يدعون لمفاوضات مباشرة حول الصحراء.. تخوفات المغرب من دعوة البوليساريو بسبب قيامها بمناورات عسكرية على الحدود

عاد زعيم جبهة الانفصاليين، إبراهيم غالي، أخيراً إلى دعوة المغرب للدخول في مفاوضات مباشرة من جنوب إفريقيا، بينما يرفض المغرب الدخول في مفاوضات مع جبهة البوليساريو

عربي بوست
تم النشر: 2018/06/14 الساعة 16:33 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/06/14 الساعة 16:35 بتوقيت غرينتش

بعد توقُّف المفاوضات بين المغرب وجبهة البوليساريو في 2012، وما عرفته أزمة الصحراء من تطورات، عاد زعيم جبهة الانفصاليين، إبراهيم غالي، أخيراً إلى دعوة المغرب للدخول في مفاوضات مباشرة من جنوب إفريقيا، بينما يرفض المغرب الدخول في مفاوضات مع جبهة البوليساريو، خصوصاً أن الجبهة الانفصالية تتخذ خطوات متعارضة مع قرارات مجلس الأمن.

ففي الأسابيع الماضية فقط، قامت البوليساريو بتحركات في المنطقة العازلة بالصحراء، في سعيها لتغيير الوضع الفعلي والتاريخي والقانوني لها، وفرض سياسية الأمر الواقع.

استعداد كامل للتفاوض

وسائل الإعلام المقربة من جبهة البوليساريو أفادت بأن زعيم الانفصاليين، ابراهيم غالي، أبلغ رئيس جنوب إفريقيا "مطالبه بتطبيق قرار القمة الثلاثين للاتحاد الإفريقي، القرار 677، المتناغم مع قرار مجلس الأمن الدولي 2414، من أجل الشروع الفوري في مفاوضات مباشرة ودون شروط مسبقة بين الجمهورية المزعومة والمملكة المغربية".

ووجّهت الجبهة أيضاً، رسالة إلى الرئيس الدوري لمجلس الأمن، السفير الروسي ومندوب موسكو الدائم، فاسيلي نيبينزيا، عبرت من خلالها البوليساريو عن استعدادها الكامل لـ"الدخول في مفاوضات مباشرة ودون شروط مسبقة مع المغرب".

كما وجّهت البوليساريو نداءً إلى مجلس الأمن، والأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الشخصي؛ "من أجل تنظيم مفاوضات مباشرة بين طرفي النزاع وفي أسرع وقت ممكن، طبقاً لقرار مجلس الأمن الدولي الأخير 2414″، داعيةً المغرب إلى "الانخراط في مسار مشترك بين كل مكونات المنطقة دون تهميش أو إقصاء"، على حد تعبيرها.

دعوة مبيّتة للبوليساريو

يرى سعيد الصديقي، أستاذ العلاقات الدولية، أن دعوة زعيم البوليساريو المغرب للدخول في مفاوضات مباشرة من جنوب إفريقيا، تعد "محاولة للضغط على المملكة المغربية، أو محاولة الإضرار بعلاقة البلد التي بدأت تتحسن مع جنوب إفريقيا، رغم أن الأخيرة ما زالت تعترف بالجمهورية الوهمية".

كما أن القيادة الحالية للبوليساريو، يضيف الصديقي لـ"عربي بوست": "تعاني تهميشاً وعزلة في السنوات الأخيرة بإفريقيا؛ ما دفع الجبهة إلى محاولتها جعل جنوب إفريقيا ورقة ضغط على المغرب ليس إلاّ".

وإذا كان "المغرب لن يتجاوب مع دعوة البوليساريو"، بحسب أستاذ العلاقات الدولية، فإن محمد الزهراوي، أستاذ العلوم السياسية، يشدد على أن سياق الدعوة إلى استئناف المفاوضات، يأتي "في إطار الزيارات التي يقوم بها زعيم البوليساريو، بإيعاز من الجزائر، لحشد الدعم قبل القمة الإفريقية القادمة في موريتانيا بداية الشهر القادم يوليو/تموز 2018".

وتهدف هذه الدعوة كذلك، إلى "ممارسة نوع من الضغط، من خلال محاولة إحراج المغرب وتصويره بأنه يرفض العملية السياسية لإيجاد حل للنزاع، إضافة إلى محاولة الجزائر تجييش وتعبئة الأنصار قبل القمة؛ للضغط على المغرب بغية العودة إلى طاولة التفاوض"، يضيف الزهراوي.

لهذا، فالجزائر "تدفع بالبوليساريو إلى الواجهة من خلال هذه الدعوات والزيارات؛ لتفنيد الاتهامات المغربية التي تعتبرها طرفاً رئيسياً في الصراع" يوضح أستاذ العلوم السياسية لـ"عربي بوست".

