"القانون لم يُعرض بصياغته الحالية على مجلس نقابة الصحفيين، ولم تبد النقابة رأيها في مواده، وهو ما يخالف المادة 77 من الدستور التي نصت على أخذ رأي النقابات المهنية في مشروعات القوانين المتعلقة بها" هكذا علق عضو نقابة الصحفيين محمد سعد عبد الحافظ على مشروع قانون "تنظيم النشر" الذي وافق عليه البرلمان المصري من حيث المبدأ والقاضي بالرقابة على عمل المؤسسات الصحفية والنشر، وحتى على مواقع التواصل الاجتماعي وفقاً للمادة الـ 19 من القانون.
منذ الساعات الأولى لإعلان مناقشة القرار وردود الأفعال تتوالى، فما هي بنوده ومن الذي يستهدفهم؟ وهل هو قابل للتنفيذ؟
عبد الحافظ أشار إلى أن النقابة ينبغي لها أن تدون ملاحظاتها على القانون وأنها معنية بذلك مضيفاً "الصياغة الأولى التي اطلع عليها مجلس نقابة الصحفيين ودون ملاحظاته عليها، ودخلت البرلمان لم تعجب جهات في الدولة، فأرادت أن تضيق من مساحات الحريات والضمانات الممنوحة للصحفيين في مشروع القانون الأول، وبناء عليه تم تعديل القانون بما يدعم هذا التوجه،"
شهادة عن قانون "كتم الرأي وحجب الصحافة" المعروض على البرلمان• لم يعرض القانون بصياغته الحالية على مجلس نقابة الصحفيين،…
Posted by Mohamed Saad Abd Elhafiz on Sunday, June 10, 2018
منوهاً أن صحفيين في مجلس النقابة وفي الجمعية العمومية أشاروا إلى نقاط الضعف الموجودة بالقانون، أخطرها من وجهة نظره المادة الـ 19، تلك التي جاء في نصها "يحظر على الصحيفة أو الوسيلة الإعلامية أو الموقع الإلكتروني، نشر أو بث أخبار كاذبة أو ما يدعو أو يحرض على مخالفة القانون أو إلى العنف أو الكراهية، أو ينطوي على تمييز بين المواطنين، أو يدعو للعنصرية، أو التعصب أو يتضمن طعناً في أعراض الأفراد أو سباً أو قذفاً لهم أو امتهاناً للأديان السماوية أو للعقائد الدينية" لأن هذه المادة ملزمة لأي موقع إلكتروني أو صفحة شخصية حتى على مواقع التواصل الاجتماعي على فيسبوك وتويتر والمدونات الشخصية طالما أن عدد متابعي الصفحة يتعدى 5 آلاف متابع.
نص المادة لم يثر حفيظة صحفيين فقط لكن نشطاء على موقع التواصل الاجتماعي أيضاً إذ اعتبرهم القانون صحفيين ومصادر معلومات وتجوز محاسبتهم وفق أي مادة ينشرونها في حين أنه لم يوفر لهم على الجانب الآخر الحماية الحقوقية التي من الممكن أن يتمتع بها الصحفيون.
تقنين القمع
واعتبر حقوقيون أن المادة فيها حجب للحريات، وأن هذا القانون يأتي ضمن جملة من الإجراءات تسير على خطاها الحكومة تقتضي بتحجيم نبرة المعارضة ضدها.
المحامي الحقوقي سامح علي قال في تصريح لعربي بوست إن مشروع القانون الذي يناقشه مجلس الشعب ما هو إلا تقنين لسياسة القمع التي تنتهجها الدولة سيما المادة الـ19 بالقانون لأنها تحاكم المدونين على مواقع التواصل الاجتماعي إن غردوا خارج السرب لكنها في الوقت ذاته لا تمنحهم الحماية القانونية".
وأضاف علي "قانون السلطة القضائية لم يغيره البرلمان رغم عدم دستوريته ورغم الطعون المقدمة ضده، لكن البرلمان يعوّل على أن المحكمة الدستورية تنظر في الطعون المقدمة على القوانين في سنوات وبالتالي يعلم أن كل ما يصدر من قوانين قابل للتنفيذ دون مراجعة حقيقية أو تفنيد".
مشيراً في الوقت ذاته إلى حملة الاعتقالات التي شنتها القوات الأمنية مؤخراً مستهدفة بها عدداً من النشطاء اليساريين مازحاً "لماذا يصمم مجلس الشعب على إصدار قانون يتيح لهم حق القبض على من يدون ضد الدولة" أمن الدولة لم يقصر في القبض على أحد.
القرار كارثي
في السياق علق الصحفي "عمرو عادل" عضو مجلس نقابة الصحفيين عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك على القرار قائلاً "إلى كل المهتمين بحرية الرأي، قانون تنظيم الصحافة المزمع مناقشته كارثي بمعنى الكلمة ومعادٍ للحريات، والمواد 4 و5 و 19 نصوص مشبوهة ومطاطة لا معنى لها وتستخدم كلمات واسعة كالكراهية والتعرض للأديان والمواد الإباحية، من يقرر محددات وضوابط هذه العبارات"؟
يا صحفيين ويا إعلاميين ويا كل المهتمين بحرية الرأي والتعبير والصحافة : قانون تنظيم الصحافة والإعلام اللي هيناقشه…
Posted by Amr Badr on Saturday, June 9, 2018
وأردف "الكارثة الجديدة أن المادة 19 من القانون تمنح المجلس الأعلى للإعلام حق وقف الصفحات الشخصية على فيسبوك وتويتر والمدونات وغيرها إذا تعدى عدد المتابعين 5 آلاف متابع وذلك في حالة الوقوع في خطأ أو جريمة من الجرائم المطاطة السابقة.
الجدير بالذكر أن رئيس لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب أسامة هيكل ، كان قد أكد أن اللجنة عقدت 39 اجتماعاً لمناقشة مشروع قانون تنظيم الصحافة والإعلام، الذي أحاله المجلس للجنة بجلسته المعقودة بتاريخ 12 من ديسمبر 2016.
وأكد هيكل أن اللجنة اضطلعت على الملاحظات والمقترحات الواردة من الهيئات التي أوجب الدستور أخذ رأيها في مشروع القانون والمتمثلة في المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام والهيئتين الوطنية للصحافة والوطنية للإعلام. وبشأن الفلسفة والهدف من مشروع القانون، أشار هيكل إلى أن الدساتير المصرية المتعاقبة حرصت بدءاً من دستور 1923 وانتهاء بالدستور القائم الصادر سنة 2014 على حرية الفكر والرأي والتعبير.
وتضمنت المادة "65" من الدستور كفالة حرية التعبير عن الآراء والتمكين من عرضها ونشرها سواء بالقول أو بالتصوير أو بطباعتها أو بتدوينها وغير ذلك من وسائل التعبير، وذلك بوصفها الحرية الأصل التي لا يتم الحوار المفتوح إلا في نطاقها، ومن ثم لم يعد جائزاً تحجيمها أو تقييد تفاعل الآراء التي تتولد عنها أغلال تعوق ممارستها.
وكانت السلطات المصرية استهدفت في غضون الأيام الفائتة نشطاء يساريين بالتوقيف والاعتقال من بينهم الناشط السياسي والمدون وائل عباس، وحازم عبد العظيم، الذي كان منسق لجنة الشباب بالحملة الانتخابية للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عندما خاض انتخابات الرئاسة لأول مرة في 2014.
الأمر الذي أثار انتقادات دولية ومحلية واعتبرته مؤسسات حقوقية أمراً مثيراً، وعلق عليه نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس أن بلاده قلقة من توقيف النشطاء السلميين فيما اعتبرت المتحدثة باسم الاتحاد الأوروبي سياسة النظام المصري في توقيف الشباب تطوراً مثيراً للقلق.