حاصروهم ومنعوا الغذاء والدواء عنهم.. آلاف الأسر محتجزة في الحديدة اليمنية من طرف قوات التحالف بقيادة السعودية

بدأت يوم الأربعاء 13 يونيو/حزيران، قوات التحالف، التي تقودها السعودية وتدعمها الحكومة اليمنية، هجوماً على الميناء، الذي يُعد شرياناً حيوياً للمساعدات الإنسانية التي تدعم غالبية السكان

عربي بوست
تم النشر: 2018/06/14 الساعة 14:58 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/06/14 الساعة 20:04 بتوقيت غرينتش

من بيته في وسط مدينة الحديدة، كان سالم جعفر باعبيد، نائب مدير منظمة الإغاثة الإسلامية في اليمن، يسمع أصوات عددٍ هائل من الطائرات النفاثة تحلق في سماء المدينة، لكنَّه عاجزٌ عن تحديد مدى قربها من الحي الذي يسكن فيه.

باعبيد وجيرانه يريدون مغادرة المدينة لكنَّهم لا يستطيعون، فقد احتُجِزَت العائلات داخل البيوت "في انتظار مصيرهم"، بعد أن شرعت القوات التي تدعمها السعودية في حصار المدينة "أثَّر الصراع على المدينة بأكملها، والناس لا تتحرك في أرجائها. إنَّهم أناسٌ مساكين، لا يمتلكون منازل في أماكن أخرى. هم معرضون للخطر".

وبدأت يوم الأربعاء 13 يونيو/حزيران، قوات التحالف، التي تقودها السعودية وتدعمها الحكومة اليمنية، هجوماً على الميناء، الذي يُعد شرياناً حيوياً للمساعدات الإنسانية التي تدعم غالبية السكان، إذ يحتاج 80% من اليمنيين تقريباً مساعداتٍ إنسانية، ويقف 8.4 مليون منهم على حافة المجاعة.

كارثة جديدة على الأبواب

وقال عمال في هيئة الإغاثة الدولية "كير" إنَّهم سمعوا 30 ضربة جوية خلال 30 دقيقة بالقرب من المدينة، وسط تقارير تفيد بنشوب قتال في الجزء الجنوبي من محافظة الحديدة.

الهجوم حسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف" قد يُعرض حياة 300 ألف طفل في المدينة للخطر، ويوقف المساعدات الإنسانية لملايين آخرين، وحذرت منظمات إغاثة أخرى من عواقب كارثية في اليمن، وسط ما سمته الأمم المتحدة بأسوأ أزمة إنسانية في العالم، ولم ترد تقارير عن نزوح السكان بأعدادٍ كبيرة حتى الآن.

وقال باعبيد لصحيفة The Guardian البريطانية إنَّ الناس مرعوبون من وصول القتال إلى المدينة، وأضاف: "تتسم المدينة بارتفاع كثافتها السكانية، والمنازل بها ملاصقة لبعضها البعض للغاية. إذا امتد القتال إلى داخل المدينة ستحدث كارثة. لا يمكنك تخيُّل مدى سوء الوضع".

وتعمل منظمة الإغاثة الإسلامية في معظم المحافظات اليمنية، وتشترك مع برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة في توزيع الطعام على السكان، ولدى المنظمة 35 موظفاً في المدينة.

 جوليان فيلدويجك، نائبة مدير منظمة كير العالمية في اليمن، من صنعاء، تقول إن بعض المدنيين محتجزون، وآخرون أُجبروا على مغادرة منازلهم "أعتقدنا أنَّ الوضع لن يتدهور أكثر من هذا، لكن، لسوء حظنا، كنَّا مخطئين. يشعر الناس بالإنهاك بالفعل، ويتضوَّرون جوعاً، وليست لديهم أي وسيلة للتعايش مع أي تصعيدٍ في الحرب".

فشل المجهودات الدبلوماسية

وقضى دبلوماسيون تابعون للأمم المتحدة مدعومون من الولايات المتحدة وبريطانيا أياماً في محاولة حثِّ السعودية والإمارات على تأجيل أي هجومٍ على المدينة، وتسبب الهجوم في اتهام بريطانيا والولايات المتحدة المقرَّبتين من السعودية بعدم بذل الجهد الكافي لمنع الهجوم.

وحذر مارتن غريفيث، مبعوث الأمم المتحدة الخاص لدى اليمن، من أنَّ أي هجومٍ على المدينة سيُعيق خطته للسلام في البلاد.

وأمس الأربعاء، قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، التي سحبت طاقم عملها الدولي من اليمن خلال الأسبوع الماضي، إنَّ الهجوم "سيفاقم، على الأرجح، من الوضع الإنساني الكارثي" في البلاد.

وغرد عبدي محمود، مدير منظمة Mercy Corps في اليمن، عبر موقع تويتر: "اليوم، استيقظ السكان في الحديدة ليجدوا أنفسهم داخل منطقة حرب. أياً ما كانت مكاسب هذه الحرب، ستفوقها المعاناة والبؤس وخسائر الأرواح غير الضرورية التي سيدفعها الشعب اليمني".

محمود، الموجود في صنعاء، سمع من طاقم عمل المنظمة في الحديدة أنَّ الناس في "حالةٍ من الذعر. الميناء مغلق. والوضع خارج عن السيطرة. وينتظر الناس داخل بيوتهم لتقدير ما يحدث وما سيفعلونه".

شلل يصيب الميناء

وتخشى الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة أن يؤدي أي هجومٍ طويل الأمد إلى تدهورٍ كبير في الظروف المأساوية أصلاً داخل المدينة، التي تؤوي 600 ألف مواطن. وقال منسق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، إنَّه قد يُقتَل 250 ألف شخص، وقد يُجبَر مئات آلاف آخرين على الفرار من بيوتهم.

وفقاً لقانون المساعدات الإنسانية، يجب على الأطراف المتورطة في الصراع أن تفعل كل ما يمكن فعله لحماية المدنيين وضمان وصولهم إلى المساعدات التي يحتاجونها، كما تقول ليز غراندي، منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن "ليس هناك ما هو أهم من هذا".

منظمات الإغاثة تعتبر أنَّ أكثر الاحتياجات المُلحّة هي الغذاء، والمياه النظيفة، وأدوات الوقاية من الأمراض والعناية بالصحة لمنع انتشار مرض الكوليرا.

ورست 5 سفن داخل ميناء الحديدة، وأفرغت بضائعها، لكن لم تُصدَر أي تصاريح جديدة لدخول السفن أمس الأربعاء بسبب القتال، وتقول قوات التحالف إنَّها ستحاول الحفاظ على عمل الميناء، وإنهم قادرون على تخفيف حدة الأزمة بمجرد سيطرتها على الميناء عن طريق رفع القيود التي فرضتها على الواردات، وفي انتظار ذلك لا يملك باجبير وجيرانه سوى البقاء في المنازل والدعاء.


إقرأ أيضا

بوارج مرعبة وطائرات تحلق طول الوقت.. أهالي الحديدة يفرون إلى الريف، ومَن ليس لديه مال لا يتمكن من الهرب

بطلب من بريطانيا.. اجتماع طارئ في مجلس الأمن من أجل الحُديدة اليمنية