إكسون موبيل في العام الماضي 2017 أنَّ تكاليف الإنتاج العالمية تبلغ 10.12 دولار للبرميل.
وتملك الشركة ميزةً على نظيراتها مثل إكسون ورويال داتش شيل بفضل نَسَبها السعودي. إذ لا تواجه أرامكو الضغط الربع سنوي الصارم لإنتاج الأرباح. وكذلك فبإمكان الشركة أن تتبنى رؤية طويلة المدى للغاية، وقد اختارت على مر السنوات التكنولوجيا الأكثر تقدماً والأغلى لضمان أنَّها ستكون قادرةً على ضخ كمياتٍ هائلة من النفط لعقود.
وقال جي روبينسون وست رئيس مجلس إدارة مركز BCG الاستشاري لتأثيرات الطاقة: "لدى شركة أرامكو السعودية نموذجٌ تجاري أفضل بكثير من الشركات العالمية الكبرى".
وعندما حفرت أرامكو حقل الشيبة النفطي للمرة الأولى في التسعينيات من القرن العشرين، اختارت عملية غير معتادة ومكلفة تدعى الحفر الأفقي. فبدلاً من الاستكشاف في خطٍ مستقيم داخل باطن الأرض، انتشرت آبار أرامكو عبر الشيبة. وكان للبئر الكثير من الفروع إلى درجة تسميته بـ"عظم السمكة".
وكذلك فقد فاقت الأرباح التكاليف بمراحل. وفي أثناء العملية، كانت الآبار تتمتع باتصالٍ أكبر مع الصخور الحاملة للنفط لإنتاج المزيد من النفط الخام، بينما تبذل طاقةً أقل على الضخ. ويعد هذا الأسلوب أحد الأسباب التي تجعل حقولاً ضخمة مثل الغوار مستمرةً في الإنتاج على الرغم من استخدامه لعقود. في حين أنَّ إنتاج بعض الحقول في مناطق مثل بحر الشمال في أوروبا أو في خليج المكسيك قد تناقص تناقصاً حاداً.
وقال دانيال يرغين المؤرخ النفطي: "تمتلك أرامكو أطول أفقٍ زمني في مجال النفط".
وفي ظل امتلاك أرامكو احتياطاتٍ نفطية تُقدِّر بنحو 260 مليار برميل -وهو ما يتعدى أي منافس مُدرَج في القائمة علناً بكثير- فإنَّ مصادرها تكفيها لـ70 عاماً وفقاً لمعدلات الإنتاج الحالية. وتمتلك أكبر حقلي نفط مكتشفين على الإطلاق. وهناك المزيد في الطريق، بعد أن وصلت قدرة حقل المنيفة المطوّر حديثاً إلى إنتاج 900 ألف برميل يومياً. ونادراً ما تحصل شركات النفط الغربية الكبرى على مثل هذه المخزونات العملاقة.
وقالت سها قيوم، وهي عالمة أبحاث في أرامكو: "نحن في وضعٍ فريد؛ إذ نتمتع بحقٍ حصري لاستخدام جميع الحقول السعودية. ونطور حقولنا أساساً لتستمر لقرون".
التحول نحو صناعة المواد العازلة والبلاستيك..
على بُعد ساعةٍ بالسيارة من الظهران، يهيمن مجمع صناعي ضخم على مشهد الصحراء. إذ تبلغ مساحة هذا المجمع ميلين مربعين (5.18 كيلومتر مربع)، ويبدو مثل مدينة صغيرة، باستثناء أنَّ الناس غائبون عنها على نحوٍ مُخيف والشوارع مليئةٌ بأنابيب، وصهاريج ومداخن. ويمثل هذا المجمع -المُسمَّى بمجمع الصدارة- ما يمكن أن يكون أرامكو الجديدة.
ويُعَد هذا المشروع الطموح -الذي بدأ تشغيله في العام الماضي- نتاج استثمارٍ بقيمة عشرين مليار دولار من الشركة وشريكتها شركة Dow Chemicals. وإجمالاً، هناك 26 محطةً منفصلة تنتج عدداً من البتروكيماويات المصنوعة من النفط والغاز لصناعة الرغوة والمواد العازلة والبلاستيك، بالإضافة إلى الكيماويات التي تدخل في صناعة المواد اللاصقة والطلاء ومستحضرات التجميل.
ولا تقتصر الفكرة على سد حاجة السوق العالمي لهذه المنتجات الآخذ في الاتساع، وإنما زرع بذور اقتصاد سعودي متنوع. ويأمل المسؤولون أنَّ يقود مجمع الصدارة النمو في صناعاتٍ مثل الأثاث وقطع غيار السيارات، موفراً الوظائف لقوة العمل الشابة وسريعة النمو في البلاد.
وقال عبد العزيز الجديمي نائب الرئيس الأول للمواد الكيميائية والتكرير في شركة أرامكو: "نرى العالم يتغير. وهذا كثيرٌ للغاية إلى حدٍ يجعلنا عاجزين عن قراءة المستقبل، والتخطيط له بطريقةٍ تجعلنا نحافظ على حصتنا من السوق".
وتسعى أرامكو سعياً منفصلاً لزيادة إنتاجها من الغاز الطبيعي. إذ أدت بعض السياسات السابقة وجيولوجيا السعودية إلى ترك البلاد في حالة افتقارٍ هائل إلى الغاز، الذي يزداد استخدامه في توليد الكهرباء. بل تسعى الشركة كذلك لعقد صفقات غاز دولية يمكنها إعادة جلب الوقود إلى السعودية، وهو انقلاب في دور أكثر المصدرين هيمنةً في العالم.
لهذا السبب يجب عليهم التخلص من "العقلية المطلية بالذهب"
لكنَّ احتمالية تعايش السياسات والأرباح بسلامٍ في هذا الخليط أمر مشكوك به بدرجة كبيرة بالنسبة لشركة أرامكو. إذ ربما يريد المستثمرون في شركة أرامكو السعودية العامة معرفة سبب امتلاك الشركة مراكز بحثية في أنحاء العالم في الوقت الذي تُقلل فيه شركات أخرى من مراكزها.
وربما يتساءلون عن سبب احتياج الشركة إلى إقراض الحكومة مديرين تنفيذيين ومهندسين لتنفيذ مشروعات شخصية للمملكة، مثل بناء جامعة جديدة على البحر الأحمر. أو ربما يتساءلون عن سبب احتفاظ الشركة بما يصل إلى مليوني برميل يومياً من طاقة ضخ النفط الاحتياطية لتتمكن البلاد من التدخل في الأسواق العالمية، وهي كمية تساوي إجمالي إنتاج نيجيريا النفطي.
وقال فلوريس أنسينغ الرئيس السابق لعمليات رويال داتش شيل في السعودية متحدثاً عن أرامكو: "لديهم عقلية مطلية بالذهب. فطلباتهم كثيرة على الجانب التقني، ويتصرفون كما لو كانوا شركة غنية"، ولكن بعد الإدراج العام، "ينبغي التخلص من هذه العقلية".