اشتراطات المغرب للتفاوض

في 2012، توقَّف المفاوضات بين المغرب وجبهة البوليساريو، وبالضبط عند الجلسة الخامسة، بينما أصدر مجلس الأمن قراراً في أبريل/نيسان 2018، يحضّ فيه المغرب وجبهة البوليساريو التي تدعمها الجزائر، على استئناف المفاوضات.

لا يُخفي سعيد الصديقي، أستاذ العلاقات الدولية، أن "الظروف في المنطقة المغاربية لا تشجع على التفاوض، لا سيما أن الجانب المغربي قدَّم مشروع الحكم الذاتي للأمم المتحدة سنة 2007، وكان يريد أن يكون أرضية للحوار".

لكن بعد أن دخل الطرفان في مفاوضات، تحت رعاية الأمم المتحدة، "لم تفضِ الجولات إلى شيء يُذكر؛ لأن البوليساريو تريد تنازلات أكثر مما قدَّمه المغرب في مشروع الحكم الذاتي"، يردف الصديقي.

وهو ما يعني أن المغرب -بحسب المتحدث ذاته- "لا يريد أي مفاوضات حالياً؛ لأنه مقتنع بأن جبهة البوليساريو ومِن ورائها الجزائر، ما زالتا متشبثتَين بموقفيهما التقليدي بخصوص الانفصال، وهو ما يعبّر عن عدم جدية دعوة الجبهة للتفاوض".

وهو ما يعتبره محمد الزهراوي، أستاذ العلوم السياسية، تباعداً في وجهات النظر بين الأطراف، باعتبار "خصوم المغرب لم يبلوروا أيّ مقترحات جديدة تنسجم مع التحولات الإقليمية والجيوستراتيجية؛ إذ يرفعون الشعارات نفسها، التي أتبثت التجارب فشلها واستحالة تنزيلها".

كما يرى أستاذ العلوم السياسية أن المملكة المغربية "وضعت اشتراطات قبل العودة إلى التفاوض؛ أهمها أن تكون الجزائر طرفاً رئيسياً في الملف، وأن يكون التفاوض معها"، وهو ما يجعل عودة المغرب إلى طاولة التفاوض في ظل الظروف الراهنة صعبة جداً.

وضع متوتر بين الطرفين

بدأ النزاع حول إقليم الصحراء عام 1975، بعد إنهاء الاحتلال الإسباني وجوده في المنطقة، ليتحول الخلاف بين المغرب وجبهة البوليساريو إلى نزاع مسلح، استمر حتى عام 1991، وتوقَّف بتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار.

لكن في كل مرة، تقوم البوليساريو بتحركات في المنطقة العازلة بالصحراء، وهو ما يخلق توتراً بين الطرفين.

آخر هذه التوترات، إعلان البوليساريو، في مايو/أيار 2018، عزمها إجراء مناورات عسكرية في المنطقة العازلة نفسها، احتفالاً بذكرى ما تسميه "الكفاح المسلّح ضد المستعمر الإسباني".

وقرّرت جبهة البوليساريو تنظيم احتفالات تخليداً للذكرى الـ45 لما تسميه "اندلاع الكفاح" في منطقة تيفاريتي، شرق جدار الدفاع الأمني المغربي في الصحراء، ونقل ما تسميه "برلمانها" إلى المنطقة نفسها؛ وهو ما دفع المغرب إلى تقديم احتجاجه لدى الأمم المتحدة على خطوات البوليساريو الاستفزازية والمتعارضة مع قرارات مجلس الأمن.

 وقد اعتمد مجلس الأمن قبل ذلك القرار 2414، الذي يطالب البوليساريو بالانسحاب من منطقة الكركرات، وعدم القيام بأي خطوات قد تؤدي إلى تأجيج التوتر بين الطرفين.

كما عبّر المجلس في الفقرة رقم 8 من القرار، عن قلقه إزاء إعلان البوليساريو نقل جزء من إدارتها إلى منطقة تيفاريتي، داعياً إياها إلى تجنّب اتخاذ أي خطوة من شأنها تهديد استقرار المنطقة.

وتعهَّد رئيس الحكومة المغربية، في جلسة برلمانية شهرية، برفع المجهود الدبلوماسي للدفاع عن قضية الصحراء لتحقيق عدد من النتائج الإيجابية في هذا المجال، مبرزاً أن "المقاربة للدفاع عن القضية هي مقاربة شاملة تأخذ بعين الاعتبار جميع الأبعاد، والمغرب مستعد لكل شيء للدفاع عن سيادته وأراضيه